المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تجربة قد تؤثر في مستقبل الطب: استيلاد فأر بدماغ بشري!



فاتن
12-15-2005, 07:47 AM
بيروت - أحمد مغربي الحياة - 14/12/05//

هل أحببت الفأر، بطل الكرتون الشهير والعدو العنيد للقط «توم»، والذي غالباً ما يتمكن من النجاة بفضل ذكائه وفطنته وتميزه بسرعة البداهة؟ هل ستحبه أكثر لو تحوّل من شخصية تلفزيونية الى فأر حقيقي؟ وتمتلئ قصص الأطفال بالفئران اللطيفة الذكية، فماذا لو خرجت من القصص المصورة لتسير في المنازل بخيلاء متباهية بأن ذكاءها يساوي ذكاء البشر؟

ربما يفضل بعض الناس الحديث بلهجة اكثر جدية وتشاؤماً عن الفأر الهجين الذي استولده علماء في كاليفورنيا، بإدخال خلايا من دماغ البشر، لتنمو بالتناغم مع... دماغه! وقاد الأميركي فريد كايج فريقاً علمياً في «مؤسسة سالك للعلوم البيولوجية» في تجربة مثيرة، قد تؤثر في مستقبل الطب والبشر والفئران معاً! واستخدم الفريق خلايا منشأ (جذعية Stem Cells) أُخِذت من أجنة بشرية مجهضة، وحقنها في أدمغة مجموعة من أجنّة الفئران، بحيث نال كل منها مئة ألف خلية بشرية. ومعلوم ان خلايا المنشأ تشبه الصفحات البيض التي يمكن ان يُكتب عليها أي شيء.

بمعنى آخر، يمكن تلك الخلايا أن تنمو لتعطي أي نوع من الأنسجة. وفي تجربة كاليفورنيا، نمت خلايا البشر الى جانب خلايا مخ الفأر، فانسجمت معها، وتحولت الى خلايا ناشطة في دماغ الفئران! وكي يخفف العلماء من وطأة الصدمة المتوقعة، اعلنوا أن معظم الخلايا البشرية مات، ولم ينجح في الاستمرار في تجربة الاندماج مع دماغ الفأر سوى اقل من واحد في الالف منها. وهكذا، وجد كايج طريقة للقول ان 99 في المئة من خلايا دماغ الفئران لا تزال حيوانية. في المقابل، استولد فريقه فئراناً تحتوي رؤوسها أدمغة بشرية بنسبة واحد في المئة! وتعمل هذه النسبة بطريقة وُصفت بأنها طبيعية، ولم يظهر بعد أي تغيير ملحوظ في سلوك تلك الفئران الهجينة.

وتُذكر التجربة بحقائق عن الفئران والانسان. فالمعلوم ان العلماء تمكنوا من رسم الخريطة الجينية للفأر عام 2002، أي في السنة التي تلت التوصل الى معرفة جينوم البشر، فكان أول حيوان لبون يتعرف العلماء الى تركيبته الجينية. وتبين ان ثمة تشابهاً بينهما يصل الى نحو ثمانين في المئة. ويتكون جينوم الفأر من نحو 30 ألف جين، فيما يتألف جينوم البشر من نحو 40 ألفاً، وأعطت هذه المعطيات دفعاً للميل العلمي المعروف، منذ أكثر من 200 سنة، لاستخدام الفئران في مختبرات البحوث، كحيوانات اختبار يُجرب عليها ما قد ينتقل الى المجال البشري لاحقاً، مثل الأدوية والهرمونات والعلاجات الكيماوية والجينية وعمليات زرع الاعضاء، وحتى بعض انماط السلوك وغيرها. وجاءت تجربة فريق البروفسور كايج في هذا السياق، وظهر البحث امس في العدد الجديد من مجلة «مداولات الرابطة الأميركية للعلوم».

وانطلقت التجربة من محاولة استزراع خلايا عصبية بشرية في الفئران للتوصل الى علاج الأمراض العصبية المستعصية، مثل باركنسون والزهايمر والتصلب العصبي اللويحي، وحتى بعض الأمراض المرتبطة بالتخلف العقلي، مثل التوحد وضمور الدماغ الخلقي وغيرهما. وشبّه بعضهم الفأر الهجين بالحيوان الاغريقي الأسطوري «شيمرا» الذي يملك رأس أسد وجسد ماعز وذيل أفعى! وأحدثت التجربة رد فعل هائلاً، وأثارت اسئلة قوية عن علاقة العلم بهوية الانسان وقيمة الجنس البشري والآثار المترتبة على انفلات تجارب التلاعب الجيني، خصوصاً التجارب التي تتضمن عبوراً بين الأجناس والانسان.