سلسبيل
12-15-2005, 07:29 AM
اسم البرنامج بالعربي
تقديم: جيزال خوري
تاريخ الحلقة: الأحد 11/12/2005
ضيف الحلقة
الشيخ حارث الضاري الامين العام لهيئة علماء المسلمين
جيزال خوري: مساء الخير، أربعة أيام ويتوجه العراقيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 275 شخصية عراقية سيشكلون البرلمان الجديد، البعض يشارك ويتنافس على أعلى المستويات، والبعض الأخير يقاطع، العالم كله ينظر إلى بلاد الرافدين ويوم 15 من الشهر الجاري ربما سيغيّر المعطيات السياسية والميدانية في العراق، الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة العلماء المسلمين ضيف برنامج بالعربي الليلة عبر الأقمار الصناعية من العاصمة السورية دمشق، مساء الخير سماحة الشيخ، نبدأ بتقرير إعداد هاني حطب.
التعليق الصوتي: يمثل السنة العرب نحو 20% من سكان العراق، وقد جرت العادة منذ قيام الدولة العراقية الحديثة عام 1920 أن يكون حاكم العراق سنياً عربياً، مع وصول حزب البعث إلى السلطة عام 1968 بدأ التأييد السني العربي للحزب يتزايد لعدة اعتبارات لعل أهمها: الارتباط العضوي بين السنة والأيديولوجيا القومية العربية، مشاكل السنة في العراق بدأت بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، فبالرغم من اختيار غازي الياور السني العربي رئيساً للعراق بعد الغزو إلا أن هذا الأمر لم يحجب الحقيقة المرة التي أفاق عليها السنة العرب بعد سقوط بغداد والتي تتجلى في اتهامهم بأنهم كانوا سنداً للنظام البعثي السابق وعليهم بالتالي أن يدفعوا ثمن مظالم هذا النظام، ومن ناحية أخرى يعترض السنة العرب على أمور ثلاثة تشكل ملامح العراق الجديد اليوم وهي: هوية العراق: حيث يعترضون على ما ينص عليه الدستور من أن الشعب العربي في العراق هو جزء من الأمة العربية، ويعتبرون أن العراق بأكمله جزء من العالميْن العربي والإسلامي، الفدرالية: ويرفضونها على أساس أنها مقدمة لتفتيت العراق، اجتثاث البعث: كونه سيكون وسيلة لتصفية الحسابات الشخصية بين أبناء الطوائف المختلفة، وبين موقف رافض للمشاركة في الانتخابات من جهة وتحفظات على الدستور من جهة أخرى يتأرجح موقع السنة العرب على خريطة العراق الجديد طارحاً علامة استفهام كبرى حول مستقبل وجودهم السياسي.
جيزال خوري: سماحة الشيخ حارث الضاري أولاً: لماذا أنت في دمشق؟ وبعد أربعة أيام هناك انتخابات عامة في العراق؟
الشيخ حارث الضاري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، كنت قد حضرت مؤتمر مؤسسة القدس في صنعاء في اليمن ولدى مروري بدمشق أصابتني وعكة وأجريت فحوصات طبية اضطرتني إلى البقاء إلى هذا اليوم وفضّلت ألا أعود إلا بعد نهاية الانتخابات القادمة حتى لا يقال أن وجودي قد أثّر عليها أو وقف إلى جانب هذا الطرف أو ذاك.
جيزال خوري: سلامتك سماحة الشيخ.
الشيخ حارث الضاري: سلمكم الله.
موقف هيئة علماء المسلمين من الانتخابات
جيزال خوري: بس أنا بدي أعرف تماماً ما هو موقفكم من الانتخابات؟ يعني ليش فيه عنا إحساس أو شعور بأنكم غير متحمسين للانتخابات في العراق حتى لا نقول مقاطعين؟
الشيخ حارث الضاري: نحن طبعاً لنا ثوابت منذ الاحتلال وإلى يومنا هذا وهو أن هيئة علماء المسلمين كهيئة شرعية سياسية تُعنى بالعراق وهمّ العراق الذي جلبه لنا الاحتلال، هي لا تشارك بأي عملية سياسية يشرف عليها الاحتلال إيماناً منها بأن كل العمليات السياسية بالعراق بدءاً بالحكم الانتقالي أو الحكم المحلي ومروراً بالانتخابات السابقة والحكومات المشكّلة المؤقتة الانتقالية، الدستور، وهذه الانتخابات القادمة وهي آخر سلسلة العمليات السياسية التي يشرف عليها الاحتلال، هي لا تقدم لنا حلاً حقيقياً وحاسماً لمشكلة العراق، العراق بالاحتلال سقطت دولته، سُرّح جيشه، هُدّمت معالمه، خُرّب من كل النواحي، أصبح نهباً للناهبين وسلباً للسالبين فأصبح أثراً بعد عين العراق بعد الاحتلال، ونرى أن كل هذه العمليات السياسية لم تقدم حلاً بل العراق يتراجع يوماً بعد يوم من حيث العمار والإعمار وينزل يوماً بعد يوم من سوء إلى أسوأ من حيث الأمن وما إلى ذلك، فالهيئة ترى..
جيزال خوري: بس سماحة الشيخ شو الحل عندكن؟ يعني أنتم عم تقولوا أنكم ما فيكن.. لازم يكون فيه جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية والبريطانية من العراق، طيب من هلأ ليصير الجدول الزمني هذا ممكن أن يأخذ أعوام للانسحاب، ما بيكون فيه حكم في العراق؟ ما بيكون فيه برلمان؟ ما بيكون فيه حكومة؟ ما بيكون فيه رئيس؟ شو الحل الذي أنتم تعطوه؟
الشيخ حارث الضاري: أختي الكريمة نحن لا نعارض بدليل أننا لا نعارض أي عملية سلمية ونحن أصدرنا بياناً كهيئة قلنا: نحن كهيئة لا ندخل الانتخابات لأنها عملية سياسية، ونحن لا ندخل العمليات السياسية في ظل الاحتلال لأنها تعطي الاحتلال الشرعية ولاسيما من هكذا هيئة، اثنين: نحن نحترم خيارات الشعب العراقي كله سواء الداخلون في الانتخابات أو المقاطعون لها ولا نعمل على تعويقها، وندعو إلى عدم العمل إلى تعويقها، ثلاثة: نحن لا نقف إلى جانب أي قائمة من قوائم المنتخبين، نحن في هذه الحالة إيجابيون ولسنا سلبيين، لكن نحن لا ندخل حتى لا نعطي الشرعية للاحتلال.
جيزال خوري: سماحة الشيخ أنتم بالانتخابات الأولى عملتو بيان رسمي لمقاطعة الانتخابات، هل تعتقد أن هيدا هالموقف اللي عم بتقول أننا نحن غير سلبيين بس نحن ما عم نحترم قرار الشعب العراقي هو إعادة النظر بموقفكن الأول في الانتخابات الأولى؟
الشيخ حارث الضاري: لا أبداً حتى موقفنا الأول كنا نناشد ولا نوجب على أحد أن يقاطع أو لا، لن نصدر فتوى بحِل أو بحرمة من يقاطع أو لا يقاطع، وفي الانتخابات نفسها كتبت مقالاً بنفسي في جريدة الهيئة في البصائر أناشد فيه العراقيين أن يحترم بعضهم اختيار بعض، لكن للأسف الإعلام يُشغَل بما هو طافي في الساحة وليس كل ما هو طافي في الساحة هو حقيقي، نحن ناشدنا عندما علمنا أن الشارع الوطني كان محبطاً وكان مزاجه ليس مع الانتخابات لأن الحرب كانت معلنة على مدن العراق على الفلوجة، على النجف، على سامراء على غيرها في رمضان، ولذلك ناشدنا الحكومة ألا تفعل هذا ففعلت ثم ناشدنا مناشدة والمناشدة ليست ملزمة، ولذلك قاطع من قاطع، وأقول لك وبصدق: قاطع أكثر من 50% في المرة الأولى سنة وشيعة وأكراد وغيرهم.
جيزال خوري: بس سماحة الشيخ يعني هو المعروف أنه في الانتخابات الأولى عم تقول أنه قاطع 50%، بس هو المعروف أن النسبة المئوية لمشاركة العراقيين في هذه الانتخابات كان يفوق الـ70%، يعني فيه ناس تحدثوا عن 80%.
الشيخ حارث الضاري: هذه أو السابقة؟
جيزال خوري: في الانتخابات الأولى.
الشيخ حارث الضاري: الانتخابات الأولى أختي المعلن رسمياً 58%، لكن التقارير الأميركية التي أذيعت المشاركة كانت أقل من ال50%، تقرير 46% وتقرير 25% حتى.
جيزال خوري: بس هيدا يعني بيكون نسبة كبيرة من الشعب العراقي، إذا أنت بتشوف حوليك كل الشعوب حتى في الولايات المتحدة أن 58% هي يعني نسبة كبيرة من الشعب أن ينتخب.
الشيخ حارث الضاري: على كل حال المقاطع أيضاً 42% نسبة ليست بالقليلة، وهذا أمر مضى وانتهى ونحن لا نعول لا على ما مضى ولا على ما يأتي، لأن المشكلة هي معروفة، لا تحلها الانتخابات ولا تحلها صناديق الاقتراعات المحمية بسيوف الأعداء وهيمنة المهيمنين في ظلهم..
جيزال خوري: نعم سماحة السيد..
الشيخ حارث الضاري: المشكلة العراقية ستبقى دائمة ما دامت المشكلة موجودة في العراق.
جيزال خوري: إذا بتسمح رح نتوقف لحظات ونعود إلى حوارنا.
[فاصل إعلاني]
جيزال خوري: نعود إلى برنامج بالعربي وحديثنا هو مع الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة العلماء المسلمين في العراق، سماحة الشيخ ما بتعتقد أن وقت ما بتشاركوا بكثافة في الانتخابات تخرجون نوعاً ما من العملية السياسية وتخرجون من الحكم في العراق؟
الشيخ حارث الضاري: أختي الكريمة أولاً الهيئة مؤسسة دينية عدد أعضائها بالعشرات وهؤلاء يبقون كمراقبين على ما يجري في البلد كأمناء ومسؤولين شرعياً ومسؤولين تاريخياً ومسؤولين وطنياً، فهم من الناحية العملية لا يدخلون الانتخابات، أما غيرهم من أبناء الشعب فهذا خيارهم، من يدخل يدخل ومن لا يدخل لا يدخل، نحن لا نفرض على أحد أن يدخل ولا نفرض على أحد ألا يدخل، وبالتالي إذا تقولين أنه إذا لم تشاركوا ستخرجون من العملية السياسية نحن لم نحرص على العملية السياسية ولم نحرص يوماً أن نكون جزءاً من تركيبة سياسية لا في ظل الاحتلال وحتى بعد الاحتلال تفهمي هذا لأننا مرجعية دينية وشرعية لا تحرص على المساهمة في العمليات السياسية التي تعني المناصب بالذات.
جيزال خوري: بس أنتم ليش تتدخلوا بالسياسة إذا كنتو بس علماء دين؟ يعني ليش عندكن مواقف سياسية إذا كنتو بس تتعاطون شؤون الناس والدين؟
الشيخ حارث الضاري: سؤال جيد جداً، أولاً: نحن من الناس نحن جزء من الشعب العراقي إذا حُسب المثقفون فنحن منهم، وإذا حُسب العلماء فنحن منهم، وإذا قيل أبناء الشعب فنحن منهم، نحن أبناء القبيلة وأبناء المدينة وأبناء البلد، البلد بلد الجميع، بلد العلماء وبلد غير العلماء، بلد السياسيين وبلد غير السياسيين، والبلد حينما يُغزى وتُنتهك حرماته وحينما يُنهب ليس له إلا رجاله وعلماء الدين دائماً هم قادة الأمة هم الذين يتحملون مثل هذه الأمور، انظري إلى التاريخ كله تجدين أن العلماء دائماً هم الذين يعيدون النصاب إذا انفلت، ويعيدون الأمة إلى طريقها المستقيم إذا هي زالت، ويعيدون بناءها إذا هُدم من قبل الأعداء، هذا واجبنا الديني وهذا واجبنا الوطني وحينما يعود بلدنا إلى أبنائه ويخرج أعداؤه فسنسلّمه إلى من نأتمنه عليه وسنعود إلى مهمتنا الأساسية التي هي الدعوة إلى الله بعون الله تعالى.
الضاري: لسنا مشاركين في الكعكة وإنما مشاركين في الهمّ العراقي فقط
جيزال خوري: سماحة الشيخ هي هيئة العلماء المسلمين شُكّلت بعد انهيار نظام صدام حسين.
الشيخ حارث الضاري: بالتأكيد.
جيزال خوري: يعني حتى تأخذوا دور بعض الزعماء السياسيين مع أنه في عهد صدام حسين كان فيه زعيم واحد، ولكن لنقول أنكم تأخذون دور فئة معينة من المجتمع العراقي، هل هذا صحيح؟
الشيخ حارث الضاري: بارك الله فيك..
جيزال خوري: طيب شو تمثلوا..
الشيخ حارث الضاري: إذا أنت حسبت الآن في عهد صدام رجل واحد كما قلت، لكن الآن احسبي الآن كم رجل إلى جانب زلماي خليل زاد، وإلى جانب كايسي قائد قوات الاحتلال، وإلى جانب السفير البريطاني احسبي من العراقيين كم زعيم، وكل واحد يقول: أنا أحكم، رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، وزير الداخلية، وزير الخارجية، وزير.. وزير كلٌ يقول: الحكم عندي وأنا أمثل العراق، ولذلك إذا دعوا أو حصل شيء في خارج العراق كل ركب طائرته وذهب يمثل العراق، فهل تحسديننا على أن نكون مشاركين، ولكن لسنا مشاركين في الكعكة كما يقال وإنما مشاركين في الهمّ فقط.
جيزال خوري: يعني إذا أدخلوكم إلى هذه الكعكة تدخلوا ولاّ لأ؟ هل هن اللي أخرجوكن أم أنتو اللي ما بدكن؟
الشيخ حارث الضاري: لأ إحنا ما بدنا، إحنا نعتبرها ليست كعكة وإنما نعتبرها سماً زعافاً أو جيفاً من جيف الاحتلال، لا نقبلها حتى لو قُطعنا إرباً.
جيزال خوري: سماحة الشيخ عم تقول بهالحالة أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء في العراق هم عملاء للأجانب، هيك عم تقول.
الشيخ حارث الضاري: لا.. لا أبداً لم أقل عملاء، وإنما قلت كل واحد منهم يمثل زعيم للعراق ويتكلم باسم العراق، فهل تحسديننا نحن إذا تكلمنا باسم العراق؟ ولكن باسم شكوى العراق، وليس باسم أخذ وأكل ومناصب ورواتب من مال العراق ويتكلمون باسم العراق، نحن نتكلم باسم العراق بمظلومية العراق فقط، لا نريد أن نشارك في المزايا وفي الكعكة كما تقولين ولا في غير ذلك.
جيزال خوري: كما قلت أنت سماحة الشيخ، أنا ما قلت أبداً عن الكعكة، أنا استعملت التعبير اللي أنت حكيت عنه، أنا بدي أعرف منك شو بتمثلوا..
الشيخ حارث الضاري: يا أختي كوني دقيقة واعرفي من أمامك، أمامك حارث واعي ويعني لا يجامل في الحق.. نعم..
جيزال خوري: سماحة الشيخ معلش خليني أسألك أنت بنسبة مئوية ماذا تمثل في العراق؟ شو بتمثلوا؟ كنسبة مئوية من الشعب العراقي.
الشيخ حارث الضاري: الهيئة؟
جيزال خوري: نعم هيئة العلماء.
الشيخ حارث الضاري: الهيئة تمثل كل أحرار العراق الرافضين للاحتلال والمقاومين له، وافهميها جيداً.
جيزال خوري: هيدا شو يعني؟ أنكم أنتو يعني قريبين وأصدقاء للمجموعات المسلحة الموجودة في العراق؟ المقاومين؟
الشيخ حارث الضاري: هم أولادنا، وهم أقاربنا، وهم من بني دمنا ولحمنا، هم أبناؤنا، نعم نحن قريبون منهم روحاً، نحن قريبون منهم هدفاً، أما إذا تريدين غير ذلك فلا، نحن لسنا قادة لهم ولا موجهين علماً أنني دخلت العراق بعد قيام المقاومة العراقية التي قاومت الاحتلال، نحن نؤيدهم قلباً وقالباً، نحن نشترك معهم في الهدف ألا وهو تحرير العراق وقولي ما شئت.
تقديم: جيزال خوري
تاريخ الحلقة: الأحد 11/12/2005
ضيف الحلقة
الشيخ حارث الضاري الامين العام لهيئة علماء المسلمين
جيزال خوري: مساء الخير، أربعة أيام ويتوجه العراقيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 275 شخصية عراقية سيشكلون البرلمان الجديد، البعض يشارك ويتنافس على أعلى المستويات، والبعض الأخير يقاطع، العالم كله ينظر إلى بلاد الرافدين ويوم 15 من الشهر الجاري ربما سيغيّر المعطيات السياسية والميدانية في العراق، الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة العلماء المسلمين ضيف برنامج بالعربي الليلة عبر الأقمار الصناعية من العاصمة السورية دمشق، مساء الخير سماحة الشيخ، نبدأ بتقرير إعداد هاني حطب.
التعليق الصوتي: يمثل السنة العرب نحو 20% من سكان العراق، وقد جرت العادة منذ قيام الدولة العراقية الحديثة عام 1920 أن يكون حاكم العراق سنياً عربياً، مع وصول حزب البعث إلى السلطة عام 1968 بدأ التأييد السني العربي للحزب يتزايد لعدة اعتبارات لعل أهمها: الارتباط العضوي بين السنة والأيديولوجيا القومية العربية، مشاكل السنة في العراق بدأت بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، فبالرغم من اختيار غازي الياور السني العربي رئيساً للعراق بعد الغزو إلا أن هذا الأمر لم يحجب الحقيقة المرة التي أفاق عليها السنة العرب بعد سقوط بغداد والتي تتجلى في اتهامهم بأنهم كانوا سنداً للنظام البعثي السابق وعليهم بالتالي أن يدفعوا ثمن مظالم هذا النظام، ومن ناحية أخرى يعترض السنة العرب على أمور ثلاثة تشكل ملامح العراق الجديد اليوم وهي: هوية العراق: حيث يعترضون على ما ينص عليه الدستور من أن الشعب العربي في العراق هو جزء من الأمة العربية، ويعتبرون أن العراق بأكمله جزء من العالميْن العربي والإسلامي، الفدرالية: ويرفضونها على أساس أنها مقدمة لتفتيت العراق، اجتثاث البعث: كونه سيكون وسيلة لتصفية الحسابات الشخصية بين أبناء الطوائف المختلفة، وبين موقف رافض للمشاركة في الانتخابات من جهة وتحفظات على الدستور من جهة أخرى يتأرجح موقع السنة العرب على خريطة العراق الجديد طارحاً علامة استفهام كبرى حول مستقبل وجودهم السياسي.
جيزال خوري: سماحة الشيخ حارث الضاري أولاً: لماذا أنت في دمشق؟ وبعد أربعة أيام هناك انتخابات عامة في العراق؟
الشيخ حارث الضاري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، كنت قد حضرت مؤتمر مؤسسة القدس في صنعاء في اليمن ولدى مروري بدمشق أصابتني وعكة وأجريت فحوصات طبية اضطرتني إلى البقاء إلى هذا اليوم وفضّلت ألا أعود إلا بعد نهاية الانتخابات القادمة حتى لا يقال أن وجودي قد أثّر عليها أو وقف إلى جانب هذا الطرف أو ذاك.
جيزال خوري: سلامتك سماحة الشيخ.
الشيخ حارث الضاري: سلمكم الله.
موقف هيئة علماء المسلمين من الانتخابات
جيزال خوري: بس أنا بدي أعرف تماماً ما هو موقفكم من الانتخابات؟ يعني ليش فيه عنا إحساس أو شعور بأنكم غير متحمسين للانتخابات في العراق حتى لا نقول مقاطعين؟
الشيخ حارث الضاري: نحن طبعاً لنا ثوابت منذ الاحتلال وإلى يومنا هذا وهو أن هيئة علماء المسلمين كهيئة شرعية سياسية تُعنى بالعراق وهمّ العراق الذي جلبه لنا الاحتلال، هي لا تشارك بأي عملية سياسية يشرف عليها الاحتلال إيماناً منها بأن كل العمليات السياسية بالعراق بدءاً بالحكم الانتقالي أو الحكم المحلي ومروراً بالانتخابات السابقة والحكومات المشكّلة المؤقتة الانتقالية، الدستور، وهذه الانتخابات القادمة وهي آخر سلسلة العمليات السياسية التي يشرف عليها الاحتلال، هي لا تقدم لنا حلاً حقيقياً وحاسماً لمشكلة العراق، العراق بالاحتلال سقطت دولته، سُرّح جيشه، هُدّمت معالمه، خُرّب من كل النواحي، أصبح نهباً للناهبين وسلباً للسالبين فأصبح أثراً بعد عين العراق بعد الاحتلال، ونرى أن كل هذه العمليات السياسية لم تقدم حلاً بل العراق يتراجع يوماً بعد يوم من حيث العمار والإعمار وينزل يوماً بعد يوم من سوء إلى أسوأ من حيث الأمن وما إلى ذلك، فالهيئة ترى..
جيزال خوري: بس سماحة الشيخ شو الحل عندكن؟ يعني أنتم عم تقولوا أنكم ما فيكن.. لازم يكون فيه جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية والبريطانية من العراق، طيب من هلأ ليصير الجدول الزمني هذا ممكن أن يأخذ أعوام للانسحاب، ما بيكون فيه حكم في العراق؟ ما بيكون فيه برلمان؟ ما بيكون فيه حكومة؟ ما بيكون فيه رئيس؟ شو الحل الذي أنتم تعطوه؟
الشيخ حارث الضاري: أختي الكريمة نحن لا نعارض بدليل أننا لا نعارض أي عملية سلمية ونحن أصدرنا بياناً كهيئة قلنا: نحن كهيئة لا ندخل الانتخابات لأنها عملية سياسية، ونحن لا ندخل العمليات السياسية في ظل الاحتلال لأنها تعطي الاحتلال الشرعية ولاسيما من هكذا هيئة، اثنين: نحن نحترم خيارات الشعب العراقي كله سواء الداخلون في الانتخابات أو المقاطعون لها ولا نعمل على تعويقها، وندعو إلى عدم العمل إلى تعويقها، ثلاثة: نحن لا نقف إلى جانب أي قائمة من قوائم المنتخبين، نحن في هذه الحالة إيجابيون ولسنا سلبيين، لكن نحن لا ندخل حتى لا نعطي الشرعية للاحتلال.
جيزال خوري: سماحة الشيخ أنتم بالانتخابات الأولى عملتو بيان رسمي لمقاطعة الانتخابات، هل تعتقد أن هيدا هالموقف اللي عم بتقول أننا نحن غير سلبيين بس نحن ما عم نحترم قرار الشعب العراقي هو إعادة النظر بموقفكن الأول في الانتخابات الأولى؟
الشيخ حارث الضاري: لا أبداً حتى موقفنا الأول كنا نناشد ولا نوجب على أحد أن يقاطع أو لا، لن نصدر فتوى بحِل أو بحرمة من يقاطع أو لا يقاطع، وفي الانتخابات نفسها كتبت مقالاً بنفسي في جريدة الهيئة في البصائر أناشد فيه العراقيين أن يحترم بعضهم اختيار بعض، لكن للأسف الإعلام يُشغَل بما هو طافي في الساحة وليس كل ما هو طافي في الساحة هو حقيقي، نحن ناشدنا عندما علمنا أن الشارع الوطني كان محبطاً وكان مزاجه ليس مع الانتخابات لأن الحرب كانت معلنة على مدن العراق على الفلوجة، على النجف، على سامراء على غيرها في رمضان، ولذلك ناشدنا الحكومة ألا تفعل هذا ففعلت ثم ناشدنا مناشدة والمناشدة ليست ملزمة، ولذلك قاطع من قاطع، وأقول لك وبصدق: قاطع أكثر من 50% في المرة الأولى سنة وشيعة وأكراد وغيرهم.
جيزال خوري: بس سماحة الشيخ يعني هو المعروف أنه في الانتخابات الأولى عم تقول أنه قاطع 50%، بس هو المعروف أن النسبة المئوية لمشاركة العراقيين في هذه الانتخابات كان يفوق الـ70%، يعني فيه ناس تحدثوا عن 80%.
الشيخ حارث الضاري: هذه أو السابقة؟
جيزال خوري: في الانتخابات الأولى.
الشيخ حارث الضاري: الانتخابات الأولى أختي المعلن رسمياً 58%، لكن التقارير الأميركية التي أذيعت المشاركة كانت أقل من ال50%، تقرير 46% وتقرير 25% حتى.
جيزال خوري: بس هيدا يعني بيكون نسبة كبيرة من الشعب العراقي، إذا أنت بتشوف حوليك كل الشعوب حتى في الولايات المتحدة أن 58% هي يعني نسبة كبيرة من الشعب أن ينتخب.
الشيخ حارث الضاري: على كل حال المقاطع أيضاً 42% نسبة ليست بالقليلة، وهذا أمر مضى وانتهى ونحن لا نعول لا على ما مضى ولا على ما يأتي، لأن المشكلة هي معروفة، لا تحلها الانتخابات ولا تحلها صناديق الاقتراعات المحمية بسيوف الأعداء وهيمنة المهيمنين في ظلهم..
جيزال خوري: نعم سماحة السيد..
الشيخ حارث الضاري: المشكلة العراقية ستبقى دائمة ما دامت المشكلة موجودة في العراق.
جيزال خوري: إذا بتسمح رح نتوقف لحظات ونعود إلى حوارنا.
[فاصل إعلاني]
جيزال خوري: نعود إلى برنامج بالعربي وحديثنا هو مع الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة العلماء المسلمين في العراق، سماحة الشيخ ما بتعتقد أن وقت ما بتشاركوا بكثافة في الانتخابات تخرجون نوعاً ما من العملية السياسية وتخرجون من الحكم في العراق؟
الشيخ حارث الضاري: أختي الكريمة أولاً الهيئة مؤسسة دينية عدد أعضائها بالعشرات وهؤلاء يبقون كمراقبين على ما يجري في البلد كأمناء ومسؤولين شرعياً ومسؤولين تاريخياً ومسؤولين وطنياً، فهم من الناحية العملية لا يدخلون الانتخابات، أما غيرهم من أبناء الشعب فهذا خيارهم، من يدخل يدخل ومن لا يدخل لا يدخل، نحن لا نفرض على أحد أن يدخل ولا نفرض على أحد ألا يدخل، وبالتالي إذا تقولين أنه إذا لم تشاركوا ستخرجون من العملية السياسية نحن لم نحرص على العملية السياسية ولم نحرص يوماً أن نكون جزءاً من تركيبة سياسية لا في ظل الاحتلال وحتى بعد الاحتلال تفهمي هذا لأننا مرجعية دينية وشرعية لا تحرص على المساهمة في العمليات السياسية التي تعني المناصب بالذات.
جيزال خوري: بس أنتم ليش تتدخلوا بالسياسة إذا كنتو بس علماء دين؟ يعني ليش عندكن مواقف سياسية إذا كنتو بس تتعاطون شؤون الناس والدين؟
الشيخ حارث الضاري: سؤال جيد جداً، أولاً: نحن من الناس نحن جزء من الشعب العراقي إذا حُسب المثقفون فنحن منهم، وإذا حُسب العلماء فنحن منهم، وإذا قيل أبناء الشعب فنحن منهم، نحن أبناء القبيلة وأبناء المدينة وأبناء البلد، البلد بلد الجميع، بلد العلماء وبلد غير العلماء، بلد السياسيين وبلد غير السياسيين، والبلد حينما يُغزى وتُنتهك حرماته وحينما يُنهب ليس له إلا رجاله وعلماء الدين دائماً هم قادة الأمة هم الذين يتحملون مثل هذه الأمور، انظري إلى التاريخ كله تجدين أن العلماء دائماً هم الذين يعيدون النصاب إذا انفلت، ويعيدون الأمة إلى طريقها المستقيم إذا هي زالت، ويعيدون بناءها إذا هُدم من قبل الأعداء، هذا واجبنا الديني وهذا واجبنا الوطني وحينما يعود بلدنا إلى أبنائه ويخرج أعداؤه فسنسلّمه إلى من نأتمنه عليه وسنعود إلى مهمتنا الأساسية التي هي الدعوة إلى الله بعون الله تعالى.
الضاري: لسنا مشاركين في الكعكة وإنما مشاركين في الهمّ العراقي فقط
جيزال خوري: سماحة الشيخ هي هيئة العلماء المسلمين شُكّلت بعد انهيار نظام صدام حسين.
الشيخ حارث الضاري: بالتأكيد.
جيزال خوري: يعني حتى تأخذوا دور بعض الزعماء السياسيين مع أنه في عهد صدام حسين كان فيه زعيم واحد، ولكن لنقول أنكم تأخذون دور فئة معينة من المجتمع العراقي، هل هذا صحيح؟
الشيخ حارث الضاري: بارك الله فيك..
جيزال خوري: طيب شو تمثلوا..
الشيخ حارث الضاري: إذا أنت حسبت الآن في عهد صدام رجل واحد كما قلت، لكن الآن احسبي الآن كم رجل إلى جانب زلماي خليل زاد، وإلى جانب كايسي قائد قوات الاحتلال، وإلى جانب السفير البريطاني احسبي من العراقيين كم زعيم، وكل واحد يقول: أنا أحكم، رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، وزير الداخلية، وزير الخارجية، وزير.. وزير كلٌ يقول: الحكم عندي وأنا أمثل العراق، ولذلك إذا دعوا أو حصل شيء في خارج العراق كل ركب طائرته وذهب يمثل العراق، فهل تحسديننا على أن نكون مشاركين، ولكن لسنا مشاركين في الكعكة كما يقال وإنما مشاركين في الهمّ فقط.
جيزال خوري: يعني إذا أدخلوكم إلى هذه الكعكة تدخلوا ولاّ لأ؟ هل هن اللي أخرجوكن أم أنتو اللي ما بدكن؟
الشيخ حارث الضاري: لأ إحنا ما بدنا، إحنا نعتبرها ليست كعكة وإنما نعتبرها سماً زعافاً أو جيفاً من جيف الاحتلال، لا نقبلها حتى لو قُطعنا إرباً.
جيزال خوري: سماحة الشيخ عم تقول بهالحالة أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء في العراق هم عملاء للأجانب، هيك عم تقول.
الشيخ حارث الضاري: لا.. لا أبداً لم أقل عملاء، وإنما قلت كل واحد منهم يمثل زعيم للعراق ويتكلم باسم العراق، فهل تحسديننا نحن إذا تكلمنا باسم العراق؟ ولكن باسم شكوى العراق، وليس باسم أخذ وأكل ومناصب ورواتب من مال العراق ويتكلمون باسم العراق، نحن نتكلم باسم العراق بمظلومية العراق فقط، لا نريد أن نشارك في المزايا وفي الكعكة كما تقولين ولا في غير ذلك.
جيزال خوري: كما قلت أنت سماحة الشيخ، أنا ما قلت أبداً عن الكعكة، أنا استعملت التعبير اللي أنت حكيت عنه، أنا بدي أعرف منك شو بتمثلوا..
الشيخ حارث الضاري: يا أختي كوني دقيقة واعرفي من أمامك، أمامك حارث واعي ويعني لا يجامل في الحق.. نعم..
جيزال خوري: سماحة الشيخ معلش خليني أسألك أنت بنسبة مئوية ماذا تمثل في العراق؟ شو بتمثلوا؟ كنسبة مئوية من الشعب العراقي.
الشيخ حارث الضاري: الهيئة؟
جيزال خوري: نعم هيئة العلماء.
الشيخ حارث الضاري: الهيئة تمثل كل أحرار العراق الرافضين للاحتلال والمقاومين له، وافهميها جيداً.
جيزال خوري: هيدا شو يعني؟ أنكم أنتو يعني قريبين وأصدقاء للمجموعات المسلحة الموجودة في العراق؟ المقاومين؟
الشيخ حارث الضاري: هم أولادنا، وهم أقاربنا، وهم من بني دمنا ولحمنا، هم أبناؤنا، نعم نحن قريبون منهم روحاً، نحن قريبون منهم هدفاً، أما إذا تريدين غير ذلك فلا، نحن لسنا قادة لهم ولا موجهين علماً أنني دخلت العراق بعد قيام المقاومة العراقية التي قاومت الاحتلال، نحن نؤيدهم قلباً وقالباً، نحن نشترك معهم في الهدف ألا وهو تحرير العراق وقولي ما شئت.