المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «متظاهر»..الوظيفة الأوفر للشباب البحريني!



yasmeen
12-11-2005, 09:37 AM
المنامة - من عبدالله العتيبي


كلما تدهورت العلاقة بين الحكومة البحرينية والمعارضة، احتكما الى الشارع، ولأن الساحة السياسية في البحرين محتقنة دائما، فلا يمر أسبوع الا وهناك تظاهرة ومسيرة احتجاج أو اعتصام، حتى تكوّن عند المواطن البحريني ما يمكن تسميته «ثقافة الاحتجاج»!

يبدو أن الحكومة اعتادت على التظاهرات، والشعب كذلك، حتى أصبحت أحد الطقوس الأساسية في الساحة السياسية البحرينية، بدءا من أول تظاهرة للغواصين في عام 1919 احتجاجا على سوء أوضاعهم المعيشية، والتي يطلق عليها تاريخيا «انتفاضة الغواصين»..وحتى انتفاضة الفقراء والعاطلين في التسعينات، لدرجة أن البحرينيين باتوا ينافسون الفلسطينيين في التظاهرات والانتفاضات.

تعتقد المعارضة البحرينية أن السلطة لا تؤمن بالحوار، ولهذا فهي إن أرادت اسماع صوتها للحكومة أو تطالب بشيء ما، فانها تنزل الى الشارع، وبما أن البطالة (عشرون ألف عاطل عن العمل) تعد أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطن البحريني، فمسألة توفير جماهير التظاهرات لا تحتاج الى جهد كبير، حتى يمكن القول إنها تحوّلت الى الوظيفة الوحيدة لكثير من الشباب البحريني!

وتساهم طبيعة المجتمع البحريني المعروف بغالبيته الشيعية في نجاح التظاهرات، عبر ما يمكن تسميته «بنية التعبئة والحشد»..التقليدية عند الشيعة، انطلاقا من المواكب الحسينية والعزاء، وسهولة تحويلها من مواكب و«شيلات» (أهازيج) دينية الى سياسية، كما أن تجميع الناس سهل جدا عبر الحسينيات والانطلاق منها، ولا يبقى الا التنظيم، والمعارضة البحرينية الضليعة في العمل النقابي والتنظيمي مبدعة في هذه المهمة.

وأخطر ما يخشاه الطرفان، الحكومة والمعارضة، هو خروج بعض المسيرات والتظاهرات عن السيطرة والتحول الى العنف، كما حصل الأسبوع الماضي عندما أشعل المتظاهرون النار في بعض الأماكن العامة والسيارات، على خلفية «خطف» أحد أعضاء لجنة العاطلين عن العمل والاعتداء عليه جنسيا من ملثمين، فلجأت الحكومة الى قمع التظاهرة واعتقال من قاموا بأعمال العنف.

ويقول رئيس جمعية العمل الوطني الديموقراطي (وعد) ابراهيم شريف إن «التصعيد من المعارضة محسوب ونصر على سلمية احتجاجاتنا، لسنا جماعات منفلته في الشارع، ونراعي الوضع الاقتصادي للبلد، وبامكان المعارضة القيام باحتجاجات يومية والتسبب بمصادمات مع الحكومة واضعافها، لكن هذا يضعف المعارضة في الوقت نفسه، لأنه يضيق دائرة الاجماع حولها».

«حتى السلطة واعية لهذه المسألة، أي إن تصعيداتها محسوبة أيضا» يضيف شريف، ثم يزيد «الحكومة لا تصعد في جميع الاتجاهات، فهي تتصدى لتظاهرة من 50 الى 100 شخص.. وليس لتظاهرة من عشرة آلاف، وهي تريد أن تقول للعالم «انظروا، التظاهرات السلمية لا نمنعها، والمعارضون يتحدثون كما يشاؤون ونخليهم بكيفهم».. لكن تظاهرة من 100 الى 200 شخص تواجهها، لأن البعض يستفزها بتظاهرات من دون تراخيص، وأحيانا يتعمدون التظاهر في مناطق تستنفر الشرطة، كالتظاهر أمام الديوان الملكي».

بعد انتهاء اجتماع حضرته «القبس» لايجاد حل لقضية «العائدين» من المنافي وسبل تعويضهم، تحول الحاضرون الى مجموعات صغيرة، يشربون المرطبات الباردة والساخنة، ويتداولون حول الشأن العام، كانت في الجوار مجموعة من البحرينيين من أصول ايرانية أبعدتهم السلطات الى ايران في الثمانينات والتسعينات، يتحدثون عن كيفية تعويضهم أيضا، وبعد نقاشات مع بعض أقطاب المعارضة والنشطاء السياسيين، تقرر أن يبدأوا حملتهم في اليوم التالي من قرى مدينة المحرق، والقيام.. بتظاهرة؟

تظاهروا تصحّوا.