المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسامة بن لادن تشرب التطرف على أيدي مدرس سوري



فاتن
12-09-2005, 06:07 PM
زار الولايات المتحدة لعلاج ولده قبل سفره لأفغانستان


نشرت مجلة «نيويوركر» الأميركية في عددها الأخير، تقريرا حول نشأة وشباب أسامة بن لادن زعيم «القاعدة». ويقول التقرير إن مدرسة بن لادن الأولى «الثغر النموذجية»، تحتل عشرات قليلة من الفدانات ومجاورة لصف من أشجار الكالبتس، التي قوست جذوعها الريح القادمة من البحر الأحمر.
وحسب التقرير، فإن مبنى المدرسة يمتد شمالا صوب «شارع مكة القديم»، القريب من وسط ميناء جدة، حيث قضى بن لادن معظم سني طفولته ومراهقته. تتكون البناية الأساسية لهذا المجمع من طابقين، وتأخذ شكل مستطيل مبني من الاسمنت المسلح والصخر المحلي بملامح حديثة رتيبة. وبين المبنيين فناء فسيح ومن الطابق الثاني. ويقول التقرير انه في وقت بن لادن، الذي تخرج من المدرسة عام 1976 كان هناك جناح لطلاب الدراسة المتوسطة وأخرى للثانوية. وكان معظم طلبة المدرسة بمن فيهم بن لادن، يأتون إليها بالسيارات، لكن كان هناك عدد قليل من الطلبة الداخليين فيها؛ وكانوا يسكنون في الطابق الثاني مثلما هو الحال مع بعض أساتذة المدرسة الأجانب. وفي هذا القسم الداخلي كان مدرس الرياضة السوري ينظم حلقات دراسة دينية، بعد انتهاء الدراسة، مخصصة لبعض الطلبة المتفوقين، حسبما قال لي أحد زملاء بن لادن. وهنا في هذا المكان وفي اطار هذه الحلقات حسب التقرير، بدأ أسامة ابن الرابعة عشرة بالحصول على تعليمه الأول في العنف.

وبافتراض أن بن لادن ما زال حيا، فإنه سيكون الآن في الثامنة والأربعين من عمره، كما يقول التقرير، وتمكن من تطوير رؤيته حول تنظيمه «الجهادي» العالمي، «القاعدة»، خلال أكثر من ثلاثة عقود. وهذا يتضمن مشاركته في القتال خلال الحرب ضد القوات السوفياتية في أفغانستان، في الثمانينات من القرن الماضي، والعيش خارج السعودية لفترة، ونجاته من محاولتي اغتيال؛ وزواجه أربع مرات، أثمر في إنجاب ما لا يقل عن 12 طفلا؛ وأخيرا خوض تجربة أن يكون أشهر المطلوبين في العالم. وقال لي العديد من مسؤولي الاستخبارات الأميركيين في الأشهر الأخيرة، إنهم يفترضون وجود أسامة بن لادن في باكستان، أو في منطقة نائية داخل أفغانستان، لكن ليس هناك أي تقدم في مجال تحديد موقعه. وكان خطابه الأخير المسجل قبل أربعة أيام من الانتخابات الرئاسية الأميركية، يحمل سخرية من الأميركيين. وقبل أسابيع قليلة بث خطاب صوتي زعم أنه لابن لادن، وفيه أثنى على القائد الجديد لـ«القاعدة» في العراق أبو مصعب الزرقاوي. لكن منذئذ لم يسمع شيئا عن بن لادن وهناك إشاعات، وهو ليست للمرة الأولى ـ تقول إنه توفي، على حد ما جاء في التقرير.

ونقل التقرير عن هاري ريد زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الاميركي القول، في مقابلة تلفزيونية بثت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي «سمعت اليوم أنه (بن لادن)، قد يكون مات في الزلزال الذي وقع في باكستان».

وتطرق التقرير الى مقابلة جرت مع بن لادن عام 1998، قال قيها إنه ولد في الرياض في 10 مارس (اذار) 1957. «ثم كان الله رحيما معنا فانتقلنا إلى المدينة المنورة، بعد ولادتي بستة أشهر. أما بقية سنوات شبابه فقد انقضت في منطقة الحجاز التي تضم في جنباتها مكة المكرمة والكعبة المشرفة والمدينة المنورة.

وحول التحول الدرامي في قناعات بن لادن الدينية، نقل التقرير عن زميل سابق له القول إن الأخير دعي حينما كان في الصف الثامن أو التاسع (إما عام 1971 أو 1972) للانضمام إلى مجموعة الدراسة الإسلامية في المدرسة. وخلال تلك الفترة كان أمرا مألوفا أن تجد مدرسين مصريين أو سوريين يعملون في مدارس وجامعات سعودية، وكان الكثير منهم منخرطين في تنظيمات إسلامية المحظورة في بلدانهم, مثل جماعة الإخوان المسلمين، أو متأثرين بأفكارها.

ووصِِف تجربة بن لادن مع هذه الجماعة، زميل سابق له، وهو الآن صاحب حرفة ناجح في السعودية، وطلب عدم الكشف عن اسمه، لأنه لا يريد أن يحفز على الانتقام منه، على يد أنصار بن لادن، في سلسلة لقاءات معه اجراها مراسل المجلة. ولم يعط هذا الزميل أية مقابلة من قبل حول مجموعة الطلبة، التي كانت تتابع الدراسة الإسلامية بعد انتهاء الدروس في مدرسة «الثغر النموذجية»، لكنه قرر أن يكشف عن ذلك، لأنه حسبما قال يأمل في أن تساعد شهادته على تنبيه الآباء السعوديين حول المخاطر المحتملة من تعليم غير رسمي كهذا، خصوصا على الشباب، وعلى أولئك الذين يتأثرون بسرعة بالآخرين. وتتوافق شهادته، كما ذكرت المجلة، حول لقاءات تلك المجموعة، التي كان المدرس السوري يلقنها مع ذكريات سعوديين آخرين، كانوا يعرفون بن لادن خلال سنوات الدراسة في «مدرسة الثغر النموذجية».

كان مدرس التربية الرياضية السوري «طويلا وشابا في أواخر العشرينات من عمره، ويتمتع بلياقة جسدية عالية جدا». وأضاف زميل الدراسة لنيويوركر «كانت لديه لحية ليست طويلة مثل لحى الملالي. مع ذلك لم يكن يبدو متدينا.. كان يمشي كشخص رياضي باستقامة وثقة عالية بالنفس، وكان محبوبا جدا من الطلبة. وكان صاحب كاريزما. وكان يستخدم الدعابة، لكنها كانت دعابة مخططا لها، ومتحفظة جدا. كان يخطط لبعض النكات، كي يكسر الجليد بيننا وبينه». كان بعضنا رياضيا وبعضنا الآخر غير ذلك». وذكر الزميل أسماء الصبية الذين كانوا ضمن هذه الجماعة، وهي تضم إضافة إلى بن لادن، بعض أبناء أسر شهيرة في جدة.

وأضاف «وعدنا السوري أننا إذا بقينا ضمن المجموعة، فإننا يمكن أن نكون جزءا من ناد رياضي يلعب كرة القدم. وكنت أحب كثيرا لعب كرة القدم، لذلك بدأنا نبقى في المدرسة معه بعد الدراسة ما بين الساعة الثانية بعد الظهر وحتى الخامسة. وشرح لنا في بداية أول جلسة أن علينا أن نقضي بعض الوقت نستذكر بعض الآيات كل يوم، ثم نبدأ بلعب كرة القدم». والفكرة كانت أننا إذا حفظنا بعض الآيات كل يوم قبل كرة القدم، فإننا وبانتهائنا من الدراسة الثانوية، نكون قد حفظنا القرآن بالكامل وهو امتياز خاص لنا».

في البداية كانت الجلسة الدراسية تبدأ مثلما وعد المدرس، بقراءة بعض الآيات ثم نبدأ بالمناقشة في كيفية ترجمتها وشرحها والكثير من الآراء تقدم خلالها. ثم نخرج إلى الساحة للعب الكرة. اتضح أنه لم يكن هناك تنظيم في اللعب، الذي لم يكن سوى عنصر مكمل. فلم تكن هناك مباريات كرة قدم منظمة. وآل بي الأمر إلى أنني بقيت ألعب بمفردي ولم يكن ذلك ممتعا كثيرا».

ومع مرور الوقت بدأت المجموعة تقضي وقتا أطول فأطول في الدروس الدينية، حسب المجلة. وبعد عام واحد كما يقول زميل الدراسة، بدأ بن لادن يشعر بالملل والحصار. لكن مع الزمن كانت المجموعة قد تمكنت من تنمية روح رفاقية بين أفرادها. وأصبح بن لادن واحدا من أكثر المشاركين التزاما. وتدريجيا توقف الصبية عن حفظ الآيات، وبدأوا يقرأون ويناقشون الأحاديث النبوية.

وكانت الحلقات الدراسية هذه تجري في غرفة المدرس السوري الخاصة بقاعة الالعاب الرياضية في الطابق الثاني، وكان المدرس يشعل شمعة ويضعها على الطاولة في وسط الحجرة، ثم يجلس الطلاب بمن فيهم بن لادن على الأرض حولها. وحسب زميل الدراسة، فقد كانت القصص التي يرددها المدرس عليهم غامضة. ولم يكن زمنها في عصر الرسول. واضاف «كانت القصص مثيرة للدهشة»، وتدريجيا بدأ المدرس السوري ينقل لهم «قصصا هي في الحق عنيفة، وأنا لا أتذكر كلها عدا واحدة».كانت قصة كما يقول الزميل حول صبي مثلنا بالضبط، وفي عمرنا وجد الله. واراد ان يرضي الله ووجد ان والده يقف في طريقه، وكان يسحب سجادة الصلاة من تحت قدميه وهو يصلي.

كان المدرس يروي القصة ببطء، ولكنه كان يشير الى هذا الصبي الشجاع او هذا الصبي المحق، وهو ينتقل الى ذروة القصة. وأوضح أن الوالد كان يمتلك بندقية. وعلى مدى 22 دقيقة شرح المدرس خطوة بخطوة، اعداد الصبي للبندقية، بدءا من احضار الرصاص وحشوه ووضع الخطة، وحتى اطلاق النار على والده وقتله. واختم المدرس الرواية بالقول «الحمد لله، اطلق الاسلام في ذلك البيت». وكما روى زميل الدراسة للمجلة «كنت اراقب الصبية الآخرين ينصتون، وأفواههم فاغرة. وبرحمة الله قلت لنفسي «كلا». كان لدي شعور بالقلق. وبدأت أفكر في الحال بأعذار، وبالكيفية التي يمكنني بها تفادي العودة».

وفي اليوم التالي توقف الزميل عن الحلقات الدينية هذه. وأخيرا وبعد فترة صعبة من الابتعاد عن اصدقائه في هذه الحلقة التحق بمجموعة مختلفة. وقال انه خلال السنوات القليلة اللاحقة كان يراقب بن لادن والآخرين في مجموعته السابقة، ممن استمروا على الدراسة مع المدرس السوري، وهم يتبنون أساليب وقناعات النشطاء الاسلاميين المراهقين. فيتركون لحاهم تطول ويقصرون ثيابهم ويرفضون كي قمصانهم (ليقلدوا ظاهريا اسلوب لباس النبي)، وكانوا، على نحو متزايد، يعلمون ويجادلون الطلاب الآخرين في المدرسة حول الحاجة الملحة للحفاظ على الشريعة الاسلامية الأصيلة في العالم العربي.

ومن غير الواضح ما اذا كان المعلم السوري عضوا في جماعة الاخوان المسلمين، أو انه كان ببساطة متأثرا ببعض افكارها حول النشاط السياسي والجهاد العنفي ضد غير المؤمنين. ولا يعرف مكانه في الوقت الحالي. وقال زميل بن لادن في الدراسة ان المعلم غادر الثغر قبل خمسة وعشرين عاما.

وحول حياته وتصرفاته كشاب، قالت المجلة ان بن لادن كان كشاب يسوق سيارة كرايسلر بيضاء ومرسيدس رمادية، غالبا بسرعة كبيرة وفقا لباطرفي. وفي بعض الأحيان كان يحضر لقاءات عائلة بن لادن الكبرى. وفي أوائل سبعينات القرن الماضي كانت هذه المجموعة، من ناحية والده في العائلة، تضم عددا من الاخوة غير الاشقاء ممن درسوا في الخارج في دول مثل لبنان وانجلترا. وكان بعض من أخوة بن لادن الأكبر، قد سافروا إلى أوروبا وفي بعض الأحيان الى الولايات المتحدة. وكان زعيم هذا الجانب من العائلة عندئذ هو سالم، الابن الأكبر لمحمد بن لادن، وهو خريج مدرسة انجليزية داخلية وعازف غيتار. وبحلول أواسط السبعينات حصل سالم على طائرة خاصة وكان يسافر بكثرة الى سويسرا وانجلترا وتكساس. وفي حدود ذلك الوقت رتبت أم اسامة تزويج الشاب المراهق من ابنة خالة له السورية.

وامتزج موضوع سفريات الشاب اسامة بعدد من الروايات عن سنوات الصبا نشرت بعد فترة قصيرة من تفجيرات 11 سبتمبر. وكانت تشتمل على تقارير تشير، على سبيل المثال، الى ان بن لادن التحق بمدرسة داخلية في لبنان، حيث كان افتراضا، منغمسا في الملذات. وكان بعض من اخوة بن لادن غير الاشقاء قد التحقوا فعلا بمدرسة في لبنان، ولكن ظهر دليل قاطع على ان اسامة كان قد فعل ذلك.

ونشرت ايضا تقارير تشير الى ان اسامة بن لادن التحق بعائلته لقضاء اجازة في السويد، وأنه انضم الى دورة صيفية لتعلم اللغة في انجلترا، ولكن يوجد بعض الشك في دقة هذه الروايات. ويقول عدد من الناس الذين التقوا بن لادن ان الرحلات المشار اليها تصل الى حالات من خطأ في الهوية.

ونقلت المجلة عن خالد باطرفي رواية جديدة عن رحلات بن لادن خلال سنوات الستينات والسبعينات, قال فيها ان بن لادن، حسب علمه، قد سافر الى خارج الشرق الأوسط ثلاث مرات فقط. وكانت المرة الأولى عندما كان في العاشرة من عمره، حيث ذهب الى لندن مع امه لتلقي علاج طبي لعينيه. وبقي بن لادن في انجلترا فترة شهر على الأقل، وقام بجولات سياحية كما قال باطرفي. وفي رحلة ثانية في فترة المراهقة التحق بن لادن ببعض الأصدقاء والأقارب في رحلة الى شرق افريقيا. وأخيرا ووفقا لباطرفي قام أسامة بن لادن برحلة واحدة الى الولايات المتحدة في حدود عام 1978.

وذكر باطرفي ان الرحلة الى اميركا، جرت لأن طفل بن لادن الأول، الذي يحمل اسم عبد الله، المولود عام 1976، كان يعاني من مشكلة صحية، من الواضح أنها كانت ذات طبيعة تجميلية. وسافر بن لادن وزوجته وطفله معا الى الولايات المتحدة لغرض العلاج، رغم انه ليس متأكدا متى تم ذلك. وحسب روايته فإن ناحية واحدة من الرحلة تركت اثرا قويا جدا على بن لادن. ففي طريق عودته الى الوطن كان أسامة وزوجته ينتظران موعد سفرهما في بهو المطار. وفي اطار التزاماتهما الدينية الصارمة كانت زوجته ترتدي عباءة سوداء، وكذلك حجاب الرأس الكامل. وكان المسافرون الآخرون في المطار يحدقون بهما ويلتقطون صورا. وعندما عاد بن لادن الى جدة أبلغ اناسا بأن التجربة كانت كما لو أن «المرء كان في عرض». ووفقا لرواية باطرفي فإن بن لادن لم يكن متضايقا من التحديق والصور، وإنما «كان يعامل الأمر بمزاح».

واذا كان باطرفي صائبا فإن رحلة بن لادن الى اميركا، جرت قبل سفره الى افغانستان للمشاركة في «الجهاد» ضد الاحتلال السوفياتي، وقبل ما يقرب من عشر سنوات من تأسيسه «القاعدة». وربما لم يكن لهذه المعلومات عن بن لادن، ان تظهر في التحقيقات التي بدأتها الهيئات الامنية، اواسط التسعينات. وقال متحدثون باسم عدد من الوكالات الحكومية، بينها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي.آي.أيه) ومكتب التحقيق الفيدرالي (أف.بي.أي)، ان اختصاصييهم في مجال «القاعدة» ليست لديهم معلومات حول زيارة قام بها بن لادن الى الولايات المتحدة. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية، ان القسم القنصلي فيها ليس لديه أي سجل بإصدار تأشيرة دخول لبن لادن، ولكن الوزارة لم تعد تمتلك سجلات لتأشيرات الدخول التي اصدرت منذ زمن بعيد.