المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هكذا خطفت «سي آي إي» خالد المصري



زهير
12-09-2005, 05:05 AM
برلين ـ من أحمد حازم


عندما ولد خالد المصري في الكويت عام 1963 من أبوين لبنانيين، لم يعرف أهله في ذلك الوقت أن خالد سيصبح يوماً ما محط أنظار وسائل الإعلام العالمية, صحيح أن والده، الذي عمل سنوات عديدة في الكويت، كان يأمل في أن يصبح خالد شخصية معروفة في المستقبل، لكنه لم يكن يتوقع أن تكون هذه الشهرة عن طريق الخطف، وبالتحديد عن طريق أكبر جهاز استخباراتي في العالم، وأن قصة اختطافه أشبه برواية بوليسية بطلها الرئيسي «سي آي إي».

كان رجل الأعمال خالد المصري، الذي يعمل في تجارة السيارات في ألمانيا، والذي قدم إليها عام 1985، يريد قضاء إجازة رأس السنة عام 2003 في مقدونيا بعيداً عن العمل والإرهاق, وعلى الحدود المقدونية طلب منه رجل شرطة بعد أن تفحص جواز سفره إصطحابه، وأخذ منه جواز سفره، وتم إرساله مع اثنين من رجال الشرطة إلى أحد الفنادق، حيث ظل هناك نحو ثلاثة أسابيع، كان يخضع خلالها لتحقيق مستمر حول نشاطاته وأعماله وعلاقاته الشخصية، وحول المسجد الموجود في المدينة الألمانية، نوي أولم، التي يعيش فيها، وكذلك عن كل اتصالاته.

يقول خالد، انه تعرض للضرب بعد تكبيل اليدين والرجلين، وكثيراً ما كان يطلب منه نزع كافة ثيابه وتركه عارياً، ورغم أن أحد المحققين قال له، انه سيعود إلى ألمانيا، لكن بدلاً عن ذلك تم إرساله بطائرة إلى بلد آخر وهو معصوب العينين ومكبل اليدين والرجلين, ويضيف: «عندما نزلت من الطائرة شعرت بأن جو البلد حار وعرفت فيما بعد أنني في أفغانستان وليس في ألمانيا».

تم وضع خالد في زنزانة ضيقة قذرة من دون ماء، بتهمة الدخول إلى جلال أباد الأفغانية بجواز سفر مزور، وسأله محقق أميركي ـ كما يقول خالد ـ عن أماكن تدريب فلسطينية، وعما إذا كان يعرف أحد المشاركين والمنفذين لعمليات 11 سبتمبر الإرهابية، إلا أنه لم يقل سوى الحقيقة التي قالها خلال التحقيق معه في مقدونيا «لا,,, لا أعرف إرهابيين».

وقيل لخالد صراحة انه في معتقل اميركي في أفغانستان، وأن الأشخاص المكلفين في حراسته هم اميركيون أيضاً, ورغم الرجاء المتكرر لخالد رغبته في الاتصال بالسفارة الألمانية أو بممثل عن الحكومة الألمانية أو التحدث إلى محام، أو حتى مثوله أمام محكمة، إلا أن الأميركيين رفضوا ذلك في شدة بقولهم: «أنت في بلد لا تتمتع فيه بحق الدفاع عن نفسك ولا يحميك القانون».

في مارس من العام الماضي، بدأ المصري مع معتقلين آخرين إضراباً عن الطعام, وبعد نحو خمسة أسابيع تم إجباره على تناول مواد غذائية عن طريق حقن المعدة، وبعدها تم إبلاغه بأنهم سيطلقون سراحه شرط ألا يبوح لأحد أبداً بما حدث له، لأن الأميركيين قرروا «أن يبقوا هذا الأمر سراً», وفي 28 مايو عام 2004، تمت إعادته جواً من افغانستان إلى جهة لم يعلموه بها, وبعد وصول الطائرة إلى مطار هذا البلد، اصطحبه أميركيان إلى أحد الشوارع، وأمروه بأن يمشي دون الالتفات يمنة أو يسرة أو إلى الخلف, يقول خالد «في هذه اللحظات كنت أعتقد بأنني سأتعرض لإطلاق النار بين لحظة وأخرى», بعد السير مسافة قصيرة كان في انتظاره رجال مسلحون، قالوا له انه في ألبانيا، وأوصلوه ثانية إلى المطار, ولم يكن هؤلاء الرجال سوى رجال أمن كانوا في انتظاره حسب تنسيق مسبق مع الأميركيين, وقد أوصله أحدهم إلى طائرة كانت متجهة إلى فرانكفورت، من دون أن يخضع إلى أي سؤال من أي مسؤول في المطار, وقد أجبر خالد على دفع مبلغ 320يورو ثمن بطاقة الطائرة.

وعندما عاد إلى مدينته الألمانية التي يسكن فيها، اكتشف أن زوجته وأولاده الأربعة تركوا البيت وغادروا إلى لبنان، لأن زوجته اعتقدت بأنه لن يعود ثانية, لكن زوجته عادت مجدداً إلى ألمانيا ورزقهم الله بالطفل الخامس.