زهير
12-09-2005, 04:51 AM
70% من ضحايا "تجارة الخطف" العراقية هم من أهل البلاد
دبي- العربية.نت
في وقت يحظى الأجانب المخطوفون في العراق بتغطية إعلامية عالمية، تكمن خلف الأضواء حالات أكثر ظلماً واضطهاداً، تقع العراقيات ضحايا لها، فيخطفن ويبعن للعمل بالدعارة في الدول المجاورة، بمبالغ لا تتعدى المئتي دولار للمرأة الواحدة في حال كانت عذراء.
وفي تقرير للخبيرة الأمريكية في شؤون الإرهاب لوريتا نابوليوني نشرته صحيفة "الواشنطن تايمز"، كشفت فيه أن ثمن الرهينة العراقية، لتشغليها في الدعارة، لا يتعدى الستين دولاراً، وفق مصادر في الشرطة العراقية، التي تشير إلى أن العديد من المخطوفات ينتهين للعمل في أسواق البغاء في الأردن الذي تمثل العراقيات 60% من الناشطات فيه.
ويقول حسام محمود، عضو "منظمة حرية المرأة العراقية" أن النساء يمثلن "بضاعة رخيصة، قابلة للمبادلة في عمليات يومية". وتشير الأرقام التي تقدمها المنظمة إلى أن سعر المخطوفات العذراوات يبلغ 200 دولار أمريكي، وهو ضعف ثمن بيع غير العذراوات.
ازدهار "تجارة الخطف"
ويشير التقرير إلى صعوبة تقديم أرقام أو احصاءات تعطي صورة واقعية عن حجم "تجارة الخطف" المزدهرة في العراق هذه الأيام، والتي تعتبر الأكبر من نوعها في العالم.
ويتم سنوياً اختطاف شخص واحد من بين كل خمسة ألاف عراقي، أي بزيادة ألفي شخص عن أعداد المخطوفين في كولومبيا، وهو البلد الذي كان يمثل أكبر الأماكن ازدهاراً لتجارة الخطف المرعبة.
وتعتبر نابوليوني في تحليلها، أن اقتراب العراق من إجراء أول عملية انتخابية بعد سقوط نظام صدام، "لا يعني انتهاء حالات اختطاف الرهائن التي شهدتها البلاد منذ بداية الحملة الأمريكية، وكان آخرها نبأ خطف رهينتين جديدتين، هما داعي السلام البريطاني نورمان كامبر، والعاملة في الشؤون الإجتماعية الألمانية سوزان أوستهوف". وقد أعاد هذا الخبر نكأ الجراح حول الموضوع، بعدما عاش المجتمع الغربي، في الفترة الماضية، وهم انتهاء هذه العمليات إلى غير رجعة.
وكان هذا الشعور بالإطمئنان مبرراً، خاصة مع التراجع النسبي في حالات اختطاف الرهائن المعلن عنها في العام 2005. فقد تراجع عدد الرهائن الذين قُتلوا على يد خاطفيهم في العراق من 41 رهينة في العام 2004، إلى 11 رهينة فقط في العام 2005.
لكن يبدو أن هذه الأعداد مضللة، لأن "الرهائن الغربيين المخطوفين في العراق لا يمثلون سوى جزء صغير جداً من عمليات الخطف الحاصلة"، بحسب ما يعترف به مسؤول بعثي عراقي سابق.
فمنذ سقوط صدام حسين، تشهد هذه التجارة العراقية الجديدة ازدهاراً وانتشاراً كبيرين. فكما في كولومبيا، صارت عمليات الخطف العراقية بمثابة الأحداث اليومية المتوقعة، والتي لا يمكن إرجاعها إلى الإرهاب فقط، بل لسبب أساسي آخر، هو فشل قوات الأمن العراقية من إمساكها بزمام الأمور على الأرض.
وفي تشابه آخر مع الحالة الكولومبية، صارت عمليات الخطف بمثابة نوع جديد من التجارة المحلية التي يمارسها العراقيون، ليتحولوا أنفسهم إلى ضحايا وجناة، في الوقت عينه.
أغلبية عراقية
ويشير التقرير إلى أن أكثر من 70% من ضحايا عمليات الخطف في العراق هم من العراقيين، أو من البلدان المجاورة. وهم في الغالب من الأطباء، المهندسين ورجال الأعمال أو، بعبارة أخرى، من الفئة الإجتماعية الميسورة، التي ستتمكن من دفع الفدية المطلوبة.
وقد اتسعت مروحة المستهدفين من عمليات الخطف أخيراً، لتمتد إلى أطفال العائلات الغنية، الذين يتم استدارجهم أثناء خروجهم من المدارس، والاحتفاظ بهم كرهائن حتى يدفع أهاليهم ثمن حريتهم. أما من يعجز أهله عن دفع الفدية المطلوبة، فيكون مصيره إما القتل أو البيع.
وتتوقع مصادر حكومية عراقية أن يكون عدد المخطوفين العراقيين في العام 2005 تجاوز نسبة مخطوف واحد لكل ألف عراقي، التي سُجلت في العام الماضي. ويستند هذا التوقع إلى عدد الأشخاص الذين يتم إبلاغ الشرطة العراقية عن "اختفائهم". وفي الغالب، فإن الشرطة العراقية لا تبادر للقيام بأية تحقيقات في هذه البلاغات.
أما الخاطفين فهم في الغالب من فئة المسجونين السابق، الذي تم إطلاق سراحهم من السجون بعد دخول قوات التحالف إلى البلاد. ويشير المسؤول عن قسم المخطوفين في الشرطة العراقية إلى أن عائلات هؤلاء المجرمين وعصابات من الطلاب قد انجروا أيضاً للمشاركة في هذه التجارة التي تحقق لهم عائدات ضخمة.
وبالنسبة لمدير وحدة مكافحة الجريمة في بغداد، فإن الدافع الأساسي لأغلبية الخاطفين هو الحصول على المال، أما اتهام المختطفين أن لديهم علاقات مع شركات أجنبية فليس سوى استراتيجية يتبعونها للضغط على أهاليهم لدفع المبالغ المطلوبة، وهي مبالغ تبدأ من بضعة مئات من الدولارات، لتصل في بعض الحالات إلى نصف المليون دولار أمريكي.
لا علاقة للجهاد
وتشير خبيرة الشؤون الإرهابية إلى "يقين السلطات العراقية من أن عمليات الإختطاف لا تستعمل لتمويل العمليات التي تقوم بها الجماعات الإسلامية الناشطة في العراق"، مستندة في ذلك إلى فكرة أن هذه الجماعات "تستعمل الرهائن لاستفزاز الرأي العام الغربي، وليس لكسب الأموال. وفي هذه الحالات، لا يتم إطلاق المخطوفين إلا بعد تحقيق الهدف السياسي الذي خُطفوا لأجله".
فيوجد، بالتالي، اختلاف أساسي في الدوافع بين "الخطف الإجرامي" و"الخطف الإرهابي". ويفسر أبو مصعب الزرقاوي، في الوصايا التي يوجهها للمجاهدين، هذا الاختلاف بالقول: "لقد قررنا عدم إطلاق هؤلاء الكفرة (قاصداً المخطوفين)، حتى لو دفعوا فدية توازي وزنهم ذهباً... يجب أن يعرف أعدء الله أننا لا نحمل أية رحمة تجاههم..".
وفي إشارة خاصة إلى الرهينة نيكولا بيرغ، يضيف الزرقاوي: "يحاول أحد وسطاء السلام إقناعنا بإطلاق سراحه مقابل دفع مبلغ كبير من المال. ولكننا، وحتى لو كنا نحتاج للأموال، فلن نأخذ هذه الأموال، بل سنثأر لأخواتنا وجماعتنا"، قاصداً بذك مطلب إطلاق سجينات عراقيات، مقابل الإفراج عن بيرغ.
ويُلاحظ أن الحركات الإسلامية لم تدخل في "تجارة الخطف" إلا في الحالات التي تؤدي إلى تجييرها لصالح تحقيق مكاسب محددة، سواء كانت مالية، أو أسلحة أو ذخيرة.
بيع وشراء
وفي أكتوبر/ تشرين الماضي، تم اختطاف مراسل صحيفة الغاردين البريطانية روري كارول، الذي كان مرعوباً من احتمال بيعه لجماعة الزرقاوي. إذ أن ظاهرة بيع وشراء الرهائن ليست جديدة، وكانت منتشرة بشكل واسع في الحرب الأهلية في لبنان في السبعينيات.
ويعتقد حسين كمال، المسؤول عن شؤون الإتصال في وزارة الداخلية العراقية، أنه توجد علاقات تجارية بين المجرمين العراقيين والمجموعات الإرهابية. ويقول: "أحياناً تدفع المجموعات الإرهابية أموالاً لعصابات إجرامية لتخطف لها الرهائن. وفي حالات أخرى، تبادر العصابات الخاطفة إلى بيع رهائنها للمنظمات الإهابية مقابل مبالغ مالية"، مشيراً إلى أن الحالة الأخيرة تجري في حال كان للمخطوف قيمة أو وزن سياسي، أو أن ذويه لم يدفعوا الفدية المطلوبة.
ويلاحظ أن قيام المجاهدين الإسلاميين بعمليات الخطف هو ظاهرة جديدة، لم تكن معتمدة في مرحلة الجهاد ضد السوفيات سابقاً. فإطلاق التهديدات بخطف السياسيين تزامن مع إدخال تقنيات إرهابية جديدة اعتمدها الجهاديون في صراعهم المسلح. وكانت أكثر هذه الحالات عنفاً ما شهده صيف عام 2004 في بيسلان، حيث تم احتجاز مدرسة كاملة.
ولا تنأى أي من المنظمات الإسلامية المنخرطة في ما تسميه "جهادا" بنفسها عن المشاركة بعمليات الخطف، مستندين إلى تفسيراتهم وفتاويهم الخاصة لإجازة استهداف ضحاياهم.
فعلى سبيل المثال حركة المقاومة الإسلامية، سبق لها اختاطاف رهينة صيني كان يعارض الحرب على العراق. أما التبرير الذي قدمته الحركة لذلك فكان أن الصين تساند الجيش الأمريكي. وفي النهاية، تم إطلاق الرهينة المختطف. أما جماعة "أنصار السنّة"، التي ظهرت في سبتمبر 2003، فقد اختطفت 12 نيبالياً كرهائن، ثم أعدمتهم جميعاً في شريط نُشر على شبكة الانترنت.
وفي 19 مارس/ آذار الماضي، أعلنت جماعة جديدة تدعي الجهاد لتحرير العراق عن اختطاف مهندسين مصريين كرهائن، بحجة أنهما "يتعاونان مع الحكومة العراقية غير الشرعية، التي تمثل قوات الإحتلال الأمريكي، وليس الشعب العراقي". وقد حذرت الجماعة، في ختام بيان أصدرته حينها، من أنها لن تظهر "أية رحمة لأي شخص يدخل العراق، سواء كان عربياً أو أجنبياً، ليعمل مع قوات الإحتلال أو لصالح الحكومة الجديدة".
وفي الغالب، فإن مصير كامبر، داعية السلام، وأوستهوف، العاملة الإجتماعية الألمانية، يرتبط بهذا التأويل المرعب.
دبي- العربية.نت
في وقت يحظى الأجانب المخطوفون في العراق بتغطية إعلامية عالمية، تكمن خلف الأضواء حالات أكثر ظلماً واضطهاداً، تقع العراقيات ضحايا لها، فيخطفن ويبعن للعمل بالدعارة في الدول المجاورة، بمبالغ لا تتعدى المئتي دولار للمرأة الواحدة في حال كانت عذراء.
وفي تقرير للخبيرة الأمريكية في شؤون الإرهاب لوريتا نابوليوني نشرته صحيفة "الواشنطن تايمز"، كشفت فيه أن ثمن الرهينة العراقية، لتشغليها في الدعارة، لا يتعدى الستين دولاراً، وفق مصادر في الشرطة العراقية، التي تشير إلى أن العديد من المخطوفات ينتهين للعمل في أسواق البغاء في الأردن الذي تمثل العراقيات 60% من الناشطات فيه.
ويقول حسام محمود، عضو "منظمة حرية المرأة العراقية" أن النساء يمثلن "بضاعة رخيصة، قابلة للمبادلة في عمليات يومية". وتشير الأرقام التي تقدمها المنظمة إلى أن سعر المخطوفات العذراوات يبلغ 200 دولار أمريكي، وهو ضعف ثمن بيع غير العذراوات.
ازدهار "تجارة الخطف"
ويشير التقرير إلى صعوبة تقديم أرقام أو احصاءات تعطي صورة واقعية عن حجم "تجارة الخطف" المزدهرة في العراق هذه الأيام، والتي تعتبر الأكبر من نوعها في العالم.
ويتم سنوياً اختطاف شخص واحد من بين كل خمسة ألاف عراقي، أي بزيادة ألفي شخص عن أعداد المخطوفين في كولومبيا، وهو البلد الذي كان يمثل أكبر الأماكن ازدهاراً لتجارة الخطف المرعبة.
وتعتبر نابوليوني في تحليلها، أن اقتراب العراق من إجراء أول عملية انتخابية بعد سقوط نظام صدام، "لا يعني انتهاء حالات اختطاف الرهائن التي شهدتها البلاد منذ بداية الحملة الأمريكية، وكان آخرها نبأ خطف رهينتين جديدتين، هما داعي السلام البريطاني نورمان كامبر، والعاملة في الشؤون الإجتماعية الألمانية سوزان أوستهوف". وقد أعاد هذا الخبر نكأ الجراح حول الموضوع، بعدما عاش المجتمع الغربي، في الفترة الماضية، وهم انتهاء هذه العمليات إلى غير رجعة.
وكان هذا الشعور بالإطمئنان مبرراً، خاصة مع التراجع النسبي في حالات اختطاف الرهائن المعلن عنها في العام 2005. فقد تراجع عدد الرهائن الذين قُتلوا على يد خاطفيهم في العراق من 41 رهينة في العام 2004، إلى 11 رهينة فقط في العام 2005.
لكن يبدو أن هذه الأعداد مضللة، لأن "الرهائن الغربيين المخطوفين في العراق لا يمثلون سوى جزء صغير جداً من عمليات الخطف الحاصلة"، بحسب ما يعترف به مسؤول بعثي عراقي سابق.
فمنذ سقوط صدام حسين، تشهد هذه التجارة العراقية الجديدة ازدهاراً وانتشاراً كبيرين. فكما في كولومبيا، صارت عمليات الخطف العراقية بمثابة الأحداث اليومية المتوقعة، والتي لا يمكن إرجاعها إلى الإرهاب فقط، بل لسبب أساسي آخر، هو فشل قوات الأمن العراقية من إمساكها بزمام الأمور على الأرض.
وفي تشابه آخر مع الحالة الكولومبية، صارت عمليات الخطف بمثابة نوع جديد من التجارة المحلية التي يمارسها العراقيون، ليتحولوا أنفسهم إلى ضحايا وجناة، في الوقت عينه.
أغلبية عراقية
ويشير التقرير إلى أن أكثر من 70% من ضحايا عمليات الخطف في العراق هم من العراقيين، أو من البلدان المجاورة. وهم في الغالب من الأطباء، المهندسين ورجال الأعمال أو، بعبارة أخرى، من الفئة الإجتماعية الميسورة، التي ستتمكن من دفع الفدية المطلوبة.
وقد اتسعت مروحة المستهدفين من عمليات الخطف أخيراً، لتمتد إلى أطفال العائلات الغنية، الذين يتم استدارجهم أثناء خروجهم من المدارس، والاحتفاظ بهم كرهائن حتى يدفع أهاليهم ثمن حريتهم. أما من يعجز أهله عن دفع الفدية المطلوبة، فيكون مصيره إما القتل أو البيع.
وتتوقع مصادر حكومية عراقية أن يكون عدد المخطوفين العراقيين في العام 2005 تجاوز نسبة مخطوف واحد لكل ألف عراقي، التي سُجلت في العام الماضي. ويستند هذا التوقع إلى عدد الأشخاص الذين يتم إبلاغ الشرطة العراقية عن "اختفائهم". وفي الغالب، فإن الشرطة العراقية لا تبادر للقيام بأية تحقيقات في هذه البلاغات.
أما الخاطفين فهم في الغالب من فئة المسجونين السابق، الذي تم إطلاق سراحهم من السجون بعد دخول قوات التحالف إلى البلاد. ويشير المسؤول عن قسم المخطوفين في الشرطة العراقية إلى أن عائلات هؤلاء المجرمين وعصابات من الطلاب قد انجروا أيضاً للمشاركة في هذه التجارة التي تحقق لهم عائدات ضخمة.
وبالنسبة لمدير وحدة مكافحة الجريمة في بغداد، فإن الدافع الأساسي لأغلبية الخاطفين هو الحصول على المال، أما اتهام المختطفين أن لديهم علاقات مع شركات أجنبية فليس سوى استراتيجية يتبعونها للضغط على أهاليهم لدفع المبالغ المطلوبة، وهي مبالغ تبدأ من بضعة مئات من الدولارات، لتصل في بعض الحالات إلى نصف المليون دولار أمريكي.
لا علاقة للجهاد
وتشير خبيرة الشؤون الإرهابية إلى "يقين السلطات العراقية من أن عمليات الإختطاف لا تستعمل لتمويل العمليات التي تقوم بها الجماعات الإسلامية الناشطة في العراق"، مستندة في ذلك إلى فكرة أن هذه الجماعات "تستعمل الرهائن لاستفزاز الرأي العام الغربي، وليس لكسب الأموال. وفي هذه الحالات، لا يتم إطلاق المخطوفين إلا بعد تحقيق الهدف السياسي الذي خُطفوا لأجله".
فيوجد، بالتالي، اختلاف أساسي في الدوافع بين "الخطف الإجرامي" و"الخطف الإرهابي". ويفسر أبو مصعب الزرقاوي، في الوصايا التي يوجهها للمجاهدين، هذا الاختلاف بالقول: "لقد قررنا عدم إطلاق هؤلاء الكفرة (قاصداً المخطوفين)، حتى لو دفعوا فدية توازي وزنهم ذهباً... يجب أن يعرف أعدء الله أننا لا نحمل أية رحمة تجاههم..".
وفي إشارة خاصة إلى الرهينة نيكولا بيرغ، يضيف الزرقاوي: "يحاول أحد وسطاء السلام إقناعنا بإطلاق سراحه مقابل دفع مبلغ كبير من المال. ولكننا، وحتى لو كنا نحتاج للأموال، فلن نأخذ هذه الأموال، بل سنثأر لأخواتنا وجماعتنا"، قاصداً بذك مطلب إطلاق سجينات عراقيات، مقابل الإفراج عن بيرغ.
ويُلاحظ أن الحركات الإسلامية لم تدخل في "تجارة الخطف" إلا في الحالات التي تؤدي إلى تجييرها لصالح تحقيق مكاسب محددة، سواء كانت مالية، أو أسلحة أو ذخيرة.
بيع وشراء
وفي أكتوبر/ تشرين الماضي، تم اختطاف مراسل صحيفة الغاردين البريطانية روري كارول، الذي كان مرعوباً من احتمال بيعه لجماعة الزرقاوي. إذ أن ظاهرة بيع وشراء الرهائن ليست جديدة، وكانت منتشرة بشكل واسع في الحرب الأهلية في لبنان في السبعينيات.
ويعتقد حسين كمال، المسؤول عن شؤون الإتصال في وزارة الداخلية العراقية، أنه توجد علاقات تجارية بين المجرمين العراقيين والمجموعات الإرهابية. ويقول: "أحياناً تدفع المجموعات الإرهابية أموالاً لعصابات إجرامية لتخطف لها الرهائن. وفي حالات أخرى، تبادر العصابات الخاطفة إلى بيع رهائنها للمنظمات الإهابية مقابل مبالغ مالية"، مشيراً إلى أن الحالة الأخيرة تجري في حال كان للمخطوف قيمة أو وزن سياسي، أو أن ذويه لم يدفعوا الفدية المطلوبة.
ويلاحظ أن قيام المجاهدين الإسلاميين بعمليات الخطف هو ظاهرة جديدة، لم تكن معتمدة في مرحلة الجهاد ضد السوفيات سابقاً. فإطلاق التهديدات بخطف السياسيين تزامن مع إدخال تقنيات إرهابية جديدة اعتمدها الجهاديون في صراعهم المسلح. وكانت أكثر هذه الحالات عنفاً ما شهده صيف عام 2004 في بيسلان، حيث تم احتجاز مدرسة كاملة.
ولا تنأى أي من المنظمات الإسلامية المنخرطة في ما تسميه "جهادا" بنفسها عن المشاركة بعمليات الخطف، مستندين إلى تفسيراتهم وفتاويهم الخاصة لإجازة استهداف ضحاياهم.
فعلى سبيل المثال حركة المقاومة الإسلامية، سبق لها اختاطاف رهينة صيني كان يعارض الحرب على العراق. أما التبرير الذي قدمته الحركة لذلك فكان أن الصين تساند الجيش الأمريكي. وفي النهاية، تم إطلاق الرهينة المختطف. أما جماعة "أنصار السنّة"، التي ظهرت في سبتمبر 2003، فقد اختطفت 12 نيبالياً كرهائن، ثم أعدمتهم جميعاً في شريط نُشر على شبكة الانترنت.
وفي 19 مارس/ آذار الماضي، أعلنت جماعة جديدة تدعي الجهاد لتحرير العراق عن اختطاف مهندسين مصريين كرهائن، بحجة أنهما "يتعاونان مع الحكومة العراقية غير الشرعية، التي تمثل قوات الإحتلال الأمريكي، وليس الشعب العراقي". وقد حذرت الجماعة، في ختام بيان أصدرته حينها، من أنها لن تظهر "أية رحمة لأي شخص يدخل العراق، سواء كان عربياً أو أجنبياً، ليعمل مع قوات الإحتلال أو لصالح الحكومة الجديدة".
وفي الغالب، فإن مصير كامبر، داعية السلام، وأوستهوف، العاملة الإجتماعية الألمانية، يرتبط بهذا التأويل المرعب.