المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ضمير الحكم!



على
12-05-2005, 04:00 PM
محمد عبدالقادر الجاسم المحامي

3/12/2005


حين تولى الملك حمد بن عيسى آل خليفة الحكم في مملكة البحرين شرع في اعادة صياغة علاقة أسرة آل خليفة بالشعب البحريني. وبالنظر للتعقيدات الكبيرة والرواسب التي كانت تشوب تلك العلاقة فإن عملية "اعادة الصياغة" لم تكن سهلة بل هي في الواقع لم تزل جارية حتى يومنا هذا رغم مرور خمس سنوات على بدايتها.

وإذ "تصادف" تولي الملك حمد مع تغيير هائل في السياسة الدولية في اعقاب احداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 فقد اختارأن تتم اعادة صياغة علاقة اسرته بشعبه من خلال مشروع اصلاح سياسي يتضمن منح الشعب البحريني "جرعة" من الحرية السياسية مع التخلص من اغلب مظاهر وادوات القمع السياسي. وبغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع بنود المشروع الاصلاحي في البحرين فإن محاولة الملك حمد "تحسين" صورة الأسرة الحاكمة في البحرين وامام المجتمع الدولي وتخليصها من إرث سياسي متخم بالسياسات القمعية محاولة تستحق الإشادة.

في الكويت لم يكن الشيخ عبدالله السالم رحمه الله مضطرا "لتجميل" صورة الأسرة الحاكمة حين قرر تحويل البلاد الى دولة ديمقراطية عصرية يحكمها القانون, وينظم الدستور, والذي اشترك هو والشعب في صياغة بنوده, العلاقات السياسية فيها. وإذ لم يتمكن الشيخ عبدالله السالم من توريث افكاره لباقي افراد الأسرة الحاكمة, فقد تثاقلت وتباطأت مسيرة التطور السياسي في الكويت بعد وفاته. ورغم أن الأوضاع المحلية والاقليمية والدولية كانت "تتسامح" مع الأنظمة ذات الحكم الفردي, فإن مساعي الأسرة الحاكمة في العدول عن المنهج الديمقراطي كانت محاولات غير متقنة وكان "ضمير الحكم" يتراجع عن الغي السياسي في اللحظة التي يبدي فيها الشعب الكويتي "غضبه".

ان قراءة التاريخ السياسي الكويتي تؤكد لنا ان احترام الأسرة الحاكمة للشعب هوعقيدة "كانت" تنتقل من جيل الى آخر, وانه مهما احتدم الخلاف السياسي فلا خروج عن ذلك الاحترام. واذا كانت احداث عامي 1938 و1939 تشكل خروجا على تلك القاعدة كما هو الوضع بالنسبة للاسلوب الذي استخدمته الأسرة الحاكمة في مواجهة "اجتماعات الأثنين" عام 1990 فإن تلك الاحداث, التي لم تزل محفورة في اذهان الكويتيين, ليست الا شذوذا عن القاعدة وهو شذوذ احسب انه لن يتكرر.

وفيما تتجه اغلب الأنظمة العربية اليوم, انسجاما مع المتغيرات الدولية, نحو اعادة صياغة علاقتها بشعوبها على نحو ايجابي ولو بحدود, تسلك الكويت مع الأسف, اتجاها معاكسا لحركة الزمن, حيث تتم حاليا عملية غير مدروسة لإعادة صياغة العلاقة بين الأسرة الحاكمة والشعب الكويتي وذلك من خلال تفريغ النظام الدستوري والحريات من مضمونها واستبدال فلسفة الحكم دون وجود مبررات لتلك العملية المعاكسة.

لا جدال في ان الدول ذات الأنظمة الوراثية ومنها الكويت تدار بموجب "اطباع" صاحب القرار وميوله وثقافته, ولهذه العوامل تأثير على القرار يفوق تأثير النصوص الدستورية والقانونية. وليس هناك من شك في انه اذا كانت "اطباع" وميول صاحب القرار "سوية" فإن تأثيرها سوف يكون ايجابيا, اما اذا كانت "اطباع" وميول صاحب القرار"غير سوية" فإن التأثير سلبي للغاية. وقبل سنوات عديدة فكرت الاجهزة الامنية في البلاد في جلب معدات متطورة تسهل عملية مراقبة اجهزة الهاتف وقد عرض الأمر على صاحب القرار النهائي فرفض الفكرة رفضا قاطعا لأنه لا يريد هتك خصوصية المواطنين بحجة حماية امن البلاد. ان هذا الموقف من صاحب القرار ينم عن نظرة ثاقبة واحترام جم للشعب الكويتي, وفوق هذا وذاك ينم عن استيعاب كامل لطبيعة العلاقة بين الشعب الكويتي والأسرة الحاكمة ومدى التزامه بثوابت العلاقة الراسخة في ثقافة الحكم. ان هذا الالتزام هو أحد أهم عوامل استقرار حكم الصباح في الكويت وعدم وجود خصومة معهم طوال سنوات حكمهم وكذلك هو احد مصادر الاحترام الذي يكنه أهل الكويت لصاحب القرار الذي اعنيه. ان التزام اصحاب القرار على اختلاف "اطباعهم" وميولهم بثوابت العلاقة بين الأسرة الحاكمة والشعب الكويتي هو السبب الذي جعل الشعب الكويتي بكل اجياله يحترم أسرة الصباح, فنحن قد نختلف مع الشيوخ لكن لا نختلف حولهم ابدا.

غير ان قناعتي بشأن انتقال عقيدة احترام الشعب الكويتي قد لا تصمد أزاء ما يحدث في البلاد, فقد طرأ تغير جذري على اسلوب ادارة الدولة منذ اصبح الشيخ صباح صاحب القرار الفعلي في البلاد, وهو تغير اخشى انه بات يمس الكثير من تقاليد الحكم و"ضمير الحكم" ويؤثر بالتالي على العلاقة بين الشعب الكويتي والأسرة الحاكمة في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور.

تدار البلاد اليوم وفق اسلوب "الجاوية واللاوية" وهو الاسلوب الذي اتبع في مواجهة العديد من القضايا السياسية كاستجواب وزير المالية الاسبق الدكتور يوسف الابراهيم, واستخدم كذلك في اقرار قانون حقوق المرأة السياسية, وربما يستخدم لاقرار قانون حقول الشمال.

ان "اللاوية" هي اكثر شيوعا من "الجاوية" فاستخدام المال هو عنصر اساسي في العمل السياسي اليوم, وتتعدد طرق الاستخدام وتتنوع من الدفع النقدي المباشر الى التنفيع الى تسهيل الاعمال التجارية الى الدفع عن طريق تلزيم المشروعات الكبرى الى تسهيل الخدمات العامة من تعيين واستثناءات وعلاج في الخارج وترقيات و"طمطمة ملفات" وغير ذلك من طرق تهدف في النهاية الى "تليين" المواقف وتجييرها سياسيا او تدفع كمقابل لموقف سياسي.

وفي المقابل هناك "الجاوية" وهي تتجسد في تعطيل المصالح او التهديد بتعطيلها وعرقلتها وبث الاشاعات لتشويه السمعة او المصداقية والمقاطعة الاجتماعية حتى لو كان المطلوب اخضاعه من افراد الأسرة الحاكمة.

ان اسلوب "الجاوية واللاوية" يهدف في النهاية الى خلق "قناعة عامة" مفادها ان الموالاة والتبعية هما افضل الطرق لضمان الثراء والبقاء السياسي والاجتماعي والوظيفي والحصول على المزايا والمناصب. وقد تزامن نشر هذه "القناعة" مع اقصاء طبقة "رجال الدولة" وتهميش دورهم السياسي, وتزامن كذلك مع "استخدام" رجال بلا هوية سياسية او اجتماعية او ثقافية واسناد المناصب لهم او دعمهم في الانتخابات العامة مع استبعاد ومحاربة العناصر النظيفة حتى وان لم تكن ذات توجه سياسي معارض, واقترن ذلك كله مع انخفاض حاد في مستوى الكفاءة سواء السياسية او المهنية نتيجة غلبة معايير الولاء والمحسوبية على ما عداها. ويأتي دور"فرقة احمد حسب الله" كمثال نموذجي على السمات العامة للمرحلة الحالية.

وقد يقال ان الاسلوب السابق في ادارة شؤون الدولة كان شائعا من قبل ان تؤول الأمور الى الشيخ صباح وان محاولة ربط هذا الاسلوب بالشيخ صباح هو من قبيل التجني والافتراء.. واقول صحيح ان الشيخ صباح لم يبتدع هذا الاسلوب غير انه في عهده تفشى وانتشر واصبح اصلا لا استثناءا, وهو العمود الفقري لسياساته. كما انه وخلال السنوات الثلاث الماضية اصبح الفساد يمارس علنا ويحظى بغطاء سياسي فالناس تتحدث عن الاسماء والارقام, ولم تعد العناصر الفاسدة تتوارى عن الانظار بل نراها "ترتز" في الواجهة السياسية وتسند لها المناصب وتستخدم للدفاع عن الحكومة وسياساتها رغم انها بلا مصداقية.

ان الامعان في استخدام المال وشراء الولاءات وتهميش دور رجال الدولة و"استئجار" الموالين واسناد المناصب لغير الكفاءات ونشر فكرة تهديد المصالح والانحياز لعائلة او اثنتين من التجار والاستغناء عن مشورة اهل الكويت مقابل دعم "حفنة" من الساقطين سياسيا... كل هذا ادى الى خلق حاجز كبير بين ادارة الشيخ صباح والناس, وهو حاجز لم نتعود عليه في علاقتنا مع الأسرة الحاكمة. لقد اصبح الاقتراب من الشيخ صباح بحد ذاته لدى من يحرص على سمعته السياسية محفوفا بالمخاطر.. نعم فهناك من يتحاشى الاقتراب منه خوفا من ان يطلق عليه وصف المنافق بالنظر لشيوع هذا الوصف على المحيطين بالشيخ صباح!

ما اريد قوله في هذا المقال هو ان اسلوب ادارة الشيخ صباح للبلاد لا يتفق مع تراث الأسرة الحاكمة ولا يتماشى مع طبيعة العلاقة بين الشعب الكويتي والأسرة الحاكمة, كما انه لا ينتمي اطلاقا للمرحلة السياسية التي تمر بها المنطقة العربية بحكم تأثير تغير السياسة الدولية. صحيح ان فئة المنافقين والمتزلفين واصحاب المصالح والفاسدين ايضا دائما تراهم "يحومون" حول اصحاب القرار في كل زمان ومكان, الا ان الشيخ صباح منحهم الفرصة للتسيد وهم فئة منبوذة من الناس ولا تمثل اهل الكويت, وابعد في المقابل, بقصد او بدون قصد, الفئة المثقفة الواعية التي ترغب في خدمة الكويت دون مقابل. اما على مستوى "ضمير الحكم" فلم يتمكن الشيخ صباح حتى الآن من ممارسة دوره, كحاكم فعلي, بحياد الحكام الراسخ في ثقافة حكم اسرة الصباح, ولم تزل مع الأسف الافكار المناهضة للحريات متوهجة رغم الاصلاحات الشكلية هنا وهناك.

انني اتمنى من الشيخ صباح ان يعيد التفكير في اسلوب ادارته للبلاد فهو يملك الجرأة والشجاعة لتصحيح مساره في هذه المرحلة من حياته كما فعل بشأن فكرة وراثة الأحياء, وأظن ان أهل الكويت يستحقون من الشيخ صباح افضل مما يقدمه لهم الآن.. انهم يستحقون رد اعتبارهم وذلك بالتخلي عن اسلوب "الجاوية واللاوية"... ان ادارة البلاد اليوم لا تستدعي دفع الاموال ولا الاستعانة بالعناصر الفاسدة الساقطة.. فتكلفة حلفاء الشيخ صباح المالية والسياسية عليه وعلى البلاد ارتفعت... ومع ارتفاعها سقطت القيم.

هاشم
12-09-2005, 12:17 AM
منو فرقة حسب الله ؟؟ لا يكون المقصود اهو شرار ؟

Monk
12-10-2005, 09:13 AM
منو فرقة حسب الله ؟؟ لا يكون المقصود اهو شرار ؟

"فرقة احمد حسب الله" :)

هاشم
12-11-2005, 12:50 AM
اى بس منو احمد حسب الله ؟ نبى الإسم الكامل :confused: