المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإمام جعفر الصادق زمانه وفكره .....علي يوسف المتروك



مجاهدون
11-29-2005, 02:10 PM
جريدة الوطن


في مثل هذه الايام تمر ذكرى وفاة الإمام جعفر الصادق هذه الشخصية العلمية المعروفة المرموقة التي لا تحتاج الى تعريف، فقد ولد الإمام جعفر الصادق سنة 83 هجرية أي في نهاية القرن الاول وتوفي 148 هجرية أي في منتصف القرن الثاني وقد تميز هذا العصر بانفتاح العالم الاسلامي على الثقافات الاخرى حيث نشطت الترجمة وتناول العلوم الفلسفية وعلم الكلام كما ترجم الكثير من تلك الكتب من اللغة اليونانية الى اللغة العربية ليجعل الساحة الاسلامية تعج بمختلف الثقافات في عصره، وقد كثرت في ذلك العصر موجات الالحاد والتشكيك مما جعل الإمام الصادق يتصدى بقوة الى تلك الدعاوى التي نشطت في ذلك العصر، كما نشطت المدارس الفقهية التي كان من ابرزها مدرسة الإمام محمد النعمان الملقب بأبي حنيفة إمام المذهب الحنفي المعروف وكانت للإمام ابي حنيفة النعمان مع الإمام جعفر الصادق مناظرات ومساجلات معروفة نقلتها كتب الحديث والتاريخ، فقد سئل الإمام أبو حنيفة يوما من اعلم الناس؟ فقال:

اعلم الناس جعفر بن محمد فقيل له ما الدليل؟ فقال: دعاني الخليفة المنصور يوما ليطلب مني تجهيز وإعداد اربعين مسألة فقهية معقدة احرج بها الإمام جعفر الصادق امام الناس فذهبت حيث الاجتماع فأخذتني هيبة الإمام جعفر الصادق اكثر مما اخذتني هيبة المنصور رغم الفارق بينهما، واخذت اسأله المسألة تلو الاخرى فكان يجيبني على ثلاثة آراء مما يقوله اهل العراق وما يقوله اهل الحجاز وما تقوله مدرسة اهل البيت حتى اجاب عنها جميعا وهذه الطريقة في الاجابة التي اتبعها الإمام جعفر الصادق تدل على انفتاح الإمام على آراء وافكار المدارس الاخرى وهو ما يعرف اليوم بالفقه المقارن معتبرا ان العلم ليس احتكارا على فئة دون اخرى، كما انه كان شغوفا بتبادل الآراء ونقاش القضايا العلمية بشكل يخلو من التشنج والصلابة بالرأي فهو لا يقول نحن من نملك الحقيقة والآخرون لا يملكون الا الهواء.

كانت مدرسة الإمام جعفر الصادق يؤمها الكثيرون من مختلف المذاهب والآراء وحتى الدهريون أو ما يطلق عليهم بالزنادقة في ذلك الزمان والملحدون ومنهم ابن العوجاء وأبو شاكر وغيرهم ممن يطرحون مسائل التشكيك والخلاف، وكان الإمام يجادلهم بالتي هي احسن رغم ما هم عليه من الالحاد. وكان الإمام يدعو شيعته ومحبيه من اهل البيت ان يتحلوا بالاخلاق وان يواجهوا الحجة بالحجة بمنطق سليم يخلو من التشنج وان يندمجوا في مجتمعاتهم ويدعوهم الى التفقه في الدين وينهى عن الجدال الذي ليس من ورائه طائل، وتلك كانت اخلاق ائمة اهل البيت ممن سبقوه أو لحقوه صلوات الله عليهم اجمعين.