المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تيد كوبيل: نحو غروب الشمس .. مع بروكو وراذر وجيننغز



زهير
11-28-2005, 03:22 PM
http://www.asharqalawsat.com/2005/11/27/images/media.335424.jpg


تقاعد، في الاسبوع الماضي، تيد كوبيل، مقدم برنامج حوار ليلي في قناة «اي بي سي» منذ ربع قرن. وكما يقول المثل الاميركي، ركب حصانه، واتجه نحو غروب الشمس على الافق البعيد. ولحق بعمالقة نجوم التلفزيون الاخباري الاميركي الذين اثروا على الشعب الاميركي، وعلى حكوماته المتعاقبة (وعلى بقية العالم، بالتالي) لنصف قرن تقريبا.

سبقه دان راذر، مقدم اخبار تلفزيون «سي بي اس»، الذي تربى صحافيا في ولاية تكساس قبل ان يشتهر. وسبقه توم بروكو، مقدم اخبار تلفزيون «ان بي سي»، الذي فعل نفس الشيء في ولاية يوتا. وسبقه بيتر جيننغز، الصحافي الكندي الذي جاء الى اميركا، وفاز على زملائه في معرفته لخلفيات اخبار العالم.

وجاء، في الاسبوع الماضي، دور تيد كوبيل، الصحافي البريطاني الذي ولد في لانكشير من ابوين يهوديين هربا من المانيا خلال حكم ادولف هتلر. عمل في الصحافة، ثم جاء الى اميركا، ودرس الاتصالات العامة في جامعة ستانفورد، وبقي هنا، والتحق بتلفزيون «ابي بي سي» منذ ستين سنة، وظل هناك حتى الاسبوع الماضي.

وتفوق البريطاني كوبيل، مثل الكندي جننغز، على بقية نجوم اخبار التلفزيون الاميركي بالاطلاع على خلفيات اخبار العالم. وتفوق على جننغز لانه يتكلم اربع لغات: الانجليزية والفرنسية والروسية والالمانية. ولأنه جاء بلكنه بريطانية اعجبت الاميركيين، لكنها اختفت بعد سنوات قليلة.

استفاد كوبيل، مثل جننغز، من اخبار الشرق الاوسط لرفع اسهمه وسط المشاهدين الاميركيين. جننغز استفاد من السنوات التي قضاها في الشرق الاوسط، وفي بيروت خاصة، واشتهر خلال الحرب الاهلية اللبنانية وحرب اكتوبر. وكوبيل استفاد من ثورة ايران، بقيادة آية الله الخميني، واصبح ربما اكثر مراسل تلفزيون اميركي فهما لما كان يحدث هناك.

وخصصت له قناة «اي بي سي»، بسبب ذلك، وبعد احتجاز الدبلوماسيين الاميركيين في السفارة الاميركية في طهران، برنامجا ليليا لمتابعة الحدث الذي شغل بال الاميركيين كثيرا، حتى اطلق الايرانيون سراح الدبلوماسيين مع بداية سنة 1980. وبعد ذلك حولت القناة البرنامج الى «نايت لاين»، برنامج مقابلات ليلية ابدع فيه كوبيل حتى الاسبوع الماضي.

وقال توم شيل، محرر صفحة التلفزيون في جريدة «واشنطن بوست»، ان كوبيل نجح في برنامج «نايت لاين» لاكثر من سبب:

اولا، «كان اكثر معرفة بخلفيات اخبار العالم، وبتفاصيلها من مقدم اي برنامج نافسه كل ليلة».

ثانيا، «كان يسأل سؤال الذي يريد ان يتعلم. لم يسأل في حماس وتحد. ولم يسأل في جهل وغباء».

ثالثا، «تحول من اسئلة جمع المعلومات الى اسئلة التفكير. كان يريد ان يفكر مع الشخص الذي يسأله».

وخلال حفل وداعه، قدم لقطات من ربع قرن قضاها يقدم برنامج «نايت لاين». مشى، قبل عشر سنوات، الى جوار الرئيس كلنتون، على كوبري في براغ، بعد خلاص تشيكوسلوفاكيا من الحكم الشيوعي. وقابل، قبل اثني عشر عاما، ديزموند توتو، اسقف جنوب افريقيا، وقال له: «اصبحت منارة في عصرك». وقابل، مرات كثيرة، هنري كيسنغر، وزير خارجية اميركا السابق، وقال له مرة: «حاولت القضاء عليك، لكنك نجوت». وربما بسبب مثل هذه النجاحات، قال عن نفسه في حفل وداعه: «اليوم اكلمت حياتي».

لماذا اوقف تلفزيون «اي بي سي» هذا البرنامج الناجح؟ اولا، قال مسؤولون في ادارة التلفزيون انهم يريدون «تجربة نوع جديد من العمل التلفزيوني». لكن هذا كلام بيروقراطي معناه انهم لا يريدون كوبيل. ثانيا، بلغ عمر البرنامج خمس وعشرين سنة، وحسب دورات الحياة التلفزيونية، ربما جاء وقت استبداله. ثالثا، انخفضت نسبة الذين يشاهدون البرنامج، بسبب كثرة برامج المقابلات الاخبارية المنافسه، خاصة برامج الكيبل. رابعا، ابتعدت القنوات التلفزيونية الاميركية عن برامج كبار السن، وركزت على برامج جيل العشرينات والثلاثينات الذي يهتم بالمناقشات الاخبارية الجادة مثل الجيل الذي سبقه. خامسا، تعب كوبيل نفسه، او قل حماسه، وبدأ يغيب عن برنامجه.

لم يقل كوبيل ذلك في حفل وداعه، لكنه ركز على السبب الرابع، وهو ابتعاد الجيل الجديد عن البرامج السياسية الجادة. وقال: «أسال الذين يأتون الى الاستوديو، ويريدون نصيحتي، عن متابعتهم لما يجري حولهم، وأحس بأنهم لا يتابعونه كما يجب». قال ذلك بصوته الهادئ العميق، وكأنه يتأمل. لكنه لم يقل ما يعرف هو، وما يعرف كثير من الناس، وهو ان تلفزيون «اي بي سي» سيستبدل برنامج «نايت لاين»، ببرنامج يقدمه ثلاثة اشخاص، ثم، بعد فترة انتقالية، سيبدأ برنامج منوعات وفكاهيات، لكسب الجيل الجديد.