المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المسلسلات السورية.. باب رزق لسكان القرى والحارات



مرتاح
11-27-2005, 04:47 PM
السكان يتحولون إلى ممثلين ويؤجرون بيوتهم الريفية وسياراتهم القديمة وحيواناتهم


دمشق: هشام عدرة

مع كثرة الأعمال والمسلسلات التلفزيونية المنتجة في سورية، في السنوات الأخيرة، التي ساعدت على خلق فرص عمل لكثيرين من فنانين وفنيين، وحتى كومبارس وعاملين مؤقتين، تشغلهم الشركات الانتاجية حتى انتهاء العمل في المسلسل لمساعدة كادر العمل فيه. ومع أن بعض الأعمال تصور في الاستوديوهات والشقق أو الفيلات، إلا أن الكثير من المسلسلات قام القائمون عليها والشركات المنتجة حتى القطاع الخاص والقطاع العام بنقل تصوير هذه الأعمال إلى مواقع شعبية، حيث تتوفر فيها مستلزمات البنية المناسبة لجو العمل، ومنها القرى البعيدة عن دمشق، وحتى الحارات الشعبية الدمشقية التي بدأت تستقبل وبشكل دائم كوادر عمل هذه المسلسلات مع كاميراتهم وفنانيهم. ومع هذا الانتقال إلى الأرياف والحارات الشعبية، ظهرت أبواب جديدة لكسب الرزق للساكنين في هذه القرى والحارات، حيث ينتظرون بفارغ الصبر مجيء مسلسل ليصور عندهم، قال أحد المهتمين، وهو من العاملين في إحدى الشركات الانتاجية لـ«الشرق الأوسط»، عندما يقرر المنتج والمخرج الذهاب إلى قرية ما أو منطقة ما، بعد استطلاع المكان عدة مرات، ونخيم هناك لتنفيذ وتصوير المسلسل، فإن أهل القرية أو الحارة، يكون عندهم عيد ومناسبة فرحة، فهم كما يقولون، سعيدون بأن مجموعات من الناس جاءت لعندهم وستظل أشهراً، حسب فترة تصوير المسلسل، وهم سعيدون أيضاً بأن أبناءهم سيجدون فرص عمل مع هذه المسلسلات، فغالباً ما يقوم المخرج ومدير الانتاج بالاستفادة من أهالي القرية وشبابها وتشغيلهم «كومبارس» أو في تخديم المسلسل وهذا كله مقابل أجر مغر مادياً، قد لا يحصل عليه أهالي القرية في حياتهم. كما يقوم المنتج بالاستفادة من بيوت القرية لتصوير المسلسل ويقدم أيضاً أجورا مجزية لأصحابها، وإضافة لذلك وحسب أجواء المسلسل ومستلزماته وبنية العمل وتاريخ القصة، ففي كثير من الأحيان يحتاج المخرج الى سيارات قديمة، من موديلات الخمسينات أو حافلات قديمة أيضا، وهذه غالباً ما نجدها في الأرياف، ولذلك نستأجرها من أصحابها بأجور مغرية جداً.

كذلك نستأجر أحياناً الأبقار والحمير، إذا كانت قصة المسلسل بحاجة لذلك. وأحدهم قال لنا مرة: باصي عمره أربعون عاماً وهو يقدم إلي سنوياً حوالي 25 ألف ليرة، فأنا استخدمه في نقل ركاب القرية إلى المدينة وأنتظر طول النهار ليعودوا معي، وأنتم في عشرة أيام قدمتم لي ما أحصل عليه خلال عام، أرجوكم خذوه باستمرار لمسلسلاتكم.. والكثيرون فعلاً يعرضون علينا مثل هذه المستلزمات، مثل سيارات «البيك آب» وسيارات الشحن الصغيرة أو الكبيرة، ويظنون أننا بحاجة إليها بشكل دائم، ويتحسرون عندما يعلمون أن الحاجة إليها فقط لمسلسل واحد وليس لكل المسلسلات.

أحد المخرجين السوريين، الذي نفذ عدة مسلسلات لصالح التلفزيون السوري في الأرياف والحارات الشعبية الدمشقية قال لـ«الشرق الأوسط»: على الرغم من حرارة الاستقبال والحفاوة التي نحاط بها، عندما نخيم في قرية ما أو حارة أو منطقة للعمل، إلا أنه في كثير من الأحيان تربكنا هذه الحفاوة الزائدة، فأهالي الريف طيبون ويحاولون دائماً أن يظهروا عادات الكرم وحسن الضيافة أمامنا، ولذلك يأتون إلينا أثناء التصوير والعمل لنذهب معهم إلى الغداء أو العشاء ويصرون على ذلك، ولا يعرفون أن التصوير في أوقات معينة ضروري، وحسب المشاهد ليلاً أو نهاراً، وبالتالي يزعلون منا، حتى نفهمهم أن العمل يمنعنا من الذهاب معهم، واننا سنذهب معهم في أوقات الراحة. وهناك أيضاً ما يؤخر عملنا ويؤخر إنجاز تصوير المسلسل أحياناً، وهو عدم دراية أهالي بعض المناطق والقرى بأن أي صوت لدراجة نارية أو جرار قريب من موقع التصوير يؤثر على المشهد وسنضطر إلى إعادته عدة مرات. كما أننا نعاني كثيراً من تجمهر بعض الأهالي أثناء التصوير لمشاهدة كيفية التصوير أو للتحدث مع ممثل أو ممثلة، عرفوا أنها تعمل في المسلسل وأنها جاءت للقرية لتصوير دورها، وبالتالي هذا يؤخر عملنا كثيراً، ونضطر إلى تأجيل التصوير أو نقله إلى مكان أبعد حتى ننجز تصوير المشهد.

مخرج آخر قال لنا: في أحد المسلسلات الدي صورناه في قرية ثانية قمنا بتشغيل العديد من شباب القرية كمستخدمين وكومبارس في المسلسل وأحدهم وضعناه حارساً على الآلات والكاميرات والألبسة، مقابل أجور مغرية. وفوجئت في اليوم التالي أن الحارس قام بتعطيل الكاميرا مع أحد زملائه، حيث كما قال لنا في ما بعد، أن زميله حاول أن يصور كما يفعل مصور المسلسل وقام هو بأداء مشهد كما فعل الفنان أثناء تصوير المشهد، واضطررنا لإرسال الكاميرا إلى دمشق وانتظرنا أكثر من يومين حتى حصلنا على كاميرا أخرى. والمشكلة أن كل ما نستطيع فعله مع هذا الحارس هو الاستغناء عن خدماته فقط، فهو ليس موظفاً في شركة الانتاج.