سلسبيل
11-27-2005, 07:39 AM
أروى عاصم
بي بي سي ـ لندن
الجنرال شارون "دموي أم بطل"
في صفحة الرأي بصحيفة الاندبندنت يكتب يوهان هاري مقالا عن الصورة التي يحاول شارون ومساعدوه رسمها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه حمامة سلام ويحذر من أن هذه المحاولة هي كمين آخر ينصب للفلسطينيين.
ويبدأ كاتب المقال برسم سيناريو لفيلم خيالي عن كيفية إيمان "الجنرال الدموي" البالغ من العمر 77 عاما بقضية السلام أخيرا. ويبدأ الفيلم المتخيل بمشهد لشارون في شبابه عندما كان قائدا للوحدة 101 التي أحرقت وأرهبت قرى فلسطينية عدة، ثم تقفز الكاميرا خمسين عاما لنرى في المشهد التالي شارون يتناول السمك وإلى جواره أبو مازن يتناقشان حول مستقبل القدس الشرقية في حين يلعب أحفاده إلى جواره.
ويقول المقال إن الكثير من الإسرائيليين الذين تعبوا من حرب الاستنزاف التي تعيشها البلاد منذ إقامتها صدقوا هذه الصورة، بعد أن اقتنعوا بالتغيرات التي طرأت على فكر شارون ويستشهدون على ذلك بأنه زعيم إسرائيلي شهدت حياته تفكيك كتلتين استيطانيتين كبيرتين هما سيناء عام 1982 وغزة عام 2005. كما أنه أشعل المشهد السياسي الإسرائيلي باستقالته من الليكود وتشكيل حزب وسطي جديد يروج له على أنه يسعى لتحقيق اتفاقية سلام دائمة وإقامة دولة فلسطينية.
لكن الحقائق لا تدعم هذه الصورة الخيالية، لأن شارون، حسب الكاتب، قد كرس حياته لتدمير أي فرصة للسلام وحرمان الفلسطينيين من إقامة أي دولة قابلة للاستمرار. كما أن جميع بياناته تؤكد استمرار خطته، والدليل على ذلك ما قاله كبير واضعي استراتيجياته السياسية ايال اراد مؤخرا إن فكرة الأرض مقابل السلام "خاطئة فلسفيا وساذجة سياسيا"، وإصراره على أن شارون لن يعود إلى الخط الأخضر مع حزبه الجديد.
على الرغم من هذا فإن العالم كله أُخذ باللهجة الخطابية لشارون واقتنع بأنه رجل سلام وسطي، متجاهلا مواقفه الواضحة، فيما يرجعه الكاتب جزئيا إلى إساءة العالم فهم التغير الذي حدث للفكر الشاروني. والكاتب لا ينفي أن شارون تغير بالفعل، لكن هذا التغير جاء من تخليه عن قناعاته بإقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، والاكتفاء بإقامة دولة إسرائيلية على أراضي فلسطين التاريخية تكون فيها الغلبة السكانية لليهود.. لكن هذا التحول في الموقف لا يعني اقتناع شارون بقضية السلام أو بإقامة دولة فلسطينية يمكن أن تلقى قبولا حتى من المعتدلين من الفلسطينيين. وهو ما يدفع الكاتب للاستنتاج بأن محاولة تصوير شارون على أنه حمامة سلام سيؤدي إلى إحباط جديد للفلسطينيين.
وعلى النقيض من تحليل الاندبندنت يكتب جيف باراك رئيس تحرير صحيفة Jewish chronicle مقالا يمتدح فيه شارون الذي يصفه تارة بالبطل وأخرى بالمحارب العظيم ومرة بالجنرال المحنك. ويخصص الكاتب المقال لتحليل كيفية تمكن "المستوطن الإسرائيلي العظيم" من زعزعة ثقة معارضيه.
ويقارن المقال الخطوة التي اتخذها شارون بالاستقالة من حزب الليكود وتشكيل حزب وسطي بالتفافه حول القوات المصرية في حرب 1973، لكن هذه المرة فالأعداء في الداخل، وهو ما يعيد إلى الأذهان انتصارات بطل إسرائيل. ويرى الكاتب أن تلك الخطوة التي أقدم عليها شارون مقامرة كبرى استهدفت تجنب تعرضه لهزيمة مهينة إذا ما خاض الانتخابات وهو في صفوف حزب الليكود الذي عارض أغلبية أعضائه خطة الانسحاب من قطاع غزة. وبهذه الطريقة يمكن لرئيس الوزراء أن يقود إسرائيل في الاتجاه الذي يراه صحيحا.
ويقول الكاتب إن شارون اعتمد في تنفيذ خطة الانسحاب على تأييد الأغلبية الصامتة له، وعلى الرغم من أن التاريخ لا يقف في صف رؤساء الحكومات الإسرائيلية المنتمين لأحزاب الوسط فان هناك عدة عوامل تدعم موقف شارون: فهو أول رئيس وزراء حالي يتزعم حزبا وسطيا، وبعد نجاحه في هزيمة الانتفاضة الفلسطينية وتنفيذ خطة فك الارتباط فهو يحظى بشعبية بين الأغلبية غير المتدينة التي سئمت من الحرب والتطرف الديني.
ويرى الكاتب أنه إذا كان هناك من يكسر هيمنة قطبي السياسة الاسرائيلية، حزب العمل اليساري وحزب الليكود اليميني، فهو شارون بالتأكيد. ويعتبر المقال أن شارون وإن كان قد غير تكتيكاته فإن استراتيجيته لم تتغير وهي الحفاظ على كيان الدولة اليهودية على المدى الطويل.
بي بي سي ـ لندن
الجنرال شارون "دموي أم بطل"
في صفحة الرأي بصحيفة الاندبندنت يكتب يوهان هاري مقالا عن الصورة التي يحاول شارون ومساعدوه رسمها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه حمامة سلام ويحذر من أن هذه المحاولة هي كمين آخر ينصب للفلسطينيين.
ويبدأ كاتب المقال برسم سيناريو لفيلم خيالي عن كيفية إيمان "الجنرال الدموي" البالغ من العمر 77 عاما بقضية السلام أخيرا. ويبدأ الفيلم المتخيل بمشهد لشارون في شبابه عندما كان قائدا للوحدة 101 التي أحرقت وأرهبت قرى فلسطينية عدة، ثم تقفز الكاميرا خمسين عاما لنرى في المشهد التالي شارون يتناول السمك وإلى جواره أبو مازن يتناقشان حول مستقبل القدس الشرقية في حين يلعب أحفاده إلى جواره.
ويقول المقال إن الكثير من الإسرائيليين الذين تعبوا من حرب الاستنزاف التي تعيشها البلاد منذ إقامتها صدقوا هذه الصورة، بعد أن اقتنعوا بالتغيرات التي طرأت على فكر شارون ويستشهدون على ذلك بأنه زعيم إسرائيلي شهدت حياته تفكيك كتلتين استيطانيتين كبيرتين هما سيناء عام 1982 وغزة عام 2005. كما أنه أشعل المشهد السياسي الإسرائيلي باستقالته من الليكود وتشكيل حزب وسطي جديد يروج له على أنه يسعى لتحقيق اتفاقية سلام دائمة وإقامة دولة فلسطينية.
لكن الحقائق لا تدعم هذه الصورة الخيالية، لأن شارون، حسب الكاتب، قد كرس حياته لتدمير أي فرصة للسلام وحرمان الفلسطينيين من إقامة أي دولة قابلة للاستمرار. كما أن جميع بياناته تؤكد استمرار خطته، والدليل على ذلك ما قاله كبير واضعي استراتيجياته السياسية ايال اراد مؤخرا إن فكرة الأرض مقابل السلام "خاطئة فلسفيا وساذجة سياسيا"، وإصراره على أن شارون لن يعود إلى الخط الأخضر مع حزبه الجديد.
على الرغم من هذا فإن العالم كله أُخذ باللهجة الخطابية لشارون واقتنع بأنه رجل سلام وسطي، متجاهلا مواقفه الواضحة، فيما يرجعه الكاتب جزئيا إلى إساءة العالم فهم التغير الذي حدث للفكر الشاروني. والكاتب لا ينفي أن شارون تغير بالفعل، لكن هذا التغير جاء من تخليه عن قناعاته بإقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، والاكتفاء بإقامة دولة إسرائيلية على أراضي فلسطين التاريخية تكون فيها الغلبة السكانية لليهود.. لكن هذا التحول في الموقف لا يعني اقتناع شارون بقضية السلام أو بإقامة دولة فلسطينية يمكن أن تلقى قبولا حتى من المعتدلين من الفلسطينيين. وهو ما يدفع الكاتب للاستنتاج بأن محاولة تصوير شارون على أنه حمامة سلام سيؤدي إلى إحباط جديد للفلسطينيين.
وعلى النقيض من تحليل الاندبندنت يكتب جيف باراك رئيس تحرير صحيفة Jewish chronicle مقالا يمتدح فيه شارون الذي يصفه تارة بالبطل وأخرى بالمحارب العظيم ومرة بالجنرال المحنك. ويخصص الكاتب المقال لتحليل كيفية تمكن "المستوطن الإسرائيلي العظيم" من زعزعة ثقة معارضيه.
ويقارن المقال الخطوة التي اتخذها شارون بالاستقالة من حزب الليكود وتشكيل حزب وسطي بالتفافه حول القوات المصرية في حرب 1973، لكن هذه المرة فالأعداء في الداخل، وهو ما يعيد إلى الأذهان انتصارات بطل إسرائيل. ويرى الكاتب أن تلك الخطوة التي أقدم عليها شارون مقامرة كبرى استهدفت تجنب تعرضه لهزيمة مهينة إذا ما خاض الانتخابات وهو في صفوف حزب الليكود الذي عارض أغلبية أعضائه خطة الانسحاب من قطاع غزة. وبهذه الطريقة يمكن لرئيس الوزراء أن يقود إسرائيل في الاتجاه الذي يراه صحيحا.
ويقول الكاتب إن شارون اعتمد في تنفيذ خطة الانسحاب على تأييد الأغلبية الصامتة له، وعلى الرغم من أن التاريخ لا يقف في صف رؤساء الحكومات الإسرائيلية المنتمين لأحزاب الوسط فان هناك عدة عوامل تدعم موقف شارون: فهو أول رئيس وزراء حالي يتزعم حزبا وسطيا، وبعد نجاحه في هزيمة الانتفاضة الفلسطينية وتنفيذ خطة فك الارتباط فهو يحظى بشعبية بين الأغلبية غير المتدينة التي سئمت من الحرب والتطرف الديني.
ويرى الكاتب أنه إذا كان هناك من يكسر هيمنة قطبي السياسة الاسرائيلية، حزب العمل اليساري وحزب الليكود اليميني، فهو شارون بالتأكيد. ويعتبر المقال أن شارون وإن كان قد غير تكتيكاته فإن استراتيجيته لم تتغير وهي الحفاظ على كيان الدولة اليهودية على المدى الطويل.