فاتن
11-25-2005, 08:39 AM
رؤيته للسماء والصخور والسهول في معرض ميتروبوليتان
بعد وقت قصير من وصول الفنان فنسنت فان غوخ الى مقاطعة بروفنس الفرنسية العام 1888 كتب رسالة الى شقيقه تيو يحدثه عن منظر جميل اعجبه هناك وهو »دير مهدم على قمة هضبة مغطاة بالآس البري والصنوبر واشجار الزيتون«, وكان بذلك يصف »دير مونماجور« الذي كان محاطاً بحقول واسعة من كروم العنب والقمح.
وحين حاول فان غوخ الصعود الى قمة الهضبة في شهر يونيو من تلك السنة, جوبه برياح موسمية قوية منعته من وضع منصب الرسم, اضافة الى وجود البعوض الذي ازعجه, لكنه يفخر في رسالته الى شقيقه بقدرته على تحدي كل ذلك وانه استطاع ان يرسم ما يريد.
وهذه الاعمال التي استطاع الفنان رسمها ستكون موضوع معرض خاص يقدم رؤيته للسماء والصخور والسهول عبر موجات من الحركات الالتفافية والنقاط والخطوط والخربشات ليصور انماطا من الحركة تعبر عن اندفاعات الريح وتمايل اغصان الزيتون وانحناءات الاشجار.
كما ان الوانه وريشته تقدمان حركة الحقول المتراجعة امام تلك الريح القوية بشكل يبدو كل شيء وكأنه يتبخر عند خط الافق.
ويمكن القول ان في امكان المرء ان يحس عبر هذه اللوحات بكل ما له صلة بلون الارض البني الغامق والحقول الصفراء الليلكية والسماء الزرقاء الرمادية في لوحات مرسومة بالابيض والاسود.
والحقيقة ان هذه الاعمال تحمل رؤية فان غوخ للطبيعة باعتبارها جزءاً من الالهام الالهي وهو ما كان يشكل جزءاً من افكار »الحركة الاصلاحية« الهولندية التي كان رائدها ومؤسسها.
لقد كانت الطبيعة بالنسبة لفان غوخ شيئاً فوق الطبيعي ومثلما تظهر هذه الاعمال اعلاءه شأن المناظر الريفية الطبيعية تؤكد ايضا انه كان يتلمس الحالة الانسانية في القدرة على التحليل البصري.
ومثلما كان فان غوخ يجد في اللوحة متنفسا له كان يجد في الرسائل والرسوم التي يرسلها لشقيقه واصدقائه الموثوقين مصدراً للتوازن والاستقرار اللذين يبدو انه لم يكن يجدهما في اي مكان اخر.
ولذلك يضم المعرض الذي يقام في متحف ميتروبوليتان للفن كل ما له علاقة بمسار رحلة فان غوخ الفنية ابتداء من اعماله الرديئة التي رسمها حين كان يقدم صوراً مملة بدائية للفلاحين الى ان تحول الى محترف بارع, وتشير اعماله في بداياتها الى ان الشخص الذي رسمها لا ينتظره اي مستقبل متميز وهذا ما يبدو واضحاً في اعمال من هذه المرحلة مثل تلك التي تصور رجلاً معمراً يجلس امام الموقد او امرأة تعمل على آلة الخياطة.
في مرحلة معينة من حياته عاش فان غوخ لحظات من التعثر الشديد حين عمل تاجر لوحات فنية ومعلماً وبائع كتب ثم مبشرا انجيليا بين عمال مناجم الفحم البلجيكيين وحين توجه الى الرسم في العام 1880 وكان عمره 27 سنة, شعر ان عليه ان يعوض كثيرا من الوقت الضائع وكانت بداية شاقة وصعبة اعتمد فيها على كتب تعليم الرسم واستخدم اطاراً مصنوعاً من الخشب يساعده في رسم المنظور في مناظره الطبيعية, كما عمل على الدمج بين اساليب كثيرة استفاد فيها من ميليه وبريتون الى ان اختار الانطباعية منتصف ثمانينات القرن التاسع عشر.
وهذه المرحلة شهدت ولادة اهم اعماله التي نبعت من ذاته عبر تقديم مناظر طبيعية تميزت بغرابتها وجديتها الوقورة وكان منها صور فلاحة تجمع موسم الذرة, وهي اللوحة التي يقال ان الفنان فيغا طلبها لنفسه.
في تلك المرحلة كان فان غوخ يتعمد تقديم صورة مشوهة لاشخاصه وقد رد على احد اصدقائه الذين لاموه على هذا التوجه بالقول »قولوا له كنت سأشعر باليأس لو ان اشخاصي كانوا في حالة صحيحة حسب المعايير الاكاديمية لا اريدهم ان يكونوا صحيحين الفنان الحقيقي لا يرسم الاشياء كما هي وبطريقة تحليلية جافة وانما يرسمها كما يحس بها انا معجب بأشخاص مايكل انجلو لان سيقانهم اطول من اللازم واردافهم واكتافهم كبيرة جداً ما الح عليه بالدرجة الاولى هو ان اجعل هذه التشوهات والانحرافات وحالات اختلال التوازن في الواقع شيئاً يبدو غير صحيح لكنه في الوقت ذاته اكثر صحة من الحقيقة الحرفية.
والحقيقة ان مثل هذا التصريح يمكن اعتباره بمثابة بيان ولادة الحداثة على يد هذا الفنان الذي كان يرى اي عملية تجديد فنية بمثابة تأسيس جديد لذاته ومع وصول فان غوخ الى مصحة سان ريمي العقلية يمكن القول انه كان قد اكمل مسيرته التي سجل فيها كل خطوات حياته عبر سلسلة طويلة من الرسوم القادرة على تنفس الهواء والضوء حتى بعد توقف تنفس فان غوخ الذي اخبر شقيقه تيو قبل ان يطلق النار على نفسه قائلاً »لا ازال احب الفن والحياة كثيراً«.
بعد وقت قصير من وصول الفنان فنسنت فان غوخ الى مقاطعة بروفنس الفرنسية العام 1888 كتب رسالة الى شقيقه تيو يحدثه عن منظر جميل اعجبه هناك وهو »دير مهدم على قمة هضبة مغطاة بالآس البري والصنوبر واشجار الزيتون«, وكان بذلك يصف »دير مونماجور« الذي كان محاطاً بحقول واسعة من كروم العنب والقمح.
وحين حاول فان غوخ الصعود الى قمة الهضبة في شهر يونيو من تلك السنة, جوبه برياح موسمية قوية منعته من وضع منصب الرسم, اضافة الى وجود البعوض الذي ازعجه, لكنه يفخر في رسالته الى شقيقه بقدرته على تحدي كل ذلك وانه استطاع ان يرسم ما يريد.
وهذه الاعمال التي استطاع الفنان رسمها ستكون موضوع معرض خاص يقدم رؤيته للسماء والصخور والسهول عبر موجات من الحركات الالتفافية والنقاط والخطوط والخربشات ليصور انماطا من الحركة تعبر عن اندفاعات الريح وتمايل اغصان الزيتون وانحناءات الاشجار.
كما ان الوانه وريشته تقدمان حركة الحقول المتراجعة امام تلك الريح القوية بشكل يبدو كل شيء وكأنه يتبخر عند خط الافق.
ويمكن القول ان في امكان المرء ان يحس عبر هذه اللوحات بكل ما له صلة بلون الارض البني الغامق والحقول الصفراء الليلكية والسماء الزرقاء الرمادية في لوحات مرسومة بالابيض والاسود.
والحقيقة ان هذه الاعمال تحمل رؤية فان غوخ للطبيعة باعتبارها جزءاً من الالهام الالهي وهو ما كان يشكل جزءاً من افكار »الحركة الاصلاحية« الهولندية التي كان رائدها ومؤسسها.
لقد كانت الطبيعة بالنسبة لفان غوخ شيئاً فوق الطبيعي ومثلما تظهر هذه الاعمال اعلاءه شأن المناظر الريفية الطبيعية تؤكد ايضا انه كان يتلمس الحالة الانسانية في القدرة على التحليل البصري.
ومثلما كان فان غوخ يجد في اللوحة متنفسا له كان يجد في الرسائل والرسوم التي يرسلها لشقيقه واصدقائه الموثوقين مصدراً للتوازن والاستقرار اللذين يبدو انه لم يكن يجدهما في اي مكان اخر.
ولذلك يضم المعرض الذي يقام في متحف ميتروبوليتان للفن كل ما له علاقة بمسار رحلة فان غوخ الفنية ابتداء من اعماله الرديئة التي رسمها حين كان يقدم صوراً مملة بدائية للفلاحين الى ان تحول الى محترف بارع, وتشير اعماله في بداياتها الى ان الشخص الذي رسمها لا ينتظره اي مستقبل متميز وهذا ما يبدو واضحاً في اعمال من هذه المرحلة مثل تلك التي تصور رجلاً معمراً يجلس امام الموقد او امرأة تعمل على آلة الخياطة.
في مرحلة معينة من حياته عاش فان غوخ لحظات من التعثر الشديد حين عمل تاجر لوحات فنية ومعلماً وبائع كتب ثم مبشرا انجيليا بين عمال مناجم الفحم البلجيكيين وحين توجه الى الرسم في العام 1880 وكان عمره 27 سنة, شعر ان عليه ان يعوض كثيرا من الوقت الضائع وكانت بداية شاقة وصعبة اعتمد فيها على كتب تعليم الرسم واستخدم اطاراً مصنوعاً من الخشب يساعده في رسم المنظور في مناظره الطبيعية, كما عمل على الدمج بين اساليب كثيرة استفاد فيها من ميليه وبريتون الى ان اختار الانطباعية منتصف ثمانينات القرن التاسع عشر.
وهذه المرحلة شهدت ولادة اهم اعماله التي نبعت من ذاته عبر تقديم مناظر طبيعية تميزت بغرابتها وجديتها الوقورة وكان منها صور فلاحة تجمع موسم الذرة, وهي اللوحة التي يقال ان الفنان فيغا طلبها لنفسه.
في تلك المرحلة كان فان غوخ يتعمد تقديم صورة مشوهة لاشخاصه وقد رد على احد اصدقائه الذين لاموه على هذا التوجه بالقول »قولوا له كنت سأشعر باليأس لو ان اشخاصي كانوا في حالة صحيحة حسب المعايير الاكاديمية لا اريدهم ان يكونوا صحيحين الفنان الحقيقي لا يرسم الاشياء كما هي وبطريقة تحليلية جافة وانما يرسمها كما يحس بها انا معجب بأشخاص مايكل انجلو لان سيقانهم اطول من اللازم واردافهم واكتافهم كبيرة جداً ما الح عليه بالدرجة الاولى هو ان اجعل هذه التشوهات والانحرافات وحالات اختلال التوازن في الواقع شيئاً يبدو غير صحيح لكنه في الوقت ذاته اكثر صحة من الحقيقة الحرفية.
والحقيقة ان مثل هذا التصريح يمكن اعتباره بمثابة بيان ولادة الحداثة على يد هذا الفنان الذي كان يرى اي عملية تجديد فنية بمثابة تأسيس جديد لذاته ومع وصول فان غوخ الى مصحة سان ريمي العقلية يمكن القول انه كان قد اكمل مسيرته التي سجل فيها كل خطوات حياته عبر سلسلة طويلة من الرسوم القادرة على تنفس الهواء والضوء حتى بعد توقف تنفس فان غوخ الذي اخبر شقيقه تيو قبل ان يطلق النار على نفسه قائلاً »لا ازال احب الفن والحياة كثيراً«.