المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصداقية الشيوخ ......محمد عبدالقادر الجاسم المحامي



زهير
11-23-2005, 12:12 AM
محمد عبدالقادر الجاسم المحامي



قبل الدخول في مقال هذا الاسبوع أود ان انوه الى انه ابلغني احد السياسيين المتابعين والراصدين للحياة السياسية في الكويت ممن كانت لهم صلة مباشرة بالمرحوم الشيخ جابر العلي تعليقا على ما ورد في المقال السابق بشأن عدم وجود صلة بين حل مجلس الامة عام 1976 وبين ترتيبات بيت الحكم, ان حل المجلس آنذاك كانت له صلة مباشرة, وعلى خلاف ما ذكرت انا, بقضية ولاية العهد. حيث قال انه في تلك الفترة تردد ان المرحوم الشيخ صباح السالم الصباح (الذي توفي في نهاية عام 1977) مصاب بمرض عضال, وانه وان كانت خلافته محسومة لولي عهده, فإن اختيار ولي العهد الجديد, اي ولي العهد في مرحلة ما بعد الشيخ صباح السالم, كانت محل تنافس بين اكثر من شيخ ( الشيخ سعد والشيخ جابر العلي والشيخ صباح), وان قرار حل المجلس آنذاك كانت له صله قوية بالرغبة في تقليص نفوذ المرحوم الشيخ جابر العلي السالم في مجلس الأمة حيث كان يحظى بنفوذ مميز على عدد كبير من اعضاء مجلس 1976, لذلك كان من بين اهداف الحل "اضعاف" فرص المرحوم الشيخ جابر العلي في ولاية العهد اذا ما وصلت الأمور الى مرحلة ترشيح ثلاثة شيوخ لولاية العهد. وانا اذ اورد هذه المعلومة لابد ان اقرر انني لم اتحقق منها وانما أوردتها كما تلقيتها, وربما احصل على معلومات اضافية حولها.

صباح يوم السبت الماضي كنت اتحدث مع احد الاصدقاء حول اوضاعنا السياسية, فسألني ماهو موضوع مقالك القادم, فقلت لم اقرر بعد. فقال هل انتبهت للكلمة التي القاها الشيخ نواف الاحمد في اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة سلبيات النظام الانتخابي والتي نشرت في الصحف يوم الخميس. قلت في الواقع قرأت العناوين فقط فكلام "الشيوخ" عن الديمقراطية "ماخوذ خيره", والشيخ نواف من الشيوخ المحترمين ولا يمكن ان تصدر عنه اساءة او انتقاد حاد, او بعبارة اخرى لا يمكن ان يقول الشيخ نواف ما قد يثير الجدل. فقال الصديق بل اقرأ الموضوع وحتما سوف يلفت نظرك. وبالفعل قرأت الموضوع وها انا اجد نفسي اعلق عليه.

يترأس الشيخ نواف لجنة وزارية تم تشكيلها بتوجيه من الشيخ صباح مهمتها دراسة سلبيات النظام الانتخابي الحالي. وقال الشيخ نواف في افتتاح اجتماعات تلك اللجنة "اننا ننعم بنظام ديمقراطي راسخ في دستورنا" واضاف ان هناك "مظاهر غير مألوفة بدأت تطفو على السطح بملامحها القبلية والعشائرية والطائفية والفئوية".

في الواقع كان رد الفعل الاول على كلمة الشيخ نواف هو كلمة "معقولة"!
فمصداقية الشيوخ, وهم في السلطة, حول الديمقراطية معدومة, فلا احد يقوض الديمقراطية غيرهم ( راجع المقال السابق) ولا احد يشجع الطائفية والقبلية والعشائرية والفئوية غيرهم, ولا احد يحصد نتائج التوزيع الحالي للدوائر الانتخابية غيرهم, ولا احد يدعم الانتخابات الفرعية في بعض الدوائر غيرهم, ولا احد يمول اسوء المرشحين غيرهم ( راجع مقال الدكتور احمد الربعي القبس عدد السبت ) فهل يعقل ان يشكل مجلس الوزراء, وبتوجيه من الشيخ صباح, لجنة لدراسة سلبيات النظام الانتخابي الحالي ؟ من عليه هالكلام.. ما اظن تطوف على احد!!! او كما قال سعد الفرج في مسرحية حامي الديار " ودي ودي اصدق بس قوية قوية"!!

انا لست من انصار نظرية المؤامرة ولو كنت كذلك لقلت ان الهدف الحقيقي من وراء تشكيل اللجنة الوزارية هو التمهيد لحل مجلس الأمة بغير الطريق الدستوري على نمط ما حدث عام 1976 بعد حل مجلس الأمة حين رفعت السلطة شعار " التأمل والمراجعة" فكانت نتيجة "تأمل" الشيوخ و"مراجعتهم" هي العمل على تنقيح الدستور!!

اننا لسنا بحاجة الى مراجعة سلبيات النظام الانتخابي, فتلك السلبيات معروفة بل نحن بحاجة الى مراجعة سلبيات الفكرالذي يسعى الى تقويض الديمقراطية والذي يريد عودة عهد الفداوية, والذي يسعى بكل ما لدى اركانه من قوة الى افساد الناس... اننا بحاجة الى مراجعة كيف تعامل الشيخ صباح مع استجواب الوزير السابق يوسف الابراهيم, وكيف تعامل مع تمرير حقوق المرأة السياسية, وكيف تخطط الحكومة لتمرير قانون حقول الشمال, وكيف تدار الانتخابات البرلمانية, وكيف توجه الاصوات في انتخابات رئاسة ولجان مجلس الأمة, وكيف تتعامل الحكومة مع المعلومات المتوافرة لديها حول الفساد, وكيف تعاملت الحكومة مع قضية هاليبرتن وكيف يتم ارساء بعض المناقصات, وكيف يتم التعامل مع التجنيس, وكيف يتم التعامل مع حرية الصحافة والتعبير عن الرأي, وكيف يتم التعامل مع ترتيبات بيت الحكم.

اننا باختصار شديد وبكل صراحة نحتاج الى مراجعة كيف تم التعامل مع الغزو العراقي قبل وقوعه, وكيف كانوا يصورونه على انه "سحابة صيف"!! فلنقرأ تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس الأمة بشأن الغزو العراقي, والذي لم يتم نشره في حينه, كي نعرف مكمن الخلل في كل امورنا وليس في نظامنا الانتخابي!

ان مصادر الخلل في البلاد معروفة وهي تتلخص بسيطرة "فكر" غير قابل للتطور.. هو "فكر" متخلف.. "فكر" غير قادر على الارتقاء ويريد لنا ان ننحدر الى مستواه. "فكر" اقصى رجال الدولة.. "فكر" يطرب للنفاق والفساد.. "فكر" يكره الحرية حين يمارسها الناس.. "فكر" يقود البلاد نحو التفرد بالقرار.. انه "فكر" مغرور يتعالى على الناس ولا يريد الخير لهم. ان مشكلتنا في الكويت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار, فلسنا بحاجة الى مراجعة سلبيات النظام الانتخابي ولا الى لجنة وزارية ترشدنا الى مصدر الخلل..فعلتنا في "بطنا"!!

ان الشيخ نواف لم يخطأ حين قال ان نظامنا الديمقراطي راسخ في الدستور فهذا القول صحيح لأن نظامنا الديمقراطي وان ترسخ في الدستور الا انه لم يترسخ بعد في عقول بعض الشيوخ! اما ما وصفه الشيخ نواف بالمظاهر غير المألوفة التي "بدأت" تطفو على السطح فأقول للشيخ نواف مع كل الاحترام والتقدير "بيه تو الناس" يا بوفيصل, فالقبلية والعشائرية والفئوية كانت ولم تزل الأداة التي تستخدمها السلطة لإحكام سيطرتها على مجلس الأمة منذ أول انتخابات لمجلس الأمة!!

ان المطلوب, ان صدقت النوايا, هو ان تراجع الأسرة الحاكمة اسلوبها في الحكم وادارة البلاد, وان تتخلى عن كل الاساليب التي لا تتفق مع نصوص الدستور وروحه ومعانيه ولا تتفق مع ثوابت العلاقة التي تحكمنا بهم, وان تتخلى عن استخدام المال لتعزيز السلطة, فأهل الكويت كلهم وبلا استثناء يكنون كل المودة والاحترام والتقدير للأسرة الحاكمة, وليس هناك من يفكر في إقصائها عن الحكم, لكنا جميعا نتمنى التخلي عن الفكر المتخلف في الحكم وابتعاد من يجسده أيا كان موقعه!!

ان الأسرة الحاكمة في الكويت ليست بحاجة الى استخدام المال ولا الى نشر الفساد كي تسود, وعلى من لا يستطيع تولى الادارة الا عن طريق الاستعانة بخدمات "فرقة احمد حسب الله" للتخريب والافساد ورشوة الناس وتقسيمهم الى طوائف وفئات ان "يريح ويرتاح".


19/11/2005