المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قناة {الحرة} تحت التحقيق .. ورئيسها ينتظر البديل



جليل
11-22-2005, 06:56 AM
الإعلام الأميركي الحكومي يواجه محنة قاسية داخليا وخارجيا

واشنطن: منير الماوري

المواطن العربي الذي يشاهد قناة «الحرة» الأميركية في منزله أو يستمع إلى راديو «سوا» في سيارته قد لا يعرف اسم الرجل المهم الذي يتحمل المسؤولية الأولى في الإشراف عليهما ويخضع للمساءلة كلما جرى الحديث عن اخفاقاتهما.

هذا المسؤول بدأ يتردد اسمه كثيرا في الصحافة الأميركية في الآونة الأخيرة باعتباره أهم قطب من أقطاب الإعلام الأميركي الممول من الخزينة العامة، إضافة إلى أنه يواجه سلسلة من الاتهامات الخطيرة المتعلقة بمخالفات قانونية جعلت المؤسسات التي يديرها تمر بمحنة قاسية وتخضع لتحقيقات ما زالت مستمرة. إنه كينيث توملينسون الذي ظل وقتاً طويلاً يرأس أهم مؤسستين تهيمنان على الإعلام العام في الولايات المتحدة ، وهما مؤسسة الإرسال العام "CPB" المناطة بها مسؤولية الإعلام الداخلي ، ومجلس أمناء البث الإذاعي "BBG" المكلف إدارة دفة الإعلام الخارجي، ومن ضمنه المحطات التابعة لصوت أميركا، إضافة إلى قناة «الحرة» وراديو «سوا».

وقد كشفت صحيفتا «لوس انجلس تايمز» و«واشنطن بوست» أن «توملينسون» قبل أن يستقيل من مؤسسة الإرسال العام ارتكب مخالفات قانونية يعاقب عليها القانون الفدرالي كما انتهك أنظمة المؤسسة ومعاييرها الأخلاقية. واستندت الصحيفتان في اتهاماتهما له بتقرير يتألف من 67 صفحة كان حصيلة تحقيق استمر ستة أشهر، أجراه المفتش العام «كينيث كونز» وخلص إلى نتيجة مفادها أن «توملينسون» تعدى حدوده وكسر أعراف المؤسسة.

وكشف التقرير أن «توملينسون» على صلة وثيقة بـ«كارل روف» المستشار القوي في البيت الأبيض الذي يعاني هو الآخر من محنة قاسية بسبب خضوعه للتحقيق في فضيحة تسريب اسم عميلة «سي آي ايه». وقد أقر المفتش العام أن «توملينسون» تبادل رسائل إلكترونية مع مسؤولين في البيت الأبيض من بينهم «روف» بشأن قضايا تخص العمل الإعلامي، وهو الأمر الذي يخل بالتوازن الجمهوري الديمقراطي المفترض الحفاظ عليه في المؤسسات الإعلامية العامة. محنة «توملينسون» في مؤسسة الإرسال يبدو أنها قد انتهت باستقالته من رئاسة المؤسسة ثم استقالته من عضوية مجلس إدارتها، ولكن متاعبه لم تتوقف في المؤسسة الأخرى وهي مجلس أمناء البث الذي ما زال يرأسه حتى الآن وهو مكون من ثمانية أشخاص، أربعة جمهوريون وأربعة ديمقراطيون إضافة إلى وزيرة الخارجية «كونداليزا رايس» التي تمثلها في اجتماعات المجلس «كيرين هيوز» وكيلة وزارة الخارجية لشؤون الدبلوماسية العامة. وتأتي قناة «الحرة» الناطقة باللغة العربية في مقدمة سلسلة المتاعب الحالية وربما المستقبلية التي يواجها «توملينسون» بسبب اتهامات مشابهة عن سوء الإدارة فيها ومبالغات في تصوير نجاح غير قائم على أرض الواقع.

وفي هذا الإطار عقدت لجنة الإشراف والتحقيقات المتفرعة من لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي جلسة استماع أولية في العاشر من نوفمبر جرى خلالها استجواب «توملينسون» وإلى جانبه رئيس قناة الحرة الذي أعلن مؤخراً استقالته، بيرت كلاينمان، وينتظر تعيين بديل له ليتمكن للعودة إلى أسرته في لوس أنجلوس، وكذلك مدير الأخبار في قناة «الحرة» الإعلامي «موفق حرب». وقد تزامنت جلسة الاستماع مع سلسلة مقالات في الصحف الأميركية تنتقد قناة «الحرة» ورئيس مجلس أمناء البث، وكان من بينها تحقيقاً مطولاً نشر على حلقتين في مجلة «أميركان بروسبكت» كتبه الصحافي «أرت ليفين» أشار فيها إلى متاعب أخرى يواجهها «حرب وتومليسون» تتعلق بقضية رفعها خمسة عاملون في صوت أميركا بسبب التفرقة ضدهم كونهم يحملون الجنسية الأميركية ومعظمهم من أصل مصري. كما تطرق المقال لجوانب كثيرة من الانتقادات تتعلق بعدم كفاءة العاملين وتركيز المسؤوليات الهامة في أيدي جنسية عربية واحدة، وعدم تكافؤ الفرص وتطبيق المعايير في عمليات التوظيف.

من جهتها انتقدت مسؤولة التواصل في قناة «الحرة» «داردي كلاين»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بالبريد الإلكتروني مقال «ليفين» ووصفته بانه «مليء بالتضليل والأخطاء والثرثرة من مصادر غير معلومة ومن موظفين سابقين ساخطين بالإضافة إلى البيانات التشهيرية ونود الإيضاح بأن الانتقادات الشخصية الخبيثة على الإدارة والعاملين في الحرة وفي مؤسسة إم بي إن «عديمة الأساس كليا». وأضافت الناطقة إن مؤسسة «إم بي إن» تمتثل وسوف تواصل الامتثال لكل القوانين الفدرالية وقوانين الولاية والقواعد المتعارف عليها كما أن صحافيي الحرة من بين أفضل الصحافيين في الصحافة الناطقة بالعربية. وتطرقت جلسة الاستماع في الكونغرس الى ما أسماه «دانا روهراباتشر» عضو مجلس النواب الأميركي بالطابع اللبناني للقناة، كما أثيرت قضية التعاقد مع شركات لبنانية أو مملوكة للبنانيين من بينها شركة «كوانتوم» للاتصالات في بيروت التي تقاضت من أموال دافع الضريبة الأميركي ملايين الدولارات في صفقات لم يكشف النقاب عن طبيعتها بعد. وأبدى بعض أعضاء اللجنة مخاوفهم من أن يكون الغرض من تلك العقود والصفقات مساعدة أخوان في لبنان، قائلين إن التحقيق الذي يقوم به المفتش العام يجب أن يوضح الحقائق.

وأقر «توملينسون» في إفادته أمام اللجنة أن مجلس أمناء البث طلب من المفتش العام التابع لوزارة الخارجية فحص جميع التعاقدات التي أجرتها قناة «الحرة» مع كل الشركات للتأكد من تماشيها مع القانون، كما بدأ المجلس بالعمل عن قرب مع مكتب المحاسبة العامة لمراجعة أوجه صرف الأموال في قناة «الحرة» منذ تأسيسها حتى الآن. ومن جانبه اعتبر «موفق حرب» أن قناة «الحرة» وراديو «سوا» مشروع حيوي في الحرب على الإرهاب، قائلا «إننا نعمل على تعزيز قضية الحرية والديمقراطية بحرفية صحافية». وقال «إننا نبث حالياً برنامجاً عن الإصلاح في السعودية ولا أعرف كيف سترد وسائل إعلامهم غداً أو بعد غد عن الحرة». واستشهد حرب باستطلاعات تقوم بها مؤسسة هي الوحيدة التي تعاقدت معها الحرة لإجراء استبيانات في العالم العربي، وهي مؤسسة «أي سي نيلسين» وأثبتت أن نسبة مشاهدة «الحرة» أسبوعياً وصلت إلى 46 في المائة. واتهم «حرب» قناتي «العربية» و«الجزيرة» بخدمة جمهور معاد للولايات المتحدة بشكل واضح.

وفي تبريره لوجود نسبة كبيرة من العاملين اللبنانيين في القناة مقارنة مع الجنسيات العربية الأخرى قال حرب، إن ذلك يعود إلى أن الحرة استفادت من إغلاق محطة تلفزيون في لبنان من قبل «الاحتلال السوري» وكان هناك «فريق جميل» جاهز تم استقطابهم فورا ولهذا جاء أوائل العاملين من لبنان ولدينا كتاب ومنتجون وصحافيون من مختلف أنحاء العالم العربي.

وقال «حرب» إن مشكلة العنصر اللبناني في القناة لم تعد قائمة كما كانت في البداية ، مستشهدا بوجود 12 مذيعا في «الحرة»، أربعة منهم من مصر وأربعة من لبنان وواحد قطري وواحد سوداني واثنان من فلسطين. وأضاف «نحن نحاول أن نعكس التنوع في العالم العربي». وأثار رئيس الجلسة موضوع شركة «كوانتوم» في لبنان، فقال حرب إن السبب الرئيسي للتعاقد معها يعود إلى الدواعي الأمنية لأن لا أحد في لبنان كان يرغب في العمل مع الحرة علنا، لذلك تمت الاستعانة بشركة إنتاج لتزويد القناة ببعض المواد. كما أشار رئيس «الحرة» «بيرت كلاينمان» حول الموضوع ذاته إلى أن لبنان من البلدان التي تتوفر فيها استوديوهات ومرافق إنتاج مهيئة وأن لبنان لا ينتج مواد إعلامية للولايات المتحدة وحدها بل لكل بلدان الشرق الأوسط.

واعترف «كلاينمان» بأنه لم يكن هناك أي عطاء أو مناقصة لاختيار شركة «كوانتوم»، وقال إنه في البداية تم اختيار ثلاث شركات ورفضت اثنتان منهما الشروط الأمنية الأميركية وغيرها من الشروط ، فوقع الاختيار في النهاية على شركة «كوانتوم». وأضاف إنه لا يوجد اتفاق ملزم يحدد أي مبلغ يتم دفعه للشركة ولكن يتم التعامل حسب قيمة كل مشهد وكل برنامج على حدة. وقال «حرب» إن «الحرة» تمكنت من تغطية الانتخابات المصرية أفضل مما فعلته «العربية» أو «الجزيرة» لأن «العربية» و«الجزيرة» أبرمتا، على حد قوله، اتفاقاً ضمنياً مع الرئيس «حسني مبارك» حيث أن القناتين تعملان في إطار الخلافات العربية ، وإذا كان هناك خلافات فإن ذلك ينعكس على أجهزة الإعلام العربية، أما الحرة فهي فوق الخلافات العربية وتؤدي مهتمها بعيدا عن هذه الخلافات ولهذا تفوقت في أدائها على «العربية» و«الجزيرة» في تغطية الانتخابات المصرية.