فاطمي
11-20-2005, 12:36 AM
الشبان السويسريون لا يزالون يلتحقون به «لتعلم لغة جديدة ورؤية ما وراء كواليس الكنيسة»
نيوهاوسن (سويسرا): جون تاغليابو *
في عام 1505 طلب البابا يوليوس الثاني من السويسريين، الذين كانوا فقراء آنذاك، إرسال 200 جندي الى روما للعمل كحرس شخصي لقصره. كان المرتزقة السويسريون يخدمون في عدد من الدول الاوروبية، وفي معظم الاحوال كحرس للملوك الفرنسيين، الا ان الحرس الباباوي هو الوحيد الذي لا يزال مستمرا حتى الآن. ولذلك، فإن اعضاء الحرس الباباوي القدامى من وديان وجبال سويسرا يستعدون للاحتفال بمرور 500 سنة على تأسيس حرسهم. وتعرض المحلات والاسواق السويسرية الآن الكثير من المنتجات التجارية مثل قبعات بيسبول تحمل صور خوذات الحرس المميزة وفانيلات تي شيرت ورباطات عنق تخص الجيش السويسري.
وقد بدأت الاحتفالات في سبتمبر (ايلول) الماضي بقداس ديني وتجمع لأعضاء الحرس الباباوي السابقين في لوسيرن بوسط سويسرا. إلا ان الاحتفال الرئيسي سيكون مسيرة عسكرية من بلينزونا في جنوب سويسرا الى روما تخليدا لذكرى المسيرة الاصلية التي شارك فيها 200 جندي عام 1505. وفي 6 مايو (ايار) المقبل، اليوم الذي تأسس فيه الحرس الباباوي قبل 500 سنة، ستؤدي المجموعة الجديدة من الحرس بملابسهم التي ترجع الى القرن السادس، القسم.
ويجري أداء القسم عادة داخل احدى الكنائس في الفاتيكان. الا انه سيجرى هذه المرة علنا في ميدان القديس بطرس في الفاتيكان. والمناسبة هذه المرة هو احتفالية مثلما هي ذكرى تأسيس الحرس الذين يصل عددهم الآن الى 110 جنود، وتعرض الى سلسلة من الازمات في السنوات الاخيرة.
ففي عام 1998 قتل واحد من رجال الحرس الشباب قائد الحرس وزوجته في شقتهما بالفاتيكان، ثم انتحر بعد ذلك. وفي عام 1981 لم يتمكن الحرس من منع شاب تركي من إطلاق النار على البابا يوحنا بولس الثاني، بالرغم من ان مجموعة منهم، ترتدي الملابس المدنية، كانت معه في السيارة.
الا ان كل ذلك يهون مقارنة بما حدث عام 1527 عندما هاجمت قوات الامبراطور شارلوكان روما وذبحت قواته 147 من رجال الحرس امام كاتدرائية القديس بطرس. وفي عام 1970، ولأسباب اقل وحشية، كان الحرس على حافة الاختفاء، بعدما اعلن البابا بولس السادس انه سيلغي النظام العسكري الباباوي، بما في ذلك الحرس الباباوي والشرطة الباباوية.
وقد اثر غموض وضع الحرس على المعنويات، وانكمش عددهم الى 42 جنديا، كما انكمش عدد الشباب السويسري المهتم بمثل هذه الوظيفة. الا انه وفي اللحظة الاخيرة، أعلن البابا انه سيتم استثناء الحرس الباباوي.
وفي هذه الأيام، يبدو ان الحرس قد ترك مثل تلك المشاكل خلفه. وقال جاك بابي: «ان الحرس في وضع في غاية الجودة». وبابي هو خبير في الكيمياء الحيوية ويرأس رابطة «قدامى الحرس» المسؤولة عن احتفالات الذكرى.
وقد طبقت قيود صارمة على الدخول عقب حادثة عام 1998، وأثار الاحتفال بالذكرى السنوية اهتماما واسعا وسط الكثير من الشباب السويسري. وقال بابي ضاحكا ان الحراس يتقاضون مرتباتهم الآن باليورو وليس بالليرة الايطالية.
ويتذكر بابي، 65 سنة، الأيام التي عمل خلالها حارسا خلال الفترة من عام 1960 حتى عام 1964. التحق بابي بالخدمة عندما كان عمره 19 عاما، وكان يهدف من الالتحاق بالخدمة، حسب قوله، لزيارة بلد آخر وتعلم لغات وعادات أخرى والعمل تحت خدمة البابا يوحنا الثالث العشرين والبابا بولس السادس خلال فترة مجلس الفاتيكان الثاني، الذي كان يهدف الى إدخال الكنيسة الكاثوليكية الى العالم الحديث. وشأنه شأن بابي، التحق كارل ـ هاينز فروه بالخدمة بغرض العيش في دولة اخرى وتعمل لغات اخرى و«رؤية ما وراء كواليس الكنيسة»، على حد تعليقه. عمل فروه من عام 1968 حتى عام 1979 وعاصر اثنين من الاجتماعات السرية التي يجري بموجبها انتخاب بابا للفاتيكان وعاصر ثلاثة من البابوات. ويقول فروه انه يحب روما ويعتبرها بمثابة وطن ثان له، والأهم من ذلك، كما يقول، انه وجد الحب في روما.
فعندما كان يعمل ضابطا (لا يسمح للحراس العاديين بالزواج)، التقى فروه شابة ايطالية ونشأت بينهما علاقة حب انتهت بالزواج. وخلال اقامتهما في الفاتيكان عام 1977 رزق فروه وزوجته ببنت أطلقا عليها اسم هايدي. ومن ضمن واجبات فروه في الشركة التي يعمل بها حاليا إجراء المقابلات مع المتقدمين للعمل كحراس ويجري عملية الاختيار المبدئي قبل إجراء المزيد من المعاينات على ان يكون الاختيار النهائي من قبل قائد الحرس في روما. بعض الأحداث التي سلطت الضوء على الفاتيكان، مثل انتخابات البابا الجديد واحتفالات اليوبيل الألفية الجديدة عام 2000، أثارت رغبة وسط الشباب السويسري للعمل في الحرس البابوي، اذ يتلقى فروه عند فتح باب التقديم حوالي 90 طلبا وسط اولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و30 عاما. ويقول ان المتقدمين يأتون أكثر تجهيزا واستعدادا لشغل هذه المهمة، اذ ان بعضهم يكون قد درس وتعلم لغات. وعادة ما تكون هذه المناسبة فرصة للقاء الحراس القدامى بعد فترة طويلة، وينشط حوالي 600 من جملة الحراس القدامى الـ 900 في رابطة يرأسها بابي. عندما يلتقى قدامى الحراس عادة ما يستعيدون ذكريات ايام العمل والأحداث التي عاصروها، ويقول بابي ان أكثرها سوءا قصة المهووس الذي أراد ان يوصل رسالة بنفسه الى البابا. ويضيف بابي معلقا انه لا يمكن ضرب مثل هذه الشخص، لذا لا بد من استخدام تكتيك آخر. وهذا هو السبب في تسلح الحراس بالغاز المسيل للدموع والغاز بالإضافة الى سلاح اوروبي قديم هو عبارة عن رمح وفأس قتالي يحمله الحرس البابوي.
* خدمة «نيويورك تايمز»
نيوهاوسن (سويسرا): جون تاغليابو *
في عام 1505 طلب البابا يوليوس الثاني من السويسريين، الذين كانوا فقراء آنذاك، إرسال 200 جندي الى روما للعمل كحرس شخصي لقصره. كان المرتزقة السويسريون يخدمون في عدد من الدول الاوروبية، وفي معظم الاحوال كحرس للملوك الفرنسيين، الا ان الحرس الباباوي هو الوحيد الذي لا يزال مستمرا حتى الآن. ولذلك، فإن اعضاء الحرس الباباوي القدامى من وديان وجبال سويسرا يستعدون للاحتفال بمرور 500 سنة على تأسيس حرسهم. وتعرض المحلات والاسواق السويسرية الآن الكثير من المنتجات التجارية مثل قبعات بيسبول تحمل صور خوذات الحرس المميزة وفانيلات تي شيرت ورباطات عنق تخص الجيش السويسري.
وقد بدأت الاحتفالات في سبتمبر (ايلول) الماضي بقداس ديني وتجمع لأعضاء الحرس الباباوي السابقين في لوسيرن بوسط سويسرا. إلا ان الاحتفال الرئيسي سيكون مسيرة عسكرية من بلينزونا في جنوب سويسرا الى روما تخليدا لذكرى المسيرة الاصلية التي شارك فيها 200 جندي عام 1505. وفي 6 مايو (ايار) المقبل، اليوم الذي تأسس فيه الحرس الباباوي قبل 500 سنة، ستؤدي المجموعة الجديدة من الحرس بملابسهم التي ترجع الى القرن السادس، القسم.
ويجري أداء القسم عادة داخل احدى الكنائس في الفاتيكان. الا انه سيجرى هذه المرة علنا في ميدان القديس بطرس في الفاتيكان. والمناسبة هذه المرة هو احتفالية مثلما هي ذكرى تأسيس الحرس الذين يصل عددهم الآن الى 110 جنود، وتعرض الى سلسلة من الازمات في السنوات الاخيرة.
ففي عام 1998 قتل واحد من رجال الحرس الشباب قائد الحرس وزوجته في شقتهما بالفاتيكان، ثم انتحر بعد ذلك. وفي عام 1981 لم يتمكن الحرس من منع شاب تركي من إطلاق النار على البابا يوحنا بولس الثاني، بالرغم من ان مجموعة منهم، ترتدي الملابس المدنية، كانت معه في السيارة.
الا ان كل ذلك يهون مقارنة بما حدث عام 1527 عندما هاجمت قوات الامبراطور شارلوكان روما وذبحت قواته 147 من رجال الحرس امام كاتدرائية القديس بطرس. وفي عام 1970، ولأسباب اقل وحشية، كان الحرس على حافة الاختفاء، بعدما اعلن البابا بولس السادس انه سيلغي النظام العسكري الباباوي، بما في ذلك الحرس الباباوي والشرطة الباباوية.
وقد اثر غموض وضع الحرس على المعنويات، وانكمش عددهم الى 42 جنديا، كما انكمش عدد الشباب السويسري المهتم بمثل هذه الوظيفة. الا انه وفي اللحظة الاخيرة، أعلن البابا انه سيتم استثناء الحرس الباباوي.
وفي هذه الأيام، يبدو ان الحرس قد ترك مثل تلك المشاكل خلفه. وقال جاك بابي: «ان الحرس في وضع في غاية الجودة». وبابي هو خبير في الكيمياء الحيوية ويرأس رابطة «قدامى الحرس» المسؤولة عن احتفالات الذكرى.
وقد طبقت قيود صارمة على الدخول عقب حادثة عام 1998، وأثار الاحتفال بالذكرى السنوية اهتماما واسعا وسط الكثير من الشباب السويسري. وقال بابي ضاحكا ان الحراس يتقاضون مرتباتهم الآن باليورو وليس بالليرة الايطالية.
ويتذكر بابي، 65 سنة، الأيام التي عمل خلالها حارسا خلال الفترة من عام 1960 حتى عام 1964. التحق بابي بالخدمة عندما كان عمره 19 عاما، وكان يهدف من الالتحاق بالخدمة، حسب قوله، لزيارة بلد آخر وتعلم لغات وعادات أخرى والعمل تحت خدمة البابا يوحنا الثالث العشرين والبابا بولس السادس خلال فترة مجلس الفاتيكان الثاني، الذي كان يهدف الى إدخال الكنيسة الكاثوليكية الى العالم الحديث. وشأنه شأن بابي، التحق كارل ـ هاينز فروه بالخدمة بغرض العيش في دولة اخرى وتعمل لغات اخرى و«رؤية ما وراء كواليس الكنيسة»، على حد تعليقه. عمل فروه من عام 1968 حتى عام 1979 وعاصر اثنين من الاجتماعات السرية التي يجري بموجبها انتخاب بابا للفاتيكان وعاصر ثلاثة من البابوات. ويقول فروه انه يحب روما ويعتبرها بمثابة وطن ثان له، والأهم من ذلك، كما يقول، انه وجد الحب في روما.
فعندما كان يعمل ضابطا (لا يسمح للحراس العاديين بالزواج)، التقى فروه شابة ايطالية ونشأت بينهما علاقة حب انتهت بالزواج. وخلال اقامتهما في الفاتيكان عام 1977 رزق فروه وزوجته ببنت أطلقا عليها اسم هايدي. ومن ضمن واجبات فروه في الشركة التي يعمل بها حاليا إجراء المقابلات مع المتقدمين للعمل كحراس ويجري عملية الاختيار المبدئي قبل إجراء المزيد من المعاينات على ان يكون الاختيار النهائي من قبل قائد الحرس في روما. بعض الأحداث التي سلطت الضوء على الفاتيكان، مثل انتخابات البابا الجديد واحتفالات اليوبيل الألفية الجديدة عام 2000، أثارت رغبة وسط الشباب السويسري للعمل في الحرس البابوي، اذ يتلقى فروه عند فتح باب التقديم حوالي 90 طلبا وسط اولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و30 عاما. ويقول ان المتقدمين يأتون أكثر تجهيزا واستعدادا لشغل هذه المهمة، اذ ان بعضهم يكون قد درس وتعلم لغات. وعادة ما تكون هذه المناسبة فرصة للقاء الحراس القدامى بعد فترة طويلة، وينشط حوالي 600 من جملة الحراس القدامى الـ 900 في رابطة يرأسها بابي. عندما يلتقى قدامى الحراس عادة ما يستعيدون ذكريات ايام العمل والأحداث التي عاصروها، ويقول بابي ان أكثرها سوءا قصة المهووس الذي أراد ان يوصل رسالة بنفسه الى البابا. ويضيف بابي معلقا انه لا يمكن ضرب مثل هذه الشخص، لذا لا بد من استخدام تكتيك آخر. وهذا هو السبب في تسلح الحراس بالغاز المسيل للدموع والغاز بالإضافة الى سلاح اوروبي قديم هو عبارة عن رمح وفأس قتالي يحمله الحرس البابوي.
* خدمة «نيويورك تايمز»