المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدير الاستخبارات الأميركية :علينا تحرير العقول والقلوب في الشرق الأوسط وليس كسبها



المهدى
11-17-2005, 10:34 PM
جيمس وولسي المدير الأسبق للإستخبارات الأمريكية لـ «الشرق الأوسط» : لا ضرر من وصول الإسلاميين للسلطة إذا قبلوا تداول السلطة


http://www.asharqalawsat.com/2005/11/17/images/interview.333755.jpg



منير الماوري


استشهد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الأسبق جيمس وولسي بمقولة شهيرة للزعيم البريطاني ونستون تشرشل وصف فيها الأميركيين بانهم «لا يقومون بالشيء الصحيح إلا بعد أن يستنفدوا كافة الأخطاء الممكنة». جاء ذلك في معرض مقابلة أجرتها معه «الشرق الأوسط» في مكتبه في واشنطن تحدث فيها عن تعامل الإدارات الأميركية المتتالية مع شعوب منطقة الشرق الأوسط لعقود طويلة. وقال إن الأميركيين أرادوا من تلك الشعوب أن تضخ لهم البترول فقط كأنهم عمال محطات بنزين مهذبون لا يبدون أي شكوى. وقال وولسي إن الأميركيين اكتشفوا أخيرا أن من حق تلك الشعوب أن تعيش بحرية، مضيفا ليس من واجبنا أن نسعى لكسب الشعبية في المنطقة، أو كسب عقول وقلوب شعوبها، بل علينا أن نساهم في تحرير تلك القلوب والعقول. ورأى أن دعاة الإصلاح سواء كانوا في الولايات المتحدة أو في أي مكان من العالم لا يحظون في الغالب بالشعبية وهذا شيء طبيعي، ومقبول. ومع ذلك فإن معظم شعوب المنطقة تريد ان ترى الديمقراطية وسيادة القانون تنتصران على «القاعدة» والزرقاوي وآخرين من أصحاب وجهات النظر المعادية للديمقراطية

> دعنا نبدأ بموضوع حرب الأفكار؟

كيف يمكن للولايات المتحدة أن تكسب هذه الحرب؟ ـ لا يجب علينا أن نحاول كسب الشعبية أو كسب العقول والقلوب في المنطقة مثلما يحلو للبعض أن يقول، علينا أن نحاول تحرير العقول والقلوب، ودعاة التغيير سواء كانوا في الولايات المتحدة أو في أي مكان من العالم لا يحظون في الغالب بالشعبية، وهذا شيء طبيعي، ومقبول. نحن لسنا في سياق كسب الشعبية، نحن في سياق جهد لمساعدة شعوب الشرق الأوسط ومعظم هذه الشعوب على ما أعتقد تريد ان ترى الديمقراطية وسيادة القانون تنتصران على «القاعدة» والزرقاوي والسلفييين وآخرين من أصحاب وجهات النظر المعادية للديمقراطية.

وأعتقد أن الشرق الأوسط سوف يكون لبعض الوقت أرض معركة بين الأفكار الديمقراطية وأنصار سيادة القانون من جانب، مع أفكار السلفيين والشموليين من أنصار البعث على سبيل المثال في الجانب الآخر.

وفي حرب الأفكار علينا أن نقوم بعمل كل ما نستطيع لمساعدة قوى الديمقراطية على أن تنتصر، وأعتقد أن لدينا فرصة جيدة في العراق ورأينا بعض الخطوات في الاتجاه الصحيح في لبنان في الأشهر الأخيرة، كما رأينا خطوات مماثلة في مصر، وخطوة لا بأس بها في السعودية أثناء انتخاب نصف أعضاء المجالس البلدية، كما رأينا تغييرات في ليبيا بالتخلي عن أسلحة الدمار الشامل فيها، وأعتقد أن الوقت حان أيضا لإجراء إصلاحات اقتصادية في ليبيا.

إن رياح التغيير تهب على الشرق الأوسط بالإضافة إلى رياح الديمقراطية وسيادة القانون. وكما قال وليد جنبلاط قبل فترة قصيرة إن هذا التغيير تم بسبب قيام اميركا وحلفائها بإطاحة صدام حسين من السلطة في العراق. فأفكار الديمقراطية وسيادة القانون بدأت تنتشر في الشرق الأوسط، لذلك لا يجب علينا أن نسعى وراء الشعبية، ولا يجب علينا أن نحاول جعل الناس مؤيدين لأميركا. من الأفضل وجود بلد مثل تركيا يتمتع بديمقراطية حقيقية ويقرر أن يخالف الولايات المتحدة ولا يسمح للوحدات العسكرية الأميركية أو الجنود الأميركيين بالإنطلاق من أراضيه كما حدث في الحرب على العراق. من الأفضل لنا أن تكون تركيا ديمقراطية يتخذ شعبها القرارات التي تناسبه بدلا من أن يحكم العسكر حتى وإن قالوا إنهم راغبون بالتوافق مع الولايات المتحدة أكثر من غيرهم. إننا لا نبحث عن التوافق مع آرائنا ولكننا نسعى وراء تحقيق الحرية لشعوب المنطقة.

> وماذا لو أوصلت الحرية والديمقراطية الإسلاميين إلى السلطة؟ ـ الأمر يتوقف على ماذا نعني بكلمة إسلاميين، إذا كان من يصل للسلطة مثل الإسلاميين في تركيا التي ستجري فيها الانتخابات القادمة حسب الجدول المحدد، ويتجادل الناس فيها حول الافكار حيث أن الحزب الحاكم حاليا قد يفوز وربما يفوز حزب آخر من الأحزاب المؤيدة لأفكار أتاتورك، فلا ضرر من وصول إسلاميين إلى السلطة ما داموا يقبلون بالتداول السلمي له، ولكن إذا كان هناك من يسمي نفسه إسلاميا ويعني بذلك أنه يريد أن يشارك فقط في انتخابات لمرة واحدة وبعد ذلك يقرر هو وأتباعه وأصدقاؤه كيف يجب أن تحكم البلاد فهذا غير مقبول مهما كانت التسمية، لأن هذه هي الديكتاتورية بعينها، وليست من الديمقراطية في شيء، ويجب علينا ألا نعتبر ذلك خطوة في اتجاه الديمقراطية وسيادة القانون.

> نحن نعني بالإسلاميين الأحزاب الإسلامية، على سبيل المثال جماعة الإخوان المسلمين..

ـ حسنا، أنا لدي معرفة من ناس مطلعين على تفاصيل خاصة بجماعة الإخوان المسلمين أكثر مني، يقولون ان بعض أعضاء حركة الإخوان المسلمين يدعمون على الأرجح انتخابات متتالية وديمقراطية فعلية مثلما هو الحال مع أعضاء الجماعة في الأردن، وهناك أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين يريدون فقط إجراء انتخابات لمرة واحدة ثم الاحتفاظ بالسلطة بعدها لأنفسهم للأبد. الصنف الأول جربناهم في تركيا ووصلوا إلى السلطة ولا بأس عليهم، أما الصنف الثاني من الإسلاميين فهم الذين يجب أن نعارض وصولهم إلى السلطة.

> نريد أن نسألك عن أسامة بن لادن وأيمن الظواهري والزرقاوي، لماذا برأيك، كخبير استخبارات، فشلت الولايات المتحدة في القبض عليهم حتى الآن؟

ـ للأمر علاقة بالدعم المقدم لأسامة بن لادن من قبل بعض القبائل هناك في وزيرستان شمال غربي باكستان. أما بالنسبة للزرقاوي فعلى ما يبدو أنه دخل العراق أثناء الحرب الأفغانية، ولذلك لم تكن لدينا فرصة للإمساك به إلى أن تحركنا إلى داخل العراق في ربيع 2003. وسوف نستمر في البحث عن هؤلاء، ولكن الشيء الأكثر أهمية هو أن تتمكن شعوب المنطقة من أخذ زمام الأمور بنفسها وتحكم نفسها بدلا من ترك الأمور بيد حكام ديكتاتوريين. وعندما يحدث ذلك أعتقد أن معارضة الزرقاوي وبن لادن والظواهري للديمقراطية سوف تجعلهم في الجانب المعارض لغالبية الناس في المنطقة وربما نتمكن يوما ما من القبض عليهم، ولكن الشيء المهم حاليا هو مساعدة هذه البلدان على المضي قدما نحو الديمقراطية وسيادة القانون.

* بعض التقارير في العالم العربي تشير إلى إيران بأنها تأوي أسامة بن لادن، أو بعضا من أتباعه، هل لديكم معلومات بهذا الشأن؟

ـ نعم لقد قرأت تقارير كهذه، وأعتقد أن القضية في بعض الأحيان تعود إلى أن بعض الناس يراهنون كثيرا على الجذور الآيديولوجية لأي حركة، ويفترضون أن المنظمات التي لها جذور آيديولوجية مختلفة لن يحدث تعاون بينها أبدا وهذا غير صحيح. الناس الشموليون الذين يسعون للهيمنة على الحكم، مثل أنصار ولاية الفقيه في إيران، ومناصري أفكار أسامة بن لادن في القاعدة، والبعثيين في العراق وسورية، ورغم أنهم ينتمون إلى جذور ثقافية مختلفة إلا أن هناك قواسم مشتركة كثيرة تجمعهم أكثر مما تفرقهم. وأعتقد أنه من المحتمل بدرجة كبيرة أن تكون القاعدة تعمل مع عناصر متشددة في الحكومة الإيرانية كما تعمل مع البعثيين في العراق وسورية. ولكي نورد مثالا من التاريخ الأوروبي فإن كثيرا من الناس كانوا يقولون في الثلاثينات من القرن الماضي إن الشيوعيين والنازيين لن يتعاونوا أبدا، لأن حركاتهم جاءت من جذور فكرية متناقضة، وقد حاربوا بعضهم البعض في الشوارع، وقتلوا بعضهم البعض، وكرهوا بعضهم البعض، ولكن في عام 1939 وقَّع هتلر وستالين معاهدة لأنهما وجدا أن من مصلحتهما تقسيم شمال وشمال شرقي أوروبا. أعتقد أن أولئك الشموليين مثل اصحاب ولاية الفقيه في إيران، وأتباع القاعدة والبعثيين، يتعاونون من آن لآخر. وربما يأتي وقت نسمع فيه أن البعثيين في سوريا أو العراق يساعدون أسامة بن لادن. وربما أن القاعدة تجد مساعدة من آن لآخر من قبل إيران. ويوما ما سوف يذكر المؤرخون تفاصيل كل هذا التعاون بين البعثيين والقاعدة وأتباع ولاية الفقيه.

* هل تعتقد أن سيناريو ما جرى في العراق يمكن أن يتكرر في أي دولة أخرى في المنطقة ؟

ـ آمل ألا يكون ذلك ضروريا. في عام 1945 كان هناك 25 بلدا ديمقراطيا فقط في العالم، أو بالأصح عشرون ديمقراطية فقط، واليوم يوجد مائة وثمانية عشر بلدا ديمقراطيا. ثمانٍ وتسعون دولة منها تخضع لحكم القانون وتسع وعشرون دولة أخرى تحسب ديمقراطية ولكن لديها بعض المشكلات في تطبيق حكم القانون مثل اندونيسيا، وبرغم ذلك فإن هذه الدول لديها انتخابات دورية مقبولة ومعقولة، أي أن 60 % من حكومات العالم وأكثر من 60 % من شعوب العالم يعيشون في ظل حكومات ديمقراطية، ومن بين هذه النسبة لا يوجد منذ عام 1945 سوى ثلاث ديمقراطيات فقط جاءت بشكل مشابه لما حدث في العراق وأفغانستان وهي غرانادا وبنما وكوريا الجنوبية كنتيجة لتدخل عسكري أميركي.

ففي كوريا الجنوبية انتصرنا على محاولات كوريا الشمالية فتح الجنوب، وبعد عدة عقود من الديكتاتورية اصبحت كوريا الجنوبية دولة ديمقراطية. ولكن جميع الديمقراطيات الأخرى التي تكونت بعد عام 1945 جاءت بطرق مختلفة، ففي بولندا جاءت الديمقراطية بفضل حركة تضامن. وفي الفلبين جاءت الديمقراطية بفضل حركة الشعب، وأحيانا كانت الولايات المتحدة تساعد، ولكن 3% فقط من حالات ظهور ديمقراطيات جديدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية جاءت بفعل تدخل عسكري أميركي مباشر. ولهذا فإن حقيقة أننا نعمل من أجل الديمقراطية وحكم القانون في الشرق الأوسط لا تعني بالضرورة اللجوء إلى الوسائل العسكرية.

* نريد أن نسألك عن العرب الأميركيين المسلمين بعد أربع سنوات من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، هل استفادت منهم الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب، أم أنهم يمثلون خطرا داخليا من وجهة نظركم؟ هل تخشون منهم بعدما حدث من تفجيرات في مدريد ولندن؟

ـ العرب والمسلمون في الولايات المتحدة يختلفون عن العرب والمسلمين في أوروبا، فطبقا لإحصاءات زغبي وهو عربي أميركي، فإن 75% من العرب الأميركيين مسيحيون، لبنانيون وكلدان عراقيون، وأقباط مصريون، ومعظم المسلمين في أميركا ليسوا عربا بل آسيويون، ولهذا فإن العرب المسلمين في الولايات المتحدة لا يمثلون إلا نسبة ضئيلة، وأعتقد أن غالبية هذه المجموعات اندمجت في المجتمع الأميركي بشكل أو بآخر، ولكن بشكل عام عرفنا في الولايات المتحدة تاريخيا بقدرتنا على دمج الأقليات العرقية في المجتمع الأميركي الكبير، وأصبح الجميع أميركيين بعد أن ذابوا في وعاء الصهر الأميركي، ولم تنجح بعض البلدان الأوروبية فيما نجحنا فيه في أميركا، فالمهاجرون العرب والمسلمون في بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا حافظوا أكثر على عزلتهم الثقافية واللغوية من نظرائهم في أميركا. ولهذا فأنا أعتقد بشكل عام أن الوضع في الولايات المتحدة رغم أنه ليس مثاليا إلا أن قدرتنا على دمج العرب بيننا أكبر، سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين، وكذلك دمج المسلمين سواء كانوا عربا أو من جنوب آسيا. ولدينا عدد من المسلمين الأميركيين الجيدين والعرب الأميركيين الرائعين الذين خدموا في الجيش الأميركي وفي الحكومة الأميركية. وقائدنا العسكري الجنرال أبي زيد هو عربي أميركي، لهذا أعتقد أن لدينا سجلا جيدا عموما في دمج الأقليات الثقافية بيننا من مختلف بلدان العالم.

* هل هذا هو السبب في عدم تعرض الولايات المتحدة لهجمات مماثلة لما حدث في أوروبا بعد الحادي عشر من سبتمبر؟

ـ تقصد هجمات من الإرهابيين؟

* نعم

ـ أعتقد أن السبب الرئيسي أننا لم نر بعد هجمات كبيرة للقاعدة منذ أربع سنوات هو أننا شتتنا عملياتها بتحركنا السريع إلى أفغانستان، لقد كانت أفغانستان قاعدة لعمليات القاعدة حيث كانت لديهم معسكرات تدريب، ومختبرات للاسلحة البيولوجية، وغير ذلك، ولكن أعتقد أن القاعدة ما زالت لديها خلايا في الولايات المتحدة بل أنا متأكد من ذلك، غير أن منظمة القاعدة أصبحت منظمة غير مركزية ولم يعد القرار فيها مركزيا في يد اسامة بن لادن وأيمن الظواهري، ومع ذلك يمكن القول إن الاحتمال وارد لوقوع هجوم على الولايات المتحدة ولكن بكل تأكيد يمكن القول إن ضرباتنا للقاعدة أبطأت عملياتها بشكل كبير بسبب الحرب على أفغانستان وإلى حد ما نتيجة حربنا في العراق.

* عندما كنت مديرا لوكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) هل تخيلت حدوث هجمات مماثلة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر؟

ـ لا، ليس بالضبط. ولكني تركت الوكالة قبل عشر سنوات. لقد تركتها في يناير 1995 وفي ذلك الوقت كان أسامة بن لادن مجرد واحد من مجموعة أرهابيين يتسكعون في السودان، لم يكن في ذلك الوقت قد أعلن الحرب والقتال على الولايات المتحدة، ولم تكن القاعدة قد نفذت حتى هجمات الرياض.

* ولكنهم هاجموا مركز التجارة العالمي عام 1993 ؟

ـ نعم، الهجوم الأول على مركز التجارة العالمي تم في 1993، ولكن ما زال التساول قائما حتى الآن عن درجة تورط القاعدة في ذلك الهجوم كمنظمة وليس كأفراد، وبكل تأكيد نحن نعرف أن رمزي يوسف كان زعيما للعصابة، والسيد ياسين وهو عراقي عاد للعراق بعد الهجوم ووفرت له حكومة صدام حسين الحماية. وما عدا ذلك لم تتوفر معلومات كافية عن التركيبة التنظيمية لمنفذي الهجوم الأولى على مركز التجارة العالمي، فقد كان الأمر غير واضح وكان بكل تأكيد حدثا خطيرا جدا ولكنه لم يكن في ذلك الوقت مرتبطا بشخص أسامة بن لادن.

* آخر محور من محاور الأسئلة يتعلق بالحكومة الأميركية، فهنا في واشنطن من يقول إن هناك خلافات بين وكالة الاستخبارات الأميركية والخارجية من جهة، وبين البنتاغون والوكالات التابعه له من جهة أخرى، ووصلت الخلافات وفقا لم يتردد درجة أن البعض لم يعد ينظر للولايات المتحدة كدولة واحدة بل مراكز متعددة للقوة والمنافسة، فما مدى صحة ذلك؟ وما مدى خطورة الخلافات القائمة برأيكم كمسؤول سابق؟

ـ يوجد دوما تنافس بيروقراطي وتباين في وجهات النظر حول بعض القضايا بين أجزاء من وكالات الأمن القومي، وعادة لا نستطيع تسمية التباين في وجهات النظر بالخلافات الخطيرة، لأنها ليست حول قضايا جوهرية بل تباين حول التكتيك، وعلى سبيل المثال وليس الحصر فإن وزارة الخارجية والاستخبارات المركزية عارضتا استخدام 97 مليون دولار خصصها الكونغرس عام 1998 للإطاحة بنظام صدام حسين تطبيقا لقانون تحرير العراق. هاتان الوكالتان عارضتا استخدام 97 مليون دولار لتدريب قوات عراقية في شمال العراق، وأعتقد أن هذه المعارضة كانت مخجلة لهما، فمعظم تلك القوات كانت من الأكراد والشيعة وبعض السنة، ولكن كان علينا أن نجعلهم يتدربون حتى إذا ما قامت الحرب تكون لدينا وحدات عراقية في أرض المعركة كما حدث أثناء تحرير فرنسا عام 1944 حيث كانت هناك وحدات صغيرة حاربت إلى جانب الأميركيين والبريطانيين لتحرير فرنسا.

ذلك كان تباينا بيروقراطيا في وجهات النظر بين الخارجية والـ«سي آي إيه» من جهة والبنتاغون من الجهة الأخرى، حيث كان هناك عدد من المسؤولين في البنتاغون يؤيدون الفكرة، ولهذا فإنها حقيقة أن وجود خلافات بيروقراطية كهذه يمكن أن يكون لها تأثير مهم على المدى الطويل، ولكن لا يمكن لأحد أن يتوقع أن الأميركيين يمكن أن يسيروا في طريق مسدود في حوارهم مع بعضهم البعض. إن دستورنا صاغه آباؤنا بطريقة تخلق التباين بين فروع السلطة والأحزاب السياسية، ولدينا تاريخ طويل من العمل المشترك وإنجاز العمل عندما يكون هناك تهديد ما كما حدث في الحرب الأهلية وفي الحرب العالمية الثانية تحت قيادة رؤساء مثل لينكولن وروزفلت. ولكننا في ما يتعلق ببعض التحديات الخارجية فإننا نتباين في وجهات النظر مع بعضنا البعض بشدة أحيانا حتى وإن كنا نقوم بعمليات دولية كبيرة كما هو جار حاليا في العراق. وتركيبة نظامنا تفتح المجال واسعا للتباينات والاختلافات في إطار الحرية والثوابت الأساسية.

* هل هناك من إضافة في نهاية هذا الحوار أو رسالة ترغب بتوجيهها للقارئ العربي؟

ـ الشيء الوحيد الذي أرغب في إضافته هو ما قاله ونستون تشرتشل يوما ما عن ان الأميركيين دائماً لا يقومون بالشيء الصحيح إلا بعد أن يستنفدوا كل الأخطاء الممكنة.. إنه مثل ينطبق بشكل كبير على الأميركيين، فنحن لسنوات عديدة عاملنا شعوب الشرق الأوسط بالطريقة التي نريدهم أن يعملوا لنا، أردناهم مجرد عمال محطات بنزين يضخون النفط لنا بأدب. أردناهم أن يضخوا النفط لنا الذي نحتاج إليه بدون أن يشتكوا من أي شيء، بدون أن يشتكوا من غياب الحريات المدنية في بلدانهم، وأعتقد أننا تعلمنا بعد مضي السنين.

وهناك من يتمنى أن لا نتعلم من التجربة، لكننا تعلمنا أن الطريق الوحيد لهزيمة الآيديولوجيات الشمولية، كآيديولوجية تنظيم القاعدة وولاية الفقيه في إيران والبعثيين الذين يريدون الهيمنة على الآخرين ويحكمونهم، ويقتلون من يريدون أن يقتلوا ويديرون غرف الاغتصاب كما فعل صدام، هو أن نتحالف مع شعوب العالم العربي وشعوب الشرق الأوسط عموما، الذين يودون التحرك نحو الديمقراطية وحكم القانون.

لذلك أعتقد أن هذا هو موقفنا الآن وسيظل موقفنا لوقت طويل من الزمن.. ربما تكون هناك انتكاسات، ولكن أعتقد أننا سنمضي قدما في ما رسمناه لأنفسنا وإذا حدث، بعد عشرين أو ثلاثين سنة من الآن، أن أصبح الشرق الأوسط في معظم دوله ديمقراطيا يخضع لحكم القانون، ونجد في تلك الديمقراطيات من ينتقد الأميركيين أو يلومهم على أي تصرف، فإن ذلك نصر كبير لنا لأن أهم شيء لدينا، سواء أحبَّنا الناس أم كرهونا، هو ان يصبح الناس في المنطقة أحرارا.