مجاهدون
08-14-2003, 11:30 AM
محمد علي الجعفري
كاتب عراقي
لقد أصبح الصراع على أشده بين الإصلاحيين بقيادة الرئيس خاتمي من جهة وبين المحافظين وعلى رأسهم آية الله علي خامنئي ولي أمر المسلمين والمرشد الأعلى للثورة من جهة أخرى, وأخذ هذا الصراع أشكالاً عدة وتبلور ليصبح معركة حقيقة وشاملة تطال كل رموز النظام, وتعود تداعيات هذا الصراع الى اليوم الذي أعلن فيه الرئيس خاتمي برنامجه الإصلاحي الجديد والداعي الى أجراء إصلاحات في نظام الحكم والانفتاح على العالم الخارجي بعد عزلة فرضت على أيران استمرت أمداً طويلاً, وأذا ما كان رأي ولي أمر المسلمين واجب الطاعة من قبل الجميع وحتى على الرئيس خاتمي الذي طالب أخيراً بصلاحيات أكبر لمنصب الرئيس فقد جوبه طلبه بالرفض من قبل آية الله خامنئي ليبقي بذلك على سلطة نقض القرارات وكل مقاليد الأمور بيده.
وبذلك وجب على الرئيس خاتمي القتال على جبهتين أولهما التصدي لأولئك الرافضين لأي إصلاح يقوم به على اعتبار أن القرارات التي يتخذها خاتمي هي من صنع الولايات المتحدة و املاءاتها عليه, والجبهة الثانية هي جبهة أولئك المطالبين بإلغاء الدين على اعتبار أنه ( أي الدين) خير ستار يمكن لمن يريد أن يتحكم بالبلاد والعباد التستر به وتحقيق أغراضه الشخصية من خلاله.
ان المرحلة التي تمر بها إيران اليوم مرحلة دقيقة وحساسة جداً متمثلة بما يطالب به المجتمع الدولي من أيران من إصلاحات ومنح الأقليات حرياتهم وأعلان انتخابات حرة بالبلاد لتدشين مرحلة جديدة من الديمقراطية في هذا البلد الذي يقوده مجموعة من الإسلاميين المتشددين, أن المظاهرات التي اجتاحت العاصمة طهران من قبل جمع من طلاب جامعة طهران واستمرت لأيام عدة وتوسعت كذلك لتشمل عدد من المدن الأخرى لم تكن وليدة الصدفة أو كانت مظاهرات عفوية وانما هي تعبير عن ذلك الكبت الذي رافق الطلبة والمثقفين ومجموعة كبيرة جداً من الساعين للتغيير والمطالبين به منذ أمد بعيد, فكان لابد من الاستماع الى آرائهم واحتواء الأزمة ولكن الذي حصل هو عكس ذلك فقد قام حرس النظام بالدخول الى غرف نوم الطلبة وقاموا بضربهم واعتقال أعداد كبيرة منهم, و هذا ما هو إلا مثال بسيط للعديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان في أيران ناهيك عن قضية عرب الأهواز وما يتعرضون له والأقلية السنية وقضايا المرأة وغيرها الكثير,.......
لم تكن كل تلك الأمور لتظهر للعلن أيام حكم الأمام الراحل الخميني فقد كان الكل مجمع على حب الأمام والاصطفاف خلفه لما حققه هذا الرجل من مكانة مرموقة بين صفوف رجالات الدين في أيران والعالم الإسلامي( الشيعي على وجه الخصوص ) ولما كان يتمتع به من فكر نير وحكمة في اداره دفة الحكم وقيادة البلاد نحو بر الأمان هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنك ترى "الخميني الإنسان" الذي كله تواضع وحب للخير يعيش وسط الناس ويتألم بآلامهم ويفرح لفرحهم, أن تلك الصفات نادرا ما توجد في حكام اليوم الذين يحكمون بلاد المسلمين فقد كان الخميني الأب والإنسان قبل أن يكون الحاكم, لقد قاد الأمام الخميني البلاد في أصعب الظروف وأكثرها دقة وحتى تلك السنوات الثماني التي مرت على إيران وكانت خلالها الحرب مستمرة مع العراق لم تكن هنالك من مشاكل مع الشعب أو مع العالم الخارجي بل على العكس كان الوضع الداخلي متماسكاً وكان الجميع يقدم نفسه فداء لإمامه حيث كانت أفواج المتطوعين تتوافد على جبهات القتال للدفاع عن الثورة.
وبعد نهاية تلك الحرب الطاحنة التي تركت وراءها أوضاعاً إيرانية لا تحسد عليها كان لابد من وجود إصلاحات اقتصادية وسياسية في البلاد لسد ذلك الفراغ الذي خلفه آية الله الخميني بعد رحيله, لم يجد آية الله علي خامنئي أي معارضة حقيقية لنظام حكمه ( ولاية الفقيه ) فالمعارضة بالخارج كانت ضعيفة جداً وليس لها مصداقية, فلم تكن مجموعة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة بتلك الفاعلية والقوة لكي تضغط على الرأي العام العالمي وتكسب تعاطفه وتأييده لقضيتها ضد النظام الإيراني.
واليوم هنالك معارضة من نوع آخر قد ظهرت للعلن يقودها من كان جده بالأمس يقود ثورة إسلامية لتحرير الشعب الإيراني من الدكتاتورية تلك الثورة التي شهد لها القاصي والداني, الثائر الجديد القديم هو( حسين مصطفى الخميني ) حفيد الأمام الخميني الراحل, وحسين هذا هو أبن مصطفى الابن البكر للخميني وأول وأعز أحفاده, كان حسين مقرباً جداً من جده الأمام الخميني, فقد كان حسين منفتحاً جداً ويحمل هموم الشباب الإيراني معه وكان قريباً جداً منهم لذلك ازدادت شعبيته بين صفوف الشباب والإصلاحيين وكان جريئاً ولا يخاف من التعبير عن رأيه بصراحة وهذا ما سبب له إحراجاً كبيراً مع جده الأمام الخميني خصوصاً بعد عزل الرئيس السابق أبو الحسن بني صدر الرئيس الأول للجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد الثورة, فقد أعلن حسين معارضته لهذا العزل وبشدة مما سبب فتوراً في علاقته مع جده الخميني, وكان وراء محاولة الإقصاء تلك علي خامنئي , أن المؤامرة التي قادها علي خامنئي لإقصاء بني صدر كانت تهدف الى إطلاق يده بسيطرة المؤسسة الدينية على البلاد وهذا ما أثار حسين الخميني وجعله يشن هجوماً ضد علي خامنئي وما نتج عن هذا كان بداية لمواجهة حقيقية بين حسين وعلي خامنئي.
ثم أخذت تلك المواجهة منحى آخر حيث بدأت الانتقادات تتوالى من حسين للنظام الإيراني والمحافظين ومن تلك الانتقادات اتهامه لرفسنجاني وخامنئي بإطالة أمد الحرب وعزل آية الله حسين منتظري من منصبه كخليفة للأمام الخميني ومما زاد الطين بلة - كما يقولون - تأييد حسين الخميني للإصلاحيين وللطلبة والمثقفين بمظاهراتهم ضد النظام, ثم الخطوة التي تلت و هي رحيل حسين الى النجف من دون علم السلطات الدينية بذلك والتي قطعت آخر الحبال الموصولة بين الاثنين.
ان الموقف الذي التزمه حسين الخميني بتأييده للطلبة والإصلاحيين جعل منه رمزاً جديداً يمكن أن يعول عليه الكثير في معارضته للنظام وخصوصاً تلك المعارضة إذا ما قدر لها أن تستمر وتتطور وتأخذ أشكالا أخرى فأنها بالتأكيد ستكون الصوت الوحيد الناطق باسم كل الساعين الى التغيير من أجل الحرية والديمقراطية والتعددية وهذا ما يسعى حسين لتحقيقه هو أيضاً.
وبعد هذه العودة الى النجف ذلك المكان المقدس الذي شهد أحلام صباه وذكرياته مع جده الأمام الخميني فهل يستطيع حسين الخميني من الاستمرار على نهج جده الإمام واستعادة الظاهرة الخمينية لأمجادها السابقة?
وهل سيطيح بعلي خامنئي ونظامه?
هذا ما ستكشفه القوادم من الأيام.
كاتب عراقي
لقد أصبح الصراع على أشده بين الإصلاحيين بقيادة الرئيس خاتمي من جهة وبين المحافظين وعلى رأسهم آية الله علي خامنئي ولي أمر المسلمين والمرشد الأعلى للثورة من جهة أخرى, وأخذ هذا الصراع أشكالاً عدة وتبلور ليصبح معركة حقيقة وشاملة تطال كل رموز النظام, وتعود تداعيات هذا الصراع الى اليوم الذي أعلن فيه الرئيس خاتمي برنامجه الإصلاحي الجديد والداعي الى أجراء إصلاحات في نظام الحكم والانفتاح على العالم الخارجي بعد عزلة فرضت على أيران استمرت أمداً طويلاً, وأذا ما كان رأي ولي أمر المسلمين واجب الطاعة من قبل الجميع وحتى على الرئيس خاتمي الذي طالب أخيراً بصلاحيات أكبر لمنصب الرئيس فقد جوبه طلبه بالرفض من قبل آية الله خامنئي ليبقي بذلك على سلطة نقض القرارات وكل مقاليد الأمور بيده.
وبذلك وجب على الرئيس خاتمي القتال على جبهتين أولهما التصدي لأولئك الرافضين لأي إصلاح يقوم به على اعتبار أن القرارات التي يتخذها خاتمي هي من صنع الولايات المتحدة و املاءاتها عليه, والجبهة الثانية هي جبهة أولئك المطالبين بإلغاء الدين على اعتبار أنه ( أي الدين) خير ستار يمكن لمن يريد أن يتحكم بالبلاد والعباد التستر به وتحقيق أغراضه الشخصية من خلاله.
ان المرحلة التي تمر بها إيران اليوم مرحلة دقيقة وحساسة جداً متمثلة بما يطالب به المجتمع الدولي من أيران من إصلاحات ومنح الأقليات حرياتهم وأعلان انتخابات حرة بالبلاد لتدشين مرحلة جديدة من الديمقراطية في هذا البلد الذي يقوده مجموعة من الإسلاميين المتشددين, أن المظاهرات التي اجتاحت العاصمة طهران من قبل جمع من طلاب جامعة طهران واستمرت لأيام عدة وتوسعت كذلك لتشمل عدد من المدن الأخرى لم تكن وليدة الصدفة أو كانت مظاهرات عفوية وانما هي تعبير عن ذلك الكبت الذي رافق الطلبة والمثقفين ومجموعة كبيرة جداً من الساعين للتغيير والمطالبين به منذ أمد بعيد, فكان لابد من الاستماع الى آرائهم واحتواء الأزمة ولكن الذي حصل هو عكس ذلك فقد قام حرس النظام بالدخول الى غرف نوم الطلبة وقاموا بضربهم واعتقال أعداد كبيرة منهم, و هذا ما هو إلا مثال بسيط للعديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان في أيران ناهيك عن قضية عرب الأهواز وما يتعرضون له والأقلية السنية وقضايا المرأة وغيرها الكثير,.......
لم تكن كل تلك الأمور لتظهر للعلن أيام حكم الأمام الراحل الخميني فقد كان الكل مجمع على حب الأمام والاصطفاف خلفه لما حققه هذا الرجل من مكانة مرموقة بين صفوف رجالات الدين في أيران والعالم الإسلامي( الشيعي على وجه الخصوص ) ولما كان يتمتع به من فكر نير وحكمة في اداره دفة الحكم وقيادة البلاد نحو بر الأمان هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنك ترى "الخميني الإنسان" الذي كله تواضع وحب للخير يعيش وسط الناس ويتألم بآلامهم ويفرح لفرحهم, أن تلك الصفات نادرا ما توجد في حكام اليوم الذين يحكمون بلاد المسلمين فقد كان الخميني الأب والإنسان قبل أن يكون الحاكم, لقد قاد الأمام الخميني البلاد في أصعب الظروف وأكثرها دقة وحتى تلك السنوات الثماني التي مرت على إيران وكانت خلالها الحرب مستمرة مع العراق لم تكن هنالك من مشاكل مع الشعب أو مع العالم الخارجي بل على العكس كان الوضع الداخلي متماسكاً وكان الجميع يقدم نفسه فداء لإمامه حيث كانت أفواج المتطوعين تتوافد على جبهات القتال للدفاع عن الثورة.
وبعد نهاية تلك الحرب الطاحنة التي تركت وراءها أوضاعاً إيرانية لا تحسد عليها كان لابد من وجود إصلاحات اقتصادية وسياسية في البلاد لسد ذلك الفراغ الذي خلفه آية الله الخميني بعد رحيله, لم يجد آية الله علي خامنئي أي معارضة حقيقية لنظام حكمه ( ولاية الفقيه ) فالمعارضة بالخارج كانت ضعيفة جداً وليس لها مصداقية, فلم تكن مجموعة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة بتلك الفاعلية والقوة لكي تضغط على الرأي العام العالمي وتكسب تعاطفه وتأييده لقضيتها ضد النظام الإيراني.
واليوم هنالك معارضة من نوع آخر قد ظهرت للعلن يقودها من كان جده بالأمس يقود ثورة إسلامية لتحرير الشعب الإيراني من الدكتاتورية تلك الثورة التي شهد لها القاصي والداني, الثائر الجديد القديم هو( حسين مصطفى الخميني ) حفيد الأمام الخميني الراحل, وحسين هذا هو أبن مصطفى الابن البكر للخميني وأول وأعز أحفاده, كان حسين مقرباً جداً من جده الأمام الخميني, فقد كان حسين منفتحاً جداً ويحمل هموم الشباب الإيراني معه وكان قريباً جداً منهم لذلك ازدادت شعبيته بين صفوف الشباب والإصلاحيين وكان جريئاً ولا يخاف من التعبير عن رأيه بصراحة وهذا ما سبب له إحراجاً كبيراً مع جده الأمام الخميني خصوصاً بعد عزل الرئيس السابق أبو الحسن بني صدر الرئيس الأول للجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد الثورة, فقد أعلن حسين معارضته لهذا العزل وبشدة مما سبب فتوراً في علاقته مع جده الخميني, وكان وراء محاولة الإقصاء تلك علي خامنئي , أن المؤامرة التي قادها علي خامنئي لإقصاء بني صدر كانت تهدف الى إطلاق يده بسيطرة المؤسسة الدينية على البلاد وهذا ما أثار حسين الخميني وجعله يشن هجوماً ضد علي خامنئي وما نتج عن هذا كان بداية لمواجهة حقيقية بين حسين وعلي خامنئي.
ثم أخذت تلك المواجهة منحى آخر حيث بدأت الانتقادات تتوالى من حسين للنظام الإيراني والمحافظين ومن تلك الانتقادات اتهامه لرفسنجاني وخامنئي بإطالة أمد الحرب وعزل آية الله حسين منتظري من منصبه كخليفة للأمام الخميني ومما زاد الطين بلة - كما يقولون - تأييد حسين الخميني للإصلاحيين وللطلبة والمثقفين بمظاهراتهم ضد النظام, ثم الخطوة التي تلت و هي رحيل حسين الى النجف من دون علم السلطات الدينية بذلك والتي قطعت آخر الحبال الموصولة بين الاثنين.
ان الموقف الذي التزمه حسين الخميني بتأييده للطلبة والإصلاحيين جعل منه رمزاً جديداً يمكن أن يعول عليه الكثير في معارضته للنظام وخصوصاً تلك المعارضة إذا ما قدر لها أن تستمر وتتطور وتأخذ أشكالا أخرى فأنها بالتأكيد ستكون الصوت الوحيد الناطق باسم كل الساعين الى التغيير من أجل الحرية والديمقراطية والتعددية وهذا ما يسعى حسين لتحقيقه هو أيضاً.
وبعد هذه العودة الى النجف ذلك المكان المقدس الذي شهد أحلام صباه وذكرياته مع جده الأمام الخميني فهل يستطيع حسين الخميني من الاستمرار على نهج جده الإمام واستعادة الظاهرة الخمينية لأمجادها السابقة?
وهل سيطيح بعلي خامنئي ونظامه?
هذا ما ستكشفه القوادم من الأيام.