زهير
11-16-2005, 07:23 AM
د. شاكر النابلسي
التقى الإعلامي الأمريكي Tim Russer t من قناة MSNBC الأمريكية في برنامجه الشهير (واجه الصحافة Meet The Press ) صباح الأحد 13/11/2005 الملك عبد الله الثاني ، وسأله عدة أسئلة عن العمل الإرهابي الفظيع والمجرم الذي وقع في عمان، والذي وصفته في احدى الفضائيات، نائبة البرلمان السابقة والمعارضة توجان الفيصل (صاحبة كوبونات النفط العراقية الذهبية) وصفاً بشعاً بقولها إنه نتيجة لمصادرة الحريات في الأردن، ونتيجة للكبت وضيق الهامش الديمقراطي الذي يعاني منه الشارع الأردني!
لقد ركز الإعلامي الأمريكي في أسئلته للملك على كيف يفسر الملك هذا التأييد الطاغي في الأردن لتنظيم القاعدة الارهابي، وإشادة كتاب الأعمدة في الصحافة الأردنية بصدام حسين وما يطلق عليه "المقاومة" العراقية؟ وعرض الإعلامي الأمريكي على أنظار الملك شريطاً يبين نماذج للاستفتاءات التي تمت في الشارع الأردني، والتي تقول أن معظم البلدان التي اجريت فيها استفتاءات حول الارهاب وتنظيم القاعدة أشارت إلى تناقص تأييد الرأي العام لهذه الأعمال الارهابية. ففي تركيا والمغرب وأندونيسيا قال 15 ٪ فقط أن أعمال الارهاب مبررة. وفي الباكستان أصبح مؤيدو الارهاب 25 ٪ فقط بعد أن كانوا 41 ٪ في مارس 2004. والاستثناء الوحيد بهذا الشأن كان هو الأردن حيث قال 57 ٪ من الأردنيين أنهم يتعاطفون مع القاعدة وأعمالها الارهابية. ويقولون أن الارهاب هو للدفاع عن الإسلام. وهناك استفتاء آخر يقول أن 87 ٪ من الأردنيين يقول بأن المتطرفين الاسلامويين لا يمثلون خطراً على الأردن، وأن 60 ٪ من الأردنيين يقولون أن ما يقوم به ابن لادن هو الطريق السليم وهو الصحيح. وهذا الاستفتاء مقارنة باستفتاء آخر يقول أن 80 ٪ من الأردنيين يكرهون امريكا علماً بأن الأردن يعتبر حليفاً استراتيجياً رئيسياً لأمريكا في المنطقة، وبأن صادراته إلى امريكا في 2004 بلغت أكثر من مليار دولار، بعد أن كانت في التسعينات لا تتجاوز خمسة ملايين دولار.
هذه هي الحقائق التي واجه فيها الإعلام الأمريكي الملك. وهي حقائق في ظننا وتقديرنا صحيحة، ولا مغالاة فيها أو تزوير. فإي مراقب للإعلام الأردني وللصحافة الأردنية ولخطب الجماعات الإسلامية أيام الجمعة في المساجد، وندوات النقابات المهنية المسيطر على جزء كبير منها الإخوان المسلمون والجزء الآخر حزب البعث الأردني الذي يدين بولاء شديد لحزب البعث العراقي (القيادة القومية)، يدرك تماماً مدى صحة هذه الاستفتاءات واستطلاعات الرأي في الشارع الأردني للأسف الشديد. ولقد كانت الصحافة الأردنية مرآة مجلوّة لكل هذا العبث.
والشارع الأردني في هذه الحال شارع مُغيّب ومسلوب ومسروق. والذي غيّبه وسلبه وسرقه هم جماعة الإخوان المسلمين وحزب البعث الأردني والإعلام الأردني الذي كان في معظمه يقتات من فتات مائدة صدام حسين. ولعل فضيحة الكوبونات النفطية التي كشفتها جريدة "المدى" العراقية في 2003، وتبيّن منها أن عدداً من رموز المعارضة السياسية الأردنيين كانوا من ضمن من قبضوا الملايين من براميل النفط العراقي المسروق من قوت وجيوب الشعب العراقي.
إن الشارع الأردني يا جلالة الملك قد تربى على ما كانت تنشره الصحافة الأردنية من تأييد مطلق للعمليات الارهابية في العراق. فهل ننسى ما نشرته جريدة "الغد" الأردنية، وما سبق أن نشرته جريدة "الحياة" اللندنية (16/12/2004 ) عن "أعراس الدم" التي تقيمها مجموعة من العائلات في مدينة السلط التي فقدت القيم الدينية والاجتماعية والانسانية، وقام أبناؤها وأبناء مدن أخرى كمدينة الزرقاء التي خرج منها الإرهابي الأكبر الزرقاوي بتفجير السيارات المفخخة في العراق التي تقتل مئات العراقيين الأبرياء؟
إن الشارع الأردني يا جلالة الملك الذي قال نعم لتنظيم القاعدة وللأعمال الارهابية التي تجري في العراق وغير العراق شارع تربى على مقالات الصحافيين الأردنيين في الصحافة الأردنية التي كانت تصف صدام حسين بالمناضل الشهيد كما قال ابراهيم العجلوني في جريدة "الرأي" في 5/6/2003.
والجمهور الأردني في مهرجانات جرش كان يستمع إلى الشعراء الأردنيين وهم يمجدون الارهاب في شخص صدام حسين. فهل ننسى ما قاله الشاعر الأردني خالد محادين أحد المنتفعين الكبار بهدايا ومطايا وعطايا صدام في مهرجان جرش الأخير، والذى أهدى قصيدة عصماء إلى الطاغية صدام حسين، معنوناً إياها بـ "برقية إلى صديقي صدام حسين"، مبتدئاً قصيدته بقوله:
تبدو وحيدا إلا مني
أنت الجالس فوق مئذنة النخلة.
والشارع الأردني كان يحمل قبل صواريخ العقبة صور ابن لادن ويطلق عليه "الشيخ المناضل". لكن بعد صواريخ العقبة اختلف الأمر في المزاج الشعبي. وبعيداً عن استطلاعات الرأي الأمريكية التي اعتبرت الشعب الأردني من أكثر شعوب المنطقة تعاطفاً مع الارهابيين في العراق وأفغانستان، يمكن القول ان الشعب الأردني برمته ومن مختلف الأصول والمنابت كان في الاتجاه المضاد لما حصل في عمان، ولكن بعد أن وقعت الواقعة وزلزلت الأرض زلزالها في الفنادق المنكوبة الثلاثة.
إن الديمقراطية يا جلالة الملك تتيح للجميع أن يقولوا رأيهم بحرية تامة. ولكن مهمة الدولة أن تنشر الوعي بين الناس، وأن لا تدع الشارع أداة طيعة في أيدي الظلاميين الدينيين والقوميين، والدولة تتفرج عليه ولا تحرك ساكناً للتوعية ونشر قيم الحرية والديمقراطية الحقة.
لقد كانت الدولة الأردنية مقصرة تقصيراً كبيراً عندما تركت الحبل على الغارب لمجموعات كبيرة من الصحافيين، دون أن تقوم هي بإعلام مضاد للإعلام الظلامي الذي سيطر على الشارع الأردني طيلة السنوات الثلاث الماضية. وكان نتيجته ما حصل في العقبة وما حصل في عمان.
إن قراءة متأنية في مقالات الصحافيين والكتاب الأردنيين الذين كانوا يقتاتون من فتات موائد صدام، وقراءة متأنية لخطاب الجماعات الإسلامية وحزب البعث والنقابات المهنية كافية لأن تقنعنا بأن الإرهاب الحقيقي يكمن هنا، وبأن الارهابيين الحقيقيين هم هؤلاء. كما أن هؤلاء وخطاباتهم كافية أن تقنعنا بأن نتائج استطلاعات الرأي العام الذي قدمها لنا الإعلامي الأمريكي (تم روسيرت) صحيحة وصادقة وهي الحقيقة المرة التي لم يستطع الملك أن يأخذ بها في المقابلة المذكورة، لشدة مرارتها للأسف الشديد.
التقى الإعلامي الأمريكي Tim Russer t من قناة MSNBC الأمريكية في برنامجه الشهير (واجه الصحافة Meet The Press ) صباح الأحد 13/11/2005 الملك عبد الله الثاني ، وسأله عدة أسئلة عن العمل الإرهابي الفظيع والمجرم الذي وقع في عمان، والذي وصفته في احدى الفضائيات، نائبة البرلمان السابقة والمعارضة توجان الفيصل (صاحبة كوبونات النفط العراقية الذهبية) وصفاً بشعاً بقولها إنه نتيجة لمصادرة الحريات في الأردن، ونتيجة للكبت وضيق الهامش الديمقراطي الذي يعاني منه الشارع الأردني!
لقد ركز الإعلامي الأمريكي في أسئلته للملك على كيف يفسر الملك هذا التأييد الطاغي في الأردن لتنظيم القاعدة الارهابي، وإشادة كتاب الأعمدة في الصحافة الأردنية بصدام حسين وما يطلق عليه "المقاومة" العراقية؟ وعرض الإعلامي الأمريكي على أنظار الملك شريطاً يبين نماذج للاستفتاءات التي تمت في الشارع الأردني، والتي تقول أن معظم البلدان التي اجريت فيها استفتاءات حول الارهاب وتنظيم القاعدة أشارت إلى تناقص تأييد الرأي العام لهذه الأعمال الارهابية. ففي تركيا والمغرب وأندونيسيا قال 15 ٪ فقط أن أعمال الارهاب مبررة. وفي الباكستان أصبح مؤيدو الارهاب 25 ٪ فقط بعد أن كانوا 41 ٪ في مارس 2004. والاستثناء الوحيد بهذا الشأن كان هو الأردن حيث قال 57 ٪ من الأردنيين أنهم يتعاطفون مع القاعدة وأعمالها الارهابية. ويقولون أن الارهاب هو للدفاع عن الإسلام. وهناك استفتاء آخر يقول أن 87 ٪ من الأردنيين يقول بأن المتطرفين الاسلامويين لا يمثلون خطراً على الأردن، وأن 60 ٪ من الأردنيين يقولون أن ما يقوم به ابن لادن هو الطريق السليم وهو الصحيح. وهذا الاستفتاء مقارنة باستفتاء آخر يقول أن 80 ٪ من الأردنيين يكرهون امريكا علماً بأن الأردن يعتبر حليفاً استراتيجياً رئيسياً لأمريكا في المنطقة، وبأن صادراته إلى امريكا في 2004 بلغت أكثر من مليار دولار، بعد أن كانت في التسعينات لا تتجاوز خمسة ملايين دولار.
هذه هي الحقائق التي واجه فيها الإعلام الأمريكي الملك. وهي حقائق في ظننا وتقديرنا صحيحة، ولا مغالاة فيها أو تزوير. فإي مراقب للإعلام الأردني وللصحافة الأردنية ولخطب الجماعات الإسلامية أيام الجمعة في المساجد، وندوات النقابات المهنية المسيطر على جزء كبير منها الإخوان المسلمون والجزء الآخر حزب البعث الأردني الذي يدين بولاء شديد لحزب البعث العراقي (القيادة القومية)، يدرك تماماً مدى صحة هذه الاستفتاءات واستطلاعات الرأي في الشارع الأردني للأسف الشديد. ولقد كانت الصحافة الأردنية مرآة مجلوّة لكل هذا العبث.
والشارع الأردني في هذه الحال شارع مُغيّب ومسلوب ومسروق. والذي غيّبه وسلبه وسرقه هم جماعة الإخوان المسلمين وحزب البعث الأردني والإعلام الأردني الذي كان في معظمه يقتات من فتات مائدة صدام حسين. ولعل فضيحة الكوبونات النفطية التي كشفتها جريدة "المدى" العراقية في 2003، وتبيّن منها أن عدداً من رموز المعارضة السياسية الأردنيين كانوا من ضمن من قبضوا الملايين من براميل النفط العراقي المسروق من قوت وجيوب الشعب العراقي.
إن الشارع الأردني يا جلالة الملك قد تربى على ما كانت تنشره الصحافة الأردنية من تأييد مطلق للعمليات الارهابية في العراق. فهل ننسى ما نشرته جريدة "الغد" الأردنية، وما سبق أن نشرته جريدة "الحياة" اللندنية (16/12/2004 ) عن "أعراس الدم" التي تقيمها مجموعة من العائلات في مدينة السلط التي فقدت القيم الدينية والاجتماعية والانسانية، وقام أبناؤها وأبناء مدن أخرى كمدينة الزرقاء التي خرج منها الإرهابي الأكبر الزرقاوي بتفجير السيارات المفخخة في العراق التي تقتل مئات العراقيين الأبرياء؟
إن الشارع الأردني يا جلالة الملك الذي قال نعم لتنظيم القاعدة وللأعمال الارهابية التي تجري في العراق وغير العراق شارع تربى على مقالات الصحافيين الأردنيين في الصحافة الأردنية التي كانت تصف صدام حسين بالمناضل الشهيد كما قال ابراهيم العجلوني في جريدة "الرأي" في 5/6/2003.
والجمهور الأردني في مهرجانات جرش كان يستمع إلى الشعراء الأردنيين وهم يمجدون الارهاب في شخص صدام حسين. فهل ننسى ما قاله الشاعر الأردني خالد محادين أحد المنتفعين الكبار بهدايا ومطايا وعطايا صدام في مهرجان جرش الأخير، والذى أهدى قصيدة عصماء إلى الطاغية صدام حسين، معنوناً إياها بـ "برقية إلى صديقي صدام حسين"، مبتدئاً قصيدته بقوله:
تبدو وحيدا إلا مني
أنت الجالس فوق مئذنة النخلة.
والشارع الأردني كان يحمل قبل صواريخ العقبة صور ابن لادن ويطلق عليه "الشيخ المناضل". لكن بعد صواريخ العقبة اختلف الأمر في المزاج الشعبي. وبعيداً عن استطلاعات الرأي الأمريكية التي اعتبرت الشعب الأردني من أكثر شعوب المنطقة تعاطفاً مع الارهابيين في العراق وأفغانستان، يمكن القول ان الشعب الأردني برمته ومن مختلف الأصول والمنابت كان في الاتجاه المضاد لما حصل في عمان، ولكن بعد أن وقعت الواقعة وزلزلت الأرض زلزالها في الفنادق المنكوبة الثلاثة.
إن الديمقراطية يا جلالة الملك تتيح للجميع أن يقولوا رأيهم بحرية تامة. ولكن مهمة الدولة أن تنشر الوعي بين الناس، وأن لا تدع الشارع أداة طيعة في أيدي الظلاميين الدينيين والقوميين، والدولة تتفرج عليه ولا تحرك ساكناً للتوعية ونشر قيم الحرية والديمقراطية الحقة.
لقد كانت الدولة الأردنية مقصرة تقصيراً كبيراً عندما تركت الحبل على الغارب لمجموعات كبيرة من الصحافيين، دون أن تقوم هي بإعلام مضاد للإعلام الظلامي الذي سيطر على الشارع الأردني طيلة السنوات الثلاث الماضية. وكان نتيجته ما حصل في العقبة وما حصل في عمان.
إن قراءة متأنية في مقالات الصحافيين والكتاب الأردنيين الذين كانوا يقتاتون من فتات موائد صدام، وقراءة متأنية لخطاب الجماعات الإسلامية وحزب البعث والنقابات المهنية كافية لأن تقنعنا بأن الإرهاب الحقيقي يكمن هنا، وبأن الارهابيين الحقيقيين هم هؤلاء. كما أن هؤلاء وخطاباتهم كافية أن تقنعنا بأن نتائج استطلاعات الرأي العام الذي قدمها لنا الإعلامي الأمريكي (تم روسيرت) صحيحة وصادقة وهي الحقيقة المرة التي لم يستطع الملك أن يأخذ بها في المقابلة المذكورة، لشدة مرارتها للأسف الشديد.