سلسبيل
11-15-2005, 10:15 AM
أنيس منصور
لا أراك الله مكروها في عزيز لديك.. وقد أراني الله مكروها في عزيز.. وأوجعني فراقه.. وقد رأيت مكروها في اللحظات الأخيرة لعدد من الأعزاء: العقاد وطه حسين والحكيم وإحسان عبد القدوس والرئيس السادات وعبد الوهاب وأم كلثوم.. وما لا يوصف ولا ينسى عندما ماتت أمي.. ما هذا؟
ومشينا إلى جوار توفيق الحكيم في جنازة ابنه الوحيد الفنان إسماعيل الحكيم.. ومشينا في جنازة كامل الشناوي.. يا ربي ما هذا العذاب.. ما طوله ما عرضه ما عمقه ما عمره.. ما هذا الذي نحن فيه وإليه ومنه.. إن شيئا غريبا يتسرب من هذا الكون.. إن الكون يصفي نفسه.. انه ينساب بعيدا عنا.. يتسلل منا بعيدا عنا.. كانسياب حوض ماء.. والحوض له فتحات يتدفق منها الماء.. الكون يهرب.. يتهرب.. يهددنا نحن أيضا.. إن كل من مات أخذ منا.. اقتطعنا.. سلبنا.. هددنا.. كنا امتدادا صرنا جزرا معزولة بالموت.. بالأسى.. بالحزن. إلي أين يذهب الأعزاء. لقد داعبنا توفيق الحكيم وهو على فراش الموت فقال: لا تتأخروا.. أسرعوا سوف تجدوننا في انتظاركم في جهنم مع العقاد وطه حسين.. يا أنيس لا تتأخر.. هناك أحسن من هنا.. قل لأصدقائنا أيضا. وكانت في توفيق الحكيم بقايا قوة ولذلك كان يضحك وهو يقول.
هل هذا هو الذي يقول؟ هل هو الذي يضحك.. أهو الموت يقول ويسخر منا ومن الأحياء ومن الحياة؟..
هل الذين لا أصدقاء ولا أعزاء لهم، أحسن حالا.. هو الذي: لا أحب ولا كره، ولا خاف ولا أمن، أحسن حالا.. هل الحب جريمة عقوبتها مؤجلة.. وسدادها عندما نكون على فراش الموت.. موتنا أو موت أعز الناس علينا..
لقد وقفت طويلا وكثيرا بالقرب من فراش أعز الناس.. فلا وجدت معنى ولا أحدا أسأله.. ولا أحد يجيب. ونسيت منذ أيام في حزني العميق والجنازة الطويلة التي لم تنقطع أن أبكي على الفقيد الغالي على عمره وعمري.
ولم أبك. لقد جفت الدموع ولم يبق إلا أن أخرج عيني في يدي ثمنا لمن يقول لي: وما المعني؟!
لا أراك الله مكروها في عزيز لديك.. وقد أراني الله مكروها في عزيز.. وأوجعني فراقه.. وقد رأيت مكروها في اللحظات الأخيرة لعدد من الأعزاء: العقاد وطه حسين والحكيم وإحسان عبد القدوس والرئيس السادات وعبد الوهاب وأم كلثوم.. وما لا يوصف ولا ينسى عندما ماتت أمي.. ما هذا؟
ومشينا إلى جوار توفيق الحكيم في جنازة ابنه الوحيد الفنان إسماعيل الحكيم.. ومشينا في جنازة كامل الشناوي.. يا ربي ما هذا العذاب.. ما طوله ما عرضه ما عمقه ما عمره.. ما هذا الذي نحن فيه وإليه ومنه.. إن شيئا غريبا يتسرب من هذا الكون.. إن الكون يصفي نفسه.. انه ينساب بعيدا عنا.. يتسلل منا بعيدا عنا.. كانسياب حوض ماء.. والحوض له فتحات يتدفق منها الماء.. الكون يهرب.. يتهرب.. يهددنا نحن أيضا.. إن كل من مات أخذ منا.. اقتطعنا.. سلبنا.. هددنا.. كنا امتدادا صرنا جزرا معزولة بالموت.. بالأسى.. بالحزن. إلي أين يذهب الأعزاء. لقد داعبنا توفيق الحكيم وهو على فراش الموت فقال: لا تتأخروا.. أسرعوا سوف تجدوننا في انتظاركم في جهنم مع العقاد وطه حسين.. يا أنيس لا تتأخر.. هناك أحسن من هنا.. قل لأصدقائنا أيضا. وكانت في توفيق الحكيم بقايا قوة ولذلك كان يضحك وهو يقول.
هل هذا هو الذي يقول؟ هل هو الذي يضحك.. أهو الموت يقول ويسخر منا ومن الأحياء ومن الحياة؟..
هل الذين لا أصدقاء ولا أعزاء لهم، أحسن حالا.. هو الذي: لا أحب ولا كره، ولا خاف ولا أمن، أحسن حالا.. هل الحب جريمة عقوبتها مؤجلة.. وسدادها عندما نكون على فراش الموت.. موتنا أو موت أعز الناس علينا..
لقد وقفت طويلا وكثيرا بالقرب من فراش أعز الناس.. فلا وجدت معنى ولا أحدا أسأله.. ولا أحد يجيب. ونسيت منذ أيام في حزني العميق والجنازة الطويلة التي لم تنقطع أن أبكي على الفقيد الغالي على عمره وعمري.
ولم أبك. لقد جفت الدموع ولم يبق إلا أن أخرج عيني في يدي ثمنا لمن يقول لي: وما المعني؟!