لمياء
11-15-2005, 06:57 AM
منذ سنين وعبدالله يحلم بوظيفة في دوائر الدولة، واللافت أن ينتاب هذا الشاب مثل هذا الحلم على رغم أنه رجل مبادرات ومشاريع خلاقة. وقد حقق بذلك نجاحاً جيداً، بعدما أنشأ مؤسسة صغيرة للطباعة والتجليد ورعاها مع شريكه مالك.
أمثال عبدالله في سورية وبالأخص بين شباب الساحل السوري كثيرة. وهؤلاء يريدون وظيفة الدولة ولو كان راتبها أقل من راتب القطاع الخاص لأسباب مختلفة. فبينما يريدها عبدالله من باب التأمين الإضافي على أيام الشيخوخة المقبلة، يحاول أنيس الحصول عليها من أجل استلام راتب مضمون كل آخر شهر مقابل دوام قصير ومريح، يذهب نصفه لشرب الشاي والقهوة. وهذا ما يتيح له القيام بعمل إضافي في مكان آخر بعد دوامه الحكومي.
ويرى آخرون، مثل نزيه وجميل، أن وظيفة الدولة أفضل في كل الأحوال، لأن القطاع الخاص «مرهق ولا يضمن حقوق العاملين ناهيك بمعاملته التي لا تنمّ عن احترام الموظف» وفقاً لما تقوله خديجة وعادل.
«لقد جربت العمل في القطاع الخاص طيلة سنوات أصبت خلالها بالإرهاق. كما تعرضت لاستغلال بشع في مقابل راتب لا يستحقّ»، تقول خديجة. أما عادل فقد عمل لأكثر من عشر سنوات في إحدى الشركات وعندما استغنوا عنه لم يحصل على تعويض: «لا يمكن أن يحصل ذلك في قطاع الدولة الذي لا يدفع تعويضات فقط إنما لديه تأمينات وراتب تقاعد أيضاً».
تعود بذور الرغبة في العمل في الدولة لدى الشباب السوري لا سيما القادمين من الأرياف إلى سنوات خلت. ففي سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضي، كانت الدولة توظف سنوياً عشرات الآلاف في مشاريعها الإنشائية والصناعية إضافة إلى الجيش.
«كان كل من يريد الحصول على وظيفة يجدها في مؤسسات الإسكان والطرق والنفط والفوسفات وغيرها»، يقول جميل بشيء من المبالغة. وقد ساعد في ذلك آنذاك تضاعف الموارد الحكومية بفعل ارتفاع أسعار النفط والدعم المالي العربي. وعلى رغم تراجع هذه الموارد ومعها زخم إقامة مشاريع تابعة للدولة منذ أواسط الثمانينات، فإن مشاريع القطاع العام بقيت مصدر التوظيف الأساسي. وعلى رغم الوظائف التي وفّرها القطاع الخاص، فإنه لم يستطع القيام بدور يعادل دور الدولة على هذا الصعيد. وهذا ما كرس ما يمكن تسميته بعقلية الاعتماد على الدولة في خلق الوظائف لدى الشباب السوري كما يقول الخبير الاقتصادي ابراهيم محمد ويضيف: «ولعل المشكلة الأهم هنا، أنّ هذه العقلية تضر بروح الإبداع والمبادرة الفردية التي يُعتبر الشباب روادها». ومن المعروف أن هذه المبادرة تشكل حجر الأساس لإقامة المشاريع الصناعية والخدماتية وتنمية الاقتصاد. وهذا ما نلاحظه في بلد غني بها مثل ألمانيا حيث يقدم الشباب ابتكارات واختراعات يجسدونها في مصانع وحرف ومؤسسات خدماتية. ويقول الخبير الاقتصادي الألماني رولاند بولر إن معظم الشباب الألمان يفضل القيام بمشاريع تنطوي على الإبداع وتحمل المسؤولية بعيداً من قطاعات الدولة. وتعتبر هذه المشاريع أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الألماني في مجال خلق فرص العمل وتأمين الموارد الضريبية.
منذ سنوات، تحاول الدولة السورية تخفيف الاعتماد عليها في التوظيف من خلال دعم إقامة المشاريع الفردية بقروض ميسرة. ويشرف على إعطاء هذه القروض هيئة مكافحة البطالة. وقد مُنحت حتى الآن قروض كثيرة أفاد منها الكثير من الشباب السوري ومن بينهم عبدالله الحالم بوظيفة عند الدولة. غير أنّ المشكلة وفقاً لما يقوله هذا الشاب، تكمن في التقليد الأعمى للمشاريع الناجحة. «عندما يقيم شاب مشروعاً ناجحاً يقوم على فكرة جديدة ومبدعة، يهرع العشرات من الشباب لتقليده بدلاً من التفكير في مشاريع مكملة في قطاعات أخرى»، يقول عبدالله.
وغالباً ما يصل الأمر إلى إغراق السوق وإفلاس عدد كبير من المقلدين. ولا يندر أن يصيب الإفلاس صاحب المبادرة نفسه. مثل هذا الوضع يتطلب تدقيقاً أكبر في المشاريع التي توافق عليها الجهات الرسمية الداعمة والممولة، بحسب رأيه. وينبغي لهذا التدقيق أن ينطوي على معرفة مدى تحمل السوق للمشاريع الإضافية المزمع إقامتها. غير أن النجاح في ذلك يرتبط بزرع روح المبادرة والإبداع والتجديد في صفوف الجيل الجديد من خلال التأهيل الجيد في البيت والمدرسة والجامعة. وأخيراً صدق من قال إن النجاح في زرع هذه الروح استثمار لا يمكن أن يخيب.
أمثال عبدالله في سورية وبالأخص بين شباب الساحل السوري كثيرة. وهؤلاء يريدون وظيفة الدولة ولو كان راتبها أقل من راتب القطاع الخاص لأسباب مختلفة. فبينما يريدها عبدالله من باب التأمين الإضافي على أيام الشيخوخة المقبلة، يحاول أنيس الحصول عليها من أجل استلام راتب مضمون كل آخر شهر مقابل دوام قصير ومريح، يذهب نصفه لشرب الشاي والقهوة. وهذا ما يتيح له القيام بعمل إضافي في مكان آخر بعد دوامه الحكومي.
ويرى آخرون، مثل نزيه وجميل، أن وظيفة الدولة أفضل في كل الأحوال، لأن القطاع الخاص «مرهق ولا يضمن حقوق العاملين ناهيك بمعاملته التي لا تنمّ عن احترام الموظف» وفقاً لما تقوله خديجة وعادل.
«لقد جربت العمل في القطاع الخاص طيلة سنوات أصبت خلالها بالإرهاق. كما تعرضت لاستغلال بشع في مقابل راتب لا يستحقّ»، تقول خديجة. أما عادل فقد عمل لأكثر من عشر سنوات في إحدى الشركات وعندما استغنوا عنه لم يحصل على تعويض: «لا يمكن أن يحصل ذلك في قطاع الدولة الذي لا يدفع تعويضات فقط إنما لديه تأمينات وراتب تقاعد أيضاً».
تعود بذور الرغبة في العمل في الدولة لدى الشباب السوري لا سيما القادمين من الأرياف إلى سنوات خلت. ففي سبعينات وأوائل ثمانينات القرن الماضي، كانت الدولة توظف سنوياً عشرات الآلاف في مشاريعها الإنشائية والصناعية إضافة إلى الجيش.
«كان كل من يريد الحصول على وظيفة يجدها في مؤسسات الإسكان والطرق والنفط والفوسفات وغيرها»، يقول جميل بشيء من المبالغة. وقد ساعد في ذلك آنذاك تضاعف الموارد الحكومية بفعل ارتفاع أسعار النفط والدعم المالي العربي. وعلى رغم تراجع هذه الموارد ومعها زخم إقامة مشاريع تابعة للدولة منذ أواسط الثمانينات، فإن مشاريع القطاع العام بقيت مصدر التوظيف الأساسي. وعلى رغم الوظائف التي وفّرها القطاع الخاص، فإنه لم يستطع القيام بدور يعادل دور الدولة على هذا الصعيد. وهذا ما كرس ما يمكن تسميته بعقلية الاعتماد على الدولة في خلق الوظائف لدى الشباب السوري كما يقول الخبير الاقتصادي ابراهيم محمد ويضيف: «ولعل المشكلة الأهم هنا، أنّ هذه العقلية تضر بروح الإبداع والمبادرة الفردية التي يُعتبر الشباب روادها». ومن المعروف أن هذه المبادرة تشكل حجر الأساس لإقامة المشاريع الصناعية والخدماتية وتنمية الاقتصاد. وهذا ما نلاحظه في بلد غني بها مثل ألمانيا حيث يقدم الشباب ابتكارات واختراعات يجسدونها في مصانع وحرف ومؤسسات خدماتية. ويقول الخبير الاقتصادي الألماني رولاند بولر إن معظم الشباب الألمان يفضل القيام بمشاريع تنطوي على الإبداع وتحمل المسؤولية بعيداً من قطاعات الدولة. وتعتبر هذه المشاريع أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد الألماني في مجال خلق فرص العمل وتأمين الموارد الضريبية.
منذ سنوات، تحاول الدولة السورية تخفيف الاعتماد عليها في التوظيف من خلال دعم إقامة المشاريع الفردية بقروض ميسرة. ويشرف على إعطاء هذه القروض هيئة مكافحة البطالة. وقد مُنحت حتى الآن قروض كثيرة أفاد منها الكثير من الشباب السوري ومن بينهم عبدالله الحالم بوظيفة عند الدولة. غير أنّ المشكلة وفقاً لما يقوله هذا الشاب، تكمن في التقليد الأعمى للمشاريع الناجحة. «عندما يقيم شاب مشروعاً ناجحاً يقوم على فكرة جديدة ومبدعة، يهرع العشرات من الشباب لتقليده بدلاً من التفكير في مشاريع مكملة في قطاعات أخرى»، يقول عبدالله.
وغالباً ما يصل الأمر إلى إغراق السوق وإفلاس عدد كبير من المقلدين. ولا يندر أن يصيب الإفلاس صاحب المبادرة نفسه. مثل هذا الوضع يتطلب تدقيقاً أكبر في المشاريع التي توافق عليها الجهات الرسمية الداعمة والممولة، بحسب رأيه. وينبغي لهذا التدقيق أن ينطوي على معرفة مدى تحمل السوق للمشاريع الإضافية المزمع إقامتها. غير أن النجاح في ذلك يرتبط بزرع روح المبادرة والإبداع والتجديد في صفوف الجيل الجديد من خلال التأهيل الجيد في البيت والمدرسة والجامعة. وأخيراً صدق من قال إن النجاح في زرع هذه الروح استثمار لا يمكن أن يخيب.