المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لبنانيان طوّرا دبابة – روبوت لنزع الألغام



فاتن
11-13-2005, 08:49 PM
النهار اللبنانية - طوني أبي نجم

وسام يموت ومحمد سوراني طالبان في هندسة المعلوماتية والاتصالات
طوّرا دبابة – روبو لنزع الألغام وسحب الجنود المصابين من أرض المعركة


في أواخر تشرين الثاني الجاري تسلّم جامعة الـaust الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي دبابة -روبو أعاد تأهيلها وتطويرها طالبان ضمن مشروع تخرجهما في هندسة المعلوماتية والاتصالات. ويشكل هذا الحدث تطورا بارزا على صعيد التعاون بين المؤسسات الجامعية وأجهزة الدولة على أمل تطويره وتعميمه بحيث يعيد الدور الى طاقاتنا الشابة.

أثبت الطالبان وسام يموت ومحمد سوراني باشراف الدكتور عادل شيت أن مشاريع التخرج الجامعية يمكن أن تتحول نموذجا مذهلا لقدرة الشباب الجامعيين على تقديم الأفضل لجامعتهم ووطنهم. فقد عمل الاثنان في مشروع تخرجهما على اعادة تأهيل دبابة-روبو كانت موجودة لدى قوى الأمن الداخلي، بحيث باتت قادرة على اداء مهمات عدة أبرزها نزع الألغام والعبوات المشبوهة، الى مهمات أخرى يبدو لبنان في حاجة ماسة اليها اليوم.

ولهذه الدبابة-الروبو قصة، فهي كانت ضمن مجموعة من الأسلحة غير الصالحة التي سلمتها الميليشيات الى الدولة اللبنانية عام 1991. ومنذ ذلك التاريخ ظلت الدبابة مرمية في مستودعات قوى الأمن الداخلي حتى العام 2002 حين قرر قسم هندسة الكومبيوتر والاتصالات في الـaust أن يعمل الطلاب على مشاريع تخرج عملية تفيد المجتمع من دون أن تبقى في اطار نظري. وضمن هذه الرؤية تقدم القسم بطلب الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي لاحضار الدبابة الى مشغل الهندسة في الaust ليعمل الطلاب على اعادة تأهيلها وتطويرها، فتمت الموافقة.

يروي يموت: " بداية العمل كانت معقدة جدا، اذ لا خرائط ولا شروحات عن مكونات الدبابة وطريقة عملها. لذلك اضطررنا الى تفكيك كل قطعة على حدة لنفهم كيف كانت تعمل. والمشكلة كانت مزدوجة. فالدبابة كانت معطلة بشكل كامل كما أنها كانت تعمل بشكل سلكي، أي أنها كانت متصلة بأسلاك يبلغ طولها حوالى 150 مترا ويجب وصل هذه الأسلاك بالطاقة الكهربائية. وكانت مهمتنا اصلاح كل الأعطال وتحويل نظام الدبابة الى نظام لاسلكي".

من جهته يتذكر سوراني "أيام العمل المضني طوال ساعات الليل، اذ كنا نتابع صفوفنا نهارا ونمضي الليل في مشغل الجامعة نعمل على حل ألغاز هذه الدبابة. ولقد حاولنا في البداية الاتصال بالمصنّعين الألمان لنحصل على بعض التفاصيل العملية، لكننا لم نلق أي جواب. لذلك بدأنا من الصفر وكان علينا "اعادة تصنيع" كل قطعة معطلة على حدة، كما عملنا على تغيير الكثير من القطع القديمة التي لم تعد صالحة لهذا العصر كأنابيب الزيت الموجودة في الذراع الآلي".

اضافة الى العمل الميكانيكي شكل تحويل نظام العمل من نظام سلكي الى نظام لاسلكي التحدي الأكبر. يقول يموت ان "درس الأنظمة الملائمة لأنماط عمل الدبابة استغرق بعض الوقت لأننا عملنا على تزويد الدبابة بكاميرات تمكّن مشغّل الدبابة من متابعة سيرها وعملها من بعد. وتطلّب الأمر تطوير بعض أنظمة المعلوماتية وبرامجها لتتلاءم مع حاجاتنا وتمكننا من نقل المراقبة بين كاميرات عدة. كما أن تعدد الحركات التي يمكن الدبابة أن تقوم بها جعل المهمة أصعب. فهي تتحرك الى الأمام والى الخلف وتستدير، اضافة الى الشق الأصعب والمتعلق بحركات الذراع الآلي. وباتت عملية التحكم تحصل بشكل كامل بواسطة جهاز كومبيوتر محمول متصل لاسلكيا بجهاز مماثل موجود داخل الدبابة".

استغرقت الدراسات المتعلقة بالمشروع حوالي السنة، فيما احتاج التنفيذ الى حوالى 6 أشهر من العمل المكثف. وتكلل العمل بالنجاح بعد اجراء تجارب عدة أثبتت فيها هذه الدبابة (طول 140 سم، عرض 66 سم، ارتفاع 40 سم، طول الذراع الآلي 270 سم) أنها قادرة على انجاز الكثير، في حين أن لبنان لم يكن يملك أي قطعة منها!

وتساعد هذه الدبابة في القيام بأعمال خطرة تحل فيها بديلا عن الانسان حماية لحياته. فمن مهماتها مثلا نزع الألغام من الأرض حتى لا تنفجر، نقل أي عبوة مشبوهة من مكانها الى مكان بعيد عن المدنيين والأبنية لتفجيرها أو ليتفحصها خبراء المتفجرات، سحب جندي مصاب من أرض المعركة عوض تعريض حياة جنديين اثنين لنقله على حمّالة، اضافة الى قدرتها على القيام بمهمات استكشافية في مناطق لا تحتاج الى تسلق سلالم علماً أنها قادرة على تفديم أداء على غرار الدبابات الكبيرة باستثناء عامل الوقت، لأنها تعمل على طاقة البطاريات وتحتاج الى شحن بمعدل كل ساعة من العمل.

ومع بدء الاستعدادات لحفل اعادة تسليم الدبابة الى قوى الأمن الداخلي في نهاية الشهر الحالي يطرح أكثر من سؤال: لماذا لا تعمّم هذه التجربة على مختلف الجامعات اللبنانية بحيث تؤدي هذه الجامعات وطلابها دورا مهما في تطوير قدرات الأجهزة والمؤسسات والوزارات الرسمية؟ ولماذا لا تتلقف الحكومة اللبنانية المبادرة وتعمل على اقامة تعاون وثيق مع كل المؤسسات الجامعية، فتحضن طاقات شبابنا وخبرائنا في الجامعات اللبنانية عوض أن يكون مصير يموت وسوراني مثل الذين سبقوهما هجرة الى بلاد الله الواسعة، حيث التقدير للطاقات والمواهب العلمية؟