زوربا
11-13-2005, 12:23 AM
القاهرة ــ من أمينة الشريف
الكاتب أسامة أنور عكاشة اختار فكرة المقاومة موضوعا لمسلسله «أحلام في البوابة» وأمسك سلاحه ــ قلمه ــ وقرر أن يشارك في احياء روح المقاومة التي اختفت في سنوات الخنوع، وكان الرمز بوابة المتولي التي شنق عليها «طومان باي» مقاوما العثمانيين.
«عكاشة» يرى أنه لا توجد حضارة عربية بل حضارة اسلامية، وهي بالأساس نقلية وغير مبدعة، وأن ما بيننا وبين الغرب يطلق عليه «جدل» وليس صراعا.
ويؤكد أن الوحدة الفنية هي الحالة الوحيدة، التي نستطيع من خلالها تحقيق الوحدة العربية، التي فشل في تحقيقها الساسة والسياسة.
هل ما يحدث في مصر الآن، كان دافعا لكتابه «أحلام في البوابة»؟
ــ بدأت أكتب المسلسل في أبريل الماضي، قبل التفكير في تعديل المادة 76 من الدستور، صحيح أن هذا الحراك بدأ قبل هذا التاريخ لكن فكرة المقاومة عندي كانت أبعد من هذا بكثير، وبالتحديد منذ كامب ديفيد، فالعمل يناقش التذكير بروح المقاومة من أبعد نقطة في التاريخ، واخترت بوابة المتولي مكانا للأحداث، لأن طومان باي باعتباره آخر رموز المقاومة كان صامدا حتى آخر نفس، وعندما ساقه العثمانيون الى البوابة ليلق مصيره بالشنق، دعا الناس أن يقرأوا له الفاتحة، لهذا نجد أن من يطأ البوابة بقدميه يقرأ الفاتحة لسيدي المتولي، والصحيح أن هذه الفاتحة يجب أن تكون لـ«طومان باي».
المقاومة ارتبطت في الأذهان بمقاومة الاستعمار الخارجي وكان دائما عسكريا، فما هو العدو الذي يجب أن نقاومه الآن؟
ــ العدو الداخلي، وهو ليس أقل شراسة وقسوة وعنف من العدو الخارجي، هذا العدو هو نتاج تحالف شيطاني بين أركان الفساد وأصحاب الثروة والحكم، وما يحدث في مصر منذ سنوات من سلب ونهب وسرقة لتاريخها وتهريبه الى الخارج، لابد أن يتوقف وتتم مقاومته.
وهل ترى جدوى حقيقية من محاولة احياء روح المقاومة بعد أن لفظت أنفاسها طوال هذه السنين؟
ــ أنا لا أشغل نفسي بالجدوى لأن على مرمى البصر لا جدوى مما يحدث، لكنني آراهن على التراكم وبالتدريج سيحدث حراك فعال، والحقيقة أن الغليان الحاصل الآن لا يبدو فقط على السطح، بل ما خفي كان أعظم، والغليان التحتي أخطر، لكن المشكلة أننا في مجتمع فاقد للجهاز العصبي المركزي وفاقد البوصلة لرصد كل هذا الفوران.
غياب النقد
بعض الآراء ترى أسامة أنور عكاشة يكرر نفسه خاصة في الأعمال الماضية، فما ردك؟
ــ الالتباس حاصل من وجود الفنانة سميرة أحمد، وهي بطلة لثلاثة أعمال كتبتها وهي «امرأة من زمن الحب» و«أميرة في عابدين» وأخيرا «أحلام في البوابة» والمسلسل غير الفيلم، وهو كثير الحلقات، والطبيعي أن تكون فيه أحداث عالية وأخرى هادئة ومثل هذه الأحكام المتسرعة والمسبقة جزء من الأزمة التي نعيشها، فالنقد غير مرشد، ومازال نقد الدراما التلفزيونية «عالة» على نقاد السينما والمسرح والصحافيين، ونادرا ما نصادف نقادا متخصصين في فنون الدراما التلفزيونية، ولابد أن ننتظر حتى النهاية لمعرفة تطورات الأحداث، لاصدار الحكم الموضوعي على المسلسل.
الدراما التلفزيونية متهمة بأنها السبب الأساسي في تشويه وجدان المتلقي ما كان له نتائج سلبية في حياتنا؟
ــ في الفترة الأخيرة حدث تشوه للمتلقي عن طريق تقديم نوعية من الأعمال تخلو من الدراما الحقيقية، وهي أقرب الى الكليب، وهذا النوع من الأعمال جعل المشاهدين يعتادون لسنوات طويلة الاعجاب بالأشياء المشوهة، فعندما يشاهدون أعمالا مخالفة للنمط السائد، تحدث هذه البلبلة، وأنا ألتمس الأعذار لأصحاب هذه الآراء لان ثمة ذوقاً مشوهاً فرض عليهم وكان هو ذوق كل المصريين وهذا غير صحيح على الاطلاق.
شهر رمضان موسم المقارنة بين الدراما في مصر وسورية، هذا العام كان الانتقاد شديدا للدراما المصرية، كيف ترى طبيعة هذه المقارنة، وهل يعتبر الأمر في اطار الهجوم على كل ما هو مصري؟
ــ فكرة الريادة تعكس نعرة اقليمية لا لزوم لها، نحن نفلح في اقامة أي نوع من أنواع الوحدة، لكن الوحدة التي نستطيع اقامتها بالفعل هي الفنية، ويجب أن نتمسك بها، وما الضيرفي تعدد مراكز الانتاج الدرامي في الوطن العربي، والمفروض أن كل ما تقدمه هذه المراكز، يصب في خدمة المصلحة العامة لكل الأطراف.
المشهد للمشاهد
ماذا أضاف المخرج السوري هيثم حقي للعمل؟
ــ كل شيخ وله طريقة، وهيثم حقي له اسلوبه في الاخراج، وهو يهتم جدا بالاضاءة ويعتبرها واحدة من الأبطال الحقيقيين في العمل، وساعده في هذا د, محمد عسر.
ويذكرني في اسلوبه بالمخرج الكبير الراحل ابراهيم الصحن، وهيثم حقي متخرج في معهد السينما من روسيا، لهذا فهو يعمل بالاسلوب السينمائي، ويستخدم كاميرا تصوير واحدة، ويتميز بالهدوء ويقتنع تماما بما يفعله، والطريف أنه كان يحفظ سكريبت العمل عن ظهر قلب، وقام بوضعه كاملا على «لاب توب» وكان يرسم كل مشهد على حدة والكادر عنده له عمق وليس فلاشاً كما يحدث في بعض المسلسلات الدرامية، وهو مؤمن بمقولة طريفة أعجبتني وهي «دع المشاهد يتأمل المشهد».
هل تتفق مع الرأي الذي يرى أصحابه ضرورة احتواء المبدعين في سورية عملا بالمثل القائل «اذا لم يكن عدوي فيجب أن اكتسبه صديق»؟
ــ ولماذا نحسبها بالطرح، لماذا لا نحسبها بالجمع؟ مصر وسورية وتونس والعراق وغيرها من الدول العربية، أصبحت تنتج أعمالا درامية ذات مستويات عالية لماذا لم نغضب عندما قدمت تونس كثيرا من الروائع السينمائية وحصلت على جوائز دولية، ولم نقل أنها تسحب البساط من تحت أقدام السينما المصرية؟ ولماذا لم تغضب عندما انتجت الجزائر؟ لماذا تغضب الآن؟ ومع هذا يجب ألا نخاف لأن القاعدة البشرية مازالت عندنا، ويحدث هذا بحكم تراكم الخبرات وتنوع الكوادر ولا يجب أن نشغل بالنا بهذا الكلام، والمفروض أن نهتم ونركز على تجويد الأعمال لاستعادة ثقة المشاهد العربي.
وهل تعتقد أن فكرة الريادة التي كانت تتردد طوال السنوات الماضية كانت سببا في انحسار الضوء عن الدراما المصرية الآن؟
ــ لا يجب أن نكون أسرى للاقليمية والنعرة «الكدابة»، وأنا أتصور أنه حان الوقت لكي يقوم التلفزيون المصري بعرض الأعمال السورية وغير السورية على الشاشات الأرضية، من حق الـ70 مليون مصري أن يستمتعوا بمسلسل «التعريبة الفلسطينية» وغيرها من الأعمال العربية الجيدة من حق المشاهدين في مصر أن يشاهدوا الأعمال العربية، مثلما يشاهد العرب الأعمال المصرية بالرغم من انتشار الفضائيات.
اين حضارتنا؟
بادرت في مناقشة ما يسمى بحوار الحضارات في أعمالك مثل «أرابيسك» و«زيزينا» اعتمادا على فكرة معرفة الأنا ومعرفة الآخر، هل مازلت تقف عند هذه النقطة كيف ترى تطور هذا الحوار؟
ــ اسمحي لي أن أتوقف في البداية عند فكرة «الصراع» بين الحضارات وأسأل هل لدينا حضارة كفء كي نصارع بها الحضارة الغربية؟
وماذا عن حضارة الـ7000 سنة الحاضرة دائما في كل حواراتنا وأحاديثنا وتاريخنا؟
ــ الحضارة الفرعونية خلصت من زمان حتى من قبل الفتح الروماني، وهذه الحضارة غير مستمرة الينا بأي وسيلة من الوسائل، وهل يمكن أن نستعين بالحجارة ونحارب ونصارع بها، الحضارة المصرية القديمة انتهت ولم يبق منها الا بعض الترديدات الموجودة في الثقافة القبطية,,, حتى التراث المعماري الفرعوني انتهى ومصيره المعابد وليس لنا علاقة به، وهذه النقطة ألمسها ايضا في مسلسل «أحلام في البوابة»، من خلال سرقة آثار «طومان باي».
ويضيف عكاشة حتى الحضارة العربية وهي بالأساس حضارة اسلامية، والحضارة الاسلامية ــ أيضاً ــ نقلية وليست مبدعة، حيث اعتمدت الحضارة الاسلامية على الموالي في البلاد التي فتحها الغزو الاسلامي مثل الفرس وأواسط آسيا والأندلس، وهذه الدول كانت أكثر تقدما من العرب، فالموالي هم الذين نقلوا التراث اليوناني من الرهبان السريان في سورية ولبنان ثم نقلوه الى أوروبا، ابن رشد من الأوائل الذين قدموا شروح آرسطو حتى العلوم التي وضعها بعض العلماء مثل ابن رشد وابن الهيثم وابن سينا، هم مسلمون وليسوا عربا لذلك لا أستطيع أن أعترف بجهود هذه الحضارة العربية، لأن المنطقة العربية كانت وعاء للحضارة الاسلامية.
اذن بماذا تسمي ما يدور الآن بيننا وبين الغرب؟
ــ «جدل» وليس صراعا، لأن الصراع هنا غير متكافئ، صراع بين احجار وتكنولوجيا، صراع بين حضارة انتهت وحضارة نابضة.
عرض الهيافة
وما هي العناصر التي يجب أن نعتمد عليها لتسويق أنفسنا عالميا وندخل حلبة الصراع الحقيقي؟
ــ نحن نستطيع أن نفعل أشياء كثيرة عن طريق التراث والفنون، المطرب محمد منير أصبح مشهورا في أوروبا لمجرد أنه مصري نوبي يقدم فنونها الأصيلة، والطريف أن الفرصة جاءت الينا وكانت ذهبية من خلال البث المباشر والستالايت والأقمار الاصطناعية، لكننا لم نستغل هذه الامكانات استغلالا صحيحا، واستخدمناها فقط لعرض التفاهة والهيافة والتراشق بالألفاظ والحوارات فيما بيننا وكأنه حوار الطرشان.
بسبب انحسار فضيلة القراءة، أصبحت الأجيال الجديدة، تعتمد على الأعمال الفنية كمصدر للتاريخ، الى أي مدى اعتبارها وثيقة تاريخية؟
ــ الأعمال الحديثة هي التي يمكن الاعتماد عليها كوثائق تاريخية لأنها ستكون وسيلة متاحة للذين سيتعاملون في المستقبل، وهي توثيق للحياة الاجتماعية الحالية، والمدرسة تقع عليها المسؤولية كاملة لأنها تركت الفراغ كبيرا لتملأه الدراما، وهذا خطأ كبير يجب تداركه.
ماذا يكتب أسامة عكاشة الآن؟
ــ بعد انتهاء رمضان سأذهب الى الاسكندرية التي اعشقها وتأخرت عليها كثيرا، أمامي مشاريع كثيرة مثل المصراوية بأجزائها والجزء الثالث من زيزينيا و«رز الملائكة» و«الابحار في زمن عاصي» وأتمنى أن يسمح لي ما تبقى من العمر للانتهاء من هذه الأعمال.
الكاتب أسامة أنور عكاشة اختار فكرة المقاومة موضوعا لمسلسله «أحلام في البوابة» وأمسك سلاحه ــ قلمه ــ وقرر أن يشارك في احياء روح المقاومة التي اختفت في سنوات الخنوع، وكان الرمز بوابة المتولي التي شنق عليها «طومان باي» مقاوما العثمانيين.
«عكاشة» يرى أنه لا توجد حضارة عربية بل حضارة اسلامية، وهي بالأساس نقلية وغير مبدعة، وأن ما بيننا وبين الغرب يطلق عليه «جدل» وليس صراعا.
ويؤكد أن الوحدة الفنية هي الحالة الوحيدة، التي نستطيع من خلالها تحقيق الوحدة العربية، التي فشل في تحقيقها الساسة والسياسة.
هل ما يحدث في مصر الآن، كان دافعا لكتابه «أحلام في البوابة»؟
ــ بدأت أكتب المسلسل في أبريل الماضي، قبل التفكير في تعديل المادة 76 من الدستور، صحيح أن هذا الحراك بدأ قبل هذا التاريخ لكن فكرة المقاومة عندي كانت أبعد من هذا بكثير، وبالتحديد منذ كامب ديفيد، فالعمل يناقش التذكير بروح المقاومة من أبعد نقطة في التاريخ، واخترت بوابة المتولي مكانا للأحداث، لأن طومان باي باعتباره آخر رموز المقاومة كان صامدا حتى آخر نفس، وعندما ساقه العثمانيون الى البوابة ليلق مصيره بالشنق، دعا الناس أن يقرأوا له الفاتحة، لهذا نجد أن من يطأ البوابة بقدميه يقرأ الفاتحة لسيدي المتولي، والصحيح أن هذه الفاتحة يجب أن تكون لـ«طومان باي».
المقاومة ارتبطت في الأذهان بمقاومة الاستعمار الخارجي وكان دائما عسكريا، فما هو العدو الذي يجب أن نقاومه الآن؟
ــ العدو الداخلي، وهو ليس أقل شراسة وقسوة وعنف من العدو الخارجي، هذا العدو هو نتاج تحالف شيطاني بين أركان الفساد وأصحاب الثروة والحكم، وما يحدث في مصر منذ سنوات من سلب ونهب وسرقة لتاريخها وتهريبه الى الخارج، لابد أن يتوقف وتتم مقاومته.
وهل ترى جدوى حقيقية من محاولة احياء روح المقاومة بعد أن لفظت أنفاسها طوال هذه السنين؟
ــ أنا لا أشغل نفسي بالجدوى لأن على مرمى البصر لا جدوى مما يحدث، لكنني آراهن على التراكم وبالتدريج سيحدث حراك فعال، والحقيقة أن الغليان الحاصل الآن لا يبدو فقط على السطح، بل ما خفي كان أعظم، والغليان التحتي أخطر، لكن المشكلة أننا في مجتمع فاقد للجهاز العصبي المركزي وفاقد البوصلة لرصد كل هذا الفوران.
غياب النقد
بعض الآراء ترى أسامة أنور عكاشة يكرر نفسه خاصة في الأعمال الماضية، فما ردك؟
ــ الالتباس حاصل من وجود الفنانة سميرة أحمد، وهي بطلة لثلاثة أعمال كتبتها وهي «امرأة من زمن الحب» و«أميرة في عابدين» وأخيرا «أحلام في البوابة» والمسلسل غير الفيلم، وهو كثير الحلقات، والطبيعي أن تكون فيه أحداث عالية وأخرى هادئة ومثل هذه الأحكام المتسرعة والمسبقة جزء من الأزمة التي نعيشها، فالنقد غير مرشد، ومازال نقد الدراما التلفزيونية «عالة» على نقاد السينما والمسرح والصحافيين، ونادرا ما نصادف نقادا متخصصين في فنون الدراما التلفزيونية، ولابد أن ننتظر حتى النهاية لمعرفة تطورات الأحداث، لاصدار الحكم الموضوعي على المسلسل.
الدراما التلفزيونية متهمة بأنها السبب الأساسي في تشويه وجدان المتلقي ما كان له نتائج سلبية في حياتنا؟
ــ في الفترة الأخيرة حدث تشوه للمتلقي عن طريق تقديم نوعية من الأعمال تخلو من الدراما الحقيقية، وهي أقرب الى الكليب، وهذا النوع من الأعمال جعل المشاهدين يعتادون لسنوات طويلة الاعجاب بالأشياء المشوهة، فعندما يشاهدون أعمالا مخالفة للنمط السائد، تحدث هذه البلبلة، وأنا ألتمس الأعذار لأصحاب هذه الآراء لان ثمة ذوقاً مشوهاً فرض عليهم وكان هو ذوق كل المصريين وهذا غير صحيح على الاطلاق.
شهر رمضان موسم المقارنة بين الدراما في مصر وسورية، هذا العام كان الانتقاد شديدا للدراما المصرية، كيف ترى طبيعة هذه المقارنة، وهل يعتبر الأمر في اطار الهجوم على كل ما هو مصري؟
ــ فكرة الريادة تعكس نعرة اقليمية لا لزوم لها، نحن نفلح في اقامة أي نوع من أنواع الوحدة، لكن الوحدة التي نستطيع اقامتها بالفعل هي الفنية، ويجب أن نتمسك بها، وما الضيرفي تعدد مراكز الانتاج الدرامي في الوطن العربي، والمفروض أن كل ما تقدمه هذه المراكز، يصب في خدمة المصلحة العامة لكل الأطراف.
المشهد للمشاهد
ماذا أضاف المخرج السوري هيثم حقي للعمل؟
ــ كل شيخ وله طريقة، وهيثم حقي له اسلوبه في الاخراج، وهو يهتم جدا بالاضاءة ويعتبرها واحدة من الأبطال الحقيقيين في العمل، وساعده في هذا د, محمد عسر.
ويذكرني في اسلوبه بالمخرج الكبير الراحل ابراهيم الصحن، وهيثم حقي متخرج في معهد السينما من روسيا، لهذا فهو يعمل بالاسلوب السينمائي، ويستخدم كاميرا تصوير واحدة، ويتميز بالهدوء ويقتنع تماما بما يفعله، والطريف أنه كان يحفظ سكريبت العمل عن ظهر قلب، وقام بوضعه كاملا على «لاب توب» وكان يرسم كل مشهد على حدة والكادر عنده له عمق وليس فلاشاً كما يحدث في بعض المسلسلات الدرامية، وهو مؤمن بمقولة طريفة أعجبتني وهي «دع المشاهد يتأمل المشهد».
هل تتفق مع الرأي الذي يرى أصحابه ضرورة احتواء المبدعين في سورية عملا بالمثل القائل «اذا لم يكن عدوي فيجب أن اكتسبه صديق»؟
ــ ولماذا نحسبها بالطرح، لماذا لا نحسبها بالجمع؟ مصر وسورية وتونس والعراق وغيرها من الدول العربية، أصبحت تنتج أعمالا درامية ذات مستويات عالية لماذا لم نغضب عندما قدمت تونس كثيرا من الروائع السينمائية وحصلت على جوائز دولية، ولم نقل أنها تسحب البساط من تحت أقدام السينما المصرية؟ ولماذا لم تغضب عندما انتجت الجزائر؟ لماذا تغضب الآن؟ ومع هذا يجب ألا نخاف لأن القاعدة البشرية مازالت عندنا، ويحدث هذا بحكم تراكم الخبرات وتنوع الكوادر ولا يجب أن نشغل بالنا بهذا الكلام، والمفروض أن نهتم ونركز على تجويد الأعمال لاستعادة ثقة المشاهد العربي.
وهل تعتقد أن فكرة الريادة التي كانت تتردد طوال السنوات الماضية كانت سببا في انحسار الضوء عن الدراما المصرية الآن؟
ــ لا يجب أن نكون أسرى للاقليمية والنعرة «الكدابة»، وأنا أتصور أنه حان الوقت لكي يقوم التلفزيون المصري بعرض الأعمال السورية وغير السورية على الشاشات الأرضية، من حق الـ70 مليون مصري أن يستمتعوا بمسلسل «التعريبة الفلسطينية» وغيرها من الأعمال العربية الجيدة من حق المشاهدين في مصر أن يشاهدوا الأعمال العربية، مثلما يشاهد العرب الأعمال المصرية بالرغم من انتشار الفضائيات.
اين حضارتنا؟
بادرت في مناقشة ما يسمى بحوار الحضارات في أعمالك مثل «أرابيسك» و«زيزينا» اعتمادا على فكرة معرفة الأنا ومعرفة الآخر، هل مازلت تقف عند هذه النقطة كيف ترى تطور هذا الحوار؟
ــ اسمحي لي أن أتوقف في البداية عند فكرة «الصراع» بين الحضارات وأسأل هل لدينا حضارة كفء كي نصارع بها الحضارة الغربية؟
وماذا عن حضارة الـ7000 سنة الحاضرة دائما في كل حواراتنا وأحاديثنا وتاريخنا؟
ــ الحضارة الفرعونية خلصت من زمان حتى من قبل الفتح الروماني، وهذه الحضارة غير مستمرة الينا بأي وسيلة من الوسائل، وهل يمكن أن نستعين بالحجارة ونحارب ونصارع بها، الحضارة المصرية القديمة انتهت ولم يبق منها الا بعض الترديدات الموجودة في الثقافة القبطية,,, حتى التراث المعماري الفرعوني انتهى ومصيره المعابد وليس لنا علاقة به، وهذه النقطة ألمسها ايضا في مسلسل «أحلام في البوابة»، من خلال سرقة آثار «طومان باي».
ويضيف عكاشة حتى الحضارة العربية وهي بالأساس حضارة اسلامية، والحضارة الاسلامية ــ أيضاً ــ نقلية وليست مبدعة، حيث اعتمدت الحضارة الاسلامية على الموالي في البلاد التي فتحها الغزو الاسلامي مثل الفرس وأواسط آسيا والأندلس، وهذه الدول كانت أكثر تقدما من العرب، فالموالي هم الذين نقلوا التراث اليوناني من الرهبان السريان في سورية ولبنان ثم نقلوه الى أوروبا، ابن رشد من الأوائل الذين قدموا شروح آرسطو حتى العلوم التي وضعها بعض العلماء مثل ابن رشد وابن الهيثم وابن سينا، هم مسلمون وليسوا عربا لذلك لا أستطيع أن أعترف بجهود هذه الحضارة العربية، لأن المنطقة العربية كانت وعاء للحضارة الاسلامية.
اذن بماذا تسمي ما يدور الآن بيننا وبين الغرب؟
ــ «جدل» وليس صراعا، لأن الصراع هنا غير متكافئ، صراع بين احجار وتكنولوجيا، صراع بين حضارة انتهت وحضارة نابضة.
عرض الهيافة
وما هي العناصر التي يجب أن نعتمد عليها لتسويق أنفسنا عالميا وندخل حلبة الصراع الحقيقي؟
ــ نحن نستطيع أن نفعل أشياء كثيرة عن طريق التراث والفنون، المطرب محمد منير أصبح مشهورا في أوروبا لمجرد أنه مصري نوبي يقدم فنونها الأصيلة، والطريف أن الفرصة جاءت الينا وكانت ذهبية من خلال البث المباشر والستالايت والأقمار الاصطناعية، لكننا لم نستغل هذه الامكانات استغلالا صحيحا، واستخدمناها فقط لعرض التفاهة والهيافة والتراشق بالألفاظ والحوارات فيما بيننا وكأنه حوار الطرشان.
بسبب انحسار فضيلة القراءة، أصبحت الأجيال الجديدة، تعتمد على الأعمال الفنية كمصدر للتاريخ، الى أي مدى اعتبارها وثيقة تاريخية؟
ــ الأعمال الحديثة هي التي يمكن الاعتماد عليها كوثائق تاريخية لأنها ستكون وسيلة متاحة للذين سيتعاملون في المستقبل، وهي توثيق للحياة الاجتماعية الحالية، والمدرسة تقع عليها المسؤولية كاملة لأنها تركت الفراغ كبيرا لتملأه الدراما، وهذا خطأ كبير يجب تداركه.
ماذا يكتب أسامة عكاشة الآن؟
ــ بعد انتهاء رمضان سأذهب الى الاسكندرية التي اعشقها وتأخرت عليها كثيرا، أمامي مشاريع كثيرة مثل المصراوية بأجزائها والجزء الثالث من زيزينيا و«رز الملائكة» و«الابحار في زمن عاصي» وأتمنى أن يسمح لي ما تبقى من العمر للانتهاء من هذه الأعمال.