المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دريد لحام : نحن نضحك ألما !



مجاهدون
11-12-2005, 03:18 PM
اجرى الحوار: هيام حموي

إضغط هنا لتستمع الى المقابلة الصوتية (http://arabic.cnn.com/audio/0510/lahham.asx)


بعد طول انتظار.. تمكن النجم الكبير دريد لحام من تحقيق حلم قديم يراوده منذ سنوات بعيدة.. فقد انتهى من تصوير فيلم "الآباء الصغار" الذي يحمل توقيعه كممثل ومخرج.. إضافة إلى وجود توقيعه ككاتب لسيناريو الفيلم، بالإشتراك مع السينمائي السوري المقيم بالقاهرة، الدكتور رفيق الصبان.

دريد لحام.. الذي شارك في تمثيل عشرات الأفلام السينمائية، سبق أن أخرج ثلاثة أفلام، هي "الحدود"، و"التقرير" و"الكفرون"، الذي قام بأدائه مع مجموعة من الأطفال.

كما أن الاهتمام الخاص الذي كان دريد لحام يوليه، ولا يزال، لعوالم الطفولة، أهّله لحمل لقب "سفير النوايا الحسنة"، وذلك في إطار منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة.. لكن التعاون مع المنظمة الدولية توقف بعد أزمة نشبت بين الطرفين.

فيلم "الآباء الصغار" من إنتاج سوري مصري مشترك، وتساهم في بطولته، إلى جانب دريد لحام، النجمتان حنان الترك من مصر، وسلمى المصري من سوريا.

في هذا الحوار الهاتفي مع CNN بالعربية، سألنا بداية عن سبب التأخير الطويل في إنجاز الفيلم، أجاب دريد لحام:

لأنني بشكل عام أعمل ببطء.. وقد يصل في بعض الأحيان إلى درجة الكسل.. إذ تأتي إلى بالي فكرة ما، أترك هذه الفكرة لبعض الوقت لتختمر.. وعندما تصبح جاهزة أشعر وكأنها تطرق على جدران رأسي من الداخل، أو كأنها تقول لي الآن جاء دوري...

واضاف: هذا ما حدث معي بالنسبة لفكرة "الآباء الصغار"، الموجودة في ذهني منذ عام 1970، وقد أخذت عنها إجازة وزارة الثقافة منذ ذلك العام، إلى أن جاء دورها في العام 2005.

وتابع الحديث: عن هذا الفيلم أستطيع القول إنه فيلم عائلي، ليس للكبار فقط، أو للصغار فقط.. بل هو لكل العائلة.. وقد لجأت، على عكس المفاهيم في موضوعه.. فمن المتعارف عليه أن الأهل يعملون لكي يتمكن الأبناء من إتمام تعليمهم.. ولكن في هذا الفيلم، نجد الأطفال هم الذين يعملون لكي يتمكن الأب من إتمام تعليمه..."

هل أردت بهذا الفيلم إيصال فكرة حول معاناة الأطفال في عالم اليوم، أم عن ظاهرة التفكك الأسري في هذا العصر؟
قال: الواقع إن ما أردت إيصاله من أفكار له علاقة بالحنين إلى القيم والمثل التي أصبحت مفقودة في عالم اليوم، كالوفاء والإخلاص، والتماسك الأسري. ولهذا السبب كنت قد عملت على تصوير مسلسل "الأصدقاء"، حيث كرّست موضوع الوفاء.. هنا في هذا الفيلم أحاول التركيز على مسألة التلاحم الأسري، وكيف يمكن أن يصنع المعجزات.

إلى أي مدى يمكن للتذكير بهذه القيم، أن يخترق جدار العالم المادي اليوم؟
قال: أنا شخصيا على قناعة بأنه داخل كل إنسان يوجد الخير والشر، وأي عمل قادر على إيقاظ هذا الجانب أو ذاك.. وأنا أحب تقديم الأعمال التي توقظ جانب الخير لدى الناس.. طبعا ليس بإمكان هذا الموضوع، مثلا، أن يغّير طبيعة الكون، أو تركيبة المجتمع، لكن الجانب الخيّر قد يصبح أقوى قليلا، مع وجود أعمال تحمل مثل هذه القيم.

ذكرت أنك تحمل مشروع هذا الفيلم منذ سنوات طويلة.. هل حدثت تغييرات في الفكرة أو التفاصيل مع مرور السنوات؟
أجاب: التفاصيل بقيت مثلما كانت في الفكرة الأصلية.. وأنا مصرّ على المشاعر النبيلة، بعد أن كثر تناول مواضيع، كالعنف والمخدرات والإيدز، في غالبية الأعمال الدرامية العربية.. وطالما أن أكثر الأعمال تذهب في هذا الاتجاه، رأيت أنه لا بأس من تكريس المعاني الجميلة في عملي هذا.

كيف تستطيع المحافظة على تفاؤلك وإيمانك بهذه القيم، بالرغم من كل ما يجري؟ قال: استطيع التذكير بالمقولة الشائعة "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل".. فمن غير الممكن العيش من دون أمل.. وفقدان الأمل يعني أن الحياة أصبحت مظلمة، قاتمة، حتى وإن كان القلب لا يزال بنبض... إذا لم يكن الحلم موجودا، علينا أن نوجده.

نذّكر أن في مسرحية "كاسك يا وطن" كانت كلمة "أحلام"، أو اسم "أحلام" يتردد باستمرار.. ما الذي بقي من أحلامك اليوم؟
قال: أحلامي لا زالت كلها موجودة حتى الآن.. ربما إذا ألقى المرء نظرة على داخله اليوم، قد يشعر بالإحباط.. لكن وجود الأمل يقضي على هذا الإحباط.. وأنا بطبيعتي من النوع الذي يقول: غدا سيكون أفضل! لأن حال الحاضر من أسوأ ما يكون.. تعرفين أن هنالك قاعا لكل شيء، كما أن له قمة، ونحن قد هبطنا إلى ما هو أخفض من القاع!!!

وما الذي لا زال متبقيا من مشاريعك القديمة، ويمكن أن يظهر على المدى القريب أو البعيد؟
قال: لا زال لدي مشروع فيلم "وطن في السماء"، وهو في الحقيقة صيغة أخرى لفكرة فيلم "الحدود"، المتعلق بالإشكالات التي تحدث على الحدود بين بلدان الوطن العربي.. هذه الإشكالات التي تشبه في تشعباتها قصص الحب، كل يوم تفتح على تفاصيل لم تكن تخطر على البال.

عندما كان الناس يرتادون السينما كنت تقدم أعمالا تلفزيونية.. واليوم حين تعلق الناس بالتلفزيون نجدك تتجه إلى السينما!! أجاب: فعلا.. فأنا أريد أن أعيدهم إلى السينما...الواقع، أنا لا أظن أن الناس ابتعدت عن السينما، لكن التركيبة الاجتماعية باتت تؤثر في كيفية ارتياد الصالات.. إذا أخذنا مثلا مدينة دمشق، التي ازداد عدد سكانها بشكل هائل، أصبح المجيء إلى وسط المدينة لدخول صالة عرض سينمائية ضربا من المستحيل.. لذلك فإن المدن الكبرى في العالم ابتكرت ما يُعرف باسم "سينما الحي"، وهي عبارة عن صالات عرض صغيرة في الأحياء.. هذا أعاد الناس إلى فن السينما في بعض البلدان ومنها مصر..

وأضاف: أذكر مثلا قبل سنوات بعيدة، عندما كنا في سن الشباب، ونذهب إلى السينما، كنا نعرف بعضنا البعض، وكنا قبل بداية العرض نلقي بالتحية على نصف الحاضرين في القاعة، كان يجب أن أكون مطمئنا لمن هم يجلسون من حولي عند انطفاء الأنوار.. لذلك، أعتقد أن" سينما الحي" تحل الإشكال الاجتماعي لمسألة السينما.

إذا فكرت في العودة إلى التلفزيون، هل سيكون عن طريق برنامج، أم عن طريق مسلسل تلفزيوني؟
قال: أنا شخصيا متحّمس جدا للعودة ببرنامج للأطفال، على نسق برنامج "عالم دريد"، لأني أحب عالم الأطفال الذي يشدني بسحره.. وبالمناسبة أنا أتعلم كثيرا من الأطفال.

اليوم عندما تلتقي بالأطفال، الذين عملت معهم قبل سنوات، وتأثروا بعملهم معك، هل تجد أنهم مختلفين عن غيرهم بعد أن دخلوا عالم الكبار؟
أجاب: الحقيقة أنهم تعلموا أشياء.. لكن أحب أن أقول انني أتعلم منهم ايضا.. يعني مثلا، يأتي حفيدي، الذي يبلغ من العمر ست سنوات، وهو يرتعد خوفا عند سماعه هدير الرعد، يخاف ويجري نحوي مرتجفا، وبعد أن يشعر بشيء من الأمان في حضني، أجده يلتفت نحو السماء ليقول: " ياربي.. لماذا تخيفني وأنا أحبك..."، فأدهش لبساطة التعامل مع الخالق.. وهي بساطة أعرفها، لكنها مع تقدم العمر، تغيب عن بالي.. أي أن هذا الطفل ابن السنوات الست، ذكرني بأن علاقتنا بالله هي علاقة محبة...

ما الذي يمكن أن يضحكك اليوم؟
قال: أشياء كثيرة.. ولكن الضحك اليوم لا يأتي من جهة فناني الكوميديا، لأن السياسيين "قطعوا رزقهم"!! ... السياسيون هم الذين يضحكوني، عندما أستمع إلى تصريحاتهم.. نحن نضحك فعلا، لكن نضحك "ألما"!!!

وماذا عن تجربتك مع الأمم المتحدة، كسفير لليونيسيف؟
قال: أؤكد لك أنني كنت سعيدا جدا بهذه التجربة، خاصة وأنها تخدم عالم الأطفال.. لكن المشكلة كانت في أن الأمم المتحدة تريد أناسا بدون ملامح، وأنا لست هكذا.. لقد انتقدوا أقوالي عندما أعلنت أني أفتخر بصداقتي للمقاومة اللبنانية.. واتهموني بمساندة الإرهاب، مما جعلني أفكر بأنه لم يعد هنالك وجود للمباديء الأولى التي تأسست بموجبها هذه الهيئة الدولية....

وماذا عن إحساسك بما يجري اليوم بالنسبة لسوريا؟
رد قائلا: نحن نعرف أن القوى العظمى اعتادت أن تضع لنفسها هدفا، ثم تقرر أن توجد له مبررا، أو أنها قد تخلق هذا المبرر... طبعا أنا من جملة هؤلاء الناس الذين يؤمنون بضرورة معرفة المسؤولين عن العمل الإجرامي الذي نال من الحريري، وضرورة معاقبته، أيا كان.. انطلاقا من هنا، لا يجوز أن يدفع شعب بأكمله ثمن جريمة لم يرتكبها.