مجاهدون
11-12-2005, 02:59 PM
عدنان حسين
هل تريدون الحقيقة أم ابنة عمها في ما خصّ قضية التفجيرات الارهابية التي استهدفت ثلاثة فنادق في العاصمة الاردنية عمان؟
ابنة عم الحقيقة هي ان هذه التفجيرات عمل ارهابي يستحق كل الاوصاف الذميمة التي كيلت له من الاردنيين، حكومة وأهالي، ومن غيرهم، وان مرتكبيه مجرمون قتلة ارهابيون يستحقون بدورهم كل النعوت الشائنة التي وجهها اليهم الاردنيون وغيرهم، ويجدر بنا ان نلعنهم في الصباح والمساء وعند الظهيرة، وان نكرر دونما ملل ان الاسلام والعروبة براء منهم. وهذا هو كل شيء، انتظارا لعمل مماثل في الاردن او في غيره لنعيد الكلام نفسه بالكلمات ذاتها.
اما الحقيقة فشيء آخر يُضاف الى هذا، هو ان هذا العمل الارهابي لم ينشأ من العدم وان مرتكبيه الارهابيين لم يأتوا من جزيرة معزولة في طرف ناء من محيط بعيد. هذا العمل الارهابي هو جزء من موجة الارهاب العالمي الذي يصر اصحابه على دمغه بدمغة «الجهاد الاسلامي»، ونجحوا في جعل العراق ساحة رئيسية له، منها بدأوا يتمددون الى الجيران وسينتقلون لاحقا الى جيران الجيران.
الحقيقة ايضا ان العراق ما كان ليصبح مقرا للارهاب والإرهابيين لو لم يكن جيران العراق ممرا للارهاب والإرهابيين الذين ما عادت الساحة العراقية بمفردها تسعهم.
والحقيقة ان مرتكبي تفجيرات الفنادق في عمان لم ينزلوا من السماء بـ »طواقي اخفاء«، فلا بدّ انهم تلقوا في حلّهم وترحالهم التسهيلات من اناس داخل البلد، مواطنين ومقيمين. واهم هذه التسهيلات قاطبة هي التي ظلت تقدمها مؤسسات اردنية (وبخاصة احزاب ونقابات ووسائل اعلام متطرفة اصولية وقومجية)، لم تألو جهدا في أي يوم من الايام في تبرير اعمال الارهاب في العراق، بل كذلك التحريض عليها وتقديم كل اشكال الدعم للقائمين بها ورفعهم الى مرتبة المقاومين فيما هم في الواقع مجرمون قتلة ارهابيون، لا يخهاتف في شيء ابدا عن ارهابيي الفنادق في عمان، بل ان هؤلاء اعضاء في خلايا اولئك..
الحقيقة ايضا ان دائرة الشركاء في التشجيع على الارهاب الذي ضرب الاردن، ويضرب العراق بعدد ساعات اليوم، ويضرب غيرهما من آن الى آخر، تتسع لتشمل احزابا ونقابات ووسائل اعلام وشخصيات (اصولية متطرفة وقومجية)، تمتد رقعة انتشارها من المحيط الى الخليج. وهؤلاء تتسابق معهم الفضائيات التلفزيونية المتنازعة على الفضاء العربي باقل اعتبار لقواعد المهنة ومعايير المسؤولية الاجتماعية.
هل عليّ ان اقدم الدليل؟
حسنا لنأخذ الحدث الاخير: تفجيرات فنادق عمان. فمنذ الدقائق الاولى لشيوع خبر تلك التفجيرات حاولت فضائية «الجزيرة» بإلحاح ايجاد صلة عراقية وإسرائيلية بالهجمات من خلال التركيز المتكرر على ان احد الفنادق الثلاثة يقيم فيه عادة مسؤولون عراقيون وان فندقا آخر يقع بالقرب من السفارة الاسرائيلية، ووقعت في الفخ نفسه فضائية «العربية» التي للتو ترسخت فيها تقاليد الموضوعية والحياد (بفضل عبد الرحمن الراشد من غير شك)، وفي الاثر مشت فضائية ابو ظبي الذاهبة الى «مكة» «المقاومة العراقية» فيما «الحجاج» عائدون منها!
بعد وقت لم يطل كثيرا عرف الجميع ان الضحايا (القتلى والجرحى والمتضررون ماديا) في معظمهم اردنيون، وان هؤلاء في معظمهم كانوا يحضرون حفلي زفاف، وكان بينهم اطفال رضّع، لم يستحقوا من الفضائيات الثلاث ان تُلحف في معرفة حقيقتهم، مثلما سارعت الى اعطاء الانطباع بان التفجيرات الارهابية هي من اعمال «المقاومة»، لأنها استهدفت «اعداء» عراقيين وإسرائيليين!
ترى لو كان فعلا بين الضحايا مسؤولون عراقيون ودبلوماسيون اسرائيليون، هل كانت الطبيعة الارهابية لهذا العمل ستنقلب رأسا على عقب؟..ابنة عم الحقيقة ان هذا الانقلاب لن يحدث، لكن الحقيقة ان كثيرين في الاردن وفي خارجه كانوا سيصفقون بحماس منقطع النظير للارهابيين الذين روّعوا الاردن وما انفكوا يروّعون العراقيين بعدد ساعات اليوم... كل يوم.
a.hussein@asharqalawsat.com
هل تريدون الحقيقة أم ابنة عمها في ما خصّ قضية التفجيرات الارهابية التي استهدفت ثلاثة فنادق في العاصمة الاردنية عمان؟
ابنة عم الحقيقة هي ان هذه التفجيرات عمل ارهابي يستحق كل الاوصاف الذميمة التي كيلت له من الاردنيين، حكومة وأهالي، ومن غيرهم، وان مرتكبيه مجرمون قتلة ارهابيون يستحقون بدورهم كل النعوت الشائنة التي وجهها اليهم الاردنيون وغيرهم، ويجدر بنا ان نلعنهم في الصباح والمساء وعند الظهيرة، وان نكرر دونما ملل ان الاسلام والعروبة براء منهم. وهذا هو كل شيء، انتظارا لعمل مماثل في الاردن او في غيره لنعيد الكلام نفسه بالكلمات ذاتها.
اما الحقيقة فشيء آخر يُضاف الى هذا، هو ان هذا العمل الارهابي لم ينشأ من العدم وان مرتكبيه الارهابيين لم يأتوا من جزيرة معزولة في طرف ناء من محيط بعيد. هذا العمل الارهابي هو جزء من موجة الارهاب العالمي الذي يصر اصحابه على دمغه بدمغة «الجهاد الاسلامي»، ونجحوا في جعل العراق ساحة رئيسية له، منها بدأوا يتمددون الى الجيران وسينتقلون لاحقا الى جيران الجيران.
الحقيقة ايضا ان العراق ما كان ليصبح مقرا للارهاب والإرهابيين لو لم يكن جيران العراق ممرا للارهاب والإرهابيين الذين ما عادت الساحة العراقية بمفردها تسعهم.
والحقيقة ان مرتكبي تفجيرات الفنادق في عمان لم ينزلوا من السماء بـ »طواقي اخفاء«، فلا بدّ انهم تلقوا في حلّهم وترحالهم التسهيلات من اناس داخل البلد، مواطنين ومقيمين. واهم هذه التسهيلات قاطبة هي التي ظلت تقدمها مؤسسات اردنية (وبخاصة احزاب ونقابات ووسائل اعلام متطرفة اصولية وقومجية)، لم تألو جهدا في أي يوم من الايام في تبرير اعمال الارهاب في العراق، بل كذلك التحريض عليها وتقديم كل اشكال الدعم للقائمين بها ورفعهم الى مرتبة المقاومين فيما هم في الواقع مجرمون قتلة ارهابيون، لا يخهاتف في شيء ابدا عن ارهابيي الفنادق في عمان، بل ان هؤلاء اعضاء في خلايا اولئك..
الحقيقة ايضا ان دائرة الشركاء في التشجيع على الارهاب الذي ضرب الاردن، ويضرب العراق بعدد ساعات اليوم، ويضرب غيرهما من آن الى آخر، تتسع لتشمل احزابا ونقابات ووسائل اعلام وشخصيات (اصولية متطرفة وقومجية)، تمتد رقعة انتشارها من المحيط الى الخليج. وهؤلاء تتسابق معهم الفضائيات التلفزيونية المتنازعة على الفضاء العربي باقل اعتبار لقواعد المهنة ومعايير المسؤولية الاجتماعية.
هل عليّ ان اقدم الدليل؟
حسنا لنأخذ الحدث الاخير: تفجيرات فنادق عمان. فمنذ الدقائق الاولى لشيوع خبر تلك التفجيرات حاولت فضائية «الجزيرة» بإلحاح ايجاد صلة عراقية وإسرائيلية بالهجمات من خلال التركيز المتكرر على ان احد الفنادق الثلاثة يقيم فيه عادة مسؤولون عراقيون وان فندقا آخر يقع بالقرب من السفارة الاسرائيلية، ووقعت في الفخ نفسه فضائية «العربية» التي للتو ترسخت فيها تقاليد الموضوعية والحياد (بفضل عبد الرحمن الراشد من غير شك)، وفي الاثر مشت فضائية ابو ظبي الذاهبة الى «مكة» «المقاومة العراقية» فيما «الحجاج» عائدون منها!
بعد وقت لم يطل كثيرا عرف الجميع ان الضحايا (القتلى والجرحى والمتضررون ماديا) في معظمهم اردنيون، وان هؤلاء في معظمهم كانوا يحضرون حفلي زفاف، وكان بينهم اطفال رضّع، لم يستحقوا من الفضائيات الثلاث ان تُلحف في معرفة حقيقتهم، مثلما سارعت الى اعطاء الانطباع بان التفجيرات الارهابية هي من اعمال «المقاومة»، لأنها استهدفت «اعداء» عراقيين وإسرائيليين!
ترى لو كان فعلا بين الضحايا مسؤولون عراقيون ودبلوماسيون اسرائيليون، هل كانت الطبيعة الارهابية لهذا العمل ستنقلب رأسا على عقب؟..ابنة عم الحقيقة ان هذا الانقلاب لن يحدث، لكن الحقيقة ان كثيرين في الاردن وفي خارجه كانوا سيصفقون بحماس منقطع النظير للارهابيين الذين روّعوا الاردن وما انفكوا يروّعون العراقيين بعدد ساعات اليوم... كل يوم.
a.hussein@asharqalawsat.com