المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كل قليلا تعش طويلا



على
11-10-2005, 04:11 PM
لندن- ديفيد ماتين (ذي تايمز)


يتكون الافطار بالنسبة لديفين فيشر دائماً من بياض بيضة واحدة. وحتى هذه الوجبة يتناولها على مضض، ولكنه يقوم بذلك لتفادي تناول المغذيات الاضافية من الفيتامينات والمعادن التي يتعاطاها يومياً، وهي مكونة من ستة كبسولات يتناولها والمعدة خاوية من الطعام.

ويراقب فيشر وجبتي الغداء والعشاء بحرص، وبانضباط بالغ حيث يلتزم بتناول 1600 سعرة حرارية في اليوم، وتقل هذه الكمية كثيراً عن كمية السعرات الحرارية البالغة 2550 سعرة التي توصي مؤسسة التغذية البريطانية الرجال بتناولها. غير ان فيشر لا يرغب في انقاص وزنه. فهو عندما بدأ يأكل بهذه الطريقة قبل 16 عاماً لم يكن يعاني زيادة في الوزن. بل انه يلتزم بشدة ببرنامج غذائي مثير للجدل يعرف باسم «تقييد السعرات الحرارية» ويرى اتباع هذا النظام الغذائي انه من خلال انقاص السعرات الحرارية التي يتناولها، وفي بعض الاحيان بنسبة اربعين في المائة من الكمية التي يوصى بتناولها «وهي كمية تزيد قليلاً عن المستوى الذي يقود الانسان الى خطر اتلاف العضلات»، فانهم يستطيعون ابطاء وتيرة عملية تقدم السن والاصابة باعراض الشيخوخة. وهم بذلك انما يحاولون ابطاء حركة الجسم البيولوجية.

ويتوقع بعض الملتزمين بنظام تقييد السعرات الحرارية بثقة انهم قد يعيشون حتى بلوغ سن المائة والثلاثين ويدعون ان ما يقومون به يعتبر «الطريقة الوحيدة المثبتة علمياً لاطالة العمر حسب العلم الحديث».

وتعود هذه الطريقة العلمية الى عام 1935 عندما اكتشف البروفيسور كلايف ماكاي من قسم العلوم في جامعة كورنيل ان الفئران التي تعطى نسبة قليلة ومحدودة من السعرات تبدو وتيرة زيادة العمر لديها بطيئة، وتعيش لفترة تطول بنسبة خمسين في المائة مقارنة بغيرها من الفئران التي تركت لتأكل كيف شاءت. كما لوحظت هذه الظاهرة نفسها خلال العديد من التجارب العلمية التي اجريت منذئذ على الفئران والديدان والكلاب وغيرها من الحيوانات. وقد بدأ فيشر البالغ من العمر 48 عاماً اجراء دراسات في طريقة تقييد السعرات الحرارية في عام 1989 بعد اطلاعه على احدى تلك التجارب.

ويجري الدكتور مارك ماتسون من معهد دراسات الشيخوخة الوطني في بالتيمور اول دراسة كبرى حول الاثار البعيدة المدى لاكتفاء الشخص بوجبة او وجبتين من الوجبات الثلاث. وعلى كل فانه لا توجد بعد ابحاث تثبت نجاح طريقة تقييد السعرات الحرارية بالنسبة للانسان وهناك مخاوف من ان من يقدمون لتخفيض تناول السعرات الحرارية تخفيضاً جذرياً قد يصابون بنقص في بعض المغذيات الاساسية الحيوية.

وقد قرر فيشر ادخال تغييرات في اسلوب حياته، وكانت البداية التخلي تماماً عن تناول الحلوى، والطحين، وانقاص الكميات التي يتناولها من الطعام، ويقول انه منذ الطفولة ظل يعتقد ان الانسان سيتمكن من علاج الشيخوخة في المستقبل. وهذا امر استطيع ان احققه الآن فالعالم اثبت ان طريقة تقييد السعرات الحرارية يمكن ان يحقق النجاح وتمكن فيشر من انقاص وزنه من سبعين الى ستة وخمسين كيلو غراما ويتذكر تلك الفترة ويقول «كنت ابدو نحيلاً وهزيلاً، واشعر بالجوع، وعلى الرغم من انني كنت اتناول كميات اقل من الطعام الا انني ظللت اتناول الاطعمة غير المغذية وطريقة تقييد السعرات الحرارية لا تعني فقط تناول كميات اقل من الطعام، بل الالتزام بتناول اكبر قدر من المغذيات. والفكرة من وراء ذلك هي ان الملتزمين بهذه الطريقة لا يأكلون كثيراً، ولكن كل ما يتناولونه من الطعام يزخر بالفيتامينات والمعادن وذلك حتى يتفادوا الاصابة بسوء التغذية.

ووجبة الغداء التقليدية بالنسبة لفيشر قد تحتوي على قطع من صدر الدجاج، وكمية قليلة من التوت الازرق والاحمر او الفول، وتمرتين وقد تبدو هذه كمية كبيرة، ولكن لانه يلتزم بتناول 600 سعرة حرارية غالباً ما يأكل القليل من كل نوع من هذه الانواع ويترك الباقي، وبالنسبة إلى العشاء ربما يأكل الربيان الحار مع البطيخ، ولكنه يستبعد المعكرونة والبطاطس لانهما يمنحان طاقة كبيرة ولكن لا يحتويان على مغذيات كافية. وكذلك الحال بالنسبة إلى لحم البقر، والخنزير، والضأن ومنتجات الألبان، كما انه لا يتعاطى الكحول، وقد زاد وزنه بعد اتباع هذا النظام الغذائي خمس كيلو غرام.

ويقول فيشر «انني لا اشعر بالجوع البتة بل احس انني ممتلئ بالطاقة وفي بعض الاحيان عندما اشم رائحة حلوى الدونت اشتاق إلى تناولها، ولكنني لا افعل ذلك».

والالتزام بطريقة تقييد السعرات الحرارية قد يكون مكلفاً اذ ينفق فيشر مبلغ 15 دولار على الغداء كل يوم. كما ان هناك اثارا جانبية لهذا النطام الغذائي حيث يشعر الملتزمون به بالبرد حتى في الصيف ويقول فيشر ان جسمي لا يهدر السعرات الحرارية في انتاج طاقة حرارية اضافية. وهو يرى ان هذه الطريقة الغذائية افادته. وقد ذهب منذ عامين الى جامعة واشنطن للمشاركة في دراسة مستمرة منذ فترة حول تأثير نظام تقييد السعرات الحرارية على الانسان واجراء فحوص خاصة باللياقة الجسدية. وقد اثبتت الفحوص انه ينتمي الى نسبة العشرة في المائة الأعلى فيما يتعلق بصحة القلب والشرايين، وذلك علي الرغم من ان القدر الذي يحصل عليه من الطاقة لا يمكنه من ممارسة الكثير من التمارين الرياضية كما اثبتت الفحوص الاخرى الخاصة بالدهون في الجسم والكوليسترول الى انه رجل يقل عمره عشرين عاماً عن سنه الحقيقي.

وكانت التجارب التي تجريها جامعة واشنطن بدأت في عام 2002، ويشارك فيها ثلاثون شخصاً.

ويقول الدكتور لويجي فونتانا، الباحث الاكلينيكي ان من يتبعون طريقة تقييد السعرات الحرارية يشيخون بوتيرة اكثر بطأ عن غيرهم ويضف «ولنأخذ ضغط الدم الانقباضي على سبيل المثال فهو عادة ما يرتفع مع تقدم السن، ويعود ذلك جزئياً الى تصلب الشرايين. وفي المجموعة التي اشرف عليها يبلغ متوسط العمر 55 عاماً، اما ضغط الدم الانقباضي لديها فهو 110 وذلك يعتبر المستوى الذي يكون لدى من هم في العشرين من العمر وبالطبع لا استطيع القول اذا ما كان افراد هذه المجموعة سيعيشون حتى يبلغوا سن المائة والثلاثين. فهنالك العديد من العوامل التي لا يمكن السيطرة عليها تؤثر في اطالة الحياة كما انه ليس لدي ادلة كافية تشير الى ان عملية التقدم في السن تسير لديهم بوتيرة بطيئة ولكن الامر يبدو كذلك.

وعلى الرغم من ذلك، فان فونتانا لا يتبع ذلك النظام الغذائي ويقول «انني اتناول وجبات صحية ولا اتشدد في مسألة مراقبة السعرات الحرارية فالنظام الغذائي الصحي امر مهم ايضاً. وانا احاول تناول الاطعمة ذات القيمة الغذائية العالية القليلة السعرات الحرارية مثل الفواكه وتفادي المأكولات ذات القيمة الغذائية المتدنية التي تتميز بارتفاع السعرات الحرارية مثل الخبز الابيض.

ويتوصل القائمون على دراسة جامعة واشنطن الى متطوعين للمشاركة فيها عن طريق اكبر منظمة تضم اتباع طريقة تقييد السعرات الحرارية وهي جمعية تقييد السعرات الحرارية في كاليفورنيا، وقد جرى تأسيس هذه الجمعية في التسعينات على يد براين ديليني وهو استاذ جامعي، ومؤلف كتاب «ريجيم المائة والعشرين عاما» الرائج في اوساط اتباع ذلك النظام الغذائي، روي والفورد ،ويعتبر والفورد استاذ علم الامراض في كلية الطب في جامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس اشهر الداعين الى اتباع طريقة تقييد السعرات الحرارية. وكان يتبع هذه الطريقة، ولكنه توفي في العام الماضي وهو في سن التاسعة والسبعين اثر اصابته بمرض في الاعصاب ويتناول اعضاء الجمعية في موقعها بشبكة الانترنت الوصفات الغذائية ويناقشون اخر البحوث في هذا المجال.

ويقول الدكتور ديريك شريمبتون استشاري التغذية المتقاعد ان اتباع طريقة تقييد السعرات الحرارية يقفون عند «حافة الخطر» وانهم «اذا لم يوازنوا وجباتهم بدقة، فانهم يواجهون خطر الاصابة بنقص في الاحماض الامينية الحيوية وفيتامين (سي) و(دي) والسيليوم، والزنك، وانه ما لم يحصل الجسم على طاقة كافية، فان الانسان يصاب بضرر في العضلات، ويشعر بالتعب في كل الاوقات. ولم يحاول اي شخص الى الان اتباع هذا النظام الغذائي طوال حياته وبالتالي لا احد يعرف ان كان امناً ام لا او ان كان يحقق النجاح. وحتى ان كان كذلك فان معظم الناس لا يحبذون اتباع نظام يتصف بهذه الصرامة».

ويقدم شريمبتون لمن يودون العيش حياة صحية اطول نصيحة تقليدية تقول «خفض وزنك الى المستوى الادنى وحافظ عليه تناول وجبة غذائية متنوعة تحتوي على كميات اكبر من الفواكه والخضراوات».