المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حل مجلس الأمة لتسهيل الحكم وتنفيذ برامج الاصلاح



فاطمي
11-09-2005, 06:30 AM
شرط وجود برنامج حكومي صريح وفتح الشرايين المسدودة في الحياة السياسية العامة




كتب -أحمد الجارالله


قالت اوساط كويتية, اشتهرت بالخبرة والحكمة, ان سمو رئيس الحكومة الشيخ صباح الاحمد اصبح بحاجة الآن الى اتخاذ اجراءات استثنائية للخروج من وضع لم يعد طبيعيا ومقبولا, ويتمثل بما يشبه المواجهة الدائمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية التي وضعت الحياة السياسية في البلاد في حالة اختناق أو انسداد دائم, ورسمت صورة عن وجود محاور متقابلة تؤشر على وجود ازمة عميقة قد يكون عنوانها شلل الحكم, واستحالة التقدم نحو الاصلاح بكل رموزه السياسية والاجتماعية والاقتصادية, وصعوبة العمل بقوانين قديمة لم تعد صالحة لاحتواء حركة المجتمع الكويتي الحديث, وتلبية متطلباته.

وقالت هذه الاوساط ان الضجيج السياسي من هنا وهناك سيستمر في التصاعد, يساعده على ذلك جو الحرية والديمقراطية, ولن يستطيع احد كبح جماحه خصوصا واننا نقترب من موعد الانتخابات العامة. واشارت الاوساط ان من اخطر الامور ان يكون المرء كريما من مال غيره, في اشارة منها الى النواب الذين يتقدمون بلائحة طلبات يسيل لها لعاب الناس, وتطرب إليها آذانهم, ويرمون من ورائها الى التحضير لمعركة الانتخابات وحصد الاصوات, وتجديد العضوية.

وفي وضع كهذا, مباح ديمقراطياً, لا يمكن اصلاح العمل الدستوري لوجود اناس استفادوا منه, اي من الوضع الحالي, واصبحت لديهم مصالح مشروعة فيه, وبالتالي فان اي كلام عن تعديل الدوائر الانتخابية, او عن الاصلاح يبدو مستحيلاً, اذ ان لا احد من النواب, وغيرهم, يريد ان تتغير الاحوال, ولو نحو الافضل والاحسن. ويلاحظ في هذا المجال انه حتى النواب الذين يحترمون منطق العقل, ويتعاونون مع الحكومة سيراجعون مواقفهم اولاً, وثانياً فانهم لا يتفقون معها في قضايا كثيرة تؤثر على شعبيتهم او تنال منها فالمطالبة باسقاط الفوائد, وزيادة الرواتب, وتعديل الدوائر, لا يمكن لنائب ان يتخذ فيها موقفاً حكومياً, لان اعضاء مجلس الأمة في العموم يطالبون بما يخدمهم لا بما يخدم الشأن العام للدولة.

هل نحن في حالة بلغت حد استحالة التعاون بين السلطتين? الاوساط الحكيمة تقول لا فإذا كانت في ايدي النواب اوراق تساوم الحكومة عليها, فان لدى الحكومة اوراقاً دستورية عدة تضمن لها الغلبة وترجيح الموقف. فاذا كانت قناعات رأس الدولة, وأب السلطات كلها, ترى ان مرئيات الحكومة هي الاصلح لمستقبل الوطن ومستقبل ابنائه, ومستقبل الحياة العامة فيه, فلابد له وان يلجأ الى الأوراق الدستورية المتاحة له في وجه الأوراق الاخرى التي تمتلكها السلطات الاخرى وتلعب بها وهذا من حقها طبعاً, سواء كانت مجلس أمة أو صحافة, او مؤسسات مجتمع مدني, واذا لم تستخدم الحكومة أوراقها, وفضلت المزايدة الشعبوية, على غرار المجلس, فانها حتماً ستلحق الضرر بالشأن العام.. هناك اوراق للحكومة موجودة في الدستور ومن ضمنها ورقة حل مجلس الامة دستوريا, وفي مهلة الشهرين تحكم بالمراسيم, فتعدل الدوائر الانتخابية وفق مرئياتها ومرئيات رأس الدولة, وتنصرف الى اعادة النظر بكثير من القوانين السائدة.

واذا كانت مهلة الشهرين لن تكفيها فان في امكانها اللجوء الى الحل غير الدستوري, والموقت لمجلس الامة, فيرتاح سمو الرئيس, ولا يعود منزعجاً من طلبات نيابية يرى انها مزعجة للشأن العام, ولا يجوز تلبيتها, خصوصا وانها تعبث بثروات الدولة ولا تقره على توزيع الدوائر الانتخابية بالشكل الذي يفترض ان يكون ولا تجاريه في تطوير الاداء الدستوري, فلماذا لا يقدم على هذا الخيار الممكن على ان يحدد مهلة غياب الحياة البرلمانية بستة اشهر يصدر خلالها مراسيم الاصلاح في كل النواحي كما يحدث في دول كثيرة?

وتشير الاوساط الى ان رأس الدولة, والدولة, وحكومة الدولة, وسلطات الدولة هي المتمكنة من التغلغل في عمق الشأن العام, وهي التي تعرف احتياجاته للمستقبل, بعيدا عن عواطف العامة, واصحاب المصالح, وبعيدا عن الصخب الانتخابي.. رأس الدولة ورئيس الحكومة على دراية تامة بما يحيط بهما, وما يدور حولهما, ونظرتهما للمستقبل اكثر حدة وعمقا من نظرة العامة وبعض ممثليهم.
وتلفت الاوساط الى انه في حالة استبعاد قرار الحل, واللجوء الى الحكم بالمراسيم وابقاء الامور على ما هي عليه, فإن على الحكومة نفسها ان تتسلح بأدوات القوة في مواجهة هذا الصخب السياسي, وان تكون على مستوى من القدرة يمكنها من تمرير وجهة نظرها في اوساط الرأي العام الكويتي, واستقبال كل المنغصات التي تنتجها وتصدرها وجهة نظر نواب, وصحافة, وربما ايضا مؤسسات مجتمع مدني, ولا ننسى انها منغصات تحتاج اليها هذه الأطراف الاخرى, غير الحكومية, من اجل تسخين المزايدة على الشعبوية واستقطاب الشارع.

وفي هذا الجانب, وفي حالة امتناع أسباب القوة, حذرت الاوساط من ان الحكومة اذا عادت الى رأس الدولة واستشارته ورأت أن لديها اتجاها نحو حل المجلس, فانها لايجب ان تقدم على هذه الخطوة اذا كانت لا تملك برنامجا كاملا متكاملا للاصلاح, ستسعى الى تنفيذه, ويكون راجحا في قناعة الناس يجعلهم يبتلعون قرار الحل, دستورياً كان أو غير دستوري وموقت, ويقبلون به.

في السابق لم تكن لدى الحكومات المتعاقبة برامج تطويرية واصلاحية بما في ذلك رفع اداء الدستور وتوجيه مواده نحو حرية اكثر ونحو خدمة افضل لمصالح الناس ونحو تحديثه بما يناسب العصر ومتطلباته, قبل ان تقدم على تعليق الحياة البرلمانية وحل المجلس ولذلك كانت قرارات الحل فاقدة للبوصلة, ولم تخدم اي غرض سياسي.

وفي كل حال تقول الاوساط, فان كل قوانيننا السائدة قديمة تعيق التنمية والقرار الحكومي, وتنال من حقوق الناس, والسبب هو ان الدستور, ومنذ اكثر من اربعة عقود, جامد وغير متكيف مع الوقت الحالي او ان القوانين المستندة اليه تحتاج الى ثورة تجعلها احسن اداء ومرونة. واذا كان سمو رئيس الحكومة الشيخ صباح الأحمد يهجس بالاصلاح الا انه لا يستطيعه بسبب هذه القوانين البالية التي تحول بينه وبين تنفيذ مرئياته وخططه للحاضر وللمستقبل.