المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللهم إني بلغت ! ..............الشيخ عفيف النابلسي



سلسبيل
11-09-2005, 12:02 AM
الشيخ عفيف النابلسي

رئيس هيئة علماء جبل عامل




ثبت لدينا بالوجه الشرعي. لم يثبت لدينا بالوجه الشرعي. هذه الكلمات التي نرددها وترددها معنا كل المرجعيات الدينية مع بداية ونهاية شهر رمضان تحديداً تقع في صميم مأساة المسلمين، وتضاف الى محنهم وما تجتلبه من شرخ ديني وتفسخ اجتماعي. فليست محن الأمة منحصرة في السياسة والثقافة والفكر والسلوك.. بل تمتد الى الدين وما أدراك ما الدين!. ففي حين تعيّد شعوب مسلمة في أقطار من العالم، تتابع أخرى مواصلة فريضة الصيام. والأمّر من ذلك أن ينقسم الناس في بلد واحد بين صائم وآخر يتبادل وأرحامه وصحبه فرح العيد وهداياه. وهو حالنا في العيد الأخير الذي مرّ رماديّاً في إيقاعه، دون أن يعرف الملأ من الصائمين وغيرهم سبب استمرار هذا الواقع المؤلم والمحزن الذي لم يستطع معه الفقهاء أن يجدوا طريقهم الى صياغة موقف اجتهادي واحد يرفع البلوى ويضيّق الهوّة والفوارق بين المسلمين، ويخفف من حدة الاشكالات والانتقادات التي تنصب لتذكر من له الحل والربط ان الله يريد بالأمة اليسر ولا يريد بها العسر.

لم يعد خافياً ان عائلات كبيرة انقسمت بين مؤيد لهذا الرأي الذي يجيز الإفطار، وبين معارض يضرب بعصا النص وحرفيته ولا يرى عنه بديلاً.

ومن منا لا يعرف ان فئات واسعة من الناس تسافر المسافة الشرعية لترفع حرجاً اجتماعياً ولكنها تصرف مقابل ذلك مئات ألوف الدولارات، وقوداً وزمناً ضائعاً، والتي تذهب جميعها بلا طائل ولا معنى، تكفي وحدها لبناء عشرات المدارس، ومساعدة آلاف المرضى والجوعى والمعوزين.
فقد تراءى لي العيد هذا العام وما لحقه من ملابسات بأكثر مما يمكن احتماله، وربما هناك ما يبرر حقاً سخط امرأة أفطر بعض بنيها وبقي البعض الآخر صائماً، وسألتني وهي تتشظى حنقاً عن مصير أمة لم يتفق كبارها على أعيادهم وأتراحهم! فكيف يتفقون على ما هو أخطر!.

وبمعزل عما أراه ويراه غيري وعلى رأسهم استاذانا الشهيد السيد محمد باقر الصدر والإمام موسى الصدر في خصوص هذه المسألة من موقف اجتهادي يضع حداً لشرذمة المسلمين عند كل عيد، يكفي النظر في هذه العيّنة لنعيد النظر ببعض اجتهاداتنا التي من المفترض ان تتوافق وتتلاءم والشريعة السمحة السهلة، التي بُعث بها نبينا محمد، وأن نستدرك قاعدة مهمة من قواعد الفقه التي تقوم على أساس رفع الحراجة في الدين عن المسلمين. فالأوامر الإلهية وقوانين الإسلام لا تقوم على المشقة بل على اليسر والسماحة، فلنذهب بعيداً في مقاصد الشريعة فذلك أهدى للناس وأرحم، وأدعى لحفظ الدين وما أدراك ما الدين... اللهم إني بلغت!.