تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عبدالله بشارة الأمين الأسبق لمجلس التعاون:أسافر بدون تأمين صحي وأتمنى أن يترفق الطبيب بفاتورة العلاج



هايل
09-15-2025, 09:36 PM
https://pbs.twimg.com/media/G01KPe_XAAAbHis?format=jpg&name=medium

ستون يوماً.. في لندن

عبدالله بشارة - القبس

14 سبتمبر 2025


فرضت علي الظروف والالتزامات الاسرية التردد على لندن طوال فترة هذا الصيف متواجداً في المنطقة التي يرتاح لها السواح الكويتيون المقابلة لمبنى سيلفريدجز في شارع أكسفورد، حيث تتكاثر فيها تنوعات المطاعم والمقاهي ويتآلف معها أبناء الكويت صباحاً للفطور والغداء وعشاء في المساء، وأهم ما يغريهم تنوع المطاعم والمقاهي من تركية وايطالية ومحلية، فلكل مزاج زوايا معينة.

كنت أذهب الى مكان هذا التجمع عابراً الى شارع الاطباء فأراهم في الصباح منشغلين بالافطار وظهراً بالغداء ومساء بجلسات طويلة في المقاهي. كانت الاعداد الخليجية من السواح هذا العام تفوق ما قبله من سنوات ومن جميع المستويات، محتلين كل الزوايا وفي جميع الاوقات. والتقي هناك مع الاخوة الكويتيين المرتاحين من الموقع والعارفين بكل زواياه والمستفيدين من كل تسهيلاته، كما التقيت مع عدد من الاخوة من دولة قطر ومن دولة الامارات، حيث تصاعدت اعدادهم هذا الصيف لاسيما بعد تملك دولة قطر أشهر فندق في المنطقة، حيث تم شراء كلاريدج Claridge.

المحافظ على مكانته كفندق الملوك والابهة، ولان الفندق محاذ لاهم شارع للتسوق واسمه شارع بوند Bond Street، فتكاثرت أعداد الخليجيين واتسع تواجدهم وتعددت مواقعهم. ومن اللقاءات مع بعض السواح الخليجيين، نتعرف على تنوعات الاهتمامات، فاكثرهم قانعون ومرتاحون لما يشغل السواح في أي مكان، زيارات للاسواق والتعرف على الجديد من مواقع الترفيه للاطفال والبحث عن فرص تخفيض الاسعار، وهذا الوضع ينطبق على جميع سواح الخليج، بينما تبقى مجموعة عشاق المسرح والموسيقى والزوار الباحثين عن اخر المطبوعات من مستجدات الكتب من سياسية وتاريخية ومسيرة السياسيين والقادة، والبعض منهم يتردد على المتاحف والمكتبات القديمة.

هذه باختصار خريطة الاهتمامات الخليجية السياحية، وتبقى مجموعة قد تتسع في هوايتها لأنها قادرة على الاستمرار حتى نهاية الصيف وقادره مالياً على التسوق في المواقع العالمية مثل هارودز وما يشبهه من مقام.

تبقى لندن أبرز المدن في إغراءاتها واكثر المدن في تنوعاتها وأغرب المدن في تشكيلات سكانها، فشوارعها تضم جميع أشكال البشر من افريقيا وآسيا وكل بلدان أوروبا والشرق الاوسط والعرب الذين زاد عددهم لا سيما من العراقيين المتواجدين في مختلف المسارات وهم الان أبرز من يصدر الدراسات عن التبدلات في بلدهم مستفيدين من الحالة الديموقراطية العراقية التي لا تمارس الاغتيالات، فظهر التباين تجاه الوضع الحالي في العراق.

لندن اليوم ليست كما كانت قبل عام، فمع فوز حزب العمال في الانتخابات الأخيرة، ارتفعت الضرائب على الواردات وعلى العقار والايجارات واسعار المطاعم وتغيرت الأولويات وتأثرت السلوكيات تجاه السواح والمقيمين، لان الضيق في معيشة الأسرة الان ولد مناخاً لا يوحي بالاستقرار ويفرز حجم القلق المتواصل في غياب اليقين حول احتمالات المستقبل.

وقد تأثرت كل مسارات الحياة في لندن بهذا الارتفاع في الاسعار، فهناك ركود في الاقتصاد وارتفاع العجز في دخل بريطانيا مع تصاعد حجم التزاماتها، كل ذلك لا يولد التفاؤل ويزيد من القلق لدى المواطن والسائح، كما ان هناك تكاثرا في البطالة بين المواطنين البريطانيين والمقيمين، كما برزت ظاهرة الهجرة من بريطانيا الى أماكن أخرى مع البحث عن وظيفة في مناطق العالم بما فيها منطقة الخليج المغرية. تحدثت مع أصدقاء بعضهم سفراء سابقون في الكويت ويحملون هموم الحياة خاصة من المتقاعدين الذين كانوا في مواقع مهمة سابقاً فتقلصت الفرص وتكاثر المتنافسون،

والخلاصة ان الوضع الاقتصادي سيزداد تعقيداً مع التوجه لزيادة الضريبة لتأمين القدرة على الوفاء بالواجبات الدفاعية. وقفت شخصياً على أثقال الغلاء وتصاعد المصاريف مع زيارتي للفحص الطبي، فسواح الخليج يأتون لندن بلا تأمين طبي، فتكون الصدمة، وأتذكر أن الطبيب الذي اعتدت زيارته أحالني الى واحد مختص فأخبره مقدماً بأننى لا أحمل تأميناً صحياً والمعنى الواضح هو الرفق بالفاتورة، لكن ذلك لا يجدي مع أجواء الحاضر.

وغير المستجدات في الاسعار، لفت نظري اتساع نوعية المتواجدين، فشعرت بتواجد طبقة وافدة بلا مؤهلات، فتشير الصحافة اليومية الى مخاطر تواجدها، ولا شك بأنها ساهمت في الزيادة البارزة في اعداد السائرين في شوارع لندن، كما تنشر الصحافة يومياً عن مخاوف بريطانيا من الهجرة غير الشرعية التي تعبر يومياً من الساحل الفرنسى في قوارب خطرة تحمل الحالمين الى تراب بريطانيا مع اشارة واضحة من قلق جماعي بريطاني من هذه الهجرة التي فشلت جميع حكومات بريطانيا في صدها مع اتهامات نحو مشاركة فرنسية تشجيعية. كما لاحظت البطء في خدمات المطاعم واحتياجات المنازل وتذمر سكان العمارات، فاذا توقف المصعد عن العمل فيبقى فترة طويلة بحثاً عن المصلح وتوافق سكان العمارة للمشاركة في المصاريف.

وتعرضت في العمارة التي سكنت فيها طوال تلك الفترة الى توقف المصعد وتركت لندن عائداً الى الكويت ولازال المصعد متوقفاً لأن الشراكة بين السكان تعقدت كثيراً ومع تصاعد المصاريف وتباين القدرة المالية بين السكان. ومع كل هذه السلبيات تظل لندن مصنعاً للمعرفة والثقافة والفنون وأكثر من ذلك احترام سطوة القانون، فلا مكان للتوسطات ولا يوجد معفيون من الاستجواب والتساؤل، كما تظل معاني الديموقراطية ساطعة فلا يسلم من سعى للاستخفاف بالقانون، فوزيرة المالية البريطانية استسلمت للقانون بالاستقالة بعد اكتشاف تحايلها على قواعد دفع الضرائب مع ثناء جماعي لدور الصحافة في كشف المستور من الاساءة للقانون.

عدت الى الكويت منخرطاً في تساؤلات كثيرة أثارها بعض الاصدقاء البريطانيين المحبين للكويت وأهم محتوياتها قضايا الجنسية وقواعد نيلها وأثقال الاسقاط، ومنظور المستقبل، ورغم هذه الاستفسارات يظل أصدقاء الكويت في بريطانيا حاملين القناعة بأن الكويت وطن العقل والتعقل ومكان التآلف والتعاون، لا تعرف الغلاظة ولا تجيد المراوغة.

تبقى بريطانيا من حلفاء الندرة المعتمد عليهم والصادقين في التزاماتهم والمتجاوبين بسرعة في صد المخاطر، وتظل لندن في صدارة من يملك أفضل مواقع الثقافة والانضباط والتسوق رغم المخاوف من مفاجأة السرقات التي تتكاثر مع كثافة الزوار.



عبدالله بشارة

https://www.alqabas.com/article/5952814 :إقرأ المزيد