تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سيول باكستان دمرت حياة آلاف المزارعين



السماء الزرقاء
09-13-2025, 09:04 PM
wF3tyDRWwi4

لا تزال الأمطار الغزيرة والفيضانات مستمرة في باكستان وتغمر كل يوم مناطق جديدة، وتضررت منها كل شرائح المجتمع، غير أن الفلاحين والمزارعين كانوا الأكثر تضرراً، إذ خسروا كل شيء تقريباً، فالفيضانات دمرت منازلهم، وقضت على محاصيلهم التي تعد مصدر دخلهم الأساسي.

ودمرت الفيضانات الجارفة آلاف الهيكتارات من الأراضي الزراعية، وجرفت مياه الأمطار حقول القمح والأرز والقطن والخضروات، علاوة على تدمير مزارع الفواكه. وكلها محاصيل يعتمد عليها المزارعون في باكستان في تسيير شؤون حياتهم، وتمكنهم من تسديد الديون، إذ ينفقون على الحقول على أمل أن يكفي الحصاد لتسديد الديون.

يقول المزارع محمد نسيم، من إقليم البنجاب: “خسرنا بفعل الفيضانات والأمطار الغزيرة كل شيء، الأراضي الزراعية التي صرفنا عليها الوقت والمال دمرت، ما يعني أننا سنواجه خلال العام القادم الكثير من المشاكل. في العادة، نقترض المال طوال العام للإنفاق على أسرنا، وعلى زراعة الأراضي، وعندما نحصد المحاصيل نسدد الديون، لكن بسبب الفيضانات لن يكون لدينا محصول، وبالتالي لن يتوفر لنا المال كي نعيش ونسدد الديون”.

يضيف نسيم: “كنت أستعد لجمع المحصول، وكان أملي أنه سيكفي لسداد الديون كلها، ويتبقى بعض المال الذي يكفي أسرتي، لكن لم يحصل أي من ذلك، وتلاشت كل الأحلام في ليلة واحدة نتيجة الفيضانات التي دمرت الأراضي بين عشية وضحاها، ليس هذا فحسب، بل انهار منزلي أيضاً، والأراضي الزراعية مليئة بالطين؛ ونحن بحاجة إلى المال لتنظيفها بعد موسم الفيضانات.
حياتي دمرت بشكل كامل”.

ومن مدينة فيصل أباد، يقول المزارع الباكستاني محمد عابد جت: “الزراعة ليست مجرد عمل، بل هي الحياة كلها بالنسبة لي. كان لي ابن يعمل على حافلة ركاب يملكها في السابق، ووقتها لم نكن نعاني من أية ضغوط، لكن خلال العام الماضي، لقي ابني حتفه في حادث سير، وترك لي أربعة أطفال صغار، بينما ليس في المنزل أي شخص يساعدني في تحمل أعباء الأسرة”.

يضيف: “كنت أعمل طوال الموسم، وأستأجر شخصاً آخر ليعمل معي في الحقل، على أمل جني محصول قطن وفير أسدد منه الديون، وأدفع للشخص الذي استأجرته، علاوة على توفير ما تحتاج إليه أسرتي، لكن مع الأسف، دمرت الأراضي، ودخلت المياه إلى منزلي لتدمر المحتويات أيضاً. لا أغادر المنزل إلا نادراً، وأصبحت أتمنى أن ينهار وأموت بداخله كي أرتاح من أعباء الحياة. نعيش حالياً في غرفة واحدة، وأتواصل يومياً مع أبناء أخي الذين يذهبون لزيارة الأراضي بين الفينة والأخرى لمعرفة الأوضاع، وما زالت المياه تغرق الأرض حتى الآن، لكنهم يقولون إن الوضع يتحسن، بينما فقدت الأمل تماماً”.

يتابع عابد جت: “أناشد الحكومة والمؤسسات والأثرياء أن تساعدني، وكل من هم مثلي، فلدي أيتام في المنزل، وليس لدي مال لأنظف أرضي أو منزلي، كما خسرت كل محتويات المنزل، وبالتالي أحتاج إلى دعم كبير، لكني في الوقت نفسه لا أتوقع أن يدعمني أحد، فليست هذه أول مرة أناشد فيها الحكومة أو المجتمع المدني، بل فعلت ذلك مرات عدة سابقاً، وفي السنوات الماضية خلفت الفيضانات والأمطار خسائر فادحة لدى الكثير من الناس، وفقد كثيرون الأموال والأراضي الزراعية، علاوة على الخسائر البشرية، والحكومة لم تحرك ساكناً”.

بدوره، يقول الناشط الاجتماعي محمد علي عباسي إن “ما حدث في باكستان ليس فقط كارثة طبيعية، بل أيضا أزمة إنسانية شاملة، والمزارعين هم أكثر الفئات تضرراً لأنهم فقدوا كل شيء، الأراضي التي يبذلون فيها طاقاتهم وأوقاتهم، والمحاصيل الزراعية التي يعتمدون عليها في حياتهم، علاوة على نفوق المواشي التي تمثل لهم مصدر غذاء ودخل”.

ويوضح عباسي أن “الكارثة تركت جل المزارعين بلا مأوى، وأغلبهم يعيشون حالياً في مخيمات إيواء مؤقتة، أو لدى الأقارب، أو في العراء بالقرب من أراضيهم المتضررة، وهم بحاجة إلى كل مقومات الحياة، والحكومة غير قادرة على أن تفعل لهم أي شيء، سوى إخراجهم من المناطق المتضررة، وهذا الأمر وحده لا يكفي لإنهاء مشكلاتهم، لكن هذا ما يحصل على أرض الواقع”.





السبت 13 سبتمبر، 2025