سمير
11-07-2005, 07:32 AM
طائفة الأحباش أسسها عبد الله الهرري واشتهرت بمظاهرة السواطير تأييدا لسورية
لندن: يوسف خازم
ربما لم يكن مفاجئاً بالنسبة الى بعض من اللبنانيين ورود أسماء قياديين من «جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية» في لبنان، المعروفة بجماعة «الاحباش» في تقرير المحقق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي الالماني ديتليف ميليس، خصوصاً بسبب العلاقة القوية المعروفة لهذه الجماعة بالاجهزة الامنية اللبنانية والسورية. لكن ربما كان الامر مفاجئاً لكثيرين من العرب الذين تساءل عدد منهم بذهول قائلين أمامي: «أحباش في بيروت؟».
وزاد فضول هؤلاء، ومن بينهم زملاء، ما نشرته لاحقاً وسائل اعلام عربية، من بينها «الشرق الاوسط» شارحة هذه الجماعة وأهدافها وعلاقتها بالحبشة، ومشيرة الى حادثة اشتهرت باسم «مظاهرة السواطير» في ابريل (نيسان) عام 2001 التي رفع خلالها انصار الجماعة السواطير مهددين معارضي الوجود السوري في لبنان وقتذاك.
وتسمى هذه الجماعة في لبنان بـ«الاحباش» نسبة الى مؤسسها عبد الله بن محمد الهرري الملقب بـ «الحبشي» والآتي من الحبشة، وهو الاسم القديم لإثيوبيا. اما الهرري فنسبة الى مدينة هرر في شرق اثيوبيا، حيث ولد المؤسس في عام 1920 استنادا الى الموقع الخاص بالاحباش على شبكة الانترنت، والذي يشير الى ان الشيخ عبد الله الحبشي الهرري انتقل الى لبنان في العام 1950 حيث راح يلقي الدروس والمحاضرات الدينية في المساجد واستطاع تكوين جماعته الخاصة.
وكان اسم المسؤول في جماعة «الاحباش» الشيخ احمد عبد العال، قد ورد في تقرير ميليس، كما ورد اسم شقيقه وليد عبد العال، وهو عنصر في الحرس الجمهوري اللبناني، وشقيقه الآخر محمود عبد العال، وهو عضو ناشط في «الاحباش» والذي افاد التقرير بانه اجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس اميل لحود قبل دقائق من التفجير الذي استهدف موكب الرئيس الحريري في 14 فبراير (شباط) الماضي. وأوقفت السلطات اللبنانية احمد وشقيقه محمود ثم ادعى القضاء اللبناني عليهما في جريمة اغتيال الحريري في 27 من الشهر الماضي. كما دهمت الشرطة محل حلويات في منطقة الطريق الجديدة ببيروت تعود ملكيته لهاشم محمود عليان الذي تردد انه ينتمي للاحباش ايضا. وقد عثر في المحل على قنابل يدوية صالحة للاستعمال وتمت مصادرتها واعتقال عليان.
لكن ماذا عن هرر، المدينة التي أتى منها الشيخ الهرري «الحبشي»، وهل في تراثها او حاضرها سواطير وقنابل ؟ او هل يعرف اهلها المحقق الالماني ميليس؟ بل هل يعرفون الشيخ عبد الله الهرري نفسه ؟. المدينة نفسها كما عرفتها في زيارات عدة خلال عهد الرئيس المخلوع الجنرال منغيستو هايلي مريام (1974 ـ 1991) ومن بعده في عهد رئيس الوزراء الحالي ملس زيناوي، هادئة ناعسة لا تعرف القنابل ولا المسدسات، والسواطير فيها غير موجودة إلا في المحلات القليلة لبيع اللحوم حيث تستخدم لذبح البهائم. اهلها خفيفو الظل، بالكاد تشعر بحركتهم في السوق القديمة رغم ازدحامها بهم. أما عن علاقة المدينة الوثيقة بالاسلام، فتعود الى ايام الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ اعتنق اهل المنطقة الاسلام قبل هجرته الى المدينة المنورة بثماني سنوات عندما ارسل 16 من المهاجرين الدعاة الى سلطنة زيلع (الصومال) التي كانت هرر احدى المناطق التابعة لها. وبرزت هرر في القرن الثالث عشر كأقوى مركز اسلامي في شرق افريقيا.
ومرت المدينة في فترات تراجعت فيها الدعوة بسبب كوارث طبيعية كالقحط والجفاف اللذين تسببا بالمجاعة والامراض. وتبعد مدينة هرر مسافة 550 كلم الى الشرق من العاصمة الاثيوبية اديس ابابا، وتأسست عام 1520 بعدما بناها السلطان ابو بكر محمد الذي اطلق عليها اسم هرر، وجعلها من اهم المدن في القرن الافريقي، خصوصاً ان موقعها الجغرافي يحتل الجزء الشرقي من الهضبة الاثيوبية، لذلك كان يسهل الوصول اليها من اراضي الداخل الخصبة ومرافئ خليج عدن على حد سواء. ولم يعش السلطان ابو بكر طويلاً بعد تأسيس هرر، إذ قتله القائد الصومالي احمد بن ابراهيم الغازي الملقب بـ«غران» اي الاعسر، الذي قتل في عام 1543 في منطقة غوندر غرب اثيوبيا خلال معركة ضد ملك الحبشة قلاديوس. وخلفه الامير نور بن الوزير مجاهد الذي شيد سور مدينة هرر ذات البوابات الخمس تيمناً بأركان الاسلام الخمسة. والابواب هي «باب النصر» و«باب حاكم» و«باب السلام» و«باب الرحمة» و«باب الفتوح». ويوجد 90 مسجداً داخل السور و411 خارجه، ويبلغ مجموع المساجد في المنطقة نحو 770 مسجداً.
الشيخ عبد الله الهرري الحبشي أتى من هذه المدينة ثم مر على مدارس دينية عدة في المنطقة الى ان وصل سورية ومن ثم الى بيروت. ويقول احد أعيان هرر، أحمد آدن، في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط» بالمدينة «ان دارسي العلوم الدينية ومدرسيها في هرر كثر ويتنقلون في المنطقة والى خارجها باستمرار.. بعض منهم يعود وآخرون لا نسمع منهم او عنهم في ديار الله الواسعة.. وربما كان الشيخ عبد الله بن محمد الهرري احد هؤلاء العلماء، وقد يعرفه غيري من ابناء المدينة». لكن المؤكد يضيف آدن «ان ثقافة رفع السواطير وحمل القنابل لا علاقة لها بتقاليدنا واسلامنا في هذه المدينة.. وحتماً لا نعرف من هو ميليس.. سمعنا عن الحريري، وبالطبع نعرف سورية ولبنان، فنحن نتابع اخبار العالم عبر الاذاعات».
لندن: يوسف خازم
ربما لم يكن مفاجئاً بالنسبة الى بعض من اللبنانيين ورود أسماء قياديين من «جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية» في لبنان، المعروفة بجماعة «الاحباش» في تقرير المحقق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري القاضي الالماني ديتليف ميليس، خصوصاً بسبب العلاقة القوية المعروفة لهذه الجماعة بالاجهزة الامنية اللبنانية والسورية. لكن ربما كان الامر مفاجئاً لكثيرين من العرب الذين تساءل عدد منهم بذهول قائلين أمامي: «أحباش في بيروت؟».
وزاد فضول هؤلاء، ومن بينهم زملاء، ما نشرته لاحقاً وسائل اعلام عربية، من بينها «الشرق الاوسط» شارحة هذه الجماعة وأهدافها وعلاقتها بالحبشة، ومشيرة الى حادثة اشتهرت باسم «مظاهرة السواطير» في ابريل (نيسان) عام 2001 التي رفع خلالها انصار الجماعة السواطير مهددين معارضي الوجود السوري في لبنان وقتذاك.
وتسمى هذه الجماعة في لبنان بـ«الاحباش» نسبة الى مؤسسها عبد الله بن محمد الهرري الملقب بـ «الحبشي» والآتي من الحبشة، وهو الاسم القديم لإثيوبيا. اما الهرري فنسبة الى مدينة هرر في شرق اثيوبيا، حيث ولد المؤسس في عام 1920 استنادا الى الموقع الخاص بالاحباش على شبكة الانترنت، والذي يشير الى ان الشيخ عبد الله الحبشي الهرري انتقل الى لبنان في العام 1950 حيث راح يلقي الدروس والمحاضرات الدينية في المساجد واستطاع تكوين جماعته الخاصة.
وكان اسم المسؤول في جماعة «الاحباش» الشيخ احمد عبد العال، قد ورد في تقرير ميليس، كما ورد اسم شقيقه وليد عبد العال، وهو عنصر في الحرس الجمهوري اللبناني، وشقيقه الآخر محمود عبد العال، وهو عضو ناشط في «الاحباش» والذي افاد التقرير بانه اجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس اميل لحود قبل دقائق من التفجير الذي استهدف موكب الرئيس الحريري في 14 فبراير (شباط) الماضي. وأوقفت السلطات اللبنانية احمد وشقيقه محمود ثم ادعى القضاء اللبناني عليهما في جريمة اغتيال الحريري في 27 من الشهر الماضي. كما دهمت الشرطة محل حلويات في منطقة الطريق الجديدة ببيروت تعود ملكيته لهاشم محمود عليان الذي تردد انه ينتمي للاحباش ايضا. وقد عثر في المحل على قنابل يدوية صالحة للاستعمال وتمت مصادرتها واعتقال عليان.
لكن ماذا عن هرر، المدينة التي أتى منها الشيخ الهرري «الحبشي»، وهل في تراثها او حاضرها سواطير وقنابل ؟ او هل يعرف اهلها المحقق الالماني ميليس؟ بل هل يعرفون الشيخ عبد الله الهرري نفسه ؟. المدينة نفسها كما عرفتها في زيارات عدة خلال عهد الرئيس المخلوع الجنرال منغيستو هايلي مريام (1974 ـ 1991) ومن بعده في عهد رئيس الوزراء الحالي ملس زيناوي، هادئة ناعسة لا تعرف القنابل ولا المسدسات، والسواطير فيها غير موجودة إلا في المحلات القليلة لبيع اللحوم حيث تستخدم لذبح البهائم. اهلها خفيفو الظل، بالكاد تشعر بحركتهم في السوق القديمة رغم ازدحامها بهم. أما عن علاقة المدينة الوثيقة بالاسلام، فتعود الى ايام الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ اعتنق اهل المنطقة الاسلام قبل هجرته الى المدينة المنورة بثماني سنوات عندما ارسل 16 من المهاجرين الدعاة الى سلطنة زيلع (الصومال) التي كانت هرر احدى المناطق التابعة لها. وبرزت هرر في القرن الثالث عشر كأقوى مركز اسلامي في شرق افريقيا.
ومرت المدينة في فترات تراجعت فيها الدعوة بسبب كوارث طبيعية كالقحط والجفاف اللذين تسببا بالمجاعة والامراض. وتبعد مدينة هرر مسافة 550 كلم الى الشرق من العاصمة الاثيوبية اديس ابابا، وتأسست عام 1520 بعدما بناها السلطان ابو بكر محمد الذي اطلق عليها اسم هرر، وجعلها من اهم المدن في القرن الافريقي، خصوصاً ان موقعها الجغرافي يحتل الجزء الشرقي من الهضبة الاثيوبية، لذلك كان يسهل الوصول اليها من اراضي الداخل الخصبة ومرافئ خليج عدن على حد سواء. ولم يعش السلطان ابو بكر طويلاً بعد تأسيس هرر، إذ قتله القائد الصومالي احمد بن ابراهيم الغازي الملقب بـ«غران» اي الاعسر، الذي قتل في عام 1543 في منطقة غوندر غرب اثيوبيا خلال معركة ضد ملك الحبشة قلاديوس. وخلفه الامير نور بن الوزير مجاهد الذي شيد سور مدينة هرر ذات البوابات الخمس تيمناً بأركان الاسلام الخمسة. والابواب هي «باب النصر» و«باب حاكم» و«باب السلام» و«باب الرحمة» و«باب الفتوح». ويوجد 90 مسجداً داخل السور و411 خارجه، ويبلغ مجموع المساجد في المنطقة نحو 770 مسجداً.
الشيخ عبد الله الهرري الحبشي أتى من هذه المدينة ثم مر على مدارس دينية عدة في المنطقة الى ان وصل سورية ومن ثم الى بيروت. ويقول احد أعيان هرر، أحمد آدن، في اتصال هاتفي اجرته معه «الشرق الاوسط» بالمدينة «ان دارسي العلوم الدينية ومدرسيها في هرر كثر ويتنقلون في المنطقة والى خارجها باستمرار.. بعض منهم يعود وآخرون لا نسمع منهم او عنهم في ديار الله الواسعة.. وربما كان الشيخ عبد الله بن محمد الهرري احد هؤلاء العلماء، وقد يعرفه غيري من ابناء المدينة». لكن المؤكد يضيف آدن «ان ثقافة رفع السواطير وحمل القنابل لا علاقة لها بتقاليدنا واسلامنا في هذه المدينة.. وحتماً لا نعرف من هو ميليس.. سمعنا عن الحريري، وبالطبع نعرف سورية ولبنان، فنحن نتابع اخبار العالم عبر الاذاعات».