المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المنسي من الصداميات



زوربا
11-07-2005, 12:51 AM
الشرق الاوسط اللندنية

خالد القشطيني

شيع قبل بضعة أيام الى مثواه شاؤل حاخام ساسون خضوري المعروف بأبي زهير. استمعت لرثائه وسيرة حياته من ابنه زهير في الكلمة التي القاها في حفل العزاء. وكانت الكلمة التي ضمنها من الشعر والبلاغة العربية ما يجعلها خير دليل على عروبة هذه الأسرة الكريمة التي ترجع ارومتها الى الحاخام ساسون خضوري الذي تولى رئاسة الطائفة الموسوية في العراق طوال العهد الملكي ومطلع العهد الجمهوري. وخلفه من بعده ابنه شاؤل الذي شغل ايضا مناصب مهمة في الدولة العراقية.

حكاية ابي زهير تعطينا مثالاً آخر من سادية صدام حسين، فبعد نزوح اليهود من العراق في الخمسينات، لم يبق منهم في بغداد غير نتفة قليلة ممن بلغ حبهم لبلدهم وتعلقهم به، إذ آثروا البقاء فيه وتحمل كل الضيم والارهاق والمضايقات.

ومع ذلك سلط صدام حسين جام غضبه عليهم بشكل عجزت عن فهمه. فهم لم يشكلوا اي خطر على حكمه أو التآمر عليه. حرصوا على عدم التدخل في السياسة او عمل أي شيء يتصل باسرائيل. ولكنه واظب على تلفيق التهم لاعتقالهم والتنكيل بهم واعدامهم.

سمعنا الكثير عما فعله بالشيعة والأكراد والشيوعيين والبعثيين ايضاً ولكننا قلما سمعنا أو عبئنا بما فعله باليهود. المعتاد في سائر الدول احترام رؤساء الطائفة اليهودية. حتى هتلر كان يصفي اليهود في افران الغاز ولكنه لم يجرؤ على اعتقال رئيس طائفتهم أو مسه بأذى.

صدام حسين شذ عن ذلك فاعتقل مير بصري وشاؤل حاخام ساسون. جاءوا لشاؤل في السجن بوثيقة اعترافات وطلبوا منه التوقيع عليها. قال كيف اوقع على شيء لم أقرأه؟ قالوا اقرأها. قال كيف أقرأها وقد كسرتم نظارتي اثناء الضرب. جاءوه بكومة من حوالي مائة نظارة وطلبوا منه ان يختار واحدة مناسبة منها.

وكان ذلك من أقسى تهكمات النظام الصدامي: ان تختار نظارة من نظارات من سبقوك الى المشنقة. قرأ الاعترافات الملفقة فرفض التوقيع عليها رغم كل ما فعلوه لارغامه على التوقيع. وكان في ذلك قد اظهر حصافة الشخصية اليهودية وجلادتها. فقد اكتشف فيما بعد ان كل زملائه المعتقلين الآخرين الذين انهاروا ووقعوا على الاعترافات، انتهوا إلى المشنقة.

ابقوه في السجن لحوالي سنة ثم اطلقوا سراحه، فرحل الى لندن حيث كرس وقته للكتابه وانجز كتابين سرد في احدهما مذكرات حياته تحت كاهل النظام الصدامي {في جحيم صدام حسين} وشاءت الاقدار ان يقضي ايامه الأخيرة في العاصمة البريطانية ويدفن فيها في عمر ناهز السابعة والتسعين عاماً بعيدا عن وطنه العراق.