المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القائم مستوطنة ومدينة أشباح ومهنة سكانها التجارة و«التهريب» مع سورية!



مجاهدون
11-06-2005, 08:51 AM
عملية عسكرية من «المطرقة الحديد» الى «الستار الفولاذي»...

بغداد – مشرق عباس

اكثر من 30 شهراً على الاحتلال الاميركي للعراق يعدها اهالي قضاء القائم (500 كلم غرب بغداد) الاقسى في تاريخهم وهم يستمعون إلى اصوات الانفجارات للاعلان عن بدء عملية عسكرية كبيرة تستهدف المدينة باسم (الستار الفولاذي) تتزامن مع حلول فصل الشتاء الذي اعتاد الاهالي ان يحتاطوا له ويعدوا العدة لمفاجآته التي لا تبدأ بانقطاع كل وسائل الاتصال مع انحاء العراق ولا تنتهي بصعوبة توفير المواد التموينية والوقود الضرورية للحياة.

واعلنت القوات الاميركية امس عن عملية تستهدف مدينة القائم على الحدود العراقية - السورية بهدف تأمين الحدود و «تطهير» المنطقة مما اسمته «الاوكار الارهابية» بمشاركة 2500 جندي اميركي وعدد مماثل من الجنود العراقيين، بعد اقل من اسبوعين على نهاية عملية «بوابة النهر» التي استهدفت المدينة ايضاً ولم تتوقف خلالها عمليات القصف لاحيائها كان آخرها قصف حي سكني في منطقة الكرابلة آخر ايام شهر رمضان سقط فيها اكثر من 20 شخصاً وجُرح 40.

ويتكون قضاء القائم، احد اقضية محافظة الانبار، من احياء ومدن متفرقة بينها سعدة والكرابلة وحصيبة بالاضافة إلى قرى متباعدة تعرض على امتداد عامين ونصف العام الى اكثر من 25 عملية عسكرية ابتدأت بحزيران (يونيو) عام 2003 بعملية «المطرقة الحديد» مروراً بـ «القبضة الحديد» و «الصقر الاسود» و «الخنجر» و «الرمح» «السيف» و «زوبعة الصحراء» و «بوابة النهر» وغيرها وصولاً إلى عملية «الستار الفولاذي» اخيراً التي افتتحتها القوات الاميركية بقصف جوي واسع على القرى المتاخمة لقرية الكرابلة بالاضافة إلى اعلان حظر التجوال في حصيبة وسعدة لتفتيش المنازل بحثاً عن اسلحة او مطلوبين.

الهجرة حتى الى سورية

ويقول محمد الدليمي احد ابناء القائم في اتصال هاتفي مع «الحياة» ان «حصيبة، مركز القضاء، اصبحت اليوم مدينة للاشباح هجرها اهلها تحت وطأة العمليات العسكرية المتواصلة منذ عامين ونصف العام ولم يبق فيها سوى بعض الاهالي ممن لم يجد مأوى في مدن عراقية اخرى مثل عانة او راوة او حديثة في الانبار او التوجه الى السكن في بغداد كما فعل الكثير من الاهالي فيما اختار آخرون الهجرة إلى سورية.

ويضيف الدليمي، الذي عاد مع عائلته إلى القائم اخيراً، انه وجد منزله مهدماً بسبب قصف جوي ولم يعرف حتى هذه اللحظة سبب استهداف المنزل المهجور اساساً.

ويؤكد شهود من الاهالي الفارين من حصيبة المتاخمة لمدينة البوكمال السورية ان وجود حركة مقاومة عسكرية مسلحة في حدود القائم مبرر في ضوء الطبيعة الجغرافية لتلك المناطق باعتبارها ارضاً تجمع بين الطبيعة الصحراوية والصخرية وتمتد بتخوم تتخللها وديان وتعرجات طبيعية تجعلها مهيأة للاستثمار من قبل مجاميع مسلحة لكن ذلك لا يعني بالضرورة ان تلك المجاميع موجودة في المدن بل ان المساحة الشاسعة التي تمتد جنوباً باتجاه صحراء الانبار وشمالاً إلى حدود محافظة نينوى هي الحيز الحيوي لتحرك المسلحين... والطبيعة الجغرافية المعقدة تجعل من الصعب تعقب تلك المجاميع جواً او براً... لكن لجوء القوات الاميركية المستمر إلى «معاقبة» الاهالي بعد اية عملية تتعرض لها ارتالهم على الشارع الرئيسي الوحيد الذي يربط القائم بمحافظة الانبار غير مبرر بنظر الاهالي.

وتعلن القوات الاميركية والحكومة العراقية بشكل مستمر عن وجود مجاميع مسلحة بعضها تابع للمتشدد الاردني ابي مصعب الزرقاوي في القائم وان تلك المدينة تُعد منفذاً لدخول المسلحين عبر الحدود السورية وتحتضن مجاميع ومعسكرات للتدريب وتفخيخ السيارات تصدر الارهاب إلى محافظات العراق الاخرى لكن الاهالي يصرون ان لا مجاميع مسلحة في مدنهم وان اكثر من 25 عملية عسكرية واجتياح بري لقرى ومدن القائم لم تشر إلى اكتشاف معسكرات تدريب او مخازن اسلحة او مصانع لتفخيخ السيارات واعداد العبوات الناسفة وان القصف المتواصل يحصد ارواح ضحايا من المدنيين البعيدين عن العمل المسلح على العكس من الاعلانات الاميركية والعراقية.ويتحدث بعض ابناء القائم عن فصل شتاء قاس ينتظرونه ويقول سعد العاني ان «دخول فصل الشتاء على مدن القائم، التي تفصلها عن بقية مدن الانبار هضبة صخرية تتخللها وديان كبيرة سرعان ما تتحول إلى انهار مع سقوط اولى زخات المطر، يهدد بشتاء صعب آخر يذكر بتلك الشتاءات التي مرت على القائم في عقود سابقة وعزلتها عن العالم الخارجي باستثناء منفذ البوكمال الذي كان يمثل وسيلة الانقاذ الوحيدة للاهالي في تلك المراحل من عزلة قد تمتد شهوراً».

ويضيف: «لم تنقطع العلاقات المتداخلة بين القائم والبوكمال حتى بعد القطيعة السياسية بين حكومتي صدام والاسد التي امتدت اكثر من عقدين وكانت الحكومة حينها شيدت جسوراً على وديان القائم لربطها بالرمادي لكن معظم تلك الجسور قصف خلال الحرب الاخيرة او تم تفجيره من قبل مسلحين لمنع وصول القوات الاميركية إلى المدينة».

ويقول محمد عبدالعظيم من اهالي «سعدة» ان «الخطر الحقيقي الذي يتربص بالقائم هذا الشتاء يتمثل بقلة المواد التموينية والغذائية بعد حصار امتد لشهور وصعوبة توفير الوقود اللازم للتدفئة مع اغلاق منفذ حصيبة الحدودي. بالاضافة إلى معاناة العائلات النازحة في الخيم والمؤسسات الحكومية في مدن متاخمة للقائم».

الاستيطان ومهنة التهريب!

وعلى رغم ان النمط المعيشي السائد في مدن القائم يتركز على الرعي والزراعة والتجارة مع سورية فإن التهريب عبر الحدود هو مهنة الكثير من الاهالي في حصيبة والبوكمال ولم تتأثر شبكات التهريب بالعلاقات السياسية بين البلدين اللذين لم يتمكنا من ضبط الحدود بينهما على رغم انتشار الاف المخافر الحدودية على الجانبين في مراحل سابقة.

وكان لانشاء معمل الفوسفات في عكاشات قرب القائم اثره في تشغيل عدد كبير من الاهالي الذين وجدوا انفسهم عاطلين عن العمل باغلاق المعمل الذي يعد من كبرى المؤسسات الصناعية في العراق والمنطقة لتصدير الفوسفات.

وشيدت مدينة «سعدة» بالقرب من «حصيبة» على يد عمال معمل عكاشات القادمين من مناطق متفرقة من العراق ومن مدن جنوب العراق خصوصاً ومازالت الاف من العائلات الشيعية تسكن سعدة بالقرب من معمل الفوسفات بعد استقرار دام اكثر من 25 سنة تداخلت خلالها العائلات المستوطنة مع الاهالي الاصليين.

وترى الحكومة العراقية ان ضمان مشاركة واسعة في الانتخابات النيابية التي تهيئ لها في كانون الاول (ديسمبر) من العام الحالي يتطلب تنفيذ عمليات عسكرية في المدن التي تشهد توتراً امنياً وضعفاً لسيطرة الدولة.

وكان وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي اعلن في وقت سابق عن شروع حكومته في تطبيق قانون مكافحة الارهاب الجديد الذي يضمن اعتقال ومحاكمة من يؤوي ارهابين او يحرض او يساعد على تنفيذ هجمات، على حد قول الوزير الذي هدد بهدم المنازل على رؤوس العائلات التي تؤوي من اسماهم «الارهابيين» ما اثار حفيظة الاهالي في المناطق السنية معتبرين هذه التصريحات ايذاناً بعمليات عسكرية واسعة تستهدف مدنهم وتحاول ثنيهم عن المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة بعد مشاركة واسعة في الاستفتاء على الدستور.

وطالب مجلس الحوار الوطني العراقي في بيان له امس حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري باقالة وزير الدفاع العراقي سعدون الدليمي واعفائه من منصبه داعياً إلى وقف العمليات العسكرية التي تجري في حصيبة غرب العراق.

واكد البيان ان العمليات التي تجري الآن غرب العراق هي «لاراقة المزيد من دماء الابرياء من المدنيين ومن النساء والاطفال كما وعد وزير الدفاع العراقي قبل ايام».

ولم يشارك اهالي القائم في عملية التصويت على الدستور العراقي بسبب تواصل عملية «بوابة النهر» واغلاق كل منافذ المدينة ونزوح الاهالي منها.