لمياء
11-06-2005, 08:29 AM
إسماعيل ابراهيم
ملّوا البقاء في البيوت خوفا من السيارات المفخخة
العراقيون يتحدون الموت بالفرح في العيد
تحدى العراقيون شبح السيارات المفخخة التي تتربص بهم في عيد الفطر وخرجوا زرافات ووحدانا متغلبين على طقس الحزن الذي اطر حياتهم منذ سنتين بفعل التفجيرات اليومية التي لا تميز بين طفل وشيخ وشاب وامراة وشرطي وجندي ودبلوماسي.
قبل انقضاء شهر رمضان كانت العوائل تسهر الليل خارج بيوتها وخاصة في الاسواق لشراء حاجات العيد من حلوى وملابس واطعمة حيت تقتضي العادة في العراق ان يتزاور ابناء الحي الواحد اذ تقدم حلوى (الكليجة ) التي تسمى في بلدان اخرى "المعمول". ويبقى بعض الضيوف عادة إلى مائدة الغداء.
لكن ماتميز به هذا العيد هو الخروج الجماعي للعوائل البغدادية والمحافظات للمتنزهات واماكن اللهو والالعاب.
ففي منطقة الكرخ من بغداد غص متنزه الزوراء بالعوائل البغدادية التي استغلت الهدوء النسبي الذي سبق ايام العيد متحدية اي خوف من الارهابيين. ويحوي المتنزه حديقة حيوانات ومدينة العاب وكان تم انشاؤه في السبعينيات من القرن الماضي ولحقه الكثير من الاهمال.
وافترشت العوائل المساحات الخضراء من المتنزه الواسع الاطراف بينما راح الاطفال يلهون في الالعاب وسط فرحة خجلى على افواه الاهل افتقدوها منذ سنوات.
والامر ذاته تكرر في مدينة الالعاب في الرصافة التي لم تسع للجموع الزاحفة نحوها مشيا او بالسيارات التي غصت بها الشوارع المحيطة بالمدينة الكبيرة جدا والقريبة من مدينة الصدر البلديات وبغداد الجديدة وشارع فلسطين وبقية احياء الرصافة في بغداد اذ يتوجب على القادم من الطرف الشرقي لبغداد ان يعبر جسر قناة الجيش الضيق والذي توقفت حركت الجموع فوقه منذ اول ايام العيد بفعل الازدحام الكبير جدا للذاهبين والعائدين.
في الطريق المؤدي الي مدينة الالعاب في بغداد بجانب الرصافة لا تكاد تستطيع الوصول اليها من جراء ازدحام السيارات وبعد انتظار ساعة تقريبا وصلت الى مدخل المدينة التي اكتظت بمئات العوائل والذين جلبوا اطفالهم ونساءهم معهم، وقد افترشت عوائل كثيرة الارض ووضعت ما جلبته معها من ماء وطعام بالقرب منها وتركت الاطفال يمرحون ويلعبون في المدينة والمنظر لا يكاد يخلو من الفتيات البغداديات الجميلات وهن يشاركن عوائلهن في صباح هذه العيد. المكان يبعدك عن شبح الموت وينقلك الى ارض الاحلام وكانك في بلد غير العراق.
وقد لاحظنا غلبة ارتداء الحجاب من قبل النساء حتى اولئك اللواتي لايرتدينه تجنبا للتحرش بهن حيث تكثر التحرشات اللفظية والجسدية في مناسبات كهذه.
والتقت "ايلاف" العديد من العائلات مبادرة بالسؤال عن مخاوفها من احتمال انفجار سيارة مفخخة.
" لا سمح الله"، أجابت أم محمد وهي في الاربعين من عمرها بابتسامة عريضة تملأ وجهها:" تعودنا... اصبحت هذه قديمة ". وأضافت: "ابني محمد تزوج منذ شهرين وطلبت منه فريضة الصيام، ووعدت العائلة بسفرة الى مدينة الالعاب . نفذت وعدي والله يستر ونرجع للبيت سالمين"، وكانت الابتسامة لا تفارقها، فقلنا لها "آمين" .
كما التقينا بعائلة ( كريم وادي ) 37 سنة له ثلاثة اطفال " مريم و طه وخديجة" وزوجته ام مريم، قال ابو طه كما يحب ان اسميه وطه هو اصغر اولاده 4 سنوات ان " الاطفال قبل ان ياتي العيد بايام يطلبون مني ان اجلبهم الى مدينة الالعاب . توكلت على الله واتيت بهم وان شاء الله ماكو شيء . الله يستر على أمة محمد " وقد التفت الى مريم وقلت ماذا تقولين قالت " عمو احنه ما نخاف وملينا من البيت".
مجموعة من الشباب اعمارهم لا تتجاوز 16 سنة قالوا نحن من الصباح هنا . سألتهم لماذا مدينة الالعاب بالذات وليس غيرها فأجاب احدهم " لا يوجد افضل من مدينة الالعاب السينما تعرض افلام قديمة ولا ـذهب اليها الا العصابات. هنا نمضي وقتنا أفضل".
عند الخروج من المدينة كانت مجموعة من الشرطة تنظم زحمة السيارات ولا تسمح بالتوقف . وكان بالقرب من المدينة مرأب ضم العشرات من السيارات.
اخذ قلبي يخفق من زحمة المكان وكأن هنالك خطرا مقبلاً نحوي، ولكنني تذكرت الاطفال فهدأ روعي وقلت لنفسي انهم حقا ابطال.
فهم يتحدون الموت بالحياة وهذه بلا شك بطولة ان ملكتها الشعوب هانت عليها كل الجراحات والآلام والمآسي.
ملّوا البقاء في البيوت خوفا من السيارات المفخخة
العراقيون يتحدون الموت بالفرح في العيد
تحدى العراقيون شبح السيارات المفخخة التي تتربص بهم في عيد الفطر وخرجوا زرافات ووحدانا متغلبين على طقس الحزن الذي اطر حياتهم منذ سنتين بفعل التفجيرات اليومية التي لا تميز بين طفل وشيخ وشاب وامراة وشرطي وجندي ودبلوماسي.
قبل انقضاء شهر رمضان كانت العوائل تسهر الليل خارج بيوتها وخاصة في الاسواق لشراء حاجات العيد من حلوى وملابس واطعمة حيت تقتضي العادة في العراق ان يتزاور ابناء الحي الواحد اذ تقدم حلوى (الكليجة ) التي تسمى في بلدان اخرى "المعمول". ويبقى بعض الضيوف عادة إلى مائدة الغداء.
لكن ماتميز به هذا العيد هو الخروج الجماعي للعوائل البغدادية والمحافظات للمتنزهات واماكن اللهو والالعاب.
ففي منطقة الكرخ من بغداد غص متنزه الزوراء بالعوائل البغدادية التي استغلت الهدوء النسبي الذي سبق ايام العيد متحدية اي خوف من الارهابيين. ويحوي المتنزه حديقة حيوانات ومدينة العاب وكان تم انشاؤه في السبعينيات من القرن الماضي ولحقه الكثير من الاهمال.
وافترشت العوائل المساحات الخضراء من المتنزه الواسع الاطراف بينما راح الاطفال يلهون في الالعاب وسط فرحة خجلى على افواه الاهل افتقدوها منذ سنوات.
والامر ذاته تكرر في مدينة الالعاب في الرصافة التي لم تسع للجموع الزاحفة نحوها مشيا او بالسيارات التي غصت بها الشوارع المحيطة بالمدينة الكبيرة جدا والقريبة من مدينة الصدر البلديات وبغداد الجديدة وشارع فلسطين وبقية احياء الرصافة في بغداد اذ يتوجب على القادم من الطرف الشرقي لبغداد ان يعبر جسر قناة الجيش الضيق والذي توقفت حركت الجموع فوقه منذ اول ايام العيد بفعل الازدحام الكبير جدا للذاهبين والعائدين.
في الطريق المؤدي الي مدينة الالعاب في بغداد بجانب الرصافة لا تكاد تستطيع الوصول اليها من جراء ازدحام السيارات وبعد انتظار ساعة تقريبا وصلت الى مدخل المدينة التي اكتظت بمئات العوائل والذين جلبوا اطفالهم ونساءهم معهم، وقد افترشت عوائل كثيرة الارض ووضعت ما جلبته معها من ماء وطعام بالقرب منها وتركت الاطفال يمرحون ويلعبون في المدينة والمنظر لا يكاد يخلو من الفتيات البغداديات الجميلات وهن يشاركن عوائلهن في صباح هذه العيد. المكان يبعدك عن شبح الموت وينقلك الى ارض الاحلام وكانك في بلد غير العراق.
وقد لاحظنا غلبة ارتداء الحجاب من قبل النساء حتى اولئك اللواتي لايرتدينه تجنبا للتحرش بهن حيث تكثر التحرشات اللفظية والجسدية في مناسبات كهذه.
والتقت "ايلاف" العديد من العائلات مبادرة بالسؤال عن مخاوفها من احتمال انفجار سيارة مفخخة.
" لا سمح الله"، أجابت أم محمد وهي في الاربعين من عمرها بابتسامة عريضة تملأ وجهها:" تعودنا... اصبحت هذه قديمة ". وأضافت: "ابني محمد تزوج منذ شهرين وطلبت منه فريضة الصيام، ووعدت العائلة بسفرة الى مدينة الالعاب . نفذت وعدي والله يستر ونرجع للبيت سالمين"، وكانت الابتسامة لا تفارقها، فقلنا لها "آمين" .
كما التقينا بعائلة ( كريم وادي ) 37 سنة له ثلاثة اطفال " مريم و طه وخديجة" وزوجته ام مريم، قال ابو طه كما يحب ان اسميه وطه هو اصغر اولاده 4 سنوات ان " الاطفال قبل ان ياتي العيد بايام يطلبون مني ان اجلبهم الى مدينة الالعاب . توكلت على الله واتيت بهم وان شاء الله ماكو شيء . الله يستر على أمة محمد " وقد التفت الى مريم وقلت ماذا تقولين قالت " عمو احنه ما نخاف وملينا من البيت".
مجموعة من الشباب اعمارهم لا تتجاوز 16 سنة قالوا نحن من الصباح هنا . سألتهم لماذا مدينة الالعاب بالذات وليس غيرها فأجاب احدهم " لا يوجد افضل من مدينة الالعاب السينما تعرض افلام قديمة ولا ـذهب اليها الا العصابات. هنا نمضي وقتنا أفضل".
عند الخروج من المدينة كانت مجموعة من الشرطة تنظم زحمة السيارات ولا تسمح بالتوقف . وكان بالقرب من المدينة مرأب ضم العشرات من السيارات.
اخذ قلبي يخفق من زحمة المكان وكأن هنالك خطرا مقبلاً نحوي، ولكنني تذكرت الاطفال فهدأ روعي وقلت لنفسي انهم حقا ابطال.
فهم يتحدون الموت بالحياة وهذه بلا شك بطولة ان ملكتها الشعوب هانت عليها كل الجراحات والآلام والمآسي.