نزار
07-02-2025, 10:01 PM
https://www.alalam.ir/news/7264428/%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%AF%D9%88%D8%A7%D9%81%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86
الأربعاء 2 يوليو 2025
أكد رئيس الوزراء العراقي الأسبق، عادل عبد المهدي، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بوصفها الداعم الرئيسي لقوى المقاومة، باتت تُعدّ في نظر أعدائها الهدف الأساسي، لا المنشآت النووية. واعتبر أن الهدف الحقيقي من العدوان هو "إسقاط النظام"، مشيرًا إلى أن الهجوم على إيران يُعدّ عملًا أحمق.
وفي حوار مع قناة "العالم" ضمن برنامج "لقاء خاص"، وحول العدوان الإسرائيلي على إيران والدوافع التي دفعت الكيان لشنّه في وقت كانت فيه التحركات الدبلوماسية تشهد حراكًا حثيثًا لحلحلة الأوضاع، أشار عبد المهدي إلى أن من الطبيعي أن يهاجم الكيان الصهيوني (https://www.alalam.ir/tag/3027?t=%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A) الجمهورية الإسلامية (https://www.alalam.ir/tag/40133?t=%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1 %D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D 8%A9) الإيرانية.
فنتنياهو، ومنذ عقود وليس في الوقت الراهن فقط، يردّد باستمرار: "إيران أولاً، إيران ثانياً، إيران ثالثاً". وهو يدرك أن تطورات كبيرة تجري على الساحة الإقليمية، تتعلق بالصراع بين شعوبنا وقوى المقاومة من جهة، وبين الكيان الصهيوني من جهة أخرى. وقد بلغت هذه المواجهة مرحلة متقدمة، لا سيّما بعد عملية "طوفان الأقصى"، حيث انتقلت من معارك تتحمّل شعوبنا وحدها تبعاتها وآلامها وتضحياتها، إلى معارك باتت تُهدِّد الكيان الصهيوني وجوديًا – كما يقرّ بذلك هو، وليس فقط كما نُعبّر نحن.
الهدف الرئيسي من العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران
ولفت عبد المهدي إلى أن الجمهورية الإسلامية، باعتبارها الساند والداعم الرئيس لقوى المقاومة، أصبحت تُعدّ الهدف الرئيسي في نظر الأعداء، وليس منشآتها النووية كما زُعِم في البداية.
وأوضح أن الهدف الحقيقي هو "إسقاط النظام"، وهو ما بات واضحًا جدًا من سلوك الإدارة الأمريكية. وقد تم التصريح بذلك علنًا من خلال مطالبات بالاستسلام غير المشروط، واغتيال سماحة الإمام، وغير ذلك من الإجراءات.
وأوضح عبد المهدي أن هذه كلها كانت من الأهداف الأساسية ومن سياقات المعركة وطبيعة الاغتيالات التي تم البدء بها مع العدوان، وطبيعة الصواريخ التي أُطلقت، والمناطق التي استُهدفت، وتجميع الحشود الكبيرة داخل الجمهورية الإسلامية - حيث كانت كثير من المسيّرات تُطلق من داخل الجمهورية الإسلامية - كل هذا يشير إلى خطة معدّة منذ سنوات عديدة.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146737878224700.jpg
فشل تحقيق أهداف العدوان على إيران
وقال عبد المهدي: لا نستطيع التمييز بين المفاوضات والمعارك؛ فالحقيقة أن الواحدة تكمل الأخرى والواحدة تغطي للثانية. فيأتي هذا الهجوم طبيعياً - كما أتصوره - خصوصاً بعد "الوعد الصادق" الثاني، وبعد تطور الأحداث في لبنان وغزة، فإلى الآن لم يستطيعوا حسم موضوع غزة، ويفكرون الآن بالانسحاب من غزة وإنهاء المعارك، كما انسحبوا من لبنان، كما يثيرون ضجة إعلامية كبيرة بأنهم انتصروا، لكنهم لم يحققوا أياً من الأهداف.
عبد المهدي: الهجوم على الجمهورية الإسلامية عمل أحمق!
اعتبر عبد المهدي أن الهجوم على الجمهورية الإسلامية من الناحية الموضوعية - صحيح أنه عمل أحمق وهو هروب إلى الأمام - لكنهم لم يعودوا يمتلكون كثيراً من الأدوات في هذه المعركة التي يتعرض فيها وجودهم لخطر كبير.
ولفت عبد المهدي إلى أن هذه المعارك تجري للمرة الأولى على أرض الكيان الإسرائيلي، على الأرض التي يقف عليها الكيان، خلافاً للمعارك السابقة التي كانت تجري دائماً خارج الكيان، وكان المجتمع الإسرائيلي هادئاً.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146744213354000.jpg
الكيان الإسرائيلي وجرّ المعركة إلى داخله
وحول علم الكيان في أن المعركة ستجرّ إلى الأراضي المحتلة، اعتبر عبد المهدي أن الكيان الإسرائيلي كان يتوقع النجاح في عمله، وفي الأيام الأولى تصوّر أنه نجح في هذا العمل. لذلك، بعد أن تأكد له - حتى خطاب الرئيس ترامب في الأيام الأولى" بأنكم انتهيتم وفشلتم، والآن أعلنوا الاستسلام غير المشروط ولنوقف هذه الحرب وأنتم دولة لكم حضارتكم" إلى آخره – اعتقد ترامب أنه حقق شيئاً.
وأضاف: لترامب كلمات متعددة تناقض بعضها البعض، وربما تصريحات متعددة مع اختلاف موازين الجبهات، لكنهم اعتقدوا - بعد ما قاموا به في البيجرز وما قاموا به في لبنان من اغتيالات وصلت إلى سماحة السيد حسن نصر الله رحمة الله تعالى عليه - أنهم سيحققون شيئاً.
العدوان على إيران ..معركة في إطار حرب عالمية كبيرة، متصلة بمعارك عالمية أخرى
ورأى عبد المهدي أن الأعداء يعرفون قدرات إيران، ولهم ثقة بالقبة الحديدية التي لديهم وبوسائل الدفاع - هناك عدة طبقات من وسائل الدفاع يعتقدون أنها ستحميهم. يجب أن نتذكر أن هذه الحرب لم تكن بين "إسرائيل" والجمهورية الإسلامية فقط، بل كانت بين الجمهورية الإسلامية من جهة، و"إسرائيل" والناتو وأمريكا وعدد كبير آخر من الدول من جهة أخرى.
هي معركة في إطار حرب عالمية كبيرة، وليست معركة إقليمية محدودة. تأتي بعد الهزائم في أوكرانيا، وبالتالي هي متصلة بمعارك أخرى عالمية لها تأثيرات كبيرة في تغيير الأجواء السياسية والجيوسياسية في المنطقة وفي العالم ككل.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146749965028700.jpg
لماذا جاء العدوان على إيران في هذا التوقيت؟
لفت عبد المهدي إلى أن العدوان الإسرائيلي يعدّ لهذا الهجوم منذ سنوات، وليس الآن فقط حيث بدأت تظهر كثير من المعلومات عن إدخال عناصر من الخارج وتموضعهم داخل إيران، وشراء المباني والشقق، وفتح المصانع الصغيرة ومعامل الطائرات المسيّرة، وانتشارهم في كافة الجغرافية الإيرانية (https://www.alalam.ir/tag/4473563?t=%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9% 81%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D 8%A9). هذا عمل لم يتم خلال الأشهر الأخيرة، بل عمل يُهيّأ له منذ سنوات وتهيّئ له مخابرات دول عديدة.
ونوّه عبد المهدي إلى أن الكيان الصهيوني لا يستطيع أن يعبّئ كل هذه اللوجستيات وكل هذه القدرات وحده.
استخبارات عديدة وكبيرة ساهمت في هذا الأمر، بما فيها قوى محلية داخل إيران، وقوى محلية إقليمية في المنطقة، إضافة إلى القوى الغربية الأخرى. كل من يستطيعون شراءه، وكل من يستطيعون تجنيده، قاموا بهذا العمل. وهذا عمل مرتب ومنظم وله خطة وله سياقات.
وأوضح عبد المهدي أن العدوان الإسرائيلي كان له توقيت معين - بعد الأوضاع في سوريا ولبنان وما حصل في فلسطين وغزة إلى آخره حيث أراد نتنياهو هذه الحرب لأنه كان يعتقد أنه سيحقق فيها نجاحاً، أو على الأقل سيهرب فيها إلى الأمام ويبدو منتصراً في معركة هو يخسرها كل يوم.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146754587789500.jpg
قراءة في الإنخراط الأمريكي العسكري في العدوان على إيران
قال عبد المهدي : ليس من الصحيح أن نرى أمريكا تابعة للكيان؛ أمريكا هي شريك أساسي في هذه العملية، سواء دفعت الكيان إلى هذه العملية أو قامت بأعمال دعم كاملة لها.
أمريكا تعلم كل ما يقوم به الكيان، ولا يمكن تصوّر خطوة من خطوات الكيان بدون علم أمريكا.
وتابع: لذلك، في اليوم الأخير عندما تم الادّعاء بأن هناك طائرات ستأتي لقصف الجمهورية الإسلامية - بعد أن تكون الضربة الأخيرة للجمهورية الإسلامية - يقول ترامب إنه اتصل وقال لهم:
"أرجعوا الطائرات إلى الوراء"، إلى هذا المستوى. فبالتالي، تصوّر أن هناك دورين منفصلين هذا غير صحيح منوها أن هناك مهمتان وهناك دوران، لكن هذا كله مسيطر عليه برؤية استراتيجية واحدة وبتخطيط واحد. ولا يمكن تصوّر أن "إسرائيل" تورّط أمريكا أو أمريكا تورّط "إسرائيل"، هذه تحالفات مترابطة عضوياً، وتراجع أو انهيار أحدهما يقود إلى تراجع وانهيار الطرف الآخر، وانتصار أحدهما يقود إلى انتصار الطرف الآخر.
ما الذي جنته أمريكا من هجومها على إيرانّ؟!
نوّه عبد المهدي إلى أنه بعد الضربة الموجهة من واشنطن، يجب أن نقر أولاً بأن الطرف الآخر بجميع مكوناته - الكيان الإسرائيلي والناتو والغرب والدول المعادية وأمريكا - يتفوقون علينا في عدة مجالات، منها الدعاية والبروباغندا.
فهم يتفوقون في الحرب الإعلامية ويمتلكون أدواتها كاملة، بما في ذلك المنصات والمدونون وغيرها.
وتابع: رغم ذلك، تولدت حرب إعلامية أخرى من القاعدة الشعبية. فبينما يمتلك الطرف الآخر البنى الفوقية، باتت الشعوب تمتلك البنى القاعدية عبر تيك توك ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يمكنها من إيصال صور مختلفة عن تلك التي تبثها المراكز الرسمية والإعلام التقليدي وعلى صعد أخرى كالتجسس والاغتيال والدعاية والسلاح الجوي، فهم متفوقون لا شك في ذلك.
إنهم متفوقون في البناء العلوي، بينما نحن متفوقون في البناء القاعدي الشعبي. هذا هو المظهر العالمي الذي نشهده اليوم، حيث تجد الشعوب تتظاهر وتدين وتتخذ مواقف صلبة، بينما تقف الحكومات موقفاً مختلفاً.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146759059188400.jpg
وأشار عبد المهدي إلى أن للأيديولوجيا دور مهم، فالتاريخ والأيديولوجيا والجغرافيا والديموغرافيا والاقتصاد والأسلحة، كلها عوامل مؤثرة، وجميع الأطراف تحاول توظيف هذه الأدوات لصالحها.
عبد المهدي: أمريكا جنت على نفسها خسائر كبيرة بعدوانها على إيران!
ورأى عبد المهدي أن حقيقة الأمر تكمن أن أمريكا جنت على نفسها خسائر كبيرة. فأمريكا، التي كانت بمثابة الشرطي العالمي الذي يفرض الأوامر من بعيد - حيث كانت بأوامر من الرؤساء السابقين حيث كانت تسقط إمبراطوريات ودولاً ومساحات واسعة - دخلت الآن بكامل قوتها ولم تستطع تحقيق شيء يُذكر. منوها أن القيادات الأمريكية في المنطقة، كقاعدة العديد في قطر، تتعرض للقصف بعدد كبير من الصواريخ دون أن تستطيع فعل شيء حيال ذلك. هذا يشكل ضربة لهيبة الدولة الأمريكية.
الخسائر الأمريكية بعد الضربة الإيرانية
أوضح عبد المهدي أنه في السابق، كانت نتائج الحروب واضحة - من سقوط الراية في حروب الجيوش والخيول والسيوف، إلى سقوط العواصم كما حدث في برلين مع سقوط الرايخ الثالث في ألمانيا. أما الآن، فالحروب أصبحت معقدة ولم تعد عمليات السقوط والانتصار واضحة. الانتصار أصبح نفسياً ومعنوياً.
وتابع: نلاحظ كيف تحتفل إيران بانتصاراتها، بينما تلملم "إسرائيل" خسائرها وضحاياها وأحزانها، وتمزق أمريكا الخلافات والانقسامات الداخلية. عندما يعلن ترامب أنه دمر المفاعل النووي في فوردو، يظهر تقرير رسمي من المخابرات الأمريكية ينفي ذلك، والمسألة ليست في صحة التقرير من عدمها، بل في من سرَّب هذا التقرير لوسائل الإعلام كـCNN ونيويورك تايمز. من المفترض أن يُعاقب من سرَّب التقرير، وليس أن نناقش مصداقيته.
وبيّن عبد المهدي إلى أنه اليوم، الانقسامات في الولايات المتحدة كبيرة - داخل الكونغرس وبين الأحزاب وبين الرئيس ترامب وإدارته وبين الرئيس وحركة ماغا.
كل هذه الأمور تشير إلى تراجع كبير في قدرات الولايات المتحدة.
ومن من الدول التي ستخاف من الولايات المتحدة بعد هذه الحرب حيث أن إيران وحدها وقفت ضد الناتو والولايات المتحدة و"إسرائيل" واستطاعت الصمود.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146765613402300.jpg
هل كُسرت شوكة الولايات المتحدة بعد عدوانها على إيران؟
لفت عبد المهدي إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تمتلك قدرات كبيرة من الناحية التقنية والتكنولوجية، لكنها لا تستطيع زج جنودها كما فعلت في أفغانستان والعراق (170 ألف جندي) أو في فيتنام (600 ألف جندي).
وأضاف: الآن، لا تستطيع - عبر الصواريخ والبروباغندا والعقوبات الاقتصادية - تغيير مسارات التاريخ والعالم. هذه نقطة فاصلة في التاريخ نحو انتهاء الهيمنة العالمية ودور أمريكا كشرطة عالمية.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146773179710600.jpg
استمرارية الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل".. إلى متى؟!
نوّه عبد المهدي إلى أن الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي سيستمر ولكن ليس بلا حدود. الحدود تتمثل في القدرة على تقديم الدعم الفعال، والقدرة على استخدام "إسرائيل" لهذه الإمكانيات بما يحقق نتائج إيجابية وليس المزيد من التورط والخسائر.
وتابع: اليوم، القدرات المادية تتقلص من جميع النواحي. عندما طالب ترامب في دورته الأولى دول الناتو بتخصيص 2% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، يطالبها اليوم بـ5%. حيث إن الموارد المتاحة للمعسكر الغربي - أمريكا والناتو والكيان الإسرائيلي وغيرهم - في تراجع مستمر. حصتهم من الكعكة الاقتصادية العالمية تتقلص باستمرار، وبالتالي قدراتهم في تراجع وليس تقدم، على عكس قدرات دول بريكس.
وبيّن عبد المهدي أنه قبل أيام قليلة عُقد اجتماع مهم لوزراء دفاع دول منظمة شانغهاي للتعاون العشر، بما فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية والصين وروسيا وباكستان والهند ودول أخرى من وسط آسيا، فلدينا هنا جبهة صاعدة بكامل إمكانياتها، وإن كانت إمكانيات جبهة المستعمرات القديمة لا تزال غير متكاملة، بينما لدينا جبهة إمبراطوريات عظمى تنهار وتتراجع تماماً.
ومسارات التاريخ اليوم، بعد معركة الجمهورية الإسلامية من 13 حزيران إلى 24 حزيران، ستكون فاصلة في التاريخ لصعود جبهة وتقدمها خطوات إلى الأمام وتراجع جبهة أخرى خطوات إلى الوراء.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146779661261600.jpg
تقييم الرّد الإيراني عسكريا وسياسيا
قال عبد المهدي إن الخبراء العسكريين والاستراتيجيين والمحللين، بمن فيهم الإسرائيليون والأمريكيون (https://www.alalam.ir/tag/4473823?t=%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8% A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D 9%8A%D9%88%D9%86)، يُجمعون على أن الأداء الإيراني كان لافتًا ومتميزًا. ورغم أن إيران تلقت ضربات موجعة ومؤلمة، فإن حجم القوى التي واجهتها كان استثنائيًا، إذ تصدّت لتحالف يضم حلف الناتو والولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي وعددًا من الدول الإقليمية، أي ما يمثّل العالم الغربي بأسره.
وأضاف: لم يكن هذا الرد مفاجئًا لمن تابع الأحداث بالتفاصيل، خاصة بعد عمليتي "الوعد الصادق الأول" و"الوعد الصادق الثاني". كان واضحًا أن إيران ستردّ، وأن لديها نظامًا قادرًا على تعويض الخسائر البشرية بسرعة. فمفهوم الشهادة عندنا كمسلمين يختلف عن مفهوم الموت لدى الدول الغربية.
وتابع عبد المهدي: شهدنا في الجمهورية الإسلامية قدرة على استيعاب الأحداث وسد الشواغر بكفاءة. عندما غاب الرئيس رئيسي ووزير الخارجية، لاحظنا السرعة والدقة التي نظمت بها إيران شؤون الدولة، من المرحلة الانتقالية إلى الانتخابات ثم تشكيل الحكومة الجديدة. كانت العملية سليمة من النواحي الأخلاقية والدستورية والسياسية والأصولية كافة، لذلك، لم يستغرب من كان على تماس مباشر مع الأحداث تصرف الجمهورية الإسلامية. رفضت إيران أي تدخل من طرف ثالث للدفاع عنها، مؤكدة:
"أنا أقوم بهذه المهمة". وخلال ساعات قليلة، تمت استعادة القيادة والسيطرة وتم الاستبدال. أعتقد أن عوامل الاستبدال كانت مُعدّة مسبقًا، وليست نتاج تفكير اللحظة، بل جزء من آليات الجمهورية الإسلامية السياسية والعسكرية.
ولفت عبد المهدي قائلا: عندما عادت القيادة والسيطرة، وفي الليل بدأت الصواريخ تتساقط على تل أبيب، اقتنع الجميع بأن الجمهورية الإسلامية ستنتصر في هذه الحرب وستبلي البلاء الحسن. كان تحولًا كبيرًا جدًا في مشاعر كثير من الناس الذين كانوا يرون في "الوعد الصادق الأول" و"الوعد الصادق الثاني" مجرد استعراض وألاعيب. الآن أصبحوا يشاهدون دمارًا شبيهًا بدمار غزة، امتد من حيفا ويافا وبيت شأن في شمال فلسطين إلى إيلات في جنوبها.
ووصف عبد المهدي الأداء الإيراني بأنه كان متقنًا ودقيقًا، والمفاوضات على الصعيد السياسي دقيقة جدًا في التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي إدارة الشؤون الداخلية، وفي لحمة واتحاد الشعب، وفي دور الإمام الخامنئي - حفظه الله. كانت هذه الأمور جميعها مثالًا عظيمًا ورائعًا يقدم نماذج مهمة للشعوب في المجال الدبلوماسي.
ونوّه عبد المهدي : بخصوص إقرار البرلمان الإيراني منع الحكومة من التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فهذا تعليق للعلاقة كما تعلمنا دائمًا من الجمهورية الإسلامية. عندما خرج ترامب من الاتفاق النووي، صعّدت إيران التخصيب من 20% إلى 60%. دائمًا كانت ردودها باردة ومحسوبة.
وأضاف: كنا نقول دائمًا إن العقل الإيراني الذي ينسج السجاد الإيراني بهذا الصبر والدقة، لا يمكن أن يكون مختلفًا في الشأن السياسي والعسكري. هذه هي طبيعة التربية الإيرانية التي شاهدناها ونعرفها من الحرب التي شُنت على إيران من قبل النظام العراقي السابق.
ورأى عبد المهدي أنه دائمًا يأتي الرد الإيراني بالمنطق التالي: "إذا كنت تريد أن تؤذيني، فتستطيع القيام بذلك، لكنني سأقوم بخطوة ستندم عليها لاحقًا. ستجد أن ما أردت أن تعاقبني به أصبح وبالًا عليك أكثر".
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175147459739162900.jpg
ماذا حدث خلال ساعات قليلة بعد استهداف قاعدة العديد القطرية؟!
وبسؤال عبد المهدي حول اليوم الحادي عشر من الحرب، حيث كانت الأمور تتجه نحو التصعيد، وما حدث خلال ساعات قليلة بعد استهداف قاعدة العديد القطرية؟ هل حدث أمر ما خلف الكواليس؟
أشار عبد المهدي إلى أن هنالك دائماً أقلية ترى الأمور بوضوح، وأغلبية يسيطر عليها الإعلام الذي يروج للتصعيد المستمر. كانت الولايات المتحدة أمام مفترق طرق، أما إيران فمبدؤها واضح: "الدفاع ما دام هناك هجوم". منوها إلى أنه كان على أمريكا أن تختار: إما اعتبار مهاجمة القاعدة في قطر إهانة وإذلالاً، وبالتالي الدخول في حرب شاملة بالمدمرات والبوارج والصواريخ والجيوش، وإما اعتبار هذا نهاية الحرب، خاصة أنه لم تقع قتلى كما حصل في "عين الأسد" عند اغتيال الشهيد سليماني. تذكروا ضربة عين الأسد - كانت أول مرة تُقصف فيها القواعد الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.
ولفت عبد المهدي إلى أن الذهاب إلى حرب واسعة أمر صعب جداً على الولايات المتحدة اليوم. ترامب جاء يقول إنه "رجل سلام" يريد وقف الحروب، فكيف يدخل في أوسع الحروب بعد أشهر قليلة، خاصة مع تطور الحرب في أوكرانيا وتقدم روسيا المستمر، لذلك كان أمامه طريقان:
إما التصعيد وهو أمر صعب عليه، أو إنهاء الأمر. وقد أعلن فوراً أن الطائرات قصفت وخرجت من المجال الجوي وعادت إلى قواعدها في الولايات المتحدة، مما جعل توقع انتهاء الأمر منطقياً.
وأضاف عبد المهدي: توقع كثيرون نقطة النهاية، وأذيع في المحطات أن هذا الحد الأقصى. لذلك عندما أرادت "إسرائيل" مواصلة الحرب، قالت أمريكا إن هذه هي النهاية. الأمر منطقي وسليم تماماً.
وأوضح عبد المهدي أنه ما يُقال عن "ضربة رمزية" في العديد أو أصفهان ليس صحيحاً. هذه في الحروب تُسمى "ضربات تحذيرية" فعندما تأتي البوارج وتطلب من البلد المستهدف الاستسلام، فيرفض، فيتم توجيه ضربات قريبة تُظهر القدرات الهائلة كتحذير للاستسلام ففي عين الأسد أيضاً، أبلغنا الطرف الإيراني أن الضربة ستحدث - حيث كنت رئيساً للمجلس في العراق - قبل ساعة من الضربة، لأن كل طرف يقدر كيف يريد إدارة المعركة. إيران لا تريد التوغل أكثر وتعتبر "الدفاع" هو الخط المناسب لها.
الطرف الآخر أيضاً يقدر أن توسيع الهجوم قد يؤدي إلى خسائر كبيرة دون نفع يُذكر لافتا إلى أن هذه الضربات تُظهر قدرات كل طرف وتوضح رغبته في الوقوف عند حد معين دون تجاوزه.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175147478672199500.jpg
القيادة البارعة وتأثير خطابات قائد الثورة خلال العدوان على إيران
وبسؤاله حول ثلاث خطابات مهمة لقائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي( دام ظله).
خلال هذه الحرب، حيث هذه الخطابات تركت أثراً معنوياً كبيراً على المجتمع الإيراني وحفزت الروح المعنوية. ما الذي لفت الانتباه في هذه الكلمات، خاصة الكلمة الثالثة والأخيرة؟
قال عبد المهدي
أولاً: التوكل على الله. نحن نقوم بواجبنا وندافع عن أنفسنا. نحن أهل دين وأخلاق واعتبارات، لم نعتدِ على أحد لكننا لا نقبل الاعتداء علينا. التوكل على الله والقيام بالواجب ثم ترك الأمور لله سبحانه وتعالى - هذا ديدن القوى الإسلامية والجمهورية الإسلامية منذ الثورة، وهو الطريق الذي سار عليه المجاهدون والقيادات من الإمام الخميني إلى الإمام الخامنئي.
ثانياً: روح صلبة قوية لم تنحدر إلى مستوى القيادات الهشة السطحية لدى الطرف الآخر. عندما يقف ترامب يومياً يناقض نفسه بين الصباح والمساء، تجد هنا الثبات والاستقرار والطمأنينة.
عندما يكون القائد مطمئناً، يرى الناس ذلك في عينيه وليس فقط في كلماته - في طريقة أدائه للجملة وجلسته وكل تفاصيله. هذا ما تشاهده الملايين وتستلهم منه القوة.
ثالثاً: تحديد ملامح المعركة وحدودها بوضوح. لم يذكر أننا سنهجم ونقضي على الكيان الصهيوني أو الولايات المتحدة. نحن ندافع. كنا في مفاوضات، وهم يريدون عبر المفاوضات أن يأخذوا ما لم يحصلوا عليه في الحرب، ويريدون في الحرب ما لم يحصلوا عليه في المفاوضات.
وأضاف عبد المهدي: لدينا مبادئ يقرها القانون الدولي والأعراف والأخلاق، ونحن ملتزمون بهذه الحدود. الأمر محدد بدقة شديدة وليس فيه أي غموض أو مواربة، على عكس الطرف الآخر الذي يستخدم التضخيم والكلمات الرنانة خطابات هادئة ومؤمنة بإرادة رب العالمين - هذه خطابات قائد يقود شعبه بحق، وهذه قيادة بارعة فعلاً.
تداعيات العدوان على غزة
وحول الملف الفلسطيني والعدوان المستمر على غزة تداعيات هذا العدوان وإلى الموقف الدولي الخجول إزاء ما يحدث في غزة؟
رأى عبد المهدي أن الموقف الدولي يتطلب التمييز بين الشعوب والحكومات. على مستوى الشعوب، هناك تصاعد مهم وإيجابي لدعم القضية الفلسطينية ونصرة فلسطين. في كل يوم نشاهد مظاهر الدعم المتزايد، وأنا من الداعين إلى عدم التركيز المفرط على مشاكلنا. كثير من المحللين ينشغلون بتفاصيل أوضاعنا، لكن الحقيقة في هذه الحرب تستدعي التركيز دائماً على أوضاع العدو.
وتابع: صحيح أن ما تتعرض له غزة من دمار وتضحيات كبيرة أمر عظيم يجب أن يُعطى حجمه الحقيقي، لكن البقاء في حدود هذا التحليل دون النظر إلى ما تحققه غزة ليس فقط في فلسطين وإنما في العالم العربي والإسلامي والعالم ككل، هو أمر يجب التركيز عليه وإعطاؤه قدره.
وأضاف : اليوم العالم كله يتغير.
اليوم كل حركات التحرر في العالم وكل المخلصين يقفون حقيقة مع شعب غزة ويقفون مع فلسطين.
هذا تحول تاريخي كبير لم نعرفه أو نشهده سابقاً إطلاقاً. كل المراكز العالمية التي كانت ملجأً ومصدر دعم للكيان الصهيوني، تحولت اليوم إلى مصدر إزعاج، بحيث أصبحوا في داخل الكيان يغطون وجوه الجنود لأنه من الممكن أن يذهبوا غداً في سياحة إلى بلد معين وتُقام عليهم الدعاوى بتهمة المشاركة في حروب إبادة جماعية.
ونوّه إلى أنه عندما يأتي ترامب اليوم ويطالب المحاكم الدولية أن ترفع أحكامها عن سموتريتش وبن غفير، بل ويتدخل أكثر لمنع محاكمتهم داخل الكيان، فهذه أمور كبيرة لا نركز عليها كثيراً، لكننا نركز أكثر على تحليلات أو تخمينات حول أوضاعنا. إنهم يطلقون قنبلة صوتية، فما قراءتكم لما يحدث في الداخل الإسرائيلي؟
واعتبر عبد المهدي أنه في الداخل الإسرائيلي اليوم أزمات كبيرة جداً، لا سيما بعد العدوان على إيران والرد الإيراني المحتمل. هناك أزمات كبيرة جداً.
من المعلوم أنه في الكيان ليس للدولة جيش، بل للجيش دولة، والعلاقة بين الجيش والدولة هي الأساس ،منوها أن أهم ما يحصل اليوم هو أن الثقة بالجيش تتزعزع. اليوم، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية - إحصاءات عبرية وليس من أطراف خارجية - 50% من الاحتياط لا يريد العودة إلى الحرب. 50% من الأمهات يوقعن، وآلاف الجنود والضباط بما فيهم طيارون وبحارة يوقعون على عدم الرغبة في الذهاب إلى الحرب. فالجيش يتآكل وروحه القتالية تتآكل.
وتابع: اليوم تلاحظون ما يحصل في غزة - يريدون أن ينهوا هذا الملف لأن الحرب لم تعد لها أهداف. في كل يوم يتكبدون خسائر كبيرة ومباشرة. عندما تتزعزع الثقة بالجيش، فهذه نتيجة تاريخية كبيرة.
الاقتصاد الإسرائيلي يتراجع بشكل هائل
اعتبر عبد المهدي أن الاقتصاد الإسرائيلي يتراجع بشكل هائل. معظم الشركات أو عدد كبير منها غادر الكيان. هناك هجرة من الكيان، وتعرفون أن الاستيطان هو جوهر الوجود الإسرائيلي.
عندما يتراجع الاستيطان، فإن دولة إسرائيل لا تستطيع العيش. عندما تحصل هجرة معاكسة - والبعض يقدرها بالمليون، وكان هناك تقرير مؤخراً في الجزيرة يصل إلى حد المليون من مصادر موثقة - يأتي ببعض رجال الأعمال الذين يعوضون شركاتهم بتذكرة سفر للخروج من البلاد.
ورأى عبد المهدي أن كل هذه الأمور أصبحت شائعة. عندما تُضرب غرفة نوم نتنياهو، وعندما تسقط الصواريخ في قلب المؤسسات الأمنية الإسرائيلية والقواعد الحربية، فإن من جاء إلى بلد العسل واللبن، جاء إلى أرض يجد فيها الأمان والراحة ويعيش أفضل بكثير مما يعيشه في الغرب.
اليوم أصبح هذا البلد لا يوفر له الأمن، حتى الملاجئ أصبحت لا توفر الأمان.
وتابع: لاحظنا كم انقسام اجتماعي موجود اليوم في الكيان، ليس فقط بين الحريديم، وإنما داخل الحريديين أنفسهم وفي التيارات الأخرى أيضاً. بالتالي، كل هذه الحرب مزقت الكيان - لا أقول أنهته - لكن أضعفته بشكل كبير. والدليل أن كل الحروب السابقة كان الكيان يقوم بها نيابة عن الغرب والولايات المتحدة. في هذه الحرب، من طوفان الأقصى، شاهدنا الغرب والناتو وأمريكا هم الذين يأتون ويدافعون عن الكيان، ليس فقط عبر وسائل الدفاع الجوي بل بكل الوسائل الأخرى، بكل الإمدادات والوسائل. أصبح الكيان يكلفهم كثيراً. سابقاً كان يعطيهم كثيراً، اليوم أصبح يكلفهم كثيراً.
ونوه عبد المهدي أن الدعايات اليوم عن الشرق الأوسط الجديد والاتفاق الإبراهيمي وغير ذلك، كلها لرفع المعنويات وإيجاد جبهة سياسية للتقليل من الخسائر التي تعرضوا لها في هذه الحرب، سواء في طوفان الأقصى أو في المعركة الأخيرة مع الجمهورية الإسلامية.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175147614829847400.jpg
هل اقترب التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار في غزة؟
قال عبد المهدي: في غزة، نعم. أعتقد أن قرار الحرب سيكون أصعب في المرات القادمة من المرات السابقة. لا أقول إن الحرب لن تحصل، لكن قرار الحرب كما كان سابقاً صعباً علينا. عندما هُزمنا في 1967، لاحظ المفارقة: في 6 أيام هُزمت 5 دول عربية كبيرة، وفي 12 يوماً هُزم معسكر الغرب كله - الناتو والولايات المتحدة و"إسرائيل" وكيانات أخرى في 12 يوماً - وإيران بمفردها قامت بالعمل.
ونوّه عبد المهدي أنه سابقاً، بعد هزيمة الـ67، كان قرار الحرب من جانب الفلسطينيين أو العرب أو المسلمين قراراً صعباً. حرب 73 مثلاً، ثم القرارات اللاحقة: انتفاضة الحجارة إلى تحرير لبنان، كانت قرارات صعبة.
اليوم القرار الصعب سيعود على الكيان نفسه. اتخاذ قرار حرب اليوم قرار صعب لذلك تلاحظون أن السلوك الإسرائيلي اليوم هو التهرب وليس الذهاب إلى الحرب. في الحرب مع لبنان مثلاً، كان يقول "لن أوقف الحرب وسيستمر القصف والمفاوضات تجري تحت القصف"، ثم عندما بدأ يتكبد الخسائر على الجبهة وعلى خط الحدود، أصبح يطالب بوقف إطلاق النار. وهو الذي طالب بإيقاف إطلاق النار في لبنان الآن، لكي يعطي معنويات للمستوطنين بأنه لا يزال قادراً على الضرب.
وأضاف: يومياً يضرب ضربة هنا، يغتال، يفعل بما يجيده، لكن الذهاب إلى حرب واسعة هو يتجنبها اليوم. يُغير في سوريا مثلاً، يُغير في الوقت الذي يضربه فيه الفلسطينيون في غزة ضربات ميدانية في الجبهة. هو يأتي بالطائرات ويقتل من يذهب ليأخذ مساعدات غذائية.انتقلت صورة المعركة تماماً. ستحصل حروب، ستحصل صدامات، لكن هذه المرة انتقلت الكرة إليه - هو الذي سيجد صعوبة في الذهاب إلى حرب جديدة، والأمة أصبحت أكثر استعداداً للدخول في هذه المعارك.
الأربعاء 2 يوليو 2025
أكد رئيس الوزراء العراقي الأسبق، عادل عبد المهدي، أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بوصفها الداعم الرئيسي لقوى المقاومة، باتت تُعدّ في نظر أعدائها الهدف الأساسي، لا المنشآت النووية. واعتبر أن الهدف الحقيقي من العدوان هو "إسقاط النظام"، مشيرًا إلى أن الهجوم على إيران يُعدّ عملًا أحمق.
وفي حوار مع قناة "العالم" ضمن برنامج "لقاء خاص"، وحول العدوان الإسرائيلي على إيران والدوافع التي دفعت الكيان لشنّه في وقت كانت فيه التحركات الدبلوماسية تشهد حراكًا حثيثًا لحلحلة الأوضاع، أشار عبد المهدي إلى أن من الطبيعي أن يهاجم الكيان الصهيوني (https://www.alalam.ir/tag/3027?t=%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A) الجمهورية الإسلامية (https://www.alalam.ir/tag/40133?t=%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1 %D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D 8%A9) الإيرانية.
فنتنياهو، ومنذ عقود وليس في الوقت الراهن فقط، يردّد باستمرار: "إيران أولاً، إيران ثانياً، إيران ثالثاً". وهو يدرك أن تطورات كبيرة تجري على الساحة الإقليمية، تتعلق بالصراع بين شعوبنا وقوى المقاومة من جهة، وبين الكيان الصهيوني من جهة أخرى. وقد بلغت هذه المواجهة مرحلة متقدمة، لا سيّما بعد عملية "طوفان الأقصى"، حيث انتقلت من معارك تتحمّل شعوبنا وحدها تبعاتها وآلامها وتضحياتها، إلى معارك باتت تُهدِّد الكيان الصهيوني وجوديًا – كما يقرّ بذلك هو، وليس فقط كما نُعبّر نحن.
الهدف الرئيسي من العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران
ولفت عبد المهدي إلى أن الجمهورية الإسلامية، باعتبارها الساند والداعم الرئيس لقوى المقاومة، أصبحت تُعدّ الهدف الرئيسي في نظر الأعداء، وليس منشآتها النووية كما زُعِم في البداية.
وأوضح أن الهدف الحقيقي هو "إسقاط النظام"، وهو ما بات واضحًا جدًا من سلوك الإدارة الأمريكية. وقد تم التصريح بذلك علنًا من خلال مطالبات بالاستسلام غير المشروط، واغتيال سماحة الإمام، وغير ذلك من الإجراءات.
وأوضح عبد المهدي أن هذه كلها كانت من الأهداف الأساسية ومن سياقات المعركة وطبيعة الاغتيالات التي تم البدء بها مع العدوان، وطبيعة الصواريخ التي أُطلقت، والمناطق التي استُهدفت، وتجميع الحشود الكبيرة داخل الجمهورية الإسلامية - حيث كانت كثير من المسيّرات تُطلق من داخل الجمهورية الإسلامية - كل هذا يشير إلى خطة معدّة منذ سنوات عديدة.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146737878224700.jpg
فشل تحقيق أهداف العدوان على إيران
وقال عبد المهدي: لا نستطيع التمييز بين المفاوضات والمعارك؛ فالحقيقة أن الواحدة تكمل الأخرى والواحدة تغطي للثانية. فيأتي هذا الهجوم طبيعياً - كما أتصوره - خصوصاً بعد "الوعد الصادق" الثاني، وبعد تطور الأحداث في لبنان وغزة، فإلى الآن لم يستطيعوا حسم موضوع غزة، ويفكرون الآن بالانسحاب من غزة وإنهاء المعارك، كما انسحبوا من لبنان، كما يثيرون ضجة إعلامية كبيرة بأنهم انتصروا، لكنهم لم يحققوا أياً من الأهداف.
عبد المهدي: الهجوم على الجمهورية الإسلامية عمل أحمق!
اعتبر عبد المهدي أن الهجوم على الجمهورية الإسلامية من الناحية الموضوعية - صحيح أنه عمل أحمق وهو هروب إلى الأمام - لكنهم لم يعودوا يمتلكون كثيراً من الأدوات في هذه المعركة التي يتعرض فيها وجودهم لخطر كبير.
ولفت عبد المهدي إلى أن هذه المعارك تجري للمرة الأولى على أرض الكيان الإسرائيلي، على الأرض التي يقف عليها الكيان، خلافاً للمعارك السابقة التي كانت تجري دائماً خارج الكيان، وكان المجتمع الإسرائيلي هادئاً.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146744213354000.jpg
الكيان الإسرائيلي وجرّ المعركة إلى داخله
وحول علم الكيان في أن المعركة ستجرّ إلى الأراضي المحتلة، اعتبر عبد المهدي أن الكيان الإسرائيلي كان يتوقع النجاح في عمله، وفي الأيام الأولى تصوّر أنه نجح في هذا العمل. لذلك، بعد أن تأكد له - حتى خطاب الرئيس ترامب في الأيام الأولى" بأنكم انتهيتم وفشلتم، والآن أعلنوا الاستسلام غير المشروط ولنوقف هذه الحرب وأنتم دولة لكم حضارتكم" إلى آخره – اعتقد ترامب أنه حقق شيئاً.
وأضاف: لترامب كلمات متعددة تناقض بعضها البعض، وربما تصريحات متعددة مع اختلاف موازين الجبهات، لكنهم اعتقدوا - بعد ما قاموا به في البيجرز وما قاموا به في لبنان من اغتيالات وصلت إلى سماحة السيد حسن نصر الله رحمة الله تعالى عليه - أنهم سيحققون شيئاً.
العدوان على إيران ..معركة في إطار حرب عالمية كبيرة، متصلة بمعارك عالمية أخرى
ورأى عبد المهدي أن الأعداء يعرفون قدرات إيران، ولهم ثقة بالقبة الحديدية التي لديهم وبوسائل الدفاع - هناك عدة طبقات من وسائل الدفاع يعتقدون أنها ستحميهم. يجب أن نتذكر أن هذه الحرب لم تكن بين "إسرائيل" والجمهورية الإسلامية فقط، بل كانت بين الجمهورية الإسلامية من جهة، و"إسرائيل" والناتو وأمريكا وعدد كبير آخر من الدول من جهة أخرى.
هي معركة في إطار حرب عالمية كبيرة، وليست معركة إقليمية محدودة. تأتي بعد الهزائم في أوكرانيا، وبالتالي هي متصلة بمعارك أخرى عالمية لها تأثيرات كبيرة في تغيير الأجواء السياسية والجيوسياسية في المنطقة وفي العالم ككل.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146749965028700.jpg
لماذا جاء العدوان على إيران في هذا التوقيت؟
لفت عبد المهدي إلى أن العدوان الإسرائيلي يعدّ لهذا الهجوم منذ سنوات، وليس الآن فقط حيث بدأت تظهر كثير من المعلومات عن إدخال عناصر من الخارج وتموضعهم داخل إيران، وشراء المباني والشقق، وفتح المصانع الصغيرة ومعامل الطائرات المسيّرة، وانتشارهم في كافة الجغرافية الإيرانية (https://www.alalam.ir/tag/4473563?t=%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9% 81%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D 8%A9). هذا عمل لم يتم خلال الأشهر الأخيرة، بل عمل يُهيّأ له منذ سنوات وتهيّئ له مخابرات دول عديدة.
ونوّه عبد المهدي إلى أن الكيان الصهيوني لا يستطيع أن يعبّئ كل هذه اللوجستيات وكل هذه القدرات وحده.
استخبارات عديدة وكبيرة ساهمت في هذا الأمر، بما فيها قوى محلية داخل إيران، وقوى محلية إقليمية في المنطقة، إضافة إلى القوى الغربية الأخرى. كل من يستطيعون شراءه، وكل من يستطيعون تجنيده، قاموا بهذا العمل. وهذا عمل مرتب ومنظم وله خطة وله سياقات.
وأوضح عبد المهدي أن العدوان الإسرائيلي كان له توقيت معين - بعد الأوضاع في سوريا ولبنان وما حصل في فلسطين وغزة إلى آخره حيث أراد نتنياهو هذه الحرب لأنه كان يعتقد أنه سيحقق فيها نجاحاً، أو على الأقل سيهرب فيها إلى الأمام ويبدو منتصراً في معركة هو يخسرها كل يوم.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146754587789500.jpg
قراءة في الإنخراط الأمريكي العسكري في العدوان على إيران
قال عبد المهدي : ليس من الصحيح أن نرى أمريكا تابعة للكيان؛ أمريكا هي شريك أساسي في هذه العملية، سواء دفعت الكيان إلى هذه العملية أو قامت بأعمال دعم كاملة لها.
أمريكا تعلم كل ما يقوم به الكيان، ولا يمكن تصوّر خطوة من خطوات الكيان بدون علم أمريكا.
وتابع: لذلك، في اليوم الأخير عندما تم الادّعاء بأن هناك طائرات ستأتي لقصف الجمهورية الإسلامية - بعد أن تكون الضربة الأخيرة للجمهورية الإسلامية - يقول ترامب إنه اتصل وقال لهم:
"أرجعوا الطائرات إلى الوراء"، إلى هذا المستوى. فبالتالي، تصوّر أن هناك دورين منفصلين هذا غير صحيح منوها أن هناك مهمتان وهناك دوران، لكن هذا كله مسيطر عليه برؤية استراتيجية واحدة وبتخطيط واحد. ولا يمكن تصوّر أن "إسرائيل" تورّط أمريكا أو أمريكا تورّط "إسرائيل"، هذه تحالفات مترابطة عضوياً، وتراجع أو انهيار أحدهما يقود إلى تراجع وانهيار الطرف الآخر، وانتصار أحدهما يقود إلى انتصار الطرف الآخر.
ما الذي جنته أمريكا من هجومها على إيرانّ؟!
نوّه عبد المهدي إلى أنه بعد الضربة الموجهة من واشنطن، يجب أن نقر أولاً بأن الطرف الآخر بجميع مكوناته - الكيان الإسرائيلي والناتو والغرب والدول المعادية وأمريكا - يتفوقون علينا في عدة مجالات، منها الدعاية والبروباغندا.
فهم يتفوقون في الحرب الإعلامية ويمتلكون أدواتها كاملة، بما في ذلك المنصات والمدونون وغيرها.
وتابع: رغم ذلك، تولدت حرب إعلامية أخرى من القاعدة الشعبية. فبينما يمتلك الطرف الآخر البنى الفوقية، باتت الشعوب تمتلك البنى القاعدية عبر تيك توك ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يمكنها من إيصال صور مختلفة عن تلك التي تبثها المراكز الرسمية والإعلام التقليدي وعلى صعد أخرى كالتجسس والاغتيال والدعاية والسلاح الجوي، فهم متفوقون لا شك في ذلك.
إنهم متفوقون في البناء العلوي، بينما نحن متفوقون في البناء القاعدي الشعبي. هذا هو المظهر العالمي الذي نشهده اليوم، حيث تجد الشعوب تتظاهر وتدين وتتخذ مواقف صلبة، بينما تقف الحكومات موقفاً مختلفاً.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146759059188400.jpg
وأشار عبد المهدي إلى أن للأيديولوجيا دور مهم، فالتاريخ والأيديولوجيا والجغرافيا والديموغرافيا والاقتصاد والأسلحة، كلها عوامل مؤثرة، وجميع الأطراف تحاول توظيف هذه الأدوات لصالحها.
عبد المهدي: أمريكا جنت على نفسها خسائر كبيرة بعدوانها على إيران!
ورأى عبد المهدي أن حقيقة الأمر تكمن أن أمريكا جنت على نفسها خسائر كبيرة. فأمريكا، التي كانت بمثابة الشرطي العالمي الذي يفرض الأوامر من بعيد - حيث كانت بأوامر من الرؤساء السابقين حيث كانت تسقط إمبراطوريات ودولاً ومساحات واسعة - دخلت الآن بكامل قوتها ولم تستطع تحقيق شيء يُذكر. منوها أن القيادات الأمريكية في المنطقة، كقاعدة العديد في قطر، تتعرض للقصف بعدد كبير من الصواريخ دون أن تستطيع فعل شيء حيال ذلك. هذا يشكل ضربة لهيبة الدولة الأمريكية.
الخسائر الأمريكية بعد الضربة الإيرانية
أوضح عبد المهدي أنه في السابق، كانت نتائج الحروب واضحة - من سقوط الراية في حروب الجيوش والخيول والسيوف، إلى سقوط العواصم كما حدث في برلين مع سقوط الرايخ الثالث في ألمانيا. أما الآن، فالحروب أصبحت معقدة ولم تعد عمليات السقوط والانتصار واضحة. الانتصار أصبح نفسياً ومعنوياً.
وتابع: نلاحظ كيف تحتفل إيران بانتصاراتها، بينما تلملم "إسرائيل" خسائرها وضحاياها وأحزانها، وتمزق أمريكا الخلافات والانقسامات الداخلية. عندما يعلن ترامب أنه دمر المفاعل النووي في فوردو، يظهر تقرير رسمي من المخابرات الأمريكية ينفي ذلك، والمسألة ليست في صحة التقرير من عدمها، بل في من سرَّب هذا التقرير لوسائل الإعلام كـCNN ونيويورك تايمز. من المفترض أن يُعاقب من سرَّب التقرير، وليس أن نناقش مصداقيته.
وبيّن عبد المهدي إلى أنه اليوم، الانقسامات في الولايات المتحدة كبيرة - داخل الكونغرس وبين الأحزاب وبين الرئيس ترامب وإدارته وبين الرئيس وحركة ماغا.
كل هذه الأمور تشير إلى تراجع كبير في قدرات الولايات المتحدة.
ومن من الدول التي ستخاف من الولايات المتحدة بعد هذه الحرب حيث أن إيران وحدها وقفت ضد الناتو والولايات المتحدة و"إسرائيل" واستطاعت الصمود.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146765613402300.jpg
هل كُسرت شوكة الولايات المتحدة بعد عدوانها على إيران؟
لفت عبد المهدي إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تمتلك قدرات كبيرة من الناحية التقنية والتكنولوجية، لكنها لا تستطيع زج جنودها كما فعلت في أفغانستان والعراق (170 ألف جندي) أو في فيتنام (600 ألف جندي).
وأضاف: الآن، لا تستطيع - عبر الصواريخ والبروباغندا والعقوبات الاقتصادية - تغيير مسارات التاريخ والعالم. هذه نقطة فاصلة في التاريخ نحو انتهاء الهيمنة العالمية ودور أمريكا كشرطة عالمية.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146773179710600.jpg
استمرارية الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل".. إلى متى؟!
نوّه عبد المهدي إلى أن الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي سيستمر ولكن ليس بلا حدود. الحدود تتمثل في القدرة على تقديم الدعم الفعال، والقدرة على استخدام "إسرائيل" لهذه الإمكانيات بما يحقق نتائج إيجابية وليس المزيد من التورط والخسائر.
وتابع: اليوم، القدرات المادية تتقلص من جميع النواحي. عندما طالب ترامب في دورته الأولى دول الناتو بتخصيص 2% من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، يطالبها اليوم بـ5%. حيث إن الموارد المتاحة للمعسكر الغربي - أمريكا والناتو والكيان الإسرائيلي وغيرهم - في تراجع مستمر. حصتهم من الكعكة الاقتصادية العالمية تتقلص باستمرار، وبالتالي قدراتهم في تراجع وليس تقدم، على عكس قدرات دول بريكس.
وبيّن عبد المهدي أنه قبل أيام قليلة عُقد اجتماع مهم لوزراء دفاع دول منظمة شانغهاي للتعاون العشر، بما فيها الجمهورية الإسلامية الإيرانية والصين وروسيا وباكستان والهند ودول أخرى من وسط آسيا، فلدينا هنا جبهة صاعدة بكامل إمكانياتها، وإن كانت إمكانيات جبهة المستعمرات القديمة لا تزال غير متكاملة، بينما لدينا جبهة إمبراطوريات عظمى تنهار وتتراجع تماماً.
ومسارات التاريخ اليوم، بعد معركة الجمهورية الإسلامية من 13 حزيران إلى 24 حزيران، ستكون فاصلة في التاريخ لصعود جبهة وتقدمها خطوات إلى الأمام وتراجع جبهة أخرى خطوات إلى الوراء.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175146779661261600.jpg
تقييم الرّد الإيراني عسكريا وسياسيا
قال عبد المهدي إن الخبراء العسكريين والاستراتيجيين والمحللين، بمن فيهم الإسرائيليون والأمريكيون (https://www.alalam.ir/tag/4473823?t=%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8% A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D 9%8A%D9%88%D9%86)، يُجمعون على أن الأداء الإيراني كان لافتًا ومتميزًا. ورغم أن إيران تلقت ضربات موجعة ومؤلمة، فإن حجم القوى التي واجهتها كان استثنائيًا، إذ تصدّت لتحالف يضم حلف الناتو والولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي وعددًا من الدول الإقليمية، أي ما يمثّل العالم الغربي بأسره.
وأضاف: لم يكن هذا الرد مفاجئًا لمن تابع الأحداث بالتفاصيل، خاصة بعد عمليتي "الوعد الصادق الأول" و"الوعد الصادق الثاني". كان واضحًا أن إيران ستردّ، وأن لديها نظامًا قادرًا على تعويض الخسائر البشرية بسرعة. فمفهوم الشهادة عندنا كمسلمين يختلف عن مفهوم الموت لدى الدول الغربية.
وتابع عبد المهدي: شهدنا في الجمهورية الإسلامية قدرة على استيعاب الأحداث وسد الشواغر بكفاءة. عندما غاب الرئيس رئيسي ووزير الخارجية، لاحظنا السرعة والدقة التي نظمت بها إيران شؤون الدولة، من المرحلة الانتقالية إلى الانتخابات ثم تشكيل الحكومة الجديدة. كانت العملية سليمة من النواحي الأخلاقية والدستورية والسياسية والأصولية كافة، لذلك، لم يستغرب من كان على تماس مباشر مع الأحداث تصرف الجمهورية الإسلامية. رفضت إيران أي تدخل من طرف ثالث للدفاع عنها، مؤكدة:
"أنا أقوم بهذه المهمة". وخلال ساعات قليلة، تمت استعادة القيادة والسيطرة وتم الاستبدال. أعتقد أن عوامل الاستبدال كانت مُعدّة مسبقًا، وليست نتاج تفكير اللحظة، بل جزء من آليات الجمهورية الإسلامية السياسية والعسكرية.
ولفت عبد المهدي قائلا: عندما عادت القيادة والسيطرة، وفي الليل بدأت الصواريخ تتساقط على تل أبيب، اقتنع الجميع بأن الجمهورية الإسلامية ستنتصر في هذه الحرب وستبلي البلاء الحسن. كان تحولًا كبيرًا جدًا في مشاعر كثير من الناس الذين كانوا يرون في "الوعد الصادق الأول" و"الوعد الصادق الثاني" مجرد استعراض وألاعيب. الآن أصبحوا يشاهدون دمارًا شبيهًا بدمار غزة، امتد من حيفا ويافا وبيت شأن في شمال فلسطين إلى إيلات في جنوبها.
ووصف عبد المهدي الأداء الإيراني بأنه كان متقنًا ودقيقًا، والمفاوضات على الصعيد السياسي دقيقة جدًا في التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي إدارة الشؤون الداخلية، وفي لحمة واتحاد الشعب، وفي دور الإمام الخامنئي - حفظه الله. كانت هذه الأمور جميعها مثالًا عظيمًا ورائعًا يقدم نماذج مهمة للشعوب في المجال الدبلوماسي.
ونوّه عبد المهدي : بخصوص إقرار البرلمان الإيراني منع الحكومة من التعامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فهذا تعليق للعلاقة كما تعلمنا دائمًا من الجمهورية الإسلامية. عندما خرج ترامب من الاتفاق النووي، صعّدت إيران التخصيب من 20% إلى 60%. دائمًا كانت ردودها باردة ومحسوبة.
وأضاف: كنا نقول دائمًا إن العقل الإيراني الذي ينسج السجاد الإيراني بهذا الصبر والدقة، لا يمكن أن يكون مختلفًا في الشأن السياسي والعسكري. هذه هي طبيعة التربية الإيرانية التي شاهدناها ونعرفها من الحرب التي شُنت على إيران من قبل النظام العراقي السابق.
ورأى عبد المهدي أنه دائمًا يأتي الرد الإيراني بالمنطق التالي: "إذا كنت تريد أن تؤذيني، فتستطيع القيام بذلك، لكنني سأقوم بخطوة ستندم عليها لاحقًا. ستجد أن ما أردت أن تعاقبني به أصبح وبالًا عليك أكثر".
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175147459739162900.jpg
ماذا حدث خلال ساعات قليلة بعد استهداف قاعدة العديد القطرية؟!
وبسؤال عبد المهدي حول اليوم الحادي عشر من الحرب، حيث كانت الأمور تتجه نحو التصعيد، وما حدث خلال ساعات قليلة بعد استهداف قاعدة العديد القطرية؟ هل حدث أمر ما خلف الكواليس؟
أشار عبد المهدي إلى أن هنالك دائماً أقلية ترى الأمور بوضوح، وأغلبية يسيطر عليها الإعلام الذي يروج للتصعيد المستمر. كانت الولايات المتحدة أمام مفترق طرق، أما إيران فمبدؤها واضح: "الدفاع ما دام هناك هجوم". منوها إلى أنه كان على أمريكا أن تختار: إما اعتبار مهاجمة القاعدة في قطر إهانة وإذلالاً، وبالتالي الدخول في حرب شاملة بالمدمرات والبوارج والصواريخ والجيوش، وإما اعتبار هذا نهاية الحرب، خاصة أنه لم تقع قتلى كما حصل في "عين الأسد" عند اغتيال الشهيد سليماني. تذكروا ضربة عين الأسد - كانت أول مرة تُقصف فيها القواعد الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.
ولفت عبد المهدي إلى أن الذهاب إلى حرب واسعة أمر صعب جداً على الولايات المتحدة اليوم. ترامب جاء يقول إنه "رجل سلام" يريد وقف الحروب، فكيف يدخل في أوسع الحروب بعد أشهر قليلة، خاصة مع تطور الحرب في أوكرانيا وتقدم روسيا المستمر، لذلك كان أمامه طريقان:
إما التصعيد وهو أمر صعب عليه، أو إنهاء الأمر. وقد أعلن فوراً أن الطائرات قصفت وخرجت من المجال الجوي وعادت إلى قواعدها في الولايات المتحدة، مما جعل توقع انتهاء الأمر منطقياً.
وأضاف عبد المهدي: توقع كثيرون نقطة النهاية، وأذيع في المحطات أن هذا الحد الأقصى. لذلك عندما أرادت "إسرائيل" مواصلة الحرب، قالت أمريكا إن هذه هي النهاية. الأمر منطقي وسليم تماماً.
وأوضح عبد المهدي أنه ما يُقال عن "ضربة رمزية" في العديد أو أصفهان ليس صحيحاً. هذه في الحروب تُسمى "ضربات تحذيرية" فعندما تأتي البوارج وتطلب من البلد المستهدف الاستسلام، فيرفض، فيتم توجيه ضربات قريبة تُظهر القدرات الهائلة كتحذير للاستسلام ففي عين الأسد أيضاً، أبلغنا الطرف الإيراني أن الضربة ستحدث - حيث كنت رئيساً للمجلس في العراق - قبل ساعة من الضربة، لأن كل طرف يقدر كيف يريد إدارة المعركة. إيران لا تريد التوغل أكثر وتعتبر "الدفاع" هو الخط المناسب لها.
الطرف الآخر أيضاً يقدر أن توسيع الهجوم قد يؤدي إلى خسائر كبيرة دون نفع يُذكر لافتا إلى أن هذه الضربات تُظهر قدرات كل طرف وتوضح رغبته في الوقوف عند حد معين دون تجاوزه.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175147478672199500.jpg
القيادة البارعة وتأثير خطابات قائد الثورة خلال العدوان على إيران
وبسؤاله حول ثلاث خطابات مهمة لقائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي( دام ظله).
خلال هذه الحرب، حيث هذه الخطابات تركت أثراً معنوياً كبيراً على المجتمع الإيراني وحفزت الروح المعنوية. ما الذي لفت الانتباه في هذه الكلمات، خاصة الكلمة الثالثة والأخيرة؟
قال عبد المهدي
أولاً: التوكل على الله. نحن نقوم بواجبنا وندافع عن أنفسنا. نحن أهل دين وأخلاق واعتبارات، لم نعتدِ على أحد لكننا لا نقبل الاعتداء علينا. التوكل على الله والقيام بالواجب ثم ترك الأمور لله سبحانه وتعالى - هذا ديدن القوى الإسلامية والجمهورية الإسلامية منذ الثورة، وهو الطريق الذي سار عليه المجاهدون والقيادات من الإمام الخميني إلى الإمام الخامنئي.
ثانياً: روح صلبة قوية لم تنحدر إلى مستوى القيادات الهشة السطحية لدى الطرف الآخر. عندما يقف ترامب يومياً يناقض نفسه بين الصباح والمساء، تجد هنا الثبات والاستقرار والطمأنينة.
عندما يكون القائد مطمئناً، يرى الناس ذلك في عينيه وليس فقط في كلماته - في طريقة أدائه للجملة وجلسته وكل تفاصيله. هذا ما تشاهده الملايين وتستلهم منه القوة.
ثالثاً: تحديد ملامح المعركة وحدودها بوضوح. لم يذكر أننا سنهجم ونقضي على الكيان الصهيوني أو الولايات المتحدة. نحن ندافع. كنا في مفاوضات، وهم يريدون عبر المفاوضات أن يأخذوا ما لم يحصلوا عليه في الحرب، ويريدون في الحرب ما لم يحصلوا عليه في المفاوضات.
وأضاف عبد المهدي: لدينا مبادئ يقرها القانون الدولي والأعراف والأخلاق، ونحن ملتزمون بهذه الحدود. الأمر محدد بدقة شديدة وليس فيه أي غموض أو مواربة، على عكس الطرف الآخر الذي يستخدم التضخيم والكلمات الرنانة خطابات هادئة ومؤمنة بإرادة رب العالمين - هذه خطابات قائد يقود شعبه بحق، وهذه قيادة بارعة فعلاً.
تداعيات العدوان على غزة
وحول الملف الفلسطيني والعدوان المستمر على غزة تداعيات هذا العدوان وإلى الموقف الدولي الخجول إزاء ما يحدث في غزة؟
رأى عبد المهدي أن الموقف الدولي يتطلب التمييز بين الشعوب والحكومات. على مستوى الشعوب، هناك تصاعد مهم وإيجابي لدعم القضية الفلسطينية ونصرة فلسطين. في كل يوم نشاهد مظاهر الدعم المتزايد، وأنا من الداعين إلى عدم التركيز المفرط على مشاكلنا. كثير من المحللين ينشغلون بتفاصيل أوضاعنا، لكن الحقيقة في هذه الحرب تستدعي التركيز دائماً على أوضاع العدو.
وتابع: صحيح أن ما تتعرض له غزة من دمار وتضحيات كبيرة أمر عظيم يجب أن يُعطى حجمه الحقيقي، لكن البقاء في حدود هذا التحليل دون النظر إلى ما تحققه غزة ليس فقط في فلسطين وإنما في العالم العربي والإسلامي والعالم ككل، هو أمر يجب التركيز عليه وإعطاؤه قدره.
وأضاف : اليوم العالم كله يتغير.
اليوم كل حركات التحرر في العالم وكل المخلصين يقفون حقيقة مع شعب غزة ويقفون مع فلسطين.
هذا تحول تاريخي كبير لم نعرفه أو نشهده سابقاً إطلاقاً. كل المراكز العالمية التي كانت ملجأً ومصدر دعم للكيان الصهيوني، تحولت اليوم إلى مصدر إزعاج، بحيث أصبحوا في داخل الكيان يغطون وجوه الجنود لأنه من الممكن أن يذهبوا غداً في سياحة إلى بلد معين وتُقام عليهم الدعاوى بتهمة المشاركة في حروب إبادة جماعية.
ونوّه إلى أنه عندما يأتي ترامب اليوم ويطالب المحاكم الدولية أن ترفع أحكامها عن سموتريتش وبن غفير، بل ويتدخل أكثر لمنع محاكمتهم داخل الكيان، فهذه أمور كبيرة لا نركز عليها كثيراً، لكننا نركز أكثر على تحليلات أو تخمينات حول أوضاعنا. إنهم يطلقون قنبلة صوتية، فما قراءتكم لما يحدث في الداخل الإسرائيلي؟
واعتبر عبد المهدي أنه في الداخل الإسرائيلي اليوم أزمات كبيرة جداً، لا سيما بعد العدوان على إيران والرد الإيراني المحتمل. هناك أزمات كبيرة جداً.
من المعلوم أنه في الكيان ليس للدولة جيش، بل للجيش دولة، والعلاقة بين الجيش والدولة هي الأساس ،منوها أن أهم ما يحصل اليوم هو أن الثقة بالجيش تتزعزع. اليوم، وفقاً لإحصاءات إسرائيلية - إحصاءات عبرية وليس من أطراف خارجية - 50% من الاحتياط لا يريد العودة إلى الحرب. 50% من الأمهات يوقعن، وآلاف الجنود والضباط بما فيهم طيارون وبحارة يوقعون على عدم الرغبة في الذهاب إلى الحرب. فالجيش يتآكل وروحه القتالية تتآكل.
وتابع: اليوم تلاحظون ما يحصل في غزة - يريدون أن ينهوا هذا الملف لأن الحرب لم تعد لها أهداف. في كل يوم يتكبدون خسائر كبيرة ومباشرة. عندما تتزعزع الثقة بالجيش، فهذه نتيجة تاريخية كبيرة.
الاقتصاد الإسرائيلي يتراجع بشكل هائل
اعتبر عبد المهدي أن الاقتصاد الإسرائيلي يتراجع بشكل هائل. معظم الشركات أو عدد كبير منها غادر الكيان. هناك هجرة من الكيان، وتعرفون أن الاستيطان هو جوهر الوجود الإسرائيلي.
عندما يتراجع الاستيطان، فإن دولة إسرائيل لا تستطيع العيش. عندما تحصل هجرة معاكسة - والبعض يقدرها بالمليون، وكان هناك تقرير مؤخراً في الجزيرة يصل إلى حد المليون من مصادر موثقة - يأتي ببعض رجال الأعمال الذين يعوضون شركاتهم بتذكرة سفر للخروج من البلاد.
ورأى عبد المهدي أن كل هذه الأمور أصبحت شائعة. عندما تُضرب غرفة نوم نتنياهو، وعندما تسقط الصواريخ في قلب المؤسسات الأمنية الإسرائيلية والقواعد الحربية، فإن من جاء إلى بلد العسل واللبن، جاء إلى أرض يجد فيها الأمان والراحة ويعيش أفضل بكثير مما يعيشه في الغرب.
اليوم أصبح هذا البلد لا يوفر له الأمن، حتى الملاجئ أصبحت لا توفر الأمان.
وتابع: لاحظنا كم انقسام اجتماعي موجود اليوم في الكيان، ليس فقط بين الحريديم، وإنما داخل الحريديين أنفسهم وفي التيارات الأخرى أيضاً. بالتالي، كل هذه الحرب مزقت الكيان - لا أقول أنهته - لكن أضعفته بشكل كبير. والدليل أن كل الحروب السابقة كان الكيان يقوم بها نيابة عن الغرب والولايات المتحدة. في هذه الحرب، من طوفان الأقصى، شاهدنا الغرب والناتو وأمريكا هم الذين يأتون ويدافعون عن الكيان، ليس فقط عبر وسائل الدفاع الجوي بل بكل الوسائل الأخرى، بكل الإمدادات والوسائل. أصبح الكيان يكلفهم كثيراً. سابقاً كان يعطيهم كثيراً، اليوم أصبح يكلفهم كثيراً.
ونوه عبد المهدي أن الدعايات اليوم عن الشرق الأوسط الجديد والاتفاق الإبراهيمي وغير ذلك، كلها لرفع المعنويات وإيجاد جبهة سياسية للتقليل من الخسائر التي تعرضوا لها في هذه الحرب، سواء في طوفان الأقصى أو في المعركة الأخيرة مع الجمهورية الإسلامية.
https://media.alalam.ir/uploads/org/2025/07/02/175147614829847400.jpg
هل اقترب التوصل إلى اتفاق نهائي لوقف إطلاق النار في غزة؟
قال عبد المهدي: في غزة، نعم. أعتقد أن قرار الحرب سيكون أصعب في المرات القادمة من المرات السابقة. لا أقول إن الحرب لن تحصل، لكن قرار الحرب كما كان سابقاً صعباً علينا. عندما هُزمنا في 1967، لاحظ المفارقة: في 6 أيام هُزمت 5 دول عربية كبيرة، وفي 12 يوماً هُزم معسكر الغرب كله - الناتو والولايات المتحدة و"إسرائيل" وكيانات أخرى في 12 يوماً - وإيران بمفردها قامت بالعمل.
ونوّه عبد المهدي أنه سابقاً، بعد هزيمة الـ67، كان قرار الحرب من جانب الفلسطينيين أو العرب أو المسلمين قراراً صعباً. حرب 73 مثلاً، ثم القرارات اللاحقة: انتفاضة الحجارة إلى تحرير لبنان، كانت قرارات صعبة.
اليوم القرار الصعب سيعود على الكيان نفسه. اتخاذ قرار حرب اليوم قرار صعب لذلك تلاحظون أن السلوك الإسرائيلي اليوم هو التهرب وليس الذهاب إلى الحرب. في الحرب مع لبنان مثلاً، كان يقول "لن أوقف الحرب وسيستمر القصف والمفاوضات تجري تحت القصف"، ثم عندما بدأ يتكبد الخسائر على الجبهة وعلى خط الحدود، أصبح يطالب بوقف إطلاق النار. وهو الذي طالب بإيقاف إطلاق النار في لبنان الآن، لكي يعطي معنويات للمستوطنين بأنه لا يزال قادراً على الضرب.
وأضاف: يومياً يضرب ضربة هنا، يغتال، يفعل بما يجيده، لكن الذهاب إلى حرب واسعة هو يتجنبها اليوم. يُغير في سوريا مثلاً، يُغير في الوقت الذي يضربه فيه الفلسطينيون في غزة ضربات ميدانية في الجبهة. هو يأتي بالطائرات ويقتل من يذهب ليأخذ مساعدات غذائية.انتقلت صورة المعركة تماماً. ستحصل حروب، ستحصل صدامات، لكن هذه المرة انتقلت الكرة إليه - هو الذي سيجد صعوبة في الذهاب إلى حرب جديدة، والأمة أصبحت أكثر استعداداً للدخول في هذه المعارك.