المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف استشهد الإمام الجواد (عليه السلام)؟



بو عجاج
05-27-2025, 05:26 PM
الثلاثاء 27 مايو، 2025


https://ar.shafaqna.com/wp-content/uploads/2025/05/1513144.jpg

لقد ابتُلي الإمام محمد الجواد (عليه السلام) بابتلاءات عديدة:

منها: اليتم، فقد فارقه أبيه الإمام علي الرضا (عليه السلام) وهو صغير حينما أشخصه المأمون إلى خراسان، وقد آلم هذا الموقف قلب إمامنا محمد الجواد (عليه السلام) فكان يبكي لفراق أبيه..

ومنها: الغربة حيث أُخرج من مدينة جدّه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأُبعد عنها، فقد ودّع الإمام أهله وولده وترك حرم جدّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذهب إلى بغداد بقلبٍ حزين. ويُروى أنّه لمّا خرج من المدينة في المرّة الأخيرة،

قال:

“ما أطيبك، يا طيبة! فلست بعائد إليك”.

ومنها: السجن، إذ سجنه المعتصم، ولم يأذن لأحد بالدخول عليه.

ومنها: السمّ، فقد كان المعتصم يتربّص بالإمام ويعمل الحيلة في الفتك به، إلى أن سنحت له الفرصة فدسّ إليه السمّ، وقد اختلفت الرواية في كيفيّة سمّه له:

فمن قائل: أمر فلاناً (من كتّاب وزرائه) بأن يدعو الإمام إلى منزل الوزير، فدعاه، فأبى أن يجيبه، وقال: “قد علمت أنّي لا أحضر مجالسكم”، فقال:

إنّي إنّما أدعوك إلى الطعام، وأحبّ أن تطأ ثيابي، وتدخل منزلي فأتبرّك بذلك، فقد أحبّ فلان بن فلان (من وزراء المعتصم) لقاءك.

فصار إليه، فلمّا طَعِمَ منه أحسّ بالسمّ، فدعا بدابّته، فسأله ربّ المنزل أن يقيم، قال:

“خروجي من دارك خير لك”.

فلم يزل يومه ذلك وليله في خِلفَةٍ2 يتقيّأ ذلك السمّ ويعاني آلامه في بطنه، حتّى قُبض (عليه السلام).

وقائل: إنّه أنفذ إليه شراب حماض الأترج وأصرّ على ذلك، فشربها (عليه السلام) عالماً بفعلهم.

وقال آخرون: إنّ التي سمّته زوجته أمّ الفضل بنت المأمون لمّا قدمت معه من المدينة إلى المعتصم:

فلمّا انصرف أبو جعفر الجواد (عليه السلام) إلى العراق لم يزل المعتصم وجعفر بن المأمون يدبِّرانِ ويعملانِ الحيلة في قتله، فقال جعفر لأخته أمّ الفضل- وكانت لأمّه وأبيه- في ذلك، لأنّه وقف على انحرافها عنه وغيرتها عليه لتفضيله أمّ أبي الحسن ابنه عليها مع شدّة محبّتها له، ولأنّها لم تُرزق منه بولد، فأجابت أخاها جعفراً، فرُوي أنّها وضعت السمّ في منديل وأعطته إيّاه فمسح به، ورُوي أنّهم جعلوا سمّاً في شيء من عنب رازقيّ وكان يعجبه العنب الرازقيّ، وقدّمته له، فلمّا أكل منه ندمت وجعلت تبكي.

فقال لها:

“ما بكاؤك؟ والله ليضربنّك الله بفقر لا ينجبر، وبلاء لا ينستر”، فبُليت بعلّة في أغمض المواضع من جوارحها، صارت ناصوراً3 ينتقض في كلّ وقت فأنفقت مالها وجميع ملكها على تلك العلّة حتّى احتاجت إلى رِفْد الناس. وتردّى جعفر في بئر فأخرج ميتاً وكان سكرانَ.

ورُوي عن الإمام علي الرضا (عليه السلام)، أنّه قال في حقّ ولده الإمام الجواد (عليه السلام): “يُقتل غصباً فيبكي له وعليه أهل السماء، ويغضب الله على عدوّه وظالمه فلا يلبث إلّا يسيراً حتّى يعجّل الله به إلى عذابه الأليم وعقابه الشديد..”

وعلى أيّ حال فقد جرى السمّ في بدن الإمام عليه السلام، وبقي يتقلّب في فراشه، يعاني حرارة السمّ في يومه وليلته، يتقيّأ ذلك السمّ ويشكو آلام بطنه، حتّى دنا أجله..

ورُوي عنه (عليه السلام)، أنّه قال في العشيّة التي توفّي فيها: “إنّي ميّت الليلة”، ثمّ قال: “نحن معشر إذا لم يرض الله لأحدنا الدنيا نَقَلَنا إليه”.

ويقال إنّ الإمام لمّا تناول السمّ تقطّعت أمعاؤه وأخذ يتقلّب على الأرض يميناً وشمالاً من شدّة الألم، ويجود بنفسه والتهب قلبه عطشاً- فقد كان الوقت شديد الحرّ والسمّ يغلي في جوف الإنسان- فطلب جرعة من الماء، والتفت إلى تلك اللعينة قائلاً:

ويلك إذا قتلتِني فاسقيني شربة من الماء، فكان جوابها له أن أغلقت الباب ثمّ خرجت من الدار، فبقي الإمام يوماً وليلة يعالج ألم السمّ.. ولا يجد أحداً يسقيه شربة من الماء..

ولمّا بلغت روحه التراقي صعد سطح الدار، ورمق السماء بطرفه، وتشهّد الشهادتين، وغمّض عينيه، وأسبل يديه ورجليه، وعرق جبينه، وسكن أنينه، وفارقت روحه الدنيا..

شبكة المعارف الإسلامية

بو عجاج
05-27-2025, 05:43 PM
في ذكرى استشهاد الإمام الجواد (عليه السلام)


تمرّ على المؤمنين الموالين لآل بيت الرَّسول (صلَّى الله تعالى عليه وآله) العديد من المناسبات التي تختص بأئمَّتهم (عليهم السَّلَام) الأطهار ومن المناسبات المؤلمة التي تمر على موالي وشيعة آل البيت (عليهم السَّلَام)، هي مناسبة شهادة جواد الأئمَّة (عليهم السَّلَام) الإمام مُحَمَّد الجَوَاد بن الإمام عَلِيّ الهَادِيّ (عليهما أفضل الصَّلَاة والسَّلَام).

لمحة من حياته (عليه السَّلَام) الاجتماعيَّة:

ولادته (عليه السَّلَام):وُلد الإمام الجواد (عليه السَّلَام) من الأسرة النبوية، وهي أشرف وأجلّ وأسمى الأسر التي عرفتها البشرية.

فهو ابن الإمام عَلِيّ الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جَعْفَر الصَّادق بن الإمام مُحَمَّد الباقر بن الإمام عَلِيّ السَّجَّاد بن الإمام الحُسَين سبط رسول الله (صلَّى الله عليه وآله)، وابن أمير المؤمنين الإمام عَلِيّ بن أبي طالب (عليهم السَّلَام).

من دلائل إمامته وكراماته (عليه السَّلَام):

فمن كراماته (عليه السَّلَام) ما روي عن عبد الله بن جعفر الحميري قال: قال أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري: (دخلت على أبي جَعْفَر الثَّانيّ – الإمام مُحَمَّد بن عَلِيّ الجَوَاد- (عليه السَّلَام) ومعي ثلاث رقاع غير معنونة واشتبهت عَلَيّ فاغتممت لذلك، فتناول [(عليه السَّلَام)] إحداهنَّ وقال: ((هذه رقعة ريان بن شبيب))، ثم تناول الثَّانية فقال: ((هذه رقعة مُحَمّد بن حمزة))، وتناول الثالثة وقال: ((هذه رقعة فلان))، فبهت فنظر إلي وتبسَّم (عليه السَّلَام)).

شهادة (عليه السَّلَام) والفاجعة العظيمة:

إن من الأسباب التي استشهد الإمام الجواد (عليه السَّلَام) بسببها، هي: أن وجوده (عليه السَّلَام) كان يشكل خطرًا على السّلطة العبَّاسيَّة الحاكمة آنذاك، وذلك لما له من دورٍ قياديٍّ وتوعوي للأمة الإسلامية، فقام المأمون (لعنه الله تعالى) بإشخاص الإمام أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَلِيّ الجَوَاد (عليهما السَّلَام) إلى بغداد بعد شهادة أبيه الإمام عَلِيّ بن موسى الرّضا (عليه السَّلَام)، وقام بتزويجه بابنته أم الفضل، ثم رجع إلى المدينة وهي معه فأقام بها، وكانت أم الفضل تحسد سمانة أم الإمام الهمام عَلِيّ بن مُحَمَّد (عليهما السَّلَام)، فكتبت إلى أبيها المأمون (لعنه الله) من المدينة تشكو أبا جعفر مُحَمَّد بن عَلِيّ الجَوَاد (عليهما السَّلَام) وتقول: إنّه يتسرى عَلَيَّ ويغيرني إليها…)، فكانت هذه (لعنها الله تعالى) لم تطِق حبّ الإمام الجواد (عليه السَّلَام) لأم ولده عَلِيّ الهاديّ (عليه السَّلَام)، فقامت بارتكاب الجريمة النكراء بسمّه (عليه السَّلَام).

تحريض أم الفضل في سمّ الإمام (عليه السَّلَام):

أقام الإمام الجواد في المدينة حتى هلك المأمون، وبويع المعتصم بن هارون في اليوم الذي كانت فيه وفاة المأمون، وانصرف المعتصم إلى بغداد فجعل يتفقد أحوال الإمام الجواد (عليه السَّلَام)، وكان المعتصم يعلم انحراف أم الفضل عنه وشدّة بغضها لابن الرِّضا (عليهما السَّلَام).

فكتب إلى محمّد بن عبد الملك الزيّات أن يرسل إليه محمّداً التقي وزوجته أم الفضل بنت المأمون (لعنهما الله)، فأرسل ابن الزيّات علي بن يقطين إليه؛ فتجهّز الإمام وخرج من المدينة إلى بغداد وحمل معه زوجته ابنت المأمون.

ويروى أنَّه لمَّا خرج الإمام الجَوَاد (عليه السَّلَام) من المدينة خرج حاجّاً، وأمَّا ابنه أبو الحسن عَلِيّ الهَادِيّ (عليه السَّلَام) فخلّفه في المدينة وسلم إليه المواريث والسلاح، ونصَّ عليه بمشهد ثقاته وأصحابه وانصرف إلى العراق، فورد بغداد لليلتين بقيتا من المحرم سنة عشرين ومائتين.

ولما انصرف أبو جعفر (عليه السَّلَام) إلى العراق لم يزل المعتصم وجعفر بن المأمون يدبّرون الحيلة في قتله، فقاموا بتحريض أم الفضل ابنة المأمون في قتل الإمام (عليه السَّلَام)، وذلك لأنَّ المعتصم (لعنه الله تعالى) كان يعلم ببغض أم الفضل (لعنها الله تعالى) وكرهها للإمام الجَوَاد (عليه السَّلَام)، ووقف على انحرافها عن الإمام الجَوَاد (عليه السَّلَام) وغيرتها من زوجته أم أبي الحَسَن عَلِيّ الهَادِيّ (عليه السَّلَام) ابنه، فطلب جعفر من أخته أم الفضل في دس السم للإمام (عليه السَّلَام)،

فأجابت أخاها جعفراً (لعنهما الله تعالى) وجعلا سمّاً في شيء من عنب رازقي – وكان (عليه السَّلَام) يعجبه العنب الرازقي – فلما أكل (عليه السَّلَام) منه ندمت (لعنها الله تعالى) وجعلت تبكي، فقال لها [الإمام مُحَمَّد الجَوَاد (عليه السَّلَام)]:

((ما بكاؤك؟ والله ليضربنَّك الله بفقرٍ لا ينجبر، وبلاء لا ينستر))، فبليت (لعنها الله) بعلّة في أغمض المواضع من جوارحها صارت ناسوراً ينتقض في كل وقت، فأنفقت مالها وجميع ملكها على تلك العلّة حتّى احتاجت إلى رفد الناس، وتردَّى جعفر في بئر فأخرج ميتاً وكان سكران.

وكان استشهاده (عليه السَّلَام) فاجعة أليمة وحزنًا كبيرًا لا يوصف جرى على الأمة الإسلامية، فقد انطوت بفقده صفحة من صفحات الرسالة الإسلامية، وكان هذا في سنة 220 هجرية في بغداد إبَّان أوائل حكم المعتصم العبَّاسيّ .

تشييعه (عليه السَّلَام) ودفنه وموضع قبره:

بعد شهادته (عليه السَّلَام) تمَّ تجهيز جَسَده الطَّاهِر (عليه السَّلَام) كالتغسِيل والتَّكفين، وقام شيعته ومحبيه بتشييعه وحمله (عليه السَّلَام) إلى مقابر قريش، وقد احتفت به الجماهير الحاشدة، فكان يوماً لم تشهد بغداد مثله؛ إذ ازدحمت عشرات الآلاف في مواكب حزينة وهي تردد فضل الإمام وتندبه، وتذكر الخسارة العظمى التي مني بها المسلمون في فقدهم للإمام الجواد (عليه السَّلام)، وحُفِر للجَسَد الطَّاهِر قبرًا ملاصقًا لمرقد جدِّه العظيم الإمام موسى بن جعفر (عليهما السَّلام) في شمال بغداد بمنطقة كانت تسمى مقابر قريش، وتسمى مدينة الكاظمية حاليًّا.

احياء ذكرى استشهاد الامام الجواد في كربلاء

وبهذه المناسبة شهدت كربلاء المقدسة توافد حشود الزائرين من داخل العراق وخارجه لإحياء ذكرى استشهاد الإمام محمد الجواد (عليه السلام)، تاسع أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، في الأيام الأخيرة من شهر ذي القعدة، وسط أجواء إيمانية مهيبة غمرت المرقدين المطهرين للإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام) ومنطقة ما بين الحرمين الشريفين.

وأقامت المواكب المعزية مجالس العزاء والمراسيم الخاصة بهذه الذكرى الأليمة، حيث عبّر المعزّون عن بالغ حزنهم، مجددين البيعة والولاء لأئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ومؤكدين تمسكهم بنهجهم والسير على خطاهم.

ونظمت العتبتان المقدستان الحسينية والعباسية برامج عزائية متنوعة تمتد لعدة أيام، تضمّنت محاضرات دينية وفعاليات إحياء لظلامة الإمام الجواد (عليه السلام)، كما تستعد المدينة المقدسة لإقامة مراسم تشييع رمزي لنعش الإمام في يوم الاستشهاد.



الثلاثاء 27 مايو، 2025