سمير
11-01-2005, 04:15 PM
سعيد الحسنية
الأعراس في السعودية بين الأمس واليوم
تفشي العنوسة خلف أسوار المهور الباهضة
الزواج هو العلاقة الصحية الطبيعية التي حددها الخالق للبشر لبناء الأسرة، وأي علاقة لا تتوج به هي بمعظمها علاقات انتهازية يستغل احد الطرفين الآخر فيها، وهدفها لا يسمو، فأمر الزواج شأنه مثل شأن العديد من العلاقات الأخرى التي تخضع لثوابت ومتغيرات في كل مجتمع. وفي مجتمعاتنا العربية، تزداد المشاكل بصورة مخيفة أمام تحقيق هذا الأمل لأغلب الطبقات والمستويات الاقتصادية والاجتماعية.
فالزواج بالنسبة لكثيرين هو مصلحة اجتماعية لكلا الطرفين، وتحت هذا المفهوم يمكن إدراج كل التفاصيل التي تلحق عملية الزواج. يا ليت كل شاب وفتاة يفهموا هذا المعنى وأن يتفهم أهل البنت وأهل الشاب قبل غيرهم أن الزواج هو بداية لرحلة مشتركة فيها يحتاج الزوج لكل المساعدات المطلوبة من جميع الأطراف.
تقاليد وترتيبات مبالغ فيها
بمجرد أن يفكر الشاب في عالمنا العربي في الارتباط يجد أمامه تلالا وهضابا من الترتيبات والتقاليد والالتزامات المبالغ فيها جدا من أهله وأهل العروس والأقارب، ثم المهر وترتيبات وتقاليد العرس وترتيبات السكن، هذا بالإضافة إلى تدخلات أهل العروس في كل صغيرة وكبيرة، ناهيك عن خوف الشباب من مشاكل ما بعد الزواج، خصوصا المادية. فالمتعارف عليه أنك عندما تبدأ في التفكير في الزواج فإنك ستفتح على نفسك بوابات جهنم، لذلك فالعزوبية التي تعرفها أفضل بكثير من الزواج الذي لا تعرفه!
اليوم ،وفي مجتمعاتنا العربية بشكل خاص، أصبح الزواج أكثر تعقيدا من ذي قبل، كالمغالاة في تحديد قيمة المهور وفرض شروط قاسية كتوفير السكن المستقل بالكامل دون السكن مع أسرته في غرفة منفردة وتوفير كل ما يحتاجه المنزل من أثاث ومفروشات وملابس جديدة وغيرها من المتطلبات الضرورية وغير الضرورية، الأمر الذي يجعل المقدم على الزواج يعيد النظر في قرار زواجه أو تعليقه وربما شطب هذه الفكرة من رأسه بشكل كلي. وبذلك يلجأ الشباب اليوم في مجتمعاتنا العربية الإسلامية المحافظة إلى سلوك مخالف للشرائع السماوية والتوصيات النبوية الشريفة والعادات الاجتماعية المتعارف عليها أو يختار الزواج من غير المسلمات في المجتمعات الغربية، لأن تلك العملية اقل كلفة وفي بعض الاحيان لا كلفة لها اطلاقا ، الأمر الذي يهدد النسل العربي الخالص، وبالتالي سنجد أنفسنا مقصرين مع شبابنا المراهقين.
بانتظار فتى الأحلام ..يفوت القطار
وفي المجتمعات الخليجية تتضح مشكلة العنوسة للفتيات وعزوف الشباب عن الزواج في قضية اجتماعية مزدوجة مرتبطة بالمغالاة في المهور والعادات والتقاليد الاجتماعية المقيدة وعجرفة أولياء الأمور ومبالغة الفتاة في فتى الأحلام الذي تنتظره و الشباب في المواصفات والمقاييس التي يطلبونها في الفتاة حتى يفوت القطار. ومن المعوقات الأساسية هو ارتفاع شرط الزواج الذي قد يصل إلى نصف مليون ريال سعودي وأكثر، وهذا المبلغ لن يتمكن الشاب من دفعه اطلاقا . كما أن بعض الأسر مازالت تفرض القيود على أبناءها في نوعية الارتباط بشريك الحياة الزوجية. هذه العوامل قد تؤدي إلى الانحراف المبكر والانغماس في العلاقات غير الشرعية. ولو كانت الأسرة العربية متحضرة ومعاصرة لمشاكل اليوم، لأدركت أهمية الارتباط المبكر لأبنائها مع من يختارون من شريك الحياة دون اللجوء للمظاهر الكذابة التي قد تقتل رغبة الطرفين بالاقتران.
التراث الزواجي ...بين الأمس واليوم
ويبدو ان السعوديين يصرون على التمسك بالتقاليد وإقامة أعراسهم حسب ما توارثوه عن أجدادهم وكل حسب منطقته وبيئته . فمن المعلوم أن هناك 12منطقة إدارية في المملكة، بخلاف الرياض، تضم عددا كبيرا ومتنوعا من القبائل والبيئات، ما يعني تنوع واختلاف التراث الزواجي في السعودية.وبالرغم من ذلك لا تزال تكاليف الزواج باهظة جدا وهذا ما يؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج.
فنجد أن التمسك بالعادات القديمة للاعراس رغم أن قصور الأفراح غيرت بعض التفاصيل إلا أن جوهر العادات بقى كما هو.. الا ان التكاليف المرتفعة زادت من الاعباء. ففي الماضي كان المهر لا يتجاوز عدداً من المواشي أو مبلغاً قليلاً من المال وكانت العروس تزف إلى بيت زوجها مشياً على الأقدام أو الإبل مع جماعة من النساء وغالباً ما يكن من قريباتها ويكون ذلك بعد صلاة المغرب،وإذا وصلت الزوجة إلى بيت زوجها يحتفل الحاضرون بإطلاق أعيرة نارية تدل على وصولها مفاخرين بذلك، وغالباً ينصرف الحاضرون من كبار السن بعد صلاة العشاء مباشرة ولا يسهرون كثيراً كما يحدث في ايامنا هذه اذ ينام الضيوف في بيت الشعر المعد للاحتفال ويكون غداؤهم في اليوم الثاني للزواج وربما استمر الاحتفال ثلاثة أيام يتخللها غداء وعشاء .
وكان تجهيز العروسة بالملابس وأشهرها المرودن، والكرتة.. أو بفرش المنزل الفاخرة مثل القطائف والمضايف وبالبخور والعطورات ومن أشهرها الرشوش وهو عبارة عن خلطات عطرية ذات رائحة فواحة يفضلها العريس ولا تتوفر للفتاة إلا ليلة عرسها، أما المهر فالغالب فيه أن يسوق العريس مجموعة من النياق الطيبة التي تعادل الواحدة منها السيارات الفارهة الآن في قيمتها، ويعطي والد العروسة ووالدتها منها، وغالباً لا يطلب والد العروسة مهراً محدداً ويترك ذلك لكرم العريس.
ويقاس أيضاً كرم والد العروسة وشيمته على ما يأخذ ويقبله من العطاء، وإذا رأى أفراد القبيلة نياقاً كثيرة دل ذلك على جشعه وطمعه. وكانت العروسة قبل زفافها بأيام تغلق على نفسها من فرط الحياء ولا يراها إلا شقيقاتها ووالدتها، وغالباً ما تقوم بتزيينها قريباتها الخاصات جداً، وتوضع الحناء على رأس العروسة لمدة أسبوع حتى تعطي رائحة زكية لشعرها، وكذلك تنقش اليدين والأرجل بالحناء وبصبغة قوية تسمى (الدايج) ثم ترتدي الزوجة أجمل ما عندها من ألبسة ومجوهرات وتتعطر ثم تضع الشيلة غطاء الرأس وترتدي العباءة وتزف مع والدتها وقريباتها وبعض أخواتها إلى بيت الزوجية.
ورغم أن العادات واحدة إلا أنها تختلف في بعض تفاصيلها من مدينة ومنطقة لأخرى وكذلك من قبيلة لأخرى. فمثلاً في بعض المناطق والقبائل يزف الزوج إلى بيت الزوجة ويأخذها إلى منزله أو إلى الفندق أو الشقة المجهزة للزواج إذا كان من خارج المدينة ويكون قد دفع مبلغاً من المال يتم الاتفاق عليه ويقوم أهل العروسة بتجهيزها وتجهيز منزلها بما يلزم من أثاث وغيره. أما عند بعض القبائل فالعكس هو الصحيح، فمثلاً يقوم أهل الزوجة في بعض قبائل الشمال بطلب عدد من القطع الذهبية وتسمى (الشرايا) ويتكفل العريس بالحفلة ومستلزماتها من غداء وعشاء ويستأجر قصراً للأفراح أو يقوم ببناء بيت من الشعر في أقرب ساحة لبيته وتعلق عليها عقود الإضاءة كما تعلق في بيته وتفرش ساحة العرس وتقام الولائم ليلة الزفاف وذلك بذبح الجمال والأغنام ويتم دعوة الناس عبر بطاقات الزواج التي يفاخر الناس فيها حالياً حتى أصبحت تشكل ثمناً باهظاً يضيف عبئاً آخر على العريس...!
ويبقى سؤال ألم يحن الأوان بعد لكي ندرك أن السعادة لا تشتر بكنوز العالم؟ومتى سيدرك الأهل إن بناتهم لسن برسم البيع أو الاستثمار؟
الأعراس في السعودية بين الأمس واليوم
تفشي العنوسة خلف أسوار المهور الباهضة
الزواج هو العلاقة الصحية الطبيعية التي حددها الخالق للبشر لبناء الأسرة، وأي علاقة لا تتوج به هي بمعظمها علاقات انتهازية يستغل احد الطرفين الآخر فيها، وهدفها لا يسمو، فأمر الزواج شأنه مثل شأن العديد من العلاقات الأخرى التي تخضع لثوابت ومتغيرات في كل مجتمع. وفي مجتمعاتنا العربية، تزداد المشاكل بصورة مخيفة أمام تحقيق هذا الأمل لأغلب الطبقات والمستويات الاقتصادية والاجتماعية.
فالزواج بالنسبة لكثيرين هو مصلحة اجتماعية لكلا الطرفين، وتحت هذا المفهوم يمكن إدراج كل التفاصيل التي تلحق عملية الزواج. يا ليت كل شاب وفتاة يفهموا هذا المعنى وأن يتفهم أهل البنت وأهل الشاب قبل غيرهم أن الزواج هو بداية لرحلة مشتركة فيها يحتاج الزوج لكل المساعدات المطلوبة من جميع الأطراف.
تقاليد وترتيبات مبالغ فيها
بمجرد أن يفكر الشاب في عالمنا العربي في الارتباط يجد أمامه تلالا وهضابا من الترتيبات والتقاليد والالتزامات المبالغ فيها جدا من أهله وأهل العروس والأقارب، ثم المهر وترتيبات وتقاليد العرس وترتيبات السكن، هذا بالإضافة إلى تدخلات أهل العروس في كل صغيرة وكبيرة، ناهيك عن خوف الشباب من مشاكل ما بعد الزواج، خصوصا المادية. فالمتعارف عليه أنك عندما تبدأ في التفكير في الزواج فإنك ستفتح على نفسك بوابات جهنم، لذلك فالعزوبية التي تعرفها أفضل بكثير من الزواج الذي لا تعرفه!
اليوم ،وفي مجتمعاتنا العربية بشكل خاص، أصبح الزواج أكثر تعقيدا من ذي قبل، كالمغالاة في تحديد قيمة المهور وفرض شروط قاسية كتوفير السكن المستقل بالكامل دون السكن مع أسرته في غرفة منفردة وتوفير كل ما يحتاجه المنزل من أثاث ومفروشات وملابس جديدة وغيرها من المتطلبات الضرورية وغير الضرورية، الأمر الذي يجعل المقدم على الزواج يعيد النظر في قرار زواجه أو تعليقه وربما شطب هذه الفكرة من رأسه بشكل كلي. وبذلك يلجأ الشباب اليوم في مجتمعاتنا العربية الإسلامية المحافظة إلى سلوك مخالف للشرائع السماوية والتوصيات النبوية الشريفة والعادات الاجتماعية المتعارف عليها أو يختار الزواج من غير المسلمات في المجتمعات الغربية، لأن تلك العملية اقل كلفة وفي بعض الاحيان لا كلفة لها اطلاقا ، الأمر الذي يهدد النسل العربي الخالص، وبالتالي سنجد أنفسنا مقصرين مع شبابنا المراهقين.
بانتظار فتى الأحلام ..يفوت القطار
وفي المجتمعات الخليجية تتضح مشكلة العنوسة للفتيات وعزوف الشباب عن الزواج في قضية اجتماعية مزدوجة مرتبطة بالمغالاة في المهور والعادات والتقاليد الاجتماعية المقيدة وعجرفة أولياء الأمور ومبالغة الفتاة في فتى الأحلام الذي تنتظره و الشباب في المواصفات والمقاييس التي يطلبونها في الفتاة حتى يفوت القطار. ومن المعوقات الأساسية هو ارتفاع شرط الزواج الذي قد يصل إلى نصف مليون ريال سعودي وأكثر، وهذا المبلغ لن يتمكن الشاب من دفعه اطلاقا . كما أن بعض الأسر مازالت تفرض القيود على أبناءها في نوعية الارتباط بشريك الحياة الزوجية. هذه العوامل قد تؤدي إلى الانحراف المبكر والانغماس في العلاقات غير الشرعية. ولو كانت الأسرة العربية متحضرة ومعاصرة لمشاكل اليوم، لأدركت أهمية الارتباط المبكر لأبنائها مع من يختارون من شريك الحياة دون اللجوء للمظاهر الكذابة التي قد تقتل رغبة الطرفين بالاقتران.
التراث الزواجي ...بين الأمس واليوم
ويبدو ان السعوديين يصرون على التمسك بالتقاليد وإقامة أعراسهم حسب ما توارثوه عن أجدادهم وكل حسب منطقته وبيئته . فمن المعلوم أن هناك 12منطقة إدارية في المملكة، بخلاف الرياض، تضم عددا كبيرا ومتنوعا من القبائل والبيئات، ما يعني تنوع واختلاف التراث الزواجي في السعودية.وبالرغم من ذلك لا تزال تكاليف الزواج باهظة جدا وهذا ما يؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج.
فنجد أن التمسك بالعادات القديمة للاعراس رغم أن قصور الأفراح غيرت بعض التفاصيل إلا أن جوهر العادات بقى كما هو.. الا ان التكاليف المرتفعة زادت من الاعباء. ففي الماضي كان المهر لا يتجاوز عدداً من المواشي أو مبلغاً قليلاً من المال وكانت العروس تزف إلى بيت زوجها مشياً على الأقدام أو الإبل مع جماعة من النساء وغالباً ما يكن من قريباتها ويكون ذلك بعد صلاة المغرب،وإذا وصلت الزوجة إلى بيت زوجها يحتفل الحاضرون بإطلاق أعيرة نارية تدل على وصولها مفاخرين بذلك، وغالباً ينصرف الحاضرون من كبار السن بعد صلاة العشاء مباشرة ولا يسهرون كثيراً كما يحدث في ايامنا هذه اذ ينام الضيوف في بيت الشعر المعد للاحتفال ويكون غداؤهم في اليوم الثاني للزواج وربما استمر الاحتفال ثلاثة أيام يتخللها غداء وعشاء .
وكان تجهيز العروسة بالملابس وأشهرها المرودن، والكرتة.. أو بفرش المنزل الفاخرة مثل القطائف والمضايف وبالبخور والعطورات ومن أشهرها الرشوش وهو عبارة عن خلطات عطرية ذات رائحة فواحة يفضلها العريس ولا تتوفر للفتاة إلا ليلة عرسها، أما المهر فالغالب فيه أن يسوق العريس مجموعة من النياق الطيبة التي تعادل الواحدة منها السيارات الفارهة الآن في قيمتها، ويعطي والد العروسة ووالدتها منها، وغالباً لا يطلب والد العروسة مهراً محدداً ويترك ذلك لكرم العريس.
ويقاس أيضاً كرم والد العروسة وشيمته على ما يأخذ ويقبله من العطاء، وإذا رأى أفراد القبيلة نياقاً كثيرة دل ذلك على جشعه وطمعه. وكانت العروسة قبل زفافها بأيام تغلق على نفسها من فرط الحياء ولا يراها إلا شقيقاتها ووالدتها، وغالباً ما تقوم بتزيينها قريباتها الخاصات جداً، وتوضع الحناء على رأس العروسة لمدة أسبوع حتى تعطي رائحة زكية لشعرها، وكذلك تنقش اليدين والأرجل بالحناء وبصبغة قوية تسمى (الدايج) ثم ترتدي الزوجة أجمل ما عندها من ألبسة ومجوهرات وتتعطر ثم تضع الشيلة غطاء الرأس وترتدي العباءة وتزف مع والدتها وقريباتها وبعض أخواتها إلى بيت الزوجية.
ورغم أن العادات واحدة إلا أنها تختلف في بعض تفاصيلها من مدينة ومنطقة لأخرى وكذلك من قبيلة لأخرى. فمثلاً في بعض المناطق والقبائل يزف الزوج إلى بيت الزوجة ويأخذها إلى منزله أو إلى الفندق أو الشقة المجهزة للزواج إذا كان من خارج المدينة ويكون قد دفع مبلغاً من المال يتم الاتفاق عليه ويقوم أهل العروسة بتجهيزها وتجهيز منزلها بما يلزم من أثاث وغيره. أما عند بعض القبائل فالعكس هو الصحيح، فمثلاً يقوم أهل الزوجة في بعض قبائل الشمال بطلب عدد من القطع الذهبية وتسمى (الشرايا) ويتكفل العريس بالحفلة ومستلزماتها من غداء وعشاء ويستأجر قصراً للأفراح أو يقوم ببناء بيت من الشعر في أقرب ساحة لبيته وتعلق عليها عقود الإضاءة كما تعلق في بيته وتفرش ساحة العرس وتقام الولائم ليلة الزفاف وذلك بذبح الجمال والأغنام ويتم دعوة الناس عبر بطاقات الزواج التي يفاخر الناس فيها حالياً حتى أصبحت تشكل ثمناً باهظاً يضيف عبئاً آخر على العريس...!
ويبقى سؤال ألم يحن الأوان بعد لكي ندرك أن السعادة لا تشتر بكنوز العالم؟ومتى سيدرك الأهل إن بناتهم لسن برسم البيع أو الاستثمار؟