مجاهدون
08-07-2003, 09:14 PM
حفيد الخميني.... الزعماء الشيعة العراقيون الذين يدعون لحكم ديني مضللون، وربما مولتهم إيران ولم يعتبروا بالفشل الذريع للثورة الإيرانية
يدعو بقوة إلى فصل الدين عن السياسة، والى وقف استخدام الدين «وسيلة للقمع» في بلاده
بغداد: نيل ماكفاركوهار *
أكد حفيد الزعيم الايراني الراحل آية الله الخميني إن إسقاط الرئيس العراقي السابق صدام حسين سيسمح بازدهار الحريات التي طال انتظارها في إيران، وإذا لم يسمح المتشددون بذلك فإن أغلب الإيرانيين سيرحبون بالتدخل الأميركي.
واعتبر حسين الخميني أيضا أن الذين يطالبون بحكم ديني من الشيعة العراقيين «هم أناس مضلَّلون ولعل بعضهم مموَّل من إيران ويفتقد إلى الخبرة والفهم لإدراك درجة الفشل الذريع الذي بلغته الثورة الإيرانية».
وقال الخميني الحفيد، 45 سنة، إن «الإيرانيين يصرون على الحرية لكنهم غير متأكدين من أين ستأتي، وإذا جاءت من الداخل فإنهم سيرحبون بها لكن إذا كان ضروريا أن تأتي من الخارج خصوصا من الولايات المتحدة فالشعب الإيراني سيتقبلها. وأنا كإيراني سأتقبلها».
وجاءت هذه الملاحظات الاستثنائية خلال مقابلة أجريت مع الرجل الذي ظل جده يطلق على الولايات المتحدة اسم «الشيطان الأكبر» والذي استغل فترة الـ444 يوما التي بقيت السفارة خلالها تحت السيطرة الإيرانية كي يقوي حكم رجال الدين الإيرانيين سنة 1979.
وأدى تدهور العلاقات بين ايران والعراق بعد ذلك إلى دعم واشنطن للحرب التي شنها صدام حسين على إيران والتي استمرت ثمانية أعوام. وخلال الأشهر الأخيرة اتهمت إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش إيران بتطوير أسلحة غير شرعية ولمَّحت إلى ان أي تغيير لنظام طهران سيكون موضع ترحيب منها.
ومن الواضح أن الخميني الحفيد لا يحمل عداء جده للولايات المتحدة، بل هو صحح ما جاء على لسان صحافي مغيرا تعبيره للاحتلال الأميركي للعراق إلى «تحرير» له. كذلك هي الحال مع المكان الذي أجريت المقابلة فيه إذ أنه يقيم في قصر متواضع تطل حديقته وبستانه على نهر دجلة وتعود ملكيته إلى عزت إبراهيم نائب رئيس مجلس الثورة المخلوع وأحد أكثر المقربين إلى صدام حسين.
وفي مدخل القصر هناك سيارة رولز رويس يعلوها التراب. ويشارك الخميني في سكنه رجل دين عراقي آخر يلتقي معه في القناعة التي تؤكد أن الدين يجب فصله عن الدولة. وقال الخميني الحفيد انه سيكون أول القادمين إلى العراق من رجال الدين الشيعة الكبار الذين يعارضون الطريقة التي تحكم المؤسسة الدينية في بلاده حيث يجري استخدام الدين كأداة للقمع، وإنه مع الآخرين سينتقلون إلى المدن الشيعية العراقية المقدسة عندما تستقر الأوضاع. وقال الخميني: «من الطبيعي أنه إذا أقامت الحوزة في بلد حر فإنه سيكون هناك مجال للنقاشات، وبالتأكيد ستكون هناك هجرة واسعة من مدينة «قم» المدينة الإيرانية المقدسة التي تعد مركزا دينيا رياديا في إيران. إذا بقيت مدينة قم تحت نفس المناخ القمعي فإن كل شخص سيأتي الى النجف».
وجذبت وجهة نظر الخميني الحفيد اهتماما كبيرا بين سلطة قوات التحالف المؤقتة، لأن الكثير من المسؤولين فيها الذين التقوا به وجدوا أن أفكاره حول فصل الدين عن الدولة جذابة.
وعلى الرغم من أنه ليس لحسين الخميني الكثير من الأتباع فإن بإمكان آرائه أن تجد لها صدى بين الشيعة بسبب الاحترام الذي يحظى به جده. ويعد صوت الخميني الحفيد آخر ما طرح بين الشيعة حول الكيفية التي يجب أن يحكم المجتمع نفسه في بلد تبلغ نسبة الشيعة فيه 60 في المائة بين سكان العراق البالغ عددهم حوالي 25 مليون نسمة.
وكان مقتدى الصدر، وهو أحد رجال الدين الشيعة الناشطين في العراق، قد دعا إلى معارضة الولايات المتحدة، وطالب بتولي رجال الدين السلطة بشكل مشابه لما هو موجود في إيران. وقال الخميني إنه يعتقد بأن دعوات من هذا النوع الذي يطلقه الصدر يمولها آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى لإيران، لكنه ليس متأكدا من ذلك. وقال إنه يفهم لماذا يضغط الشيعة العراقيون الذين تحرروا الآن بعد عقود من الاضطهاد باتجاه حكم إسلامي، لكنه قال إنه يرى بأن عليهم أن يتعلموا من الفشل الذي لحق الثورة الإسلامية في إيران. وقال الخميني بنبرة عراقية يشوبها القليل من الإيقاع الفارسي: «الناس كانوا يحلمون أثناء أيام الشاه بالحرية التي كانت أساس الثورة، لكنهم لم يحصلوا عليها».
وأشار حسين الخميني إلى حالة التنافر القائم بين المدن الشيعية على جانبي حدود البلدين، ففي مدينة قم الايرانية يقف معظم علماء الدين ضد اقحام الدين في السياسة لكنهم يعبرون عكس ذلك أمام الملأ لأن المرشد الأعلى يطلب ذلك. بينما آيات الله الكبار في النجف يعارضون هم أيضا الجمع بين الدين والسياسة لكنهم في الوقت نفسه وضعوا بعض المطالب السياسية مثل مطالبتهم باجراء انتخابات حول من سيكتب الدستور، وهذا التدخل يعود للتماشي مع توقعات الجمهور العراقي منهم.
وبدلا من فرض الحكم الديني يقترح الخميني على الشيعة العراقيين أن يتغلبوا على عقدة الاضطهاد التاريخية لديهم ويدفعوا باتجاه حكم ديمقراطي يحترم حقوقهم. وسخر الخميني من فكرة أنه يتبع خطى أبناء الشخصيات الثورية مثل بنتي ستالين وكاسترو اللتين انفصلتا عن عائلتيهما وسعتا للحصول على الإقامة في الولايات المتحدة، وقال انه انشق على جده في الأيام الأولى من الثورة حول قتل الناس الذين اتهموا بوجود علاقات ثانوية لهم بنظام الشاه، فهو لا يؤمن بأن أفعالا من هذا النوع تبيحها الشريعة الإسلامية. ومنذ ذلك الوقت وهو يدرس في مدينة قم.
وكان الخميني الحفيد قد عاش في مدينة النجف العراقية بين عامي 1965 و1979 حينما كان جده منفيا يخطط للثورة الإسلامية. وعلى الرغم من وجود عدة أبناء عم له لكنه الابن الوحيد لمصطفى الابن المفضل لآية الله الخميني الذي ساعده على تنظيم انتفاضة سنة 1963التي أدت إلى نفيه. وتوفي مصطفى الخميني في النجف قبل 15شهرا من وقوع الثورة الإسلامية العام 1979.
ويرى الخميني الحفيد إن بعض المسلمين العراقيين كانوا متسرعين في تسمية الأميركيين بالكفرة، وهذا هو سيبقى في أذهانهم راسخا بغض النظر عما ستقدمه الولايات المتحدة من أشياء لصالح خير العراق، وقال ان «كل البلدان في المنطقة تخشى أن يصبح العراق دولة حرة وليبرالية وديمقراطية».
* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص ب«"الشرق الأوسط»
يدعو بقوة إلى فصل الدين عن السياسة، والى وقف استخدام الدين «وسيلة للقمع» في بلاده
بغداد: نيل ماكفاركوهار *
أكد حفيد الزعيم الايراني الراحل آية الله الخميني إن إسقاط الرئيس العراقي السابق صدام حسين سيسمح بازدهار الحريات التي طال انتظارها في إيران، وإذا لم يسمح المتشددون بذلك فإن أغلب الإيرانيين سيرحبون بالتدخل الأميركي.
واعتبر حسين الخميني أيضا أن الذين يطالبون بحكم ديني من الشيعة العراقيين «هم أناس مضلَّلون ولعل بعضهم مموَّل من إيران ويفتقد إلى الخبرة والفهم لإدراك درجة الفشل الذريع الذي بلغته الثورة الإيرانية».
وقال الخميني الحفيد، 45 سنة، إن «الإيرانيين يصرون على الحرية لكنهم غير متأكدين من أين ستأتي، وإذا جاءت من الداخل فإنهم سيرحبون بها لكن إذا كان ضروريا أن تأتي من الخارج خصوصا من الولايات المتحدة فالشعب الإيراني سيتقبلها. وأنا كإيراني سأتقبلها».
وجاءت هذه الملاحظات الاستثنائية خلال مقابلة أجريت مع الرجل الذي ظل جده يطلق على الولايات المتحدة اسم «الشيطان الأكبر» والذي استغل فترة الـ444 يوما التي بقيت السفارة خلالها تحت السيطرة الإيرانية كي يقوي حكم رجال الدين الإيرانيين سنة 1979.
وأدى تدهور العلاقات بين ايران والعراق بعد ذلك إلى دعم واشنطن للحرب التي شنها صدام حسين على إيران والتي استمرت ثمانية أعوام. وخلال الأشهر الأخيرة اتهمت إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش إيران بتطوير أسلحة غير شرعية ولمَّحت إلى ان أي تغيير لنظام طهران سيكون موضع ترحيب منها.
ومن الواضح أن الخميني الحفيد لا يحمل عداء جده للولايات المتحدة، بل هو صحح ما جاء على لسان صحافي مغيرا تعبيره للاحتلال الأميركي للعراق إلى «تحرير» له. كذلك هي الحال مع المكان الذي أجريت المقابلة فيه إذ أنه يقيم في قصر متواضع تطل حديقته وبستانه على نهر دجلة وتعود ملكيته إلى عزت إبراهيم نائب رئيس مجلس الثورة المخلوع وأحد أكثر المقربين إلى صدام حسين.
وفي مدخل القصر هناك سيارة رولز رويس يعلوها التراب. ويشارك الخميني في سكنه رجل دين عراقي آخر يلتقي معه في القناعة التي تؤكد أن الدين يجب فصله عن الدولة. وقال الخميني الحفيد انه سيكون أول القادمين إلى العراق من رجال الدين الشيعة الكبار الذين يعارضون الطريقة التي تحكم المؤسسة الدينية في بلاده حيث يجري استخدام الدين كأداة للقمع، وإنه مع الآخرين سينتقلون إلى المدن الشيعية العراقية المقدسة عندما تستقر الأوضاع. وقال الخميني: «من الطبيعي أنه إذا أقامت الحوزة في بلد حر فإنه سيكون هناك مجال للنقاشات، وبالتأكيد ستكون هناك هجرة واسعة من مدينة «قم» المدينة الإيرانية المقدسة التي تعد مركزا دينيا رياديا في إيران. إذا بقيت مدينة قم تحت نفس المناخ القمعي فإن كل شخص سيأتي الى النجف».
وجذبت وجهة نظر الخميني الحفيد اهتماما كبيرا بين سلطة قوات التحالف المؤقتة، لأن الكثير من المسؤولين فيها الذين التقوا به وجدوا أن أفكاره حول فصل الدين عن الدولة جذابة.
وعلى الرغم من أنه ليس لحسين الخميني الكثير من الأتباع فإن بإمكان آرائه أن تجد لها صدى بين الشيعة بسبب الاحترام الذي يحظى به جده. ويعد صوت الخميني الحفيد آخر ما طرح بين الشيعة حول الكيفية التي يجب أن يحكم المجتمع نفسه في بلد تبلغ نسبة الشيعة فيه 60 في المائة بين سكان العراق البالغ عددهم حوالي 25 مليون نسمة.
وكان مقتدى الصدر، وهو أحد رجال الدين الشيعة الناشطين في العراق، قد دعا إلى معارضة الولايات المتحدة، وطالب بتولي رجال الدين السلطة بشكل مشابه لما هو موجود في إيران. وقال الخميني إنه يعتقد بأن دعوات من هذا النوع الذي يطلقه الصدر يمولها آية الله علي خامنئي المرشد الأعلى لإيران، لكنه ليس متأكدا من ذلك. وقال إنه يفهم لماذا يضغط الشيعة العراقيون الذين تحرروا الآن بعد عقود من الاضطهاد باتجاه حكم إسلامي، لكنه قال إنه يرى بأن عليهم أن يتعلموا من الفشل الذي لحق الثورة الإسلامية في إيران. وقال الخميني بنبرة عراقية يشوبها القليل من الإيقاع الفارسي: «الناس كانوا يحلمون أثناء أيام الشاه بالحرية التي كانت أساس الثورة، لكنهم لم يحصلوا عليها».
وأشار حسين الخميني إلى حالة التنافر القائم بين المدن الشيعية على جانبي حدود البلدين، ففي مدينة قم الايرانية يقف معظم علماء الدين ضد اقحام الدين في السياسة لكنهم يعبرون عكس ذلك أمام الملأ لأن المرشد الأعلى يطلب ذلك. بينما آيات الله الكبار في النجف يعارضون هم أيضا الجمع بين الدين والسياسة لكنهم في الوقت نفسه وضعوا بعض المطالب السياسية مثل مطالبتهم باجراء انتخابات حول من سيكتب الدستور، وهذا التدخل يعود للتماشي مع توقعات الجمهور العراقي منهم.
وبدلا من فرض الحكم الديني يقترح الخميني على الشيعة العراقيين أن يتغلبوا على عقدة الاضطهاد التاريخية لديهم ويدفعوا باتجاه حكم ديمقراطي يحترم حقوقهم. وسخر الخميني من فكرة أنه يتبع خطى أبناء الشخصيات الثورية مثل بنتي ستالين وكاسترو اللتين انفصلتا عن عائلتيهما وسعتا للحصول على الإقامة في الولايات المتحدة، وقال انه انشق على جده في الأيام الأولى من الثورة حول قتل الناس الذين اتهموا بوجود علاقات ثانوية لهم بنظام الشاه، فهو لا يؤمن بأن أفعالا من هذا النوع تبيحها الشريعة الإسلامية. ومنذ ذلك الوقت وهو يدرس في مدينة قم.
وكان الخميني الحفيد قد عاش في مدينة النجف العراقية بين عامي 1965 و1979 حينما كان جده منفيا يخطط للثورة الإسلامية. وعلى الرغم من وجود عدة أبناء عم له لكنه الابن الوحيد لمصطفى الابن المفضل لآية الله الخميني الذي ساعده على تنظيم انتفاضة سنة 1963التي أدت إلى نفيه. وتوفي مصطفى الخميني في النجف قبل 15شهرا من وقوع الثورة الإسلامية العام 1979.
ويرى الخميني الحفيد إن بعض المسلمين العراقيين كانوا متسرعين في تسمية الأميركيين بالكفرة، وهذا هو سيبقى في أذهانهم راسخا بغض النظر عما ستقدمه الولايات المتحدة من أشياء لصالح خير العراق، وقال ان «كل البلدان في المنطقة تخشى أن يصبح العراق دولة حرة وليبرالية وديمقراطية».
* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص ب«"الشرق الأوسط»