سلسبيل
11-01-2005, 01:06 AM
محمد عبدالقادر الجاسم
30/10/2005
قيل قديما ان "السلطة شهوة تعبث بالرؤوس"... كما قيل ايضا انه "اذا كانت السلطة مفسدة, فإن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة".
حين نقول ان الكويت تمر حاليا في مرحلة متقدمة من مراحل الحكم الفردي, وهي "تنطلق" نحو مستقبل غير مريح, فإن الرد على هذا القول يبدو سهلا جدا: اليس لدينا مجلس امة منتخب وصحافة حرة وجمعيات نفع عام واتحادات وجمعيات مهنية وقوى سياسية وقضاء مستقل ودستور يقول ان نظام الحكم ديمقراطي السيادة فيه للأمة؟ كيف يستقيم الزعم بوجود نظام الحكم الفردي رغم كل مظاهر الحكم الديمقراطي السابقة؟
ان التعرف على حقيقة الوضع في اي دولة لا يتم عبر سبر اغوار النصوص الدستورية ولا عبر البحث عن المظاهر الشكلية للمجتمع المدني... فالحقيقة تجدها في الواقع اليومي. كيف يصدر القرار ومن يصدر القرار وما هي العوامل التي تؤثر في محتوى القرار. ان الديمقراطية ليست انتخابات فقط, والمجتمع المدني ليس جمعيات نفع عام فقط, ولا يكفي ان ينص الدستور على ان نظام الدولة ديمقراطي السيادة فيه للأمة حتى تكون الدولة ديمقراطية فعلا.
اننا نشهد يوميا ممارسات تعزز اسلوب الحكم الفردي وتعظم الفرد وتنشر الفساد وتحرف بعض ثوابت العلاقات السياسية في المجتمع الكويتي خاصة تلك التي تجمعنا بالأسرة الحاكمة. ان ما جرى خلال السنوات الثلاث الماضية وما يجري حاليا لا ينحصر اثره في حينه فقط, بل ان ما جرى ويجري هو اعادة صياغة للقيم والعلاقات والقواعد السياسية المعمول بها في المجتمع الكويتي. ان اعادة الصياغة التي جرت خلال السنوات الثلاث وتجري حاليا هي البديل "الحضاري" لمحاولات تنقيح الدستور والتخلص من النظام البرلماني والحريات الصحفية, تلك المحاولات التي عفى عليها الزمن ولم تعد مقبولة بالنسبة للولايات المتحدة والدول الغربية, وبالتالي فليس امام من لا يؤمن بالحريات الا محاولة "تسميمها" والتخلص من مضمونها تدريجيا بدلا من وقف العمل بالدستور وحل مجلس الأمة وفرض الرقابة على الصحف. ان بيننا من هو غير قادر حتى هذه اللحظة على التعايش مع الحريات السياسية ومع معاني الديمقراطية ونتائجها, وبدلا من ان "يرتاح ويريح" نراه يجر الدولة نحو منحدر لا الارتقاء بها.
ولعله من الغريب انه في الوقت الذي تتجه فيه الدول العربية جميعها نحو الانفتاح السياسي حتى وان كان انفتاحا شكليا زائفا, نرى ان الكويت تتراجع عن الانفتاح السياسي الحقيقي الذي "كان" لديها مقتربة من المظاهر الزائفة للانفتاح... لقد تم افراغ مجلس الامة من قيمته واهميته السياسية, فيما تراجع معدل الحريات الصحفية بحكم الامر الواقع لا بنص القانون, وتم تهميش القوى السياسية مع عدم الاكتراث بتوجهات الرأي العام, والأهم من هذا كله تم اعادة ترتيب أولويات الأمن السياسي للدولة فاصبح تعزيز نفوذ هذا الشيخ او ذاك أولوية متساوية مع أمن الدولة ككل ان لم تتعداها تحت اغراء "شهوة السلطة" وبتأثير مقولة "انا الدولة والدولة انا"!
ان اوضاع الاسرة الحاكمة غير مريحة ولا يعود السبب لعوامل خارجية وانما بسبب "روح جديدة" سيطرت على العلاقات بين الشيوخ حيث تمت "تصفيات" مرحلة الاستقطاب بين الشيخ سعد والشيخ صباح. كما ان مجلس الوزراء لم يعد يضم رجال دولة او اصحاب فكر سياسي بقدر ما يحوي مجموعة من الاشخاص لم يحلم اغلبهم في الوصول الى درجة وكيل وزارة, والسبب ليس نقص الرجال بل لأن منصب الوزارة اصبح طاردا لأصحاب الكفاءات ممن يحترمون انفسهم ويضعون مصلحة البلاد نصب اعينهم, اما مجلس الأمة فحدث ولا حرج, وليس حال القوى السياسية بأفضل منه.
ان اصلاح امور البلاد لن يتم مالم تنصلح امور الأسرة الحاكمة, ولست اعني هنا الاتفاق على ترتيبات الخلافة بل التخلص من فكرة "التسلط" التي تسيدت منذ نحو ثلاث سنوات.
ان رغبة الشيخ صباح في احكام سيطرته, دفعته للاستعانة بجهود "فرقة احمد حسب الله" (التسمية الجديدة لفرقة الفهلوة والتكتكة) لأداء مهمة "تضبيط الناس" تحت شعار كويتي صرف هو "شوفوه شيبي". وفي المقابل ونظرا لحاجة اعضاء الفرقة لدعم الشيخ صباح من اجل ضمان استمراريتهم فإنهم يستخدمون "كل" ما يتاح لهم استخدامه من ادوات "للتضبيط" بلا رادع من ضمير او حد ادنى من المبادىء والقيم. ولعله من باب الانصاف ان يقر المرء بنجاح "فرقة احمد حسب الله" في المهمة التي عهدت اليهم, فهم قد ابدعوا حقا في "تضبيط" بعض اعضاء مجلس الأمة, كما ابدعوا في "تضبيط" بعض الصحفيين, كما نجحوا في "تضبيط" جمعيات النفع العام والقوى السياسية. ان نجاح اسلوب "التضبيط" ادى الى انحدار العمل السياسي فأصبح لكل شخص ثمن.
ان نفوذ "فرقة احمد حسب الله" يزداد كما يزداد انغماسها في ممارسات يصعب "ترقيعها" وليس امامهم خطوط رجعة الى جادة الصواب, لذلك تراهم قد تمادوا في غيهم وفسادهم وافسادهم للناس. ان هذا النفوذ ينفر الناس ويبعدهم عن الشيخ صباح, كما انه يغلق الباب في وجه الشيوخ اصحاب التعليم والثقافة والعقلانية واصحاب الأسلوب الراقي في التعامل السياسي الذين لا يحملون اية ضغائن او عقد في نفوسهم للعب دور مهم وفعال في ادارة الدولة باسلوب لا يعتمد على "التضبيط" بقدر اعتماده على المحاورة والاقناع بعيدا عن اسلوب "السكيك والعواير". ومن الطبيعي ازاء هذا الوضع الذي تمر به الأسرة الحاكمة من جهة غياب التشاور والانسجام بين الشيوخ الكبار, وازاء طبيعة الشيخ صباح, وتعاظم نفوذ "فرقة احمد حسب الله" ان تتكرس النزعة الفردية في القرار ويفقد الدستور معانيه ويتوارى الرجال. وبصرف النظر عما يقال بشأن اسلوب الشيخ صباح في استخدام اعوانه لوقت محدد ولغاية محددة ثم الاستغناء عنهم بعد انتفاء الحاجة اليهم, فإن تأثير ما يجري اليوم سيكون لغير صالح البلاد.
ان هناك من يرى ان هذه المقالات قد خرجت عن الحد المألوف في التعبير عن الرأي... لكن ما بالكم لا ترون خروج الفساد عن الحد المألوف؟ ما بالكم لا ترون خروج شراء الذمم عن الحد المألوف؟ ما بالكم لا ترون خروج التلاعب في ثروة البلاد عن الحد المألوف؟ ما بالكم لا ترون صمت الرجال عن قول الحق؟ لقد تساهلنا حين تم تزوير الانتخابات عام 1967 وتساهلنا حين تم حل مجلس الامة وحين شطبت الحريات عام 1976 وتساهلنا حين تم حل مجلس الامة مرة اخرى وغيبت الحريات عام 1986 وتساهلنا حين سقطت الدولة في غمضة عين عام 1990 وتساهلنا حين تحطمت احلامنا ببناء المجتمع الذي نريد بعد ان انعم الله علينا بعودة بلدنا الينا وعودتنا الى بلدنا. فهل تريدون الآن ان نتساهل مع من يعبث بمستقبلنا من اجل اشباع "شهوة السلطة" لديه؟ انني اقولها بكل صراحة: انني اخشى على الكويت من "فرقة احمد حسب الله" التي لا تعمل الا لمصلحتها الشخصية وهي على استعداد, في سبيل تحقيق هذه المصلحة, لنشر كل انواع الخراب في البلاد مع الأسف... ودون رادع, فهل نتساهل اكثر!!
30/10/2005
قيل قديما ان "السلطة شهوة تعبث بالرؤوس"... كما قيل ايضا انه "اذا كانت السلطة مفسدة, فإن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة".
حين نقول ان الكويت تمر حاليا في مرحلة متقدمة من مراحل الحكم الفردي, وهي "تنطلق" نحو مستقبل غير مريح, فإن الرد على هذا القول يبدو سهلا جدا: اليس لدينا مجلس امة منتخب وصحافة حرة وجمعيات نفع عام واتحادات وجمعيات مهنية وقوى سياسية وقضاء مستقل ودستور يقول ان نظام الحكم ديمقراطي السيادة فيه للأمة؟ كيف يستقيم الزعم بوجود نظام الحكم الفردي رغم كل مظاهر الحكم الديمقراطي السابقة؟
ان التعرف على حقيقة الوضع في اي دولة لا يتم عبر سبر اغوار النصوص الدستورية ولا عبر البحث عن المظاهر الشكلية للمجتمع المدني... فالحقيقة تجدها في الواقع اليومي. كيف يصدر القرار ومن يصدر القرار وما هي العوامل التي تؤثر في محتوى القرار. ان الديمقراطية ليست انتخابات فقط, والمجتمع المدني ليس جمعيات نفع عام فقط, ولا يكفي ان ينص الدستور على ان نظام الدولة ديمقراطي السيادة فيه للأمة حتى تكون الدولة ديمقراطية فعلا.
اننا نشهد يوميا ممارسات تعزز اسلوب الحكم الفردي وتعظم الفرد وتنشر الفساد وتحرف بعض ثوابت العلاقات السياسية في المجتمع الكويتي خاصة تلك التي تجمعنا بالأسرة الحاكمة. ان ما جرى خلال السنوات الثلاث الماضية وما يجري حاليا لا ينحصر اثره في حينه فقط, بل ان ما جرى ويجري هو اعادة صياغة للقيم والعلاقات والقواعد السياسية المعمول بها في المجتمع الكويتي. ان اعادة الصياغة التي جرت خلال السنوات الثلاث وتجري حاليا هي البديل "الحضاري" لمحاولات تنقيح الدستور والتخلص من النظام البرلماني والحريات الصحفية, تلك المحاولات التي عفى عليها الزمن ولم تعد مقبولة بالنسبة للولايات المتحدة والدول الغربية, وبالتالي فليس امام من لا يؤمن بالحريات الا محاولة "تسميمها" والتخلص من مضمونها تدريجيا بدلا من وقف العمل بالدستور وحل مجلس الأمة وفرض الرقابة على الصحف. ان بيننا من هو غير قادر حتى هذه اللحظة على التعايش مع الحريات السياسية ومع معاني الديمقراطية ونتائجها, وبدلا من ان "يرتاح ويريح" نراه يجر الدولة نحو منحدر لا الارتقاء بها.
ولعله من الغريب انه في الوقت الذي تتجه فيه الدول العربية جميعها نحو الانفتاح السياسي حتى وان كان انفتاحا شكليا زائفا, نرى ان الكويت تتراجع عن الانفتاح السياسي الحقيقي الذي "كان" لديها مقتربة من المظاهر الزائفة للانفتاح... لقد تم افراغ مجلس الامة من قيمته واهميته السياسية, فيما تراجع معدل الحريات الصحفية بحكم الامر الواقع لا بنص القانون, وتم تهميش القوى السياسية مع عدم الاكتراث بتوجهات الرأي العام, والأهم من هذا كله تم اعادة ترتيب أولويات الأمن السياسي للدولة فاصبح تعزيز نفوذ هذا الشيخ او ذاك أولوية متساوية مع أمن الدولة ككل ان لم تتعداها تحت اغراء "شهوة السلطة" وبتأثير مقولة "انا الدولة والدولة انا"!
ان اوضاع الاسرة الحاكمة غير مريحة ولا يعود السبب لعوامل خارجية وانما بسبب "روح جديدة" سيطرت على العلاقات بين الشيوخ حيث تمت "تصفيات" مرحلة الاستقطاب بين الشيخ سعد والشيخ صباح. كما ان مجلس الوزراء لم يعد يضم رجال دولة او اصحاب فكر سياسي بقدر ما يحوي مجموعة من الاشخاص لم يحلم اغلبهم في الوصول الى درجة وكيل وزارة, والسبب ليس نقص الرجال بل لأن منصب الوزارة اصبح طاردا لأصحاب الكفاءات ممن يحترمون انفسهم ويضعون مصلحة البلاد نصب اعينهم, اما مجلس الأمة فحدث ولا حرج, وليس حال القوى السياسية بأفضل منه.
ان اصلاح امور البلاد لن يتم مالم تنصلح امور الأسرة الحاكمة, ولست اعني هنا الاتفاق على ترتيبات الخلافة بل التخلص من فكرة "التسلط" التي تسيدت منذ نحو ثلاث سنوات.
ان رغبة الشيخ صباح في احكام سيطرته, دفعته للاستعانة بجهود "فرقة احمد حسب الله" (التسمية الجديدة لفرقة الفهلوة والتكتكة) لأداء مهمة "تضبيط الناس" تحت شعار كويتي صرف هو "شوفوه شيبي". وفي المقابل ونظرا لحاجة اعضاء الفرقة لدعم الشيخ صباح من اجل ضمان استمراريتهم فإنهم يستخدمون "كل" ما يتاح لهم استخدامه من ادوات "للتضبيط" بلا رادع من ضمير او حد ادنى من المبادىء والقيم. ولعله من باب الانصاف ان يقر المرء بنجاح "فرقة احمد حسب الله" في المهمة التي عهدت اليهم, فهم قد ابدعوا حقا في "تضبيط" بعض اعضاء مجلس الأمة, كما ابدعوا في "تضبيط" بعض الصحفيين, كما نجحوا في "تضبيط" جمعيات النفع العام والقوى السياسية. ان نجاح اسلوب "التضبيط" ادى الى انحدار العمل السياسي فأصبح لكل شخص ثمن.
ان نفوذ "فرقة احمد حسب الله" يزداد كما يزداد انغماسها في ممارسات يصعب "ترقيعها" وليس امامهم خطوط رجعة الى جادة الصواب, لذلك تراهم قد تمادوا في غيهم وفسادهم وافسادهم للناس. ان هذا النفوذ ينفر الناس ويبعدهم عن الشيخ صباح, كما انه يغلق الباب في وجه الشيوخ اصحاب التعليم والثقافة والعقلانية واصحاب الأسلوب الراقي في التعامل السياسي الذين لا يحملون اية ضغائن او عقد في نفوسهم للعب دور مهم وفعال في ادارة الدولة باسلوب لا يعتمد على "التضبيط" بقدر اعتماده على المحاورة والاقناع بعيدا عن اسلوب "السكيك والعواير". ومن الطبيعي ازاء هذا الوضع الذي تمر به الأسرة الحاكمة من جهة غياب التشاور والانسجام بين الشيوخ الكبار, وازاء طبيعة الشيخ صباح, وتعاظم نفوذ "فرقة احمد حسب الله" ان تتكرس النزعة الفردية في القرار ويفقد الدستور معانيه ويتوارى الرجال. وبصرف النظر عما يقال بشأن اسلوب الشيخ صباح في استخدام اعوانه لوقت محدد ولغاية محددة ثم الاستغناء عنهم بعد انتفاء الحاجة اليهم, فإن تأثير ما يجري اليوم سيكون لغير صالح البلاد.
ان هناك من يرى ان هذه المقالات قد خرجت عن الحد المألوف في التعبير عن الرأي... لكن ما بالكم لا ترون خروج الفساد عن الحد المألوف؟ ما بالكم لا ترون خروج شراء الذمم عن الحد المألوف؟ ما بالكم لا ترون خروج التلاعب في ثروة البلاد عن الحد المألوف؟ ما بالكم لا ترون صمت الرجال عن قول الحق؟ لقد تساهلنا حين تم تزوير الانتخابات عام 1967 وتساهلنا حين تم حل مجلس الامة وحين شطبت الحريات عام 1976 وتساهلنا حين تم حل مجلس الامة مرة اخرى وغيبت الحريات عام 1986 وتساهلنا حين سقطت الدولة في غمضة عين عام 1990 وتساهلنا حين تحطمت احلامنا ببناء المجتمع الذي نريد بعد ان انعم الله علينا بعودة بلدنا الينا وعودتنا الى بلدنا. فهل تريدون الآن ان نتساهل مع من يعبث بمستقبلنا من اجل اشباع "شهوة السلطة" لديه؟ انني اقولها بكل صراحة: انني اخشى على الكويت من "فرقة احمد حسب الله" التي لا تعمل الا لمصلحتها الشخصية وهي على استعداد, في سبيل تحقيق هذه المصلحة, لنشر كل انواع الخراب في البلاد مع الأسف... ودون رادع, فهل نتساهل اكثر!!