تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عبدالله بشارة الأمين الأسبق لمجلس التعاون الخليجي : طارق عزيز كان يعامل صباح الأحمد ببشاعة



وليم
03-10-2025, 10:02 PM
https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/storage/attachments/5944/%D8%B3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%B1%D9%81%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%B5%D8%A8%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-1741533405359_large.jpeg


سنوات.. في رفقة الشيخ صباح الأحمد

عبدالله بشارة - القبس

9 مارس 2025

سأنشر ثلاثة مقالات خلال شهر رمضان المبارك تتناول بعض الأضواء على مسيرة الشيخ صباح الأحمد وعلاقته مع الجامعة العربية، ومقالاً ثانياً عن تواجده في مسيرة مجلس التعاون، والمقال الثالث عن الشيخ صباح الأحمد في هذا الكون، بالتأكيد على تواصله مع مختلف الدول، لاسيما في أفريقيا وآسيا والاتحاد الأوروبي، وتميزت هذه المسيرة المتنوعة بكثير من المسرات، مع تقبله بعض المزعجات، وحالة غير متوقعة من المؤذيات.

وفي هذا الشهر الكريم أشعر بواجبي لتسليط الضوء على المهمة، التي تولاها، وجوهرها سلامة الكويت وآليات الحماية لوطن سخّر كل حياته من أجل دوام حيويته وصون سلامته، فقد رافقته سبع سنوات مديراً لمكتبه، ومعه في سفراته، ومتواجداً في لقاءاته، ومدوناً أطروحاته، ومحافظاً على سجلاته، وعندما انتقلت الى نيويورك كمندوب دائم للكويت في الأمم المتحدة استمر التواصل، لأن منطلقات الشيخ صباح الأحمد هي تأمين حياة مثمرة للكويت، كوطن فعّال خليجياً، عربياً وعالمياً.

عاش الشيخ صباح الأحمد مهتماً بأمن الكويت، الذي رسمت الجامعة العربية خريطته، وتقبّل تفاصيل الخطوط التي تتولد من هذه الخريطة، فالتحاق الكويت بالجامعة العربية أغلق منافذ العلاقات الكويتية البريطانية، وحصرها في الجامعة العربية، التي شكّلت قوة أردنية – سودانية – سورية - مصرية، جوهرها الردع السياسي العربي، تتواجد على الحدود الكويتية العراقية، وظلت عامين تقريباً، ثم تفككت قبل الانقلاب، الذي أطاح حكومة عبدالكريم قاسم واختفت الأزمة.

استوعب المرحوم الشيخ صباح الأحمد حقائق الكويت، وحاجتها الى الردع السياسي والمعنوي في غياب الردع العسكري، وانتشى بهذه المسؤولية، التي تحملها كوزير للخارجية، مع اقتناعه بأن يكون تواجد الكويت في الجامعة العربية مختلفاً عن تواجد الآخرين من الدول العربية، فهي آلية الردع لصد عبثيات حكومة العراق، ولا يوجد غيرها، وتلبية لأحكام هذا الواقع المستجد في حياة الكويت، رسم الشيخ صباح الأحمد حيوية التواجد الكويتي داخل الجامعة العربية، منطلقاً بالمساعي الحميدة التي يتولاها بنفسه لتجاوز الخلافات العربية، من أجل تأمين المناخ الودي والسلمي بين الأعضاء، متطوعاً في الوساطات، متنقلاً بين العواصم، حاملاً نزعة الخير الكويتية بالنوايا والدعم، مترئساً لجان الوساطة، وموفراً لها اللوجستيات المطلوبة، واندفع متواجداً في كل خلافات، ومتطوعاً كرئيس لمختلف لجان المساعي الحميدة، لا ينفر من صعوبات، ولا يتخوف من احتمالات الفشل، ويتصدى للصعب والمزعج، مثل توليه رئاسة اللجنة العربية لحل الخلافات بين الفرق اللبنانية المتحاربة سياسياً وجيوشياً، كانت مهمة ثقيلة تصدى لها، موفراً جميع آليات النجاح، لكن الحالة اللبنانية بين الفرق لم تساعده، ورغم الدعم الكامل من الدول الأعضاء.

كانت علاقته مع نظام صدام حسين في العراق جيدة جداً، لاسيما مع ترؤسه للجنة العربية للمساعدة في شرح موقف العراق، متقبلاً أثقالها وتعقيداتها وغلاظة الجانب العراقي، متمثلاً في طارق عزيز وزير الخارجية العراقي، الذي لم يظهر تقديراً لجهود الشيخ صباح الأحمد، أو احتراماً للمتاعب التي تحمّلها بسبب هذه المهمة الغليظة، فأتذكر سفره من تونس مباشرة الى طوكيو، يرافقه طارق عزيز، مدافعاً عن موقف العراق، الذي قبل بوقف إطلاق النار، رغم رفض إيران واستمرارها في مواصلة القتال، ولم يكن يتذمّر من مسافات، أو يعتذر لالتزامات وطنية، فقد كان «كوماندوس»، يعطي الأولوية للمهمات الثقيلة، ورغم تضحياته فقد تحمّل الكثير من سوء التقدير وبشاعة الموقف، ولا أنسى يوم الغزو اللئيم، فقد كنت معه في ليلة الغزو، وعندما اتصل بي يطلب مني التوجّه الى وزارة الدفاع، وأذهب إليها لأجد الوضع الذي صنعته مفاجأة الغزو، ونخرج معاً بصحبة بعض الوزراء متوجهين الى الحدود السعودية، وظل طوال ذلك الوقت صامتاً، يستذكر ما قدّمه لخدمة العراق، وما تحمّله من سوء تصرف من الجانب العراقي.


كان الشيخ صباح الاحمد طوال عمله داعماً للجامعة العربية، معتمداً على علاقات مودة وصراحة مع الأمين العام السيد عبدالخالق حسونة، وكذلك محمود رياض، الذي تولّى العمل بعده، وأكثر من ذلك كان داعماً مالياً وسياسياً، فعندما تتصاعد أزمة رصيد الجامعة العربية، كان الشيخ صباح الأحمد واعداً ومنقذاً، كانت فلسفته تعميق العلاقة بين الجامعة والكويت، مدركاً أن ظروف الكويت، التي رافقت عضويتها في الجامعة العربية، تفرض عليها المساهمة لحماية الجامعة العربية، وتأمين سلامتها من النقد، مع استعداده لدعمها عند تعرّضها للجفاف المالي، كما يثني على مساعيها لإزالة الخلافات، خاصة مع تولي محمود رياض مسؤولية الجامعة، فقد كان قريباً منه، عندما كان رياض وزيراً لخارجية مصر، أتذكر تطوّع الشيخ صباح الأحمد، عندما كانت الجامعة العربية تبحث مشروع تحويل نهر الأردن بعيداً عن قبضة اسرائيل، وبرزت مشكلة الدعم لمثل ذلك المشروع، كان الشيخ صباح الأحمد واضحاً في دعم الكويت، مع المساهمة المالية المتوقعة، كما أتذكر فشل المشروع، مع تلاحق الطيران الاسرائيلي في تحطيم التجهيزات، التي أدت الى إخفاق الخطة، مع تساؤل الشيخ صباح الأحمد عن مصير الاموال التي دفعتها بعض الدول، كان الجواب يوحي بالنهاية الحزينة للمشروع، مع تلاشي ما تبقى من رصيد.

كان الشيخ راسماً التوجهات السياسية الخارجية للكويت، ليس منفذاً فقط، وإنما موجهاً واعياً لحقائق الواقع في العلاقات العربية، وراسماً لتوجهات تعميق العلاقات مع الجميع داخل الجامعة العربية وخارجها، وكان مدركاً لضرورات الوضوح في علاقاته مع لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة، وكان يزودها وبشكل متواصل بتطورات العلاقات الكويتية - العربية ومستجداتها، مبيناً نهج الوضوح والصراحة، لاسيما أن أعضاء اللجنة حريصون على معرفة التفاصيل، التي لا يتردد في توفيرها، وفوق ذلك كان واعياً لحساسيات الاعضاء، فيوفر كل متطلباتهم، ويتزين بعرض الوثائق ونسخ التقارير المفيدة، فقد كان دوره يتجاوز مسؤوليات الخارجية، وصولاً الى دوره المثمر في سلم قيادة البلد. كانت أولوياته سلامة الكويت، وضمان موقف عربي صلب، مقتنعاً بأن توفير الإجماع العربي في دعم الكويت يتطلب مشاركته في حل المشاكل العربية، فحرص على مشاركته الشخصية لإيجاد حلول للخلافات، كانت مساعيه واسعة، حاول إيجاد مخرج لمشكلة موريتانيا مع المغرب، والتوسط بين مصر والمملكة العربية السعودية حول اليمن، وملف لبنان وحواراته مع منظمة التحرير الفلسطينية، التي وجدت فيه عربياً غيوراً وشريكاً، كما حرص على تعميق ثقة القيادات العربية بنواياها وتقبلها لجهوده، كان يتحدّث مع الرئيس جمال عبدالناصر بكل وضوح وصراحة، مكرراً دعوته لزيارة الكويت، ويرحب الرئيس جمال عبدالناصر بالدعوة،

مشيراً الى أن الشخص الكويتي الوحيد الذي يعرفه هو د. أحمد الخطيب، ناصحاً الشيخ صباح الأحمد بالتعاون معه، فالحس القومي يجمع بين د. الخطيب والشيخ صباح الأحمد، كانت هذه نصيحة الرئيس جمال عبدالناصر للقيادي الكويتي، الذي كان دائماً منفتحاً لتقبل مشورة الحكماء. لم يكن الشيخ صباح الأحمد مرتاحاً من الموقف الكويتي تجاه الدول العربية، التي لم تنتصر وتساند الكويت في رفض الغزو، وبهدوء أشرف على إعادة العلاقات بين الكويت والدول التي لم تصوت للكويت، كان يكتفي برسالة من رئيس الدولة توجّه للقيادة الكويتية، ليس اعتذاراً، وإنما مشاركة الشعب الكويتي في تحرير بلده، تتمثل في رسالة، والحقيقة أن الشيخ صباح الأحمد لم يكن سعيداً بوجود مقاطعة مع أي طرف عربي، ولأنه حريص على المناخ العربي، شارك اليمن في احتفالات الوحدة عام 1974، وزار القذافي في ليبيا لذكرى الثورة، رغم موقفهما السلبي.


عبدالله بشارة

https://alqabas.com/article/5943412-%D8%B3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%B1%D9%81%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%B5%D8%A8%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF/