المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 21 دقيقة في تقويم «أم القرى» تفجر جدلا بين علماء دين سعوديين



yasmeen
10-29-2005, 06:09 AM
المفتي: التقويم رسمي وشرعي والآراء المشككة في صحته خاطئة

العبيكان: لا يوجد أساس مكتوب لـ«أم القرى»


الرياض: تركي الصهيل


وجه الشيخ عبد المحسن العبيكان عضو مجلس الشورى السعودي والمستشار القضائي في وزارة العدل، رجاءا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بتشكيل لجنة على مستوى عال من المتخصصين في علم الشريعة والفلك ليراجعوا أوقات الصلوات المعتمدة في تقويم أم القرى. وأوضح الشيخ العبيكان في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أن المسؤولين في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والمسؤولين عن تقويم أم القرى، أقروا بوجود خطأ في التقويم، معتبرا إعادة النظر في التقويم، مسألة ليست بالصعبة.

وأشار إلى أن الخطأ الموجود في التقويم لا يقتصر على وقت دخول الفجر فحسب، بل يتعدى ذلك لوجود خطأ بعدة أوقات، منها خروج وقت المغرب قبل أذان العشاء بوقت طويل، ووضع وقت صلاة الظهر في نفس وقت النهي، فضلا عن أن صلاة المغرب، لا يؤذن لها إلا بعد غياب الشمس بحوالي سبع دقائق. وكانت تداعيات كشف الشيخ العبيكان عن وجود خطأ في تقويم أم القرى، مما قد يوقع صلاة المسلمين في حيز البطلان بحسب تعبيره، قد تعالت حدتها، بعد تصريحات لسماحة المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، انتقد فيها الآراء التي تشكك في صحة تقويم أم القرى، وتشير إلى عدم انضباطه في توقيت الإمساك والإفطار في شهر رمضان المبارك، مؤكدا أن «جميع الآراء التي طرحت بهذا الصدد خاطئة ومجانبة للصواب ويجب ألا يٌلتفت إليها؛ لما تسببه من إثارة التشكيك عند المسلمين». وأوضح المفتي في بيان صادر عنه، أن تقويم أم القرى رسمي وشرعي ولا غبار عليه؛ حيث أشرف عليه نخبة من أهل العلم الموثوق في علمهم وأمانتهم، وسار عليه العمل منذ أكثر من 80 عاما وحتى وقتنا الحاضر.

من جانبه قال الشيخ العبيكان: أن اللجنة التي شكلت في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لدراسة مشروع الشفق «الفجر الصادق»، أكدت أنها لم تجد أساسا مكتوبا لتقويم أم القرى ـ بعد البحث والاستقصاء.

وذكر العبيكان في سياق رده: أن اللجنة تمكنت من لقاء معد التقويم سابقا الدكتور فضل نور، الذي أفاد بأنه أعد التقويم بناء على ما ظهر له وليس لديه أي أساس مكتوب، مضيفا، أنه من خلال الحديث مع الدكتور نور ومحاورته تبين أنه لا يميز بين الفجر الكاذب والصادق على وجه دقيق، حيث أعد التقويم على أول إضاءة تجاه الشرق في الغالب، أي على درجة 18، وبعد عشر سنوات قدمه إلى درجة 19 احتياطا.

وكان آل الشيخ أوضح في بيانه، أن سماحة المفتي السابق الشيخ عبد العزيز بن باز، وجه آنذاك بتشكيل لجنة من العلماء والاختصاص للنظر في صحة تقويم أم القرى، وأكدت اللجنة في تقرير رسمي لها صحة تطابق التوقيت مع طلوع الفجر، في الحين الذي أوضح فيه العبيكان، أن اللجنة التي يعول عليها الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، ليس بينها فلكي، حيث كان القرار فيها يعود لمن أسماه بـ«كبيرهم» الذي خرج مرة واحدة، ووضع في باله القناعة بالتقويم، فلم يتحقق، وعندما نوقش من كان معه، قال أحدهم إنه لا يعرف الفجر الصادق من الكاذب على الطبيعة، وأحدهم رجع عن رأي اللجنة بعد أن وقف مع أهل الخبرة لمراقبة الفجر، فاتضح له الخطأ.

ويتابع العبيكان بقوله: «وضحت بعد ذلك لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الأمر، وطلبت منه أن يكلف اللجنة المذكورة بالخروج معنا للتحقق من توقيت التقويم، فوافق، غير أن كبير اللجنة رفض، حتى أنني طلبت منه ذلك شخصيا، فرفض، ما يدل على عدم الحرص على تصحيح الخطأ».

من جانبه شدد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ على ضرورة العمل بتقويم أم القرى وعدم تأخير وقت الإمساك أو الإفطار، معتبرا أن هذا الأمر ليس له ما يبرره.

ومن خلال بيان أصدره الشيخ العبيكان اول من امس، أوضح أن مخالفيه لا يعرفون كيف تم إعداد تقويم أم القرى ولا من قام بإعداده، حيث اكتشف أن من قام بإعداد التقويم هو شخص يدعى الدكتور فضل نور، بعكس ما يدعي مخالفوه من أن التقويم قام بإعداده نخبة من العلماء، موضحا أن الدكتور نور، أفاد اللجنة المشكلة من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لدراسة مشروع الشفق (الفجر الصادق)، أنه أعد التقويم بناء على ما ظهر له وليس لديه أي أساس مكتوب، مفندا بذلك ما ذهب إليه مخالفوه، الذين قال عنهم: «ثم إن هؤلاء الذين يقدسون التقويم في صلاة الفجر، نجدهم يحاربونه في مكان آخر، ولا يعتبرون دقة الحساب في ولادة الهلال، ولا كونه غاب قبل الشمس أو بعدها».

ودلل العبيكان على أن التقويم لم يعد من قبل متخصصين في الشريعة، ولم تشرف عليه مؤسسة دينية، بقوله: إن «الاعتماد على دخول الشهر فيه كان على توقيت غرينتش، وعلى ولادة الهلال منتصف الليل، وهذا لا يقوله عالم بالشريعة، ثم بعد ذلك عدل هذا النهج بعد صدور توصية من مجلس الشورى، فأصبح يعتمد في دخول الشهر على ولادة الهلال، وكونه يغيب بعد الشمس في مكة المكرمة».

وذهب العبيكان في تبيان الفرق بين الفجر الكاذب والآخر الصادق، إلى أن الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية من الإمساك عن الطعام للصائم وابتداء وقت الصلاة هو الفجر الصادق، والمعروف بأنه ضوء الصباح، وهو حمرة الشمس في سواد الليل، ويطلق على أول بياض النهار.

وأبرز العبيكان آراء العلماء في توقيت التقاويم والأذان الثاني قبل صلاة الفجر، ومنها قول شيخ الإسلام ابن تيمية في جواب له على سؤال من أكل بعد أذان الصبح في رمضان بقوله «أما إذا كان المؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر، كما كان بلال يؤذن قبل طلوع الفجر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكما يؤذن المؤذنون في دمشق وغيرها قبل طلوع الفجر، فلا بأس بالأكل والشرب بعد ذلك بزمن يسير»، وكما قال ابن حجر «من البدع المنكرة ما أحدث هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعما ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة ولا يعلم بذلك إلا آحاد الناس»، مشيرا إلى أن نظير ذلك ما يحصل الآن في الوقت الحاضر، فإن معظم التقاويم تدخل وقت صلاة الفجر قبل الوقت الشرعي، ومنها تقويم أم القرى.

وأورد العبيكان ما قاله الشيخ محمد بن عثيمين: «بالنسبة لصلاة الفجر فالمعروف أن التوقيت الذي يعرفه الناس ليس بصحيح، فالتوقيت مقدم على الوقت بخمس دقائق على أقل تقدير، وبعض الإخوان خرجوا إلى البر فوجدوا أن الفرق بين التوقيت الذي بأيدي الناس وبين طلوع الفجر نحو ثلث ساعة، فالمسألة خطيرة جدا، ولهذا لا ينبغي للإنسان في صلاة الفجر أن يبادر في إقامة الصلاة، وليتأخر نحو ثلث ساعة أو 25 دقيقة حتى يتيقن أن الفجر قد حضر وقته».

وذكر العبيكان في بيانه المفاسد المترتبة على تقديم وقت أذان الفجر، ومنها قيام بعض المساجد وخاصة التي على الطرقات بالصلاة قبل دخول الوقت، وكذلك المساجد في رمضان، حيث يصلي كثير منهم بعد عشر دقائق من الأذان، وصلاة المرضى وكبار السن في البيوت، وممن يسهر إلى الفجر بعد الأذان مباشرة، وصلاة النساء في البيوت حيث يصلي أكثرهن بعد الأذان مباشرة، ومبادرة أكثر المصلين بأداء سنة الفجر فور دخوله المسجد، وبذلك يكون قد صلى سنة الفجر قبل وقتها، والتبكير في السحور، وهذا مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفضلا عن الناس في المطارات وعلى الطائرات والذين قد يؤدون الصلاة عند دخول أول الوقت حسب التقويم، وطهارة الحائض والنفساء بعد وقت التقويم بوقت قصير، وعدم تمكينها من الصيام في ذلك اليوم، وغيرها من المفاسد التي لو وجدت واحدة منها لكانت كافية لتعديل التقويم، فكيف إذا اجتمعت. ولفت العبيكان إلى أن الخلاصة التي خرجت بها اللجنة المشكلة من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والتي جاء فيها: «من خلال الرصد الميداني لمدة عام كامل لتحديد بداية الفجر الصادق «الشفق الشرعي» في منطقة الرصد، تبين أنه ينضبط باستخدام المعيار الفلكي عندما تكون الشمس تحت الأفق بمقدار 14,6 درجة قوسية وانحراف معياري بمقدار 0,3 درجة قوسية، ما يعني قرابة 21 دقيقة عن تقويم أم القرى، تزيد قليلا أو تنقص. كما ظهر للجنة بعد البحث والاستقصاء أن سبب الإشكالية في التقويم هو اشتباه الفجر الكاذب بالصادق عند من قام بإعداده».