المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلاقة بين شذوذ القسسين.. وضرورة الأمامة الأجتماعية



العقيلي
08-05-2003, 11:14 PM
العلاقة بين شذوذ القسسين.. وضرورة الأمامة الأجتماعية

من يعيش هذه الأيام يرى عجباً. فالأخبار تتحدث هذه عن قسسة شواذ جنسياً، يقيمون القداس ويؤمنون بالله ويسوع، ويلبسون لباساً مقدساً، ويعملون في الكنائس. وهذا جزء من فضائح أخذت مأخذاً من النقاش وتبادل الآراء في بريطانيا والولايات المتحدة. هذا جزء، أما الجزء الآخر فهي الخطوات التي قامت بها أخيراً بلجيكا ونيوزيلندا بأعتبار أقدم مهنة في التاريخ مهنةً معترفاً بها، تدفع اللواتي يعملن بها الضرائب ويستحصلن موافقات رسمية وينظر اليهن القانون على انهن مواطنات "شريفات وصالحات" يؤدين ما عليهن من واجبات تجاه المجتمع.

ولأن هذه الحكومات الديمقراطية "شريفة" فأنها بهذه الخطوة سوف تستحصل من خلال السماح القانوني بممارسة هذه المهنة مليارات الدولارات، والأمر بكل بساطة ان هذه الصناعة صناعة رائجة وتدر لوحدها 50 مليون يورو سنوياً في بلجيكا فقط. أما في بريطانيا فتقول الأحصائيات ان هذه الصناعة تدر ملياراً وربع المليار دولار سنوياً.

الخبر الأخير يتعلق برفع أحد القسسة الدانماركيين دعوى قضائية ضد الكنيسة التي يعمل بها، لأنه هدد بالفصل بسبب عدم اعتقاده بوجود الله. وكانت حيثيات هذه الدعوى تقول بأن هذا الرجل كقس كان يؤدي عمله بكل كفاءة وبمهنية عالية من تعميد الأطفال أو قراءة القداس على الميت او أداء الصلوات في المناسبات وأعطاء النصح والأرشاد الروحي للمؤمنين.

هذه الأخبار التي أقتطفتها أردت ان استعملها كمدخل للرد على أحدهم الذي تحدث عن أنتفاء وجود شيئ أسمه أمام، يكون معصوماً ,معيناً من الله...و.... أنني لا أريد ان اتدخل فيما يعتقده الرجل، لأن عدم أعتقاده بالأمامة والأئمة لا تخرجه من الدين، ولكن أردت أن اوجه النظرالى ما يمكن أن يحدث في أي دين بعد ان يفتقد النبي- الأنسان الذي يتصل مباشرةً بالسماء؟
الذي يحدث هو انه تحدث اجتهادات وتمايزات ويتحرك كل شق في المجتمع بشكله العشائري أو القومي او العلمي او الأقتصادي أو العسكري الى طرف يشد باقي أجزاء المجتمع بأتجاهه مدعياً أنه المرجعية الحقيقية. ولأن النبي الذي مات كان هو الحجة، وهو الأساس وهو الأصل الذي يرجع أليه المجتمع. أي أن النبي هو المرجعية المطلقة التي أرتبطت بالسماء وشكّلت قواعد وضوابط سلوك المجتمع بشكل أخلاقي أنساني حضاري بدّل المجتمع من وضع عبثي جاهلي الى وضع أنساني متكامل. , وبفقدان النبي تبدأ هذه القوى بالعمل على جر المجتمع باتجاهها على انها هي المرجعية البديلة.
أعود الى وضع التجاذبات الأجتماعية التي تحدث بعد أنقطاع الأتصال المباشر بالسماء، وما يمكن ان تحدثه هذه التجاذبات في تدمير أو انهاء البناء الذي صنعته الرسالة. ما هو الذي يضمن عدم حصول حالات انحرافية كبرى تنهي الدين والرسالة من أصلها خاصةً مع تأصل هذه التجاذبات أجتماعياً وتحولها الى أديان في الدين الواحد مع مرور الزمن. استطيع أن أزعم ان الأمام يقوم بهذا الدور. أن الأنسان بأختلاف انتماءاته الأجتماعية والثقافية والجغرافية يبحث عن المثل الأعلى، عن الواقع المثالي المتحرك الذي يعيش معه ويأكل معه ويتحدث لغته. وأذا فقد هذا المثل الأعلى"الأنسان" فأن النظرية والقانون لن تستطيع الأستمرار مهما كان نبل وعظم وأنسانية هذا القانون أو تلك النظرية . وعندما نراجع بعض الظواهر الأجتماعية التاريخية نستطيع ان نفهم كيف أن المصلحين في التاريخ كانوا هم المحور لذه الرسالات، وكان الأنسان الصالح هو الذي يلتف حول هؤلاء المصلحين. وربما كان أحد أهداف هؤلاء المصلحين هو خلق الصالحين في المجتمع، وخلق الأنسان الصالح في هذا المجتمع. أننا نرى كيف أن شخصيات مثل الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم كانت أسلاماً يتحرك على شكل أنسان وكان المسلمون يتحلقون به ويطيعونه-أرادياً- لأنه الرسالة التي تشكلت بشكل انسان. وهكذا كان الأمر مع الأمام علي عليه السلام. ونستطيع ان نورد ألوف الأمثلة على حاجة المجتمعات البشرية، كل المجتمعات على وجود المثل الأعلى "الأنسان". واذا فقد هذا المثل الأعلى فأن هذه المجتمعات ستتوجه وبشكل يساوي السقوط نحو مسح القيم الأصيلة الصحيحة وأستبدالها بقيم "الشيطان". أي تحول قيم الأنسان وكرامته الى قيم الشيطان التي تؤدي بالأنسان الى الرذيلة والهوان.


قد يسأل السائل ما هي الفائدة التي جنتها الأمة من وجدود الأمامة كخط مكمل لخط النبوة. أذ اننا رغم وجود الأئمة الا اننا نلاحظ أن انحرافاً بدأ ومايزال ينخر في الأمة. ورداً على هذا الزعم نستطيع أن نرد ان الأمام بعصمته وبظاهرته الأنسانية التي تأخذ بعد المثل الأعلى في ديناميكية المجتمع استمر يكبح المجتمع من ان يتيه في طرق تأخذه يسرة ويمنة في حالات الأنزلاق. الأمام الأنسان يكون هو الضمير الأجتماعي الذي يؤنب ويلوم ويصحو عندما تختل و تتقلب بوصلة القيم في كافة الأتجاهات. أما سوء استغلال القانون والخطأ في تطبيقاته فليس عيب القانون أنما هو عيب في من يمارسون الجريمة.