المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العقيق بالمدينة المنورة.. واد مبارك تنافس الصحابة والخلفاء للإقامة على ضفافه



فاطمي
10-27-2005, 08:55 AM
المدينة المنورة: علي العمري


يعد «وادي العقيق» جزءا أصيلا من تاريخ وحاضر المدينة المنورة ورد ذكره في الكثير من الكتب التاريخية والجغرافية والتي رصدت الجوانب الثقافية والاجتماعية لطيبة الطيبة قديما وقد ورد في صحيح البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله (العقيق واد مبارك).

ويشق وادي العقيق بدايته من حدود الطائف ويعد من اطول اودية الحجاز ويأخذ العقيق اعلى مساقط مياهه من قرب وادي الفرع 150 كلم جنوباً ثم ينحدر شمالا بين الحرار شرقا وسلسلة جبال قدس غربا حيث ترفده فيسمى (النقيع) وعندما يقرب من ابيار الماشي يسمى عقيق (الحسا) الى ان يصل ابار علي بذي الحليفة فيسمى العقيق وينتهي ميماه مجراه في الغابة اذا اجتمع بوادي بطحان ثم قناة وسمي عقيقا لان سيله عق في الحره اي شق وقطع وقيل سمي بذلك لحمرة موضعه. وقد ورد في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم: اتاني من ربي عزوجل فقال (صل في هذا الوادي المبارك).

ويسيل وادي العقيق في الشتاء مثل نهر كبير، وفي السنوات التي تكثر فيها الأمطار تظل المياه فيه عدة أشهر. وتدل الكتابات التاريخية أنه كان في بعض العصور أشبه بنهر دائم الجريان وامتاز الوادي بصفاء هوائه وعذوبة مائه ولين ترابه وخصوبة أرضه فكان لذلك مطمع أنظار الخلفاء والأغنياء والوجهاء وكان أن قامت على ضفافه في العصر الأموي وشطر من العصر العباسي قصور كثيرة وعلى ضفافه ومن أشهرها قصر عروة بن الزبير وقصر سعيد بن العاص وقصر مروان بن الحكم وقصر سعد بن أبي وقاص وقصر عروة، وقصر سكينة بنت الحسين وغيرها كثير وتزاحم الميسورون على قطع الأراضي بجانبيه حتى لم يعد فيه موضع لمزيد من البناء، وما زالت بعض الآثار قائمة حتى الآن.

ونشأت بالقرب منه مزارع خصبة تغطيها أشجار النخيل وشتلات الخضراوات والفاكهة فضلاً عن الحدائق التابعة للقصور القائمة فيه لذلك ولنا أن نتصور منطقة العقيق في فترة ازدهارها مساحة خضراء يتخللها مسيل مائي واسع شبه متعرج فيها أشجار النخيل والفاكهة. وصفها وتغنى بها كثير من الشعراء والأدباء ومن ذلك قول الشاعر «ولقد أتيت إلى العقيق فشاقني عين بها روض النعيم منعم فلأهلها من اجلها انا مكرم ولاجل عين الف عين تكرم» ومما سجل التاريخ الأدبي ما قالته الخنساء في رثاء اخيها صخر بعد قتله في العقيق «افيضي من دموعك واستفيضي وصبرا ان اطقت ولن تطيقي وقولي ان خير بني سليم وغيرهم ببطحاء العقيق».

انتهت عندما تقلصت المدينة في القرن الهجري الثالث وهجرت القصور وتهدمت. وتصف المصادر التاريخية مياهه ومياه الآبار فيه بالعذوبة، ولذا يتزود منها أهل المدينة والمسافرون إليها، ومن أشهر آباره بئر عروة، وفي التاريخ الحديث كان يمر خط سكة حديد الحجاز على جسر يصل ضفتي الوادي كما بني عليه القصر الملكي، وعلى ضفته بني مطار المدينة أول المطارات وكذلك الأرض التي كانت مطارا في أيام الأتراك تهبط فيها الطائرات العثمانية العسكرية التي تحمل الباشاوات، وبقي هذا المطار حتى نقل الى موقعه الحالي شرق المدينة.

وهو حالياً يمثل الممر المائي لأشهر الأودية انتشرت على ضفتيه الوحدات السكنية ويقع عليه سدان هما سد عروة والآخر سد الغابة.