المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين السعدون و«الشهيد» ثأر يدفع الفهد ثمن تصفيته



yasmeen
10-27-2005, 02:05 AM
كتب جمعة جاسم العلي

الأب هزم الرئيس السابق سياسيا ....والابن أضناه سياسيا

في 1986، اقدم وزير الشؤون الاجتماعية والعمل حينذاك خالد الجميعان على حل اتحاد كرة القدم برئاسة الشهيد فهد الاحمد، وأتى بمجلس معين أرقص النائب أحمد السعدون طربا، واعتبر نفسه منتصرا من غير معركة يخوضها، أو سهم يطلقه في وجه من تغنّى في الدواوين بدحرهم، والحكاية كلها لم تتجاوز أن المجلس «المفروض» هو امتداد لفترة تبوأ فيها أبو عبدالعزيز سدة رئاسة اتحاد الكرة دشنها في 1968، مرورا بمنصب نائب رئيس الاتحاد الآسيوي، وعضو اللجنة التنفيذية للاتحاد العربي.

في ذلك الزمان، كان رئيس مجلس الامة السابق في زهوة مجده، وطاف في بحور الخيال نشوة أعادته الى أيام خوالٍ، كان فيها فارسا رياضيا، لا كلمة لأحد بعد قوله، ولا رأي بعد نهجه، قبل أن يصبح نسيا منسيا، يوم برز نجم الشهيد، ليسحب البساط من تحت قدميه، ويقود الرياضة الكويتية، فيحجزه ومن معه في مقاعد الاحتياط، فلا يكاد يذكرون.

غير أن الستارة فتحت، ليبصر الكويتيون عرضا حيا تفاصيله: «كم هي الشخصانية تسيّر المرء في أحايين، وكم هو الثأر يعيش حيا,,, ان لم يدفعه الآباء، فالأبناء أولى بدفعه» وهكذا السعدون وفهد الأحمد، رحل «أبو احمد» شهيدا، لم يأخذ منه خصمه ما نوى، فكان على أحمد الوزير حساب الفاتورة، ولا بأس بأشقائه عذبي وطلال وخالد وضاري ان كان بضربهم عطش يُروى، ونار تُطفى.

فَحَلْقُ أبو عبدالعزيز أضناه الظمأ منذ الثمانينات، ولا ضير ان يلامس عنان السماء جفافا في جلسة شهيرة تسجلها محاضر مجلس الامة 1986، ترك فيها منصة الرئاسة حيث كان كرسي «يبيع الدنيا من أجله» ليمتطي صهوة الكلمة، ويتأبط قواميس اللغة، فلا يترك شاردة ولا واردة إلا وقالها بحق الشهيد متهما «فقيد دسمان» بخيانة الكويت حينما أبلغ «الثاني» الاتحاد الدولي لكرة القدم بمراسلات عدم شرعية الاتحاد المعين,,, رغم أن السعدون ما رحب يوما بمجلس يمهر قرار تشكيله بتوقيع وزير، ولم يَسر في طريق مسؤول فرمل حركة انتخابات، غير أن الاستثناء مُرحب به، والضرورات تبيح المحظورات في شريعة السعدون «ان كان في القصة مصلحة,,, والنهاية ثمرة تُقتطف تخدم غايات شخصية».

فهذا سيناريو السعدون في 1992، عندما هرول خلف النواب من ديوانية جاسم العون في كيفان الى مشاورات عند ناصر الصانع في الروضة، ليحسم منصب الرئاسة لمصلحته ضاربا بعرض الحائط احتجاجات عبدالعزيز العدساني على فعله، بينما اليوم لا يقر لقاءات يحتضنها جاسم الخرافي خارج مبنى البرلمان، وينفر سنّة مأدبته لجمع السلطتين، حتى وان تفنن في التناقض، ليكون اول الحضور الى مأدبة مشابهة يقيمها الشيخ صباح الاحمد.

ليس غريبا هذا على «فارس الخالدية»، فهزيمته النكراء في يوليو 1999، وقبلها هزائم عدة ترسم سيناريو فكره، وتبديه شفافا امام مراقبيه,,, ولما كان يدرك مدى تخبطٍ أضناه، وتعثّر خطواته بين ليبراليين خَبروا فيه الانتهازية واسلاميين شعروا بعبء ثقله، بدا مضطرا الى البحث عن ضالة تعيد اليه بريقه، وترفعه الى مواقع هجرها منذ زمن,,, وليست ضالة هنا أجدى له من ابن غريمه الشهيد,,, الشيخ أحمد الفهد، بعدما لم يعهد من حوله من يشد ازره في بلوغ غايته,,, فالليبراليون هم في العدد قليل، والكتلة الشعبية خطوة معه وخطوات «لسنا معك»,,, والمستقلون منه براء.

لكن المرء قد يتغافل لحظة، فلا ينسب للسعدون «التصفية الشخصية» في مواجهة الفهد، فيبرر فعله بمنصب سياسي يتولاه وزير الطاقة يضعه في بؤرة الضوء، وتأثير شعبي له في رسم صورة مجلس الامة تدمي معارضيه وتقلب مواجعهم,,, بيد ان هذا ينقلب رأسا على عقب عند تدبر معاني أسئلة وانتقادات يطلقها «أبو عبدالعزيز» بحق خصمه الوزير,,, لنستشف منها ما يعاكس درب تصريحاته، ويكشف ان في النفس شيء ما.

ففي الأيام القليلة الماضية، ظن السعدون انه عثر على ما يدمي الفهد,,, فبعدما سبح في بحر الأرقام، وعاش فنون العَوْم باتهامات صم فيها الاذان في مؤتمر صحافي عقده لوأد مشروع حقول الشمال - ردها في نحره زملاء له استهجنوا ما نطق به - رأى نفسه أنه صاد الذئب من ذيله، بسؤاله وزير الداخلية عن شحنة الطائرة الخاصة من الصقور «تجاوزت الاجراءات الرسمية البيطرية وخرجت من دون حسيب أو رقيب»,,, والواقع أن السعدون لم يصد الذئب ولم يتراءى له اصلا، وهو في ظنه ان «شحنة الصقور تعود ملكيتها الى احمد الفهد، وهو من دخل قاعة التشريفات في المطار لاستقبال ركاب الطائرة»,,, وما ظنه إلا اضغاث احلام أوشى بها احدهم، فلم يتوان السعدون عن تصديقها ما دامت تؤرق الفهد.

والحال نفسه تساؤلات بدت فجأة تثير شكوكا بدستورية تبوؤ الفهد منصبه كوزير «حينما قدم نفسه في قضية تجارية امام محكمة الافلاس كعاجز عن دفع دين كبير مستحق عليه بعد افلاس شركة كان احد شركائها»,,, ولب الحقيقة تشع ان الفهد سوّى مديونيته واغلق ملف دينه، وليس له ارتباط مع الافلاس، وجلوسه على كرسي الوزارة دستوري» إلا اذا اراد من زرع في قلبه وسواس نقيض هذا.

لكن «ابو عبدالعزيز» مضى في غيّه سريعا بسؤاله الجديد للفهد عن «الاجراءات لإلزام شركة الزيت العربية بتوثيق دين عليها قيمته 3 مليارات و939 مليونا و700 الف دولار» مغلقا جفنيه مخفيا حقيقة عهدها تكشف ان ما سأل عنه يعود الى ايام الحرب العراقية - الايرانية،,,, ووقتذاك كانت فترة توأمة يحياها السعدون مع سدة الرئاسة، فلا ذنب ارتكبته الحكومة والشركة كما يراه راهنا، ولا تحمرّ وجنتاه خجلا من سؤال، ميلادُ حكايته فترة كان فيها الفهد طالبا على مقاعد الجامعة بينما السعدون يجلس امام الديكتاتور صدام حسين مهنئا بنجاح انتخابات صورية للمجلس الوطني العراقي, غير ان رغبته الشخصية في تصيد الشاردة والواردة للفهد هي ما دفعته الى احياء شيء انتهت منه الحكومة وطوت صفحة خطواتها فيه، وهي اجراءات ربما السعدون غض الطرف عنها موقتا، لعله يعثر في خفاياها على ما يوصله الى اطلاق شرار جديد في وجه خصمه وزير الطاقة، وفق قاعدة «العيار اللي ما يصيب يدوش».

بيد ان السعدون دوش رأسه، وادمى من احبوه، واصاب من كان لهم قدوة، فالمحبة تضاءلت امام شخصانية تكبر، والقدوة انهارت امام قيم ينتهكها المثال، ولم يبق إلا القول: «سرّع الله في حلول 2007، فربما يطوي سيرة هرم غدا قزما، او يقنع الرئيس السابق بالتنحي، فيفسح المجال لغيره، ليحفظ ما تبقى من مجد يكاد يمحى».

المراسل
11-01-2005, 06:12 PM
كلام عجيب ...عجيب ...عجيب redred