زوربا
10-26-2005, 04:16 PM
الزمان - بقلم: علي ضياء الدين
ما أسعدنا لو كنا نتلقف السنن الحسنة بنفس السرعة والحماسة التي نتلقف السيئة منها. أية درجة من السمو والرفعة والرقي كنا قد بلغناها لو أننا فقط التقطنا الصالح ونحينا الطالح ، وما أيسر التمييز بين الأثنين ؟ ولكننا مولعون بتبذير الوقت والجهد والمال، ومولعون كذلك بتعذيب أنفسنا وحرق أعصابنا، ثم اننا مولعون أكثر من أي شيء آخر بخلق الأعذار والدفاع عن أي خطأ اقترفناه ونعلم أنه خطأ ، ليس بعد أن نقع فيه فقط ، ولكن حتي قبل ذلك أيضا .
كلنا نتحدث بأستهجان عن المستوي البشع من الطمع الذي وصلت اليه ظاهرة " الدروس الخصوصية " وننظر اليها بوصفها آفة ، من بين مئات الآفات التي ابتلينا بها. بعضها صناعة أجنبية صرفة، وبعضها صناعة محلية قائمة علي أستنساخ وتقليد نموذج أجنبي.
و " الدروس الخصوصية " من هذا الصنف الثاني الذي لفتت أنظارنا اليه الأفلام المصرية، علي ما أعتقد، منذ عقدين من الزمن فتحولت تدريجيا، منذ ذلك الوقت، من كونها تجارة متواضعة تحبو علي أربع الي تجارة من العيار الثقيل تقف علي ساقين قويتين راسختين في الأرض رسوخ الجبال. فكيف ولماذا أزدهر هذا النوع من التجارة غير الخاضع لمعايير الأشراف التربوي ؟
ينشأ هذا الضرب من النشاط، كأي نشاط مماثل آخر، نتيجة اختلال يصيب ميزان العملية التربوية. فالمدرس، ببساطة، لايبذل داخل صفه المدرسي من الجهد مايطمئن الطالب الي سلامة الأداء المطلوب منه في الأمتحانات وما يضمن حصوله علي المعدل الذي يطمح اليه. ولا يجد هذا الطالب، أمام هذا الواقع، سوي اللجوء الي طلب الدرس الخصوصي حيث سيجد هنا ضالته ومبتغاه.
فالمدرس يبذل مع مجاميعه الخاصة من الجهد والمثابرة والمتابعة ما لايبذل جزءا منه داخل صفه المدرسي. وعندئذ يكون من الطبيعي أن تؤتي تلك الجهود ثمارها المرجوة عندما يحصل الطالب علي الدرجات العالية المطلوبة .
من هنا تنشأ لدي طالب المدرسة، ثم لدي أولياء الأمور، قناعة نهائية بأن الدرس الخصوصي هو مفتاح الوصول الي الطب والهندسة فلماذا لايضحون بالمال من اجل هذا الهدف الكبير ؟ وهنا يبدأ " الدرس الخصوصي " كأي نشاط تجاري آخر، يخضع لعوامل السوق.
فالأجور ترتفع كلما زاد الطلب. وما دام الطلب موجودا، بتأثير العامل النفسي الذي ألمحنا اليه، فأن الأجور سترتفع وستأخذ بعدا غير طبيعي سنة بعد اخري، وستتحول هذه التجارة الي تجارة مصنفة وفق معايير يحددها أسم المدرس والمدرسة التي يدّرس فيها وسنوات خدمته والنتائج التي حققها في سني خدمته.
ومن هنا نري الأساس في تفاوت الأجور. فهناك المدرس المستجد علي هذا النشاط نراه يكتفي بـ100 ألف دينار ولكن المدرس المخضرم لايقبل بأجر أقل من 250 ألف دينار. ولك أن تتصور ما يمكن أن يقدم عليه أي شخص أمام فرص مغرية كهذه؟ يبدأ المدرس بالأستقطاع من وقت المحاضرة، ويتغافل عن الحد الأعلي من الطلاب الذين يمكن له ان يعطيهم أفضل مالديه .
ثم لك ان تتصور ايضا ماالذي يتبقي من قوة وقدرة هذا الكائن الذي يدور في حلقات متتالية من الطلاب منذ الصباح الباكر وحتي غروب الشمس او ربما الي وقت متأخر من الليل. (ثمة مدرسون تتألف حلقات طلابهم من10 - 12 طالبا، ويستقبلون يوميا مابين 6 - 8 حلقات )!!
هذه مشكلة مترسخة ولكن لابد من ايجاد الحلول اللازمة لها. فلا يمكن ان يبقي الطلاب الذين ليس بمقدور اولياء امورهم تحمل نفقات باهظة ضحية معادلة ظالمة كهذه. كما ولا يمكن لحق الصف المدرسي ان يهدر بهذه الطريقة .
تقع علي وزارة التربية المسؤولية الأكبر في معالجة هذه الظاهرة المؤذية والمستشرية بوضع المعايير والضوابط التي تضمن حق الدولة في جهود موظفيها وحقها في مقاضاتهم اذا ما اخلوا بواجباتهم تجاهها . ويتوجب علي الوزارة، من ناحية ثانية، ان تفعل حوافز مالية قيمة للأداء الجيد المميز الذي يقوم به المدرس اضافة الي المغريات الأخري التي تراها الوزارة.
ما أسعدنا لو كنا نتلقف السنن الحسنة بنفس السرعة والحماسة التي نتلقف السيئة منها. أية درجة من السمو والرفعة والرقي كنا قد بلغناها لو أننا فقط التقطنا الصالح ونحينا الطالح ، وما أيسر التمييز بين الأثنين ؟ ولكننا مولعون بتبذير الوقت والجهد والمال، ومولعون كذلك بتعذيب أنفسنا وحرق أعصابنا، ثم اننا مولعون أكثر من أي شيء آخر بخلق الأعذار والدفاع عن أي خطأ اقترفناه ونعلم أنه خطأ ، ليس بعد أن نقع فيه فقط ، ولكن حتي قبل ذلك أيضا .
كلنا نتحدث بأستهجان عن المستوي البشع من الطمع الذي وصلت اليه ظاهرة " الدروس الخصوصية " وننظر اليها بوصفها آفة ، من بين مئات الآفات التي ابتلينا بها. بعضها صناعة أجنبية صرفة، وبعضها صناعة محلية قائمة علي أستنساخ وتقليد نموذج أجنبي.
و " الدروس الخصوصية " من هذا الصنف الثاني الذي لفتت أنظارنا اليه الأفلام المصرية، علي ما أعتقد، منذ عقدين من الزمن فتحولت تدريجيا، منذ ذلك الوقت، من كونها تجارة متواضعة تحبو علي أربع الي تجارة من العيار الثقيل تقف علي ساقين قويتين راسختين في الأرض رسوخ الجبال. فكيف ولماذا أزدهر هذا النوع من التجارة غير الخاضع لمعايير الأشراف التربوي ؟
ينشأ هذا الضرب من النشاط، كأي نشاط مماثل آخر، نتيجة اختلال يصيب ميزان العملية التربوية. فالمدرس، ببساطة، لايبذل داخل صفه المدرسي من الجهد مايطمئن الطالب الي سلامة الأداء المطلوب منه في الأمتحانات وما يضمن حصوله علي المعدل الذي يطمح اليه. ولا يجد هذا الطالب، أمام هذا الواقع، سوي اللجوء الي طلب الدرس الخصوصي حيث سيجد هنا ضالته ومبتغاه.
فالمدرس يبذل مع مجاميعه الخاصة من الجهد والمثابرة والمتابعة ما لايبذل جزءا منه داخل صفه المدرسي. وعندئذ يكون من الطبيعي أن تؤتي تلك الجهود ثمارها المرجوة عندما يحصل الطالب علي الدرجات العالية المطلوبة .
من هنا تنشأ لدي طالب المدرسة، ثم لدي أولياء الأمور، قناعة نهائية بأن الدرس الخصوصي هو مفتاح الوصول الي الطب والهندسة فلماذا لايضحون بالمال من اجل هذا الهدف الكبير ؟ وهنا يبدأ " الدرس الخصوصي " كأي نشاط تجاري آخر، يخضع لعوامل السوق.
فالأجور ترتفع كلما زاد الطلب. وما دام الطلب موجودا، بتأثير العامل النفسي الذي ألمحنا اليه، فأن الأجور سترتفع وستأخذ بعدا غير طبيعي سنة بعد اخري، وستتحول هذه التجارة الي تجارة مصنفة وفق معايير يحددها أسم المدرس والمدرسة التي يدّرس فيها وسنوات خدمته والنتائج التي حققها في سني خدمته.
ومن هنا نري الأساس في تفاوت الأجور. فهناك المدرس المستجد علي هذا النشاط نراه يكتفي بـ100 ألف دينار ولكن المدرس المخضرم لايقبل بأجر أقل من 250 ألف دينار. ولك أن تتصور ما يمكن أن يقدم عليه أي شخص أمام فرص مغرية كهذه؟ يبدأ المدرس بالأستقطاع من وقت المحاضرة، ويتغافل عن الحد الأعلي من الطلاب الذين يمكن له ان يعطيهم أفضل مالديه .
ثم لك ان تتصور ايضا ماالذي يتبقي من قوة وقدرة هذا الكائن الذي يدور في حلقات متتالية من الطلاب منذ الصباح الباكر وحتي غروب الشمس او ربما الي وقت متأخر من الليل. (ثمة مدرسون تتألف حلقات طلابهم من10 - 12 طالبا، ويستقبلون يوميا مابين 6 - 8 حلقات )!!
هذه مشكلة مترسخة ولكن لابد من ايجاد الحلول اللازمة لها. فلا يمكن ان يبقي الطلاب الذين ليس بمقدور اولياء امورهم تحمل نفقات باهظة ضحية معادلة ظالمة كهذه. كما ولا يمكن لحق الصف المدرسي ان يهدر بهذه الطريقة .
تقع علي وزارة التربية المسؤولية الأكبر في معالجة هذه الظاهرة المؤذية والمستشرية بوضع المعايير والضوابط التي تضمن حق الدولة في جهود موظفيها وحقها في مقاضاتهم اذا ما اخلوا بواجباتهم تجاهها . ويتوجب علي الوزارة، من ناحية ثانية، ان تفعل حوافز مالية قيمة للأداء الجيد المميز الذي يقوم به المدرس اضافة الي المغريات الأخري التي تراها الوزارة.