المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحزب الحاكم بالجزائر يمهد لتعديل دستوري يبقي بوتفليقة بالحكم



دشتى
10-26-2005, 07:32 AM
البلاد تتجه إلى اعتماد النظام الرئاسي


تعديل الدستور لصالح بوتفليقة يثير خلافا بين بلخادم وأويحيى

الجزائر- رمضان بلعمري

أطلق حزب جبهة التحرير الوطني "الحزب الحاكم" في الجزائر والذي يرأسه شرفيا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ويتولى أمانته العامة وزير الدولة عبد العزيز بلخادم، الأسبوع الماضي لجنة عمل على مستوى قيادة الحزب مهمتها صياغة مقترحات لتعديل الدستور الحالي وهي الخطوة ينظر إليها في دوائر سياسية جزائرية على أنها محاولة جادة لضمان فترة رئاسية ثالثة للرئيس بوتفليقة، في ظل رفض صريح لرئيس الحكومة والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحي لفكرة التعديل على الأقل في الوقت الراهن.

وقد برزت فكرة تعديل الدستور منذ أشهر عديدة لكنها أصبحت رهانا سياسيا عقب الفراغ من الاستفتاء في سبتمبر/ ايلول الماضي وبعد تراجع الرئيس بوتفليقة عن مشروعه الأول حول العفو الشامل واستبداله بميثاق السلم والمصالحة الوطنية، حيث يرى المحللون أن بوتفليقة أجلّ مشروع العفو الشامل إلى الفترة الرئاسية الثالثة التي تبدأ في 2009 إذا تم تعديل الدستور.

وقد لاحظ الرأي العام المحلي في الجزائر ذلك السجال السياسي بين كل من الوزير بلخادم الممثل الشخصي للرئيس بوتفليقة وأحمد أويحي رئيس الحكومة على صفحات الجرائد رغم أنهما يمثلان طرفين أساسيين في "التحالف الرئاسي" إضافة إلى الطرف الثالث وهو الحزب الإسلامي (حركة مجتمع السلم).

وكان هذا التحالف يمثل مبادرة سياسية هامة من بوتفليقة لضمان ولاء أكبر أمام أحزاب المعارضة سواء في الساحة السياسية أو في البرلمان، و قد اتضح الشقاق بين بلخادم وأويحي في مسألة تعديل الدستور أيضا عندما كانا ينشطان معا الحملة الانتخابية لإنجاح مشروع الرئيس حول السلم والمصالحة – في مفارقة غريبة- حيث شدد الأول أمام إطارات "الأفلان "(جبهة التحرير الوطني) أن تعديل الدستور يعد من أولويات الحزب في المرحلة القادمة، في الوقت الذي رد عليه الثاني في تجمع آخر بأن الوقت لم يحن بعد لمناقشة المسألة!

و لم ينتظر الجزائريون طويلا ليفهموا أن الأمر له علاقة بانتخابات الرئاسة لعام 2009 حتى وإن كان رئيس الحكومة الحالي له من الحنكة السياسية ما يغنيه عن الدخول في منافسة بوتفليقة قبل الموعد بأكثر من ثلاث سنوات وهو يعلم مصير رئيس الحكومة السابق علي بن فليس حين أقاله بوتفليقة من الحكومة بعد ثلاث سنوات كاملة من العمل معا بمجرد أن كشف عن نواياه السياسية في استخلافه في "قصر المرادية"(قصر رئاسة الجمهورية).

لكن المراقبين لا يغفلون قوة أويحي و نفوذه في بعض دوائر الحكم بالقدر الذي جعل بوتفليقة يقبل به رئيسا لحكومة "تكنوقراط" أوكلت لها مهمة تحضير الانتخابات الرئاسية الماضية في أبريل 2004م رغم أن الأغلبية البرلمانية كانت بيد (الأفلان) التي يفترض أن تختار رئيسا للحكومة منها و ليس من حزب السيد أحمد أويحي.

وعند هذا المستوى ظهر الخلل في النظام السياسي؛ فلا هو برلماني يعطي للحزب الحائز على الأغلبية الحق في اختيار رئيس الحكومة من إطاراته و لا هو رئاسي يعطي الحق لرئيس الجمهورية في تعيين رئيس حكومته ويغلق على نفسه باب اللغط الدائر حاليا بين "الأفلان" و "الأرندي" حول من له أحقية رئاسة الحكومة.

وأمام هذه "الظاهرة الجزائرية "في الحكم يبدو الحديث عن تعديل الدستور في إطاره المقبول لولا أن المراقبين يرون أن التحفظ على تعديله يرجع إلى الخوف من أن يتحول إلى "تقليعة " يقدم عليها كل رئيس جمهورية جديد.

وفي ذاكرة الجزائريين القريبة منذ عام 1989 التي شهدت انهيار المعسكر الشرقي حيث كانت الجزائر تدور في فلكه عرف دستور البلاد تعديلين اثنين في سبع سنوات فقط الأول كان في فبراير 1989 في عهد الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد و الثاني جاء عهد الرئيس السابق الأمين زروال عام 1996م، وبينما فتح الدستور الأول الباب واسعا أمام التعددية السياسية والإعلامية ولم يحدد الصلاحيات بدقة بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية عمل الدستور الثاني على منح صلاحيات أكبر لرئيس الجمهورية في فترة كانت الجزائر فيها تعيش أحلك أيامها ولكن الدستور ذاته احتوى على مادة تحدد الولاية الرئاسية بفترتين اثنتين لكل رئيس جمهورية على أكثر تقدير سدا لباب "الخلود" في الحكم وهي الظاهرة المستشرية في بلدان العالم الثالث .

ويفسر المحللون توجه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لتعديل الدستور من خلال إسقاط المادة التي تحدد الفترة الرئاسية برغبته في إنجاز المشاريع السياسية والاقتصادية "الطموحة" التي وعد بها غداة فوزه عام 1999 بعد غيابه عن دواليب الحكم لمدة عشرين سنة، وقد خصص فترته الأولى لفهم الوضع في البلاد قبل أن يعمد إلى إزاحة خصومه مع بداية الفترة الحالية الأمر الذي يحيل منطقيا إلى ضرورة العبور إلى عهدة ثالثة لتجسيد ما وعد به.