على
10-25-2005, 08:31 AM
كلف بناؤه 16 مليون دولار وافتتح في مايو.. يرصد «الهوية» وشخصيات مثل رالف نادر وخليل جبران
ديربورن (ولاية متشيغان): إدوارد روثستاين
في قلب أول متحف وطني مكرس لتاريخ العرب الأميركيين، هناك فناء فسيفسائي يحيط بنافورة، وهذا يسترجع فناء تقليديا في المدن العربية، وهو رمز لروح الضيافة، وهذا المتحف هو إعلان عن أن العرب الأميركيين هم في بلدهم لا في ديربورن (حيث يعتبر 30% من سكانها البالغ عددهم 100 ألف نسمة عربا أميركيين) بل على مستوى الولايات المتحدة.
كلف بناء المتحف الوطني العربي ـ الأميركي 16 مليون دولار ويحتل مساحة 38 الفا و500 قدم مربع وتم افتتاحه في مايو (ايار) الماضي، وهو حاله حال المتاحف الأميركية الأخرى يؤكد التميز والانتماء في آن واحد، وهو إعلان عن الاختلاف والولاء أيضا. وصمم المتحف بشكل تنعكس مصالح أبناء المدينة نفسها أي العرب الأميركيين. وهو مصدر قوته وكذلك هو إشارة لضعفه أيضا: فهو يريد بالدرجة الأولى أن يحتفل بتلك الهوية وأن يخلق جبهة سياسية قوية؛ إنه أقل اهتماما بعكس الصعوبات والفروق الناجمة عنها. وقبل أن يفتتح المتحف أمضى مصمموه بمن فيهم عالم الاجتماع، عنان أميري، الذي أصبح مديرا للمتحف ستة أشهر، متنقلين ما بين الجاليات العربية ـ الأميركية لتجميع أفكارها حوله.
وقال أميري «المتحف بني من أجل أن يحكي قصتنا، لكن قبل أن نتمكن من سرد قصتنا علينا أن نعرف قصة العربي ـ الأميركي أولا».
وقال أميري «الناس لا يعرفون ما حولنا فراحوا يشتكون، لذلك فإن المتحف يضم مكتبة أنيقة مع معرض يؤرخ لوصول العرب إلى السواحل الأميركية خصوصا وجوه مثل الحاج علي المغترب السوري في القرن التاسع عشر والذي تم تشغيله من قبل الولايات المتحدة على تدريب الجمال في الصحارى الغربية».
وأضاف أميري «الناس لا يعرفون» عن مساهمات العرب في بناء الحضارة الإنسانية، لذلك حاول الفناء المركزي عرض ملخص لإنجازات الحضارة العربية البكر. وفي معرض آخر نتلمس دور العرب في السياسة الأميركية فهناك شخصيات من أصل عربي مثل جون سنو ورالف نادر وفي الأدب هناك خليل جبران والصحافية هيلين توماس وفي السينما هناك ويليام بيتر بلاتي وفي الأوبرا هناك روزالين إلياس.
ويزعم العرب الأميركيون أنهم من ابتكر مخروط الآيس كريم. وهنا عربي أميركي عمل مع كل إدارة رئاسية أميركية لخمسين عاما، باعتباره بابا نويل البيت الأبيض.
لكن تصميم المتحف الذي وضعه مكتب «شركاء جاك راوس» وهو يلتزم كثيرا بصنف المتحف من هذا النوع والخاص بالمغتربين وقصصهم التي تختلف من مجموعة إلى أخرى.
لكن يمكن اعتبار السعي لإنشاء الهوية العربية ـ الأميركية صفة جيدة. فمن الصعب تصور متحف مماثل في أوروبا حيث الهويات المركبة للمغتربين العرب تعاني إشكالات أكبر. وحاجج جون زغبي العربي ـ الأميركي المتخصص في حقل استطلاعات الرأي بأن السبب وراء هذا الفارق هو أنه من الأسهل الانضمام إلى الخط العام في الولايات المتحدة من أي بلد آخر بالنسبة للعرب.
ويبدو أن المتحف يسعى إلى عكس ذلك في مساعيه الهادفة لتحقيق الوحدة. فبناء الهوية العربية ـ الأميركية يعني شمل الفروق ضمن الجالية ومع المجتمع المتبنى. وحتى في موضوع صعب مثل إسرائيل، فإن هناك قدرا عاليا من الاعتدال بينهم تجاهها. وعلى الرغم من فلسطين، سميت كواحدة من الـ 22 بلدا عربيا على الخارطة العربية (وأعطي حدودا تشمل الضفة الغربية وغزة) فإن المتحف يعلق على حالة دولة فلسطين بطريقة موضوعية: غياب الحل السياسي للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني أعاق إنشاءها».
لكن هناك مشاكل أخرى في مساعي المتحف لتحقيق الوحدة، إذ ليسن هناك سوى كراس صغير عن كل بلد عربي بدون مناقشة المشاكل العميقة لأي منها، حتى تلك التي كانت وراء دفع الهجرة العربية للولايات المتحدة.
ولعل ذلك يعود إلى عدم رغبة المتحف في إلحاق الأذى بمشاعر العرب الأميركيين، إذ أنهم عادة يتطابقون مع قراهم أو بلدانهم الأصلية أكثر من انتمائهم إلى العالم العربي. إضافة إلى ذلك، فإن هناك ما لا يقل عن 3 بلدان عربية ساهمت في إنشاء المتحف وهي دولة قطر حيث تبرعت بمليون دولار والسعودية وإمارة دبي حيث تبرع كل منهما بنصف مليون دولار.
هناك اختلافات بين العرب ـ الأميركيين كشف عنها الإحصاء العام للولايات المتحدة والذي جرى سنة 2000 حيث عرّف 1.2 مليون شخص أنفسهم بأنهم عرب ـ أميركيون؛ بينما أشار استطلاع زغبي لنفس السنة إلى أن العدد الحقيقي للعرب الأميركيين هو 3.5 مليون شخص. وردد المتحف الرقم الذي كشفه إحصاء زغبي الأخير، والذي قال إن هناك 4.2 مليون من العرب الأميركيين. وقد تعكس هذه الفروق حالة الالتباس فيما يخص الهوية. وكشف إحصاء زغبي لعام 2000 أن 66% من العرب الأميركيين قد عرّفوا أنفسهم بأنهم مسيحيون بينما كان هناك 24% عرّفوا أنفسهم بأنهم مسلمون. لكن المتحف حاول أن يوحد أكثر من أن يشرّح، لذلك فأمام عبارة الفن العربي ـ الإسلامي كتب «أن ذلك لا يعني كون الفن مستندا إلى الدين، لكن بالاحرى إلى الثقافة». كذلك اعطيت اليهودية مكانا في المتحف وجاء أحد نصوص المتحف «هناك عدد بارز من اليهود العرب في العراق وسورية ومصر والمغرب». فذلك العالم القديم الذي كان حتى أواخر الأربعينات من القرن الماضي يضم أكثر من 900 ألف يهودي تم تمثيله عبر صور مأخوذة من معبد يهودي في تونس. ولم يشر المتحف إلى أن هناك ما يقرب من 200 ألف يهودي عربي ربما يعيشون حاليا في الولايات المتحدة، وهذا ما يخلق تنوعا آخر للعرب الأميركيين.
ومع تطور المتحف، قد يتم استقصاء قضايا أكثر حساسية مثل إرهاب الجماعات المتطرفة وما تتركه من تأثير على حياة العرب الأميركيين اليومية. وحاليا تحتل هجمات 11 سبتمبر لوحا صغيرا في المتحف. وأشار المتحف إلى أن هذه الهجمات جعلت «العرب ـ الأميركيين مسؤولين بنحو غير عادل عنها، مع ذلك لم يتم إثبات تورط أي عربي ـ أميركي أو له أي صلة بأحداث 11 سبتمبر».
*خدمة «نيويورك تايمز»
ديربورن (ولاية متشيغان): إدوارد روثستاين
في قلب أول متحف وطني مكرس لتاريخ العرب الأميركيين، هناك فناء فسيفسائي يحيط بنافورة، وهذا يسترجع فناء تقليديا في المدن العربية، وهو رمز لروح الضيافة، وهذا المتحف هو إعلان عن أن العرب الأميركيين هم في بلدهم لا في ديربورن (حيث يعتبر 30% من سكانها البالغ عددهم 100 ألف نسمة عربا أميركيين) بل على مستوى الولايات المتحدة.
كلف بناء المتحف الوطني العربي ـ الأميركي 16 مليون دولار ويحتل مساحة 38 الفا و500 قدم مربع وتم افتتاحه في مايو (ايار) الماضي، وهو حاله حال المتاحف الأميركية الأخرى يؤكد التميز والانتماء في آن واحد، وهو إعلان عن الاختلاف والولاء أيضا. وصمم المتحف بشكل تنعكس مصالح أبناء المدينة نفسها أي العرب الأميركيين. وهو مصدر قوته وكذلك هو إشارة لضعفه أيضا: فهو يريد بالدرجة الأولى أن يحتفل بتلك الهوية وأن يخلق جبهة سياسية قوية؛ إنه أقل اهتماما بعكس الصعوبات والفروق الناجمة عنها. وقبل أن يفتتح المتحف أمضى مصمموه بمن فيهم عالم الاجتماع، عنان أميري، الذي أصبح مديرا للمتحف ستة أشهر، متنقلين ما بين الجاليات العربية ـ الأميركية لتجميع أفكارها حوله.
وقال أميري «المتحف بني من أجل أن يحكي قصتنا، لكن قبل أن نتمكن من سرد قصتنا علينا أن نعرف قصة العربي ـ الأميركي أولا».
وقال أميري «الناس لا يعرفون ما حولنا فراحوا يشتكون، لذلك فإن المتحف يضم مكتبة أنيقة مع معرض يؤرخ لوصول العرب إلى السواحل الأميركية خصوصا وجوه مثل الحاج علي المغترب السوري في القرن التاسع عشر والذي تم تشغيله من قبل الولايات المتحدة على تدريب الجمال في الصحارى الغربية».
وأضاف أميري «الناس لا يعرفون» عن مساهمات العرب في بناء الحضارة الإنسانية، لذلك حاول الفناء المركزي عرض ملخص لإنجازات الحضارة العربية البكر. وفي معرض آخر نتلمس دور العرب في السياسة الأميركية فهناك شخصيات من أصل عربي مثل جون سنو ورالف نادر وفي الأدب هناك خليل جبران والصحافية هيلين توماس وفي السينما هناك ويليام بيتر بلاتي وفي الأوبرا هناك روزالين إلياس.
ويزعم العرب الأميركيون أنهم من ابتكر مخروط الآيس كريم. وهنا عربي أميركي عمل مع كل إدارة رئاسية أميركية لخمسين عاما، باعتباره بابا نويل البيت الأبيض.
لكن تصميم المتحف الذي وضعه مكتب «شركاء جاك راوس» وهو يلتزم كثيرا بصنف المتحف من هذا النوع والخاص بالمغتربين وقصصهم التي تختلف من مجموعة إلى أخرى.
لكن يمكن اعتبار السعي لإنشاء الهوية العربية ـ الأميركية صفة جيدة. فمن الصعب تصور متحف مماثل في أوروبا حيث الهويات المركبة للمغتربين العرب تعاني إشكالات أكبر. وحاجج جون زغبي العربي ـ الأميركي المتخصص في حقل استطلاعات الرأي بأن السبب وراء هذا الفارق هو أنه من الأسهل الانضمام إلى الخط العام في الولايات المتحدة من أي بلد آخر بالنسبة للعرب.
ويبدو أن المتحف يسعى إلى عكس ذلك في مساعيه الهادفة لتحقيق الوحدة. فبناء الهوية العربية ـ الأميركية يعني شمل الفروق ضمن الجالية ومع المجتمع المتبنى. وحتى في موضوع صعب مثل إسرائيل، فإن هناك قدرا عاليا من الاعتدال بينهم تجاهها. وعلى الرغم من فلسطين، سميت كواحدة من الـ 22 بلدا عربيا على الخارطة العربية (وأعطي حدودا تشمل الضفة الغربية وغزة) فإن المتحف يعلق على حالة دولة فلسطين بطريقة موضوعية: غياب الحل السياسي للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني أعاق إنشاءها».
لكن هناك مشاكل أخرى في مساعي المتحف لتحقيق الوحدة، إذ ليسن هناك سوى كراس صغير عن كل بلد عربي بدون مناقشة المشاكل العميقة لأي منها، حتى تلك التي كانت وراء دفع الهجرة العربية للولايات المتحدة.
ولعل ذلك يعود إلى عدم رغبة المتحف في إلحاق الأذى بمشاعر العرب الأميركيين، إذ أنهم عادة يتطابقون مع قراهم أو بلدانهم الأصلية أكثر من انتمائهم إلى العالم العربي. إضافة إلى ذلك، فإن هناك ما لا يقل عن 3 بلدان عربية ساهمت في إنشاء المتحف وهي دولة قطر حيث تبرعت بمليون دولار والسعودية وإمارة دبي حيث تبرع كل منهما بنصف مليون دولار.
هناك اختلافات بين العرب ـ الأميركيين كشف عنها الإحصاء العام للولايات المتحدة والذي جرى سنة 2000 حيث عرّف 1.2 مليون شخص أنفسهم بأنهم عرب ـ أميركيون؛ بينما أشار استطلاع زغبي لنفس السنة إلى أن العدد الحقيقي للعرب الأميركيين هو 3.5 مليون شخص. وردد المتحف الرقم الذي كشفه إحصاء زغبي الأخير، والذي قال إن هناك 4.2 مليون من العرب الأميركيين. وقد تعكس هذه الفروق حالة الالتباس فيما يخص الهوية. وكشف إحصاء زغبي لعام 2000 أن 66% من العرب الأميركيين قد عرّفوا أنفسهم بأنهم مسيحيون بينما كان هناك 24% عرّفوا أنفسهم بأنهم مسلمون. لكن المتحف حاول أن يوحد أكثر من أن يشرّح، لذلك فأمام عبارة الفن العربي ـ الإسلامي كتب «أن ذلك لا يعني كون الفن مستندا إلى الدين، لكن بالاحرى إلى الثقافة». كذلك اعطيت اليهودية مكانا في المتحف وجاء أحد نصوص المتحف «هناك عدد بارز من اليهود العرب في العراق وسورية ومصر والمغرب». فذلك العالم القديم الذي كان حتى أواخر الأربعينات من القرن الماضي يضم أكثر من 900 ألف يهودي تم تمثيله عبر صور مأخوذة من معبد يهودي في تونس. ولم يشر المتحف إلى أن هناك ما يقرب من 200 ألف يهودي عربي ربما يعيشون حاليا في الولايات المتحدة، وهذا ما يخلق تنوعا آخر للعرب الأميركيين.
ومع تطور المتحف، قد يتم استقصاء قضايا أكثر حساسية مثل إرهاب الجماعات المتطرفة وما تتركه من تأثير على حياة العرب الأميركيين اليومية. وحاليا تحتل هجمات 11 سبتمبر لوحا صغيرا في المتحف. وأشار المتحف إلى أن هذه الهجمات جعلت «العرب ـ الأميركيين مسؤولين بنحو غير عادل عنها، مع ذلك لم يتم إثبات تورط أي عربي ـ أميركي أو له أي صلة بأحداث 11 سبتمبر».
*خدمة «نيويورك تايمز»