المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جنبلاط فاجأ البطريرك: لماذا لا تكون أنت رئيسا للجمهورية؟!



سمير
10-25-2005, 07:54 AM
بيروت - نبيه البرجي


في لقاء جمع الاثنين ذات يوم، فاجأ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط البطريرك مار نصرالله بطرس صفير بدعوته الى القبول بانتخابه رئيسا للجمهورية.

صفير الذي تساءل سريعا «انا؟؟»، قال له نائب الشوف «اين المشكلة»؟ ان المطران مكاريوس قاد قبرص في اكثر المراحل دقة، كما ان صدقيته هي التي جعلته يبقى في منصب رئيس الجمهورية منذ 1959، وحتى 1974، حين كان الكولونيلات في اليونان وراء الانقلاب الذي وقع في الجزيرة».

وراء الاضواء يطرح جنبلاط اسم زعيم الكنيسة المارونية ثانية، ليس فقط لقطع الطريق على زعيم التيار الوطني الحر النائب ميشال عون الذي قال ان معركته طويلة ومفتوحة مع جنبلاط (على الاقل على زعامة جبل لبنان)، وانما لأن منصب رئاسة الجمهورية الذي طالما فجر العلاقات بين القيادات المارونية، لا بد ان يفجرها اكثر، خصوصا ان اكثر من قيادي يعتبر نفسه انه المسؤول الاول عن الانتفاضة، التي اخرجت السوريين من لبنان. وايضا عن انهيار النظام الامني الذي جعل من الديموقراطية الصورية ستارا لحجب واحد من اكثر الانظمة الاستخباراتية تعقيدا في العالم الثالث.

ابن جميل لحود؟

جنبلاط يستغرب ويسأل حين يتحدث عن الرئيس لحود: «هل حقا انه اميل جميل لحود؟ وهذا الاخير كان برتبة لواء في الجيش، ومعروف بخدماته ونظافة كفه كما بمواقفه، وقد انتخب نائبا عن المتن الشمالي في الستينات وعين وزيرا للشؤون الاجتماعية، وكانت تربطه بكمال جنبلاط والد الزعيم الاشتراكي علاقات وثيقة جدا.

لا يستطيع جنبلاط ان يتصور كيف ان رئيس الجمهورية لا يرف له جفن بعد كل الذي حدث.

ويستغرب ايضا ربط البعض بين «كرامة الطائفة»، والحفاظ على الرجل في موقعه، مع ان الفصل منطقي، وضروري بين الرجل والموقع.

وقد ادى توقيف محمود عبدالعال، وهو شقيق المسؤول في جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية (الاحباش) احمد عبدالعال والضابط في الحرس الجمهوري وليد عبدالعال (كونه هو الذي اتصل على احد الارقام التابعة للحود قبيل اغتيال الحريري بثلاث دقائق، ادى الى مزيد من التعجب لدى جنبلاط والذي توقع حصول توقيفات قريبة تطال مقربين آخرين، ولكن ليسأل هل هناك في دمشق من يحرض لحود على اعلان استمرار تمسكه بمنصبه حتى «الرمق الاخير»، من الولاية الجديدة، وذلك بإيهامه ان الامور لا بد ان تتغير وفي مهلة قصيرة؟!

قوة الإعصار والوضع السوري

جنبلاط يعتبر ان قوة الاعصار ستزداد في الاسابيع والاشهر المقبلة. رئيس الجمهورية لن يبقى في مكانه بعد 15 ديسمبر، لأن دمشق ستقدم على خطوات مهمة، وهو حين نصح الرئيس بشار الاسد بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية انما كان ينصح ايضا بأن يقدم الرئيس الشاب على ازاحة «الرؤوس الغبية»، داخل النظام والتي يؤدي استمرارها الى انهاك هذا النظام، وربما هلاكه. ويلاحظ ان نائب الشوف حذر جدا حيال اي تغيير شامل في سوريا في ظل الاوضاع الراهنة، فتغيير النظام لا يتم عبر انفجار من الداخل او تفجير من الخارج.

في كلتا الحالتين النتيجة كارثية على سوريا. وعلى لبنان بطبيعة الحال، فالوضع اللبناني لا يمكن ان يتحمل «ان تفتح ابواب جهنم في سوريا»، وهي المعبر البري الوحيد للبنان، وحين يعود جنبلاط الى التاريخ يستذكر مرحلة الانتداب الفرنسي، والترابط العضوي بين احداث البلدين.

تبرير اغتيال كنعان

جنبلاط ذهل من تبرير وزير الخارجية فاروق الشرع لعملية انتحار وزير الداخلية غازي كنعان. وهو كان قد ذهل منذ قرار التمديد للحود، وطريقة التعاطي مع قرار مجلس الامن 1559. ويؤكد ان هناك من تخصص في ارتكاب الاخطاء القاتلة، فيما المنطقة تعيش داخل الاعصار، وما دام الاسرائيليون قد وضعوا سوريا داخل الدائرة الحمراء.

الزعيم الاشتراكي استهجن ايضا طريقة التعاطي مع تقرير ديتليف ميليس. موظف يقف ويتلو بيانا للجنة ضمت موظفين، فيما المسألة اخطر بكثير. كان يفترض ان يلتئم مجلس الوزراء السوري ويدرس «الجوانب السورية» من التقرير، وهي خطيرة جدا، وان قال ميليس انه حصيلة تحقيقات لم تكتمل، وفي ضوء المناقشات يصدر موقف سوري، وهو يأخذ على دمشق التعامل بخفة مع كل تلك الاخطار، وان كان جنبلاط يفضل عدم توجيه الاتهام الى شخص معين لأن التحقيقات ما زالت جارية.

لا يتوقع جنبلاط ان يسمع ملاحظاته احد. على العكس من ذلك، تعطى التعليمات في دمشق لصحافي من الدرجة الثالثة لكي يتهمه بـ «الخيانة»، فيما الوضع يفترض تغييرا جوهريا في الاسلوب خشية تدهور الصديقة السورية.،

جنبلاط ليس متفائلا بإمكانية حصول ذلك التغيير في الاسلوب. يبدي خوفا حقيقيا على سوريا لأنه خوف - طبيعي - على لبنان، ويفضل واعماله هذه ان يبقى في الساحة اللبنانية على الاقل، اذا انتخب البطريرك رئيسا للجمهورية فلن يتشتت الموارنة بل يجتمعون. لن يكون هناك مجال لحاشية فاسدة او قابلة للفساد. ولكن ثمة من يبتسم في قصر المختارة وهو يسأل: «وليد بك»، كيف لرئيس الوزراء المسلم ان يتعاطى مع رئيس جمهورية برتبة كاردينال؟».

هذا قد يكون افضل بكثير من التعامل العادي، العلاقات ملتبسة جدا بين رئيسي الجمهورية والحكومة حول مسار ملف اغتيال الرئيس الحريري، هذا الوضع هو الذي حال دون ان يترأس لحود جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، وما قبلها، بعد التقرير، تقرير مصير رئيس الجمهورية الذي نفى ان يكون قد تمنع عن تحديد موعد لديتليف ميليس للاستماع اليه.

وثمة من يسأل الآن عن الاشباح في القصر الجمهوري بالذات.