المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمين العام المساعد للحزب الإسلامي العراقي يفتح ملف المعاناة السني في العراق



سمير
10-25-2005, 07:33 AM
العاني لـ القبس : هناك نفس طائفي حزبي قادم من الـخارج لإخضاع العراق طوعا أو كرها أو تهجيرا


أجرى الحوار: عادل القصار

المأزق العراقي بتعقيداته المتشابكة فرض على الطائفة السنية في العراق وضعا لا تحسد عليه من حيث الغموض والانعزال والشعور بالظلم. البعض يعزو اسباب تلك الحالة الى طبيعة التحالفات السياسية التي خلفتها الانتخابات السابقة، والبعض الآخر يشير بأصابع الاتهام الى المخطط الاميركي المسبق بتقليص دور السنة وتمكين الطوائف الشيعية من فرض سيادتها في مختلف مواقع الحكم في الدولة.

الدكتور زياد العاني عضو المكتب السياسي في الحزب الاسلامي العراقي والامين المساعد للحزب في لقائه مع «القبس» فند كثيرا من مغالطات حملة التشويه والاقصاء التي مورست بحق اهل السنة في العراق، مبينا عدم دقة كثير من المعلومات والاحصاءات التي يروّج لها البعض في سبيل تهميش دورهم والزج بهم في تهمة دعم عمليات المقاومة الارهابية.


بسؤالنا للدكتور العاني ابتداء حول القضية المفصلية المتعلقة بتعداد ونسبة كل من السنة والشيعة في العراق، ومدى صحة ما يصرح به من معلومات. افاد قائلا:

- لم يتم اجراء اي تعداد في العراق على اساس طائفي، الواقع يخالف ذلك، فالعرب السنة لا تقل نسبتهم عن 42% من مجموع السكان، فإذا اضيف اليهم الاكراد تقريبا 13 الى 15%، يصبحون اكثرية، وهذا ما يمكن استقراؤه من احصائية المفوضية العليا للانتخابات الاخيرة، وكذلك احصائية وزارة التخطيط الاخيرة. ولدينا جداول بذلك تبين عدد سكان المناطق السنية والتي صدرت من الحكومة اعلاه كما قلت.

> ما هو وضع البلد بعد الاحتلال؟ وبعد سقوط النظام الدكتاتوري لصدام؟

- من الامور المشتركة لدى السنة والشيعة والاكراد هو كراهية النظام السابق وتمني التخلص منه، بعد سقوط بغداد اظهر الاميركان من خلال تصريحاتهم وطريقة تعاملهم انهم لم يأتوا محررين، بل جاؤوا بأجندة خاصة لمصالحهم، وقد صدر قرار من الامم المتحدة باعتبارهم قوى احتلال، الدليل انهم دمروا الدولة تدميرا كاملا، واعادوا البلد الى ما قبل التاريخ، فلم يقفوا ضد الغوغاء التي قامت بسرقة وزارات ومؤسسات الخدمات وحرقها وتدميرها، وكأن هذا العمل هو عقوبة للشعب، وليس لصدام، ولم يحافظوا الا على وزارة النفط مما نبه الناس الى سوء نيتهم. كذلك صرحوا اكثر من مرة انهم باقون الى اكثر من 25 سنة، كما تعاملوا مع المواطنين بطريقة استفزازية.

> وكيف أداروا الدولة؟

- خطأ الاميركان انهم سلموا البلد الى قوى سياسية محسوبة لطائفة واحدة، وعرق واحد «الاكراد». فالوزارات والمؤسسات الخدمية والامنية والمجالس البلدية والشرطة والحرس وجميع ذلك كان من الاخوة الشيعة (في الجنوب والوسط)، والذين تم اختيارهم من ميليشيات القوى السياسية الشيعية ومن قوى البشمركة في الشمال. كذلك طريقة تشكيل مجلس الحكم تمت على اساس طائفي، وزاد الطين بلة عدم اعتماد الكفاءة والامانة في ذلك، مما اسهم اسهاما كبيرا في سوء ادارة البلد، وتهميش الطائفة السنية العربية واقصائها من الوظائف العامة والمهمة.

توجه إيجابي


> ما سبب ذلك؟

- كان دور القوى السياسية الشيعية والاكراد (باستثناء انصار السيد مقتدى الصدر وبعض القوى الشعبية الشيعية)، تجاه قوات التحالف ايجابيا، حتى بعد ان تبين لهم انهم محتلون، بل قدموا لهم كل الخدمات التي يريدونها بما فيها الاستخباراتية التجسسية التي استخدمت لتهميش اهل السنة وابعادهم اكثر عن العملية السياسية والمشاركة في ادارة البلد من خلال الوشايات الكاذبة لكل مؤثر في الساحة السنية، مما تسبب بزج اكثر من 50 الف مواطن سني في سجون الاحتلال ويعتبر اكثر من 96% منهم ابرياء لا علاقة لهم بمقاومة المحتل، باعتراف الاميركان بذلك، وكان هذا بتوجيه طائفي عرقي مقيت.

> ما حقيقة ما نسمع عن اضطهاد الحكومة أو وزارة الداخلية لأهل السنة؟

- ما تقوم به اجهزة وزارة الداخلية من أعمال وحشية بربرية من اعتقالات جماعية على الهوية امر يفوق التصور ويا ليت الامر توقف عند هذا الحد، اذ ان الذين يتم اعتقالهم اليوم يلقون بعد يوم أو يومين جثثاً هامدة، بعد ان بدت عليهم ابشع انواع التعذيب، من قلع العيون، وحرق بحامض الكبريتيك، وثقب الجسم والرأس بالمثاقب الكهربائية «الدريل» مع تكسير للايدي والارجل، وغير ذلك مما كنا نسمع عنه في محاكم التفتيش ومجازر البوسنة والهرسك، حتى ان المعتقلين اصبحوا يتمنون الاعتقال على يد الاميركان وليس على يد بني جلدتهم، وقد فقد الأمن، اذ انه لا يأمن أي انسان شريف على نفسه وعادت الينا سجون صدام نفسها ولكن بلباس مختلف.

> ما سبب تلك المعاملة القاسية؟

- ممكن عزو ذلك الى اسباب عدة، أولاً: النفس الطائفي الحزبي للقوى القادمة من الخارج الذي يخطط لتشييع البلد، اما طوعاً أو كرهاً، أو تهجيراً.

وثانياً: الأنانية الذاتية للاخوة الاكراد في الشمال على حساب مصلحة الوطن.

وثالثاً: فشل قوات الاحتلال والحكومة في الامساك بالجماعات المسلحة مما يدفعها الى توجيه غضبها الى الامنين الابرياء، لأن من يحمل السلاح ضدها لا يمكن ان يبيت آمناً في بيته.

نفس طائفي


> كيف تتعامل الحكومة مع المواطنين؟

- بنفس طائفي وعرقي.. قل ان يتم تعيين مواطن سني في وزارة يرأسها شيعي، حتى لو كان الوزير معتدلاً، فان الاحزاب الشيعية قد هيمنت على آليات التعيين والادارة كما تقدم.

> هل كل الشيعة يحملون النفس الطائفي؟

- استطيع ان اقول ان اغلب الشيعة المواطنين ليس لديهم هذا النفس، ولكن الأمر ليس في أيديهم والمخطط قد املي على الاحزاب والمنظمات الشيعية من الخارج.

> هل حصل اضطهاد طائفي او مواجهة طائفية بين الشيعة والسنة على مدار التاريخ الحديث؟

- لم يحصل اي اضهاط طائفي بين السنة والشيعة منذ قرون، بل عاشوا عائلة واحدة، وهناك اواصر مشتركة تربطهم كالدين ومحبة آل البيت والعشيرة التي تضم سنة وشيعة، وحالات المصاهرة والجيرة والصداقة، ومازالت هذه الاواصر والعلاقات الطيبة موجودة حتى هذه الساعة، رغم محاولات الكثير اثارة النعرات الطائفية أو الحرب الأهلية، الا ان ما يحصل الآن ضد أهل السنة مصدره الأحزاب ودول مجاورة.

> اذن ما حقيقة ما يقال من مظلومية الشيعة واضطهادهم الطائفي؟

- اضطهاد الشيعة كان اضطهاداً سياسياً من قبل النظام الدكتاتوري الظالم الذي كان عادلاً في توزيع ظلمه على الشيعة والسنة والأكراد، فقد اضطهد كل تكتل سياسي مارس نشاطاً في عهده شيعياً كان ام سنياً ام كردياً.

> هل عانى السنة من بطش صدام؟

- نعم اول ما بدأ بهم فاعدم اكثر من 100 قيادي من قيادات اسلامية وسياسية سنية عام 1971م، كما اعدم من شيوخ السنة ثلة على رأسهم الشيخ عبدالعزيز البدري رحمه الله، ناهيك عن امتلاء السجون منهم، تلاه اعدام الكثيرين على مر سنوات حكمه، وهذا ما يقر به الاخوة الشيعة والاكراد.

> من الذي استعان بهم صدام في تنفيذ جرائمه وبطشه؟

- اعتمد صدام في ادارة البلد على حزب البعث الذي كان عدد كبير من المنتمين اليه من الاخوة الشيعة، بل ان 23 عضواً من اعضاء القيادة القطرية من مجموع 40 هم من الشيعة، فكل الذي عاناه الشيعة، جزء كبير منه انما كان غالباً على يد البعثيين الشيعة الموجودين في المحافظات الجنوبية، واجهزة الأمن المتشكلة من عناصرها.

مشاركة شيعية


> هل يعني ان الشيعة كانوا مشاركين في حكم صدام؟

- الاخوة الشيعة شاركوا في كل الحكومات التي سبقت صدام وكان منهم رؤساء وزارات ووزراء خارجية ومالية، واعضاء برلمان ومجلس اعيان، بل رؤساء لمجالس الاقليات في البرلمان وغير ذلك اما في زمن صدام، فكان معيار المشاركة هو الانتماء الى حزب البعث مما كان له اكبر الأثر في اشتراكهم في الوزارات المتهافتة وان رئيس الوزراء الوحيد الذي عينه صدام كان شيعياً، واطول فترة لوزير خارجية بقي في منصبه كان شيعياً، وكذلك باقي الوزارات، الصحة والتجارة والنفط وغيرها.

ويؤيد هذا القول ان 35 من الـ 55 المطلوبين من قوات التحالف من اركان النظام السابق كانوا شيعة اذ لهم حضور كبير في الجيش والشرطة والامن والاستخبارات، كما ان نسبة كبيرة من الشعراء والمغنيين والراقصين لصدام كانوا منهم.

> هل عموم الشيعة يؤيدون الفدرالية؟

- لا غالبيتهم عرب اقحاح حريصون على وحدة البلد وعلى التعايش السلمي الا ان الاحزاب التي جاءت على ظهر الدبابات وبعض القيادات المنتفعة منهم تسعى لذلك.

> لِمَ تعارضون الفدرالية؟

- لأنها صيغت بطريقة طائفية وعرقية، واعطت للأقاليم صلاحيات واسعة على حساب الحكومة المركزية، واعطتها صلاحية اقامة اتصالات وسفارات سياسية وقوى شرطة للحدود (جيش مستقل خاص)، واستأثرت الاقاليم بحصة الاسد من الثروات، وانها لم تضع موادا تمنع التقسيم وفي حالة الخلاف، فإن الفدرالية تطغى على دولة المركز.

> هل هناك من دور ايراني في الجنوب خصوصا والعراق بوجه عام؟

- هناك دعم لا محدود معنويا وماديا من قبل ايران، لكي ينجح المشروع الطائفي، الذي يقوده بعض القوى السياسية الشيعية.

> وانتم ألا يوجد من يدعمكم؟

- العرب السنة وقعوا فريسة للتطرف الاميركي والحكومي الطائفي من جهة، وقوى التطرف والغلو التكفيري من جهة اخرى. واصبح الصراع يدور في المناطق السنية، وتمنعت جميع دول الجوارعن مد يد المساعدة للخروج من هذا المأزق، مما اوجد كارثة انسانية في مناطق سنية.

عراق موحد


> ما مطالبكم لتصحيح هذا الوضع؟

- نريد عراقا موحدا قويا متآخيا مع بقية طوائفه، وهذا مطلب الكثير من اخواننا الشيعة، بل هو مطلب الغالبية العظمى منهم، وانهم ضد التقسيم وضد الطائفية، ولكن قد غلبوا على امرهم. لذا انا اهيب بإخواننا العرب والعراقيين المخلصين من الشيعة ان يتدخلوا بأي طريقة ممكنة ليعيدوا التوازن الى هذا البلد لأن النار اذا شبت فلن ينجو منها احد.

> ما الخدمات المقدمة من الحكومة للعراقيين؟

- اي خدمات؟ الخدمات تحت الصفر، فالكهرباء تأتي في اليوم 4 ساعات، والماء متعذر، ووقود السيارات مستورد، والمواطن يقضي يوما كاملا ليحصل عليه، وهكذا بقية الخدمات، وقد تفشت البطالة حتى وصلت نسبتها 80%، وكل حكومة تأتي تفكر في اكبر استفادة ممكنة من وجودها لمصالحها الشخصية لا غيرها، وهو الغالب على الوزارات.

> هل كل اعمال التفجير يقوم بها السنة؟

- هذا ظلم، البلد اصبح مسرحا لصراع نفوذ دولي ومخابرات دول تجوب العراق عرضا وطولا، واوجد مجالا للمتطرفين للقيام بعمليات ارهابية لتفسير ردود فعلهم تجاهها، حيث ان اغلب هذه التفجيرات تقوم بها اجهزة مخابراتية اقليمية وعالمية، فالموساد له دور والمخابرات والقوات الاميركية لها دور كبير، وهناك حالات تفجير رأيت رأي العين ان طائرات اميركية قامت بها، وهناك شاهد على ما قامت به القوات البريطانية في البصرة، فأغلب هذه الاعمال تقوم بها هذه الاجهزة، وان القوى السنية الفاعلة ترفض مثل هذه الاعمال. وقد استهدفت رموزنا بالاغتيالات بعد سقوط بغداد مباشرة من قبل ميليشيات بعض الاحزاب. وغصب منا اكثر من خمسين مسجدا وسكتنا حفاظا على الوحدة الوطنية والاخوة الاسلامية.

> لِمَ اذن قاطعتم الانتخابات الماضية في بداية العام؟

- كان المناخ في المناطق السنية غير ملائم، واقول بصراحة ان الاميركان والحكومة اسهما في ذلك من خلال ضرب مدن السنة واشعال الحرب فيها، كالفلوجة وغيرها.

> والآن؟

- كل اهل السنة مع المشاركة السياسية بعد ان ضاقوا بظلم ذوي القربى وممارسة الاجهزة الحكومية القمعية.


الوجود الأميركي ذريعة شرعية للمقاومة


ردا على سؤال حول رأيه بالمقاومة قال العاني «لقد اوجد المحتل الاميركي بوجوده وأفعاله ذريعة شرعية للمقاومة في العراق والتي نرى افعالها اليوم ويرى اولئك المقاومون ان مقاومة المحتل مقرة بكل الشرائع السماوية والقوانين الدولية، شرط ان تتوجه الجهود الى اخراج المحتلين اذا رفضوا الخروج، والمتطرفون ايضا استغلوا فرصة وجود المحتل ليقوموا بعمليات لا يقرها الشرع، وقد ادنا هذا التطرف دائما، ونحن نقوم بالجهاد السياسي لاخراج العراق من ازمته وعدم اعطاء الاجنبي مبررا لبقائه».


الثقل العربي


دعا العاني كل العراقيين ان يستمروا اخوانا متحابين، وان يقفوا صفا بوجه المخططات القذرة التي تريد ان تمزقهم.

وطالب العرب ان يرموا بثقلهم في بلدهم العراق، وان التاريخ سيكتب الحقيقة مرها وحلوها، فأحـب ان يكتب عنكم خيرا وانكم اسهمتم في انقاذ بلد من الضياع.


انتخاب المخلصين


عما اذا كان متفائلا بمستقبل العراق قال العاني انه اذا استطاع العراقيون جميعا المخلصون والموالون لوطنهم بعد دينهم، فربما تعود العافية الى العراق واهله، وندعو جميع الشعب العراقي لممارسة دوره في اختيار الاصلح في الانتخابات القادمة.