المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زيت الزيتون يحكي قصة حياته



المهدى
10-24-2005, 04:13 PM
المعصرة الـحديثة تنتج أكثر من 50 طنا في اليوم


دمشق - جاسم عباس


شجرة الزيتون من اقدم النباتات التي عرفها الانسان واستثمرها واستخرج زيتها للاكل والدواء، عرفتها مصر قبل ميلاد المسيح وورد ذكرها في تاريخ الصين قبل خمسة آلاف سنة، وذكرت في الكتب السماوية بأنها شجرة مباركة.

والطب القديم ذكرها كثيرا واثنى على زيتها وورقها اما الحديث فوصفها بأنها مغذية وملينة ومفيدة لمرضى السكري، وتغنى بها الشعراء:

انظر الى زيتوننا

فيه شفاء المهج

بدالنا كأعين

شهل وذات دعج

فخضرة زبرجد

مسودة من سبج.

وقالوا عن زيتها كما عن زيتونها يستعمل في الاكل والطب.

«القبس» التقت محمود سليمان عسكر، صاحب معاصر عسكر في محافظة درعا - قرية الحراك تبعد عن دمشق 100 كيلومتر، وهو رئىس جمعية المعاصر الجنوبية (السويداء - درعا) قال لنا «المحافظة فيها 40 معصرة منها 3 معاصر عندي في المصنع وسوريا فيها حوالي 64 مليون شجرة زيتون وتعتبر رابع دولة في العالم في انتاج الزيت بعد اسبانيا وايطاليا واليونان، والاسواق العالمية تشهد الآن اهتماما متزايدا بزيت الزيتون البكر، وعدم معرفة السوري فيه يحد من القدرة التنافسية».

تحدث صاحب معاصر الزيتون محمود عسكر عن تعريف زيت الزيتون فقال «هو العصير الطبيعي الطازج لثمرة الزيتون المقطوفة حديثا من الشجرة، وله رائحه طيبة خال من العيوب، مستخرج على حرارة لا تزيد عن 30ْم غير ملخوط بزيوت اخرى».

وعن موعد القطاف: افضل موعد هو عند مرحلة تحول ثمار الزيتون من الاخضر الى الاصفر (المصفر) فهنا يكون زيته ذا جودة عالية يتميز بانخفاض في الحموضة، ويحتوي على مواد مضادة للاكسدة، استقرار الزيت اثناء التخزين اطول، فوائده الصحية والبيولوجية عالية، السعر اعلى، اما الزيت الناتج عن ثمار سوداء اللون فلونه اصفر ذهبي، طعمه ورائحته خفيفة ودرجة الحموضة مرتفة نسبيا، كمية الزيت الناتجة اعلى، ولكن النوعية اقل ثباتية واستقرارا، فائدة هذا الزيت بالتخزين اقل والفائدة الصحية اقل.

وعن التخزين شرح عسكر «في غرف مظلمة وتهوية جيدة الحرارة فيها من 12 - 15 ْ م لا تحتوي على روائح يجب فصل الرواسب عن الزيت بعد شهر من العصر مع تجنب قلب التنكة، ويخزن الزيت في خزانات ستانلس ستيل 1NoX وهي الافضل بين المعادن والزجاج الذي يمنع مرور الضوء».

طريقة القطاف

وعن طريقة قطاف الزيتون يقول «توجد طرق عديدة لقطاف الزيتون منها التقليدي ومنها الآلي، والقطاف اليدوي هو السائد في معظم المناطق وهو المفضل للحصول على زيت زيتون عالي الجودة، ولكن تكاليفه اعلى والقطاف الآلي يخفض التكاليف ويوفر الوقت ولكن هذا النوع يبقي حوالي 15% من الثمار على الاشجار وفي كل الاحوال يجب تجنب استعمال العصا نظرا للامراض التي تسببها للأغصان والثمار، وتجنب خلط الثمار المتساقطة على الارض مع الثمار المقطوعة حديثا، مع استعمال الشباك البلاستيكية او غيرها لجمع الثمار، وتجنب استعمال الاكياس بكل انواعها لتعبئة الثمار المقطوعة واستبدالها بصناديق بلاستيكية مثقبة ومهواة.

تخزين قبل العصر

وفضل صاحب المعاصر ان يخزن الزيتون بطريقة سليمة لكي نحصل على زيت لذيذ الطعم والفائدة، يجب ان تخزن ثماره في صناديق بلاستيكية لمدة لا تزيد عن 48 ساعة، في مكان نظيف ومهوى.

يجب تحديد موعد في المعصرة قبل نقل الزيتون كي يتجنب المزارع الانتظار.

والملاحظة هنا: ان التخمرات التي تحصل على ثمار الزيتون خلال الفترة ما بين القطاف والعصر هي من الاسباب الرئىسية في انخفاض جودة الزيت الناتج.

في المعصرة (المرحلة الأولى)ويضيف عسكر «توجد طريقتان للعصر: الاولى طريقة المكابس، والثانية الطريقة الحديثة (الطرد المركزي) ومعاصرها هي المتطورة وآخر ما توصل اليه العلم الحديث من الميزان لوزن الثمار الى المعادن للتخزين.

نستلم ثمار الزيتون من بداية شهر نوفمبر من كل عام فهذا الشهر هو موعد القطف والتسليم من المزارع الى المعاصر وهناك انواع منها: للمائدة (للاكل) فقط ونوع للزيت اي للمعاصر، ومنه ثنائي الغرض يباع قسم من المحصول في السوق واذا اكتفى السوق المحلي فالباقي منه للمعاصر، هذا بالنسبة للمزارعين».

وتابع: «توجد معاصر تعتبر قديمة تعمل على المكابس انتاجها من 20 - 30 طنا في 24 ساعة ولكن الحديثة منها هي التي نعمل بها في هذا المصنع في المنطقة الجنوبية من درعا انتاج هذه المعصرة من 50 - 70 طنا في اليوم الواحد وشرح لنا كيفية عصر الزيتون: البداية توزن الزيتون بميزان الكتروني متطور لا يضيع حق المزارع حتى غرام واحد، ثم يفرغ في حوض للتجميع ثم يسحب بواسطة جهاز يسمى «سير» يفصل اوراق الزيتون المتعلقة فيه عن الثمار، ثم تغسل وتسحب الثمار النظيفة بحلزون الكتروني الى الجاروشة (المطحنة) التي تطحن الثمرة مع النوى ومن ثم الى احواض حرارية فيها ماء بدرجة 40 - 45ْم وتسمى هذه الاحواض «معجن» الغرض من الحرارة تسخين العجينة وتفكيكها لمدة 45 دقيقة والعجينة هي الثمرة والنوى والقشرة والزيت.

ويضيف عسكر: ثم تنتقل الى مضخة آلية تسمى «ديكنتر» آلة الفصل بالطرد المركزي تعمل بسرعة 3000 دورة في الدقيقة الواحدة تفصل القشرة والنوى الى حوض آخر ويبقى السائل منه زيت وماء ثم ينزل كل منهما في حوض منفصل، ولكن يبقى الزيت فيه نسبة من الماء والعكس كذلك».

المرحلة الثانية

اما المرحلة الثانية فيتابع ابو شادي: هذه المرحلة تقوم بدور سحب الزيت بواسطة خراطيم ومضخات بدورة مقدارها 7000 في الدقيقة اذا وجدت نقطة ماء في الزيت تطرد الى الخارج، وكذلك الحوض الثاني الذي يستقبل الماء، فان هذه الخراطيم تفرز وتطرد الزيت، وبهذه السرعة ينزل الزيت الصافي والماء كذلك، ويجمع الزيت في حوض من استيل صاف، وتتم التعبئة بواسطة خزان ثم الى تنكات او بلاستيك ضمن شروط صحية الى صاحب المحصول المزارع.

فوائد أخرى

وشرح لنا الفوائد الاخرى الناتجة من الزيتون فيقول: «اما تفل الزيتون فيجمع وهو عبارة عن قشوره ونواته ويصدر الى معامل الصابون يضاف اليه «بنزين» مخفف للاحتراق، وينتج عنه زيت صناعي اسيده اكثر من 50 درجة نسميه «شحما» يضاف اليه مادة الغار من النبات الذي ينبت في سواحل الشام، مع مواد كيميائية اخرى فينتج عن هذا التفل الزيتوني «صابون غار» المشهور في حلب الشمالية، وينتج منه ايضا خشب يخلط مع اعلاف الحيوانات، وايضا يكبس هذا التفل ويستعمل وقودا للافران.

أنواع الزيت

وانتقل ابو شادي في حديثه ليخبرنا عن انواع الزيت الذي يخضع كل نوع منه لعملية الفلترة والتصفية ثم يفرغ في علب حسب الطلب.

فقال: النوع الاول نسميه (القطفة الاولى) اسيده لا يتجاوز عن 1،0% وهو الافضل.

والثاني من 2،0% الى 3،0% والثالث من 3،0 الى اكثر وهذه نسب الحموضة ورقم البيروكسيد، واذا ارتفعت الحموضة الى 3،3% يصبح الزيت غير قابل للاستهلاك الغذائي، ويجب ان يخضع للتكرير.

ولمعرفة الصلاحية يقول: يتم فحصه بواسطة مقياس الاسيد عبارة عن انبوبة مخبرية فيها مؤشرات توضع فيها ملعقة من الزيت مع اضافة اسيد حتى يحمر لونه (لون الزيت) ويصل الى الدرجة التي تشاهدها وكلما زاد الرقم يدل على انه غير صاف.

ويتابع: «هناك ثلاثة انواع من المقاييس: اسيد وبروكسيد، والرطوبة، وهذه كلها الكترونية متطورة ويشير هذا الجهاز الى الوان متعددة منها: اللون الاخضر للزيت يشير الى انه الافضل والاجود، ثم يأتي الاصفر، والزهري، وهذا الناتج يدل على نوع الثمار وصنعها، وهنا يأتي دوره في الصلاحية ومدة التخزين».

ماء الزيتون

وتحدث عن الماء الفائض بعد عزل الزيت والقشور والنوى فقال انه مضر وغير نظيف ويتلف البيئة لأنه مركز بالاسيد، واذا سقي الشجرة منه 3 مرات فانه يقضي عليها، واذا تحول الى الصرف الصحي ووصل الى الاسماك فانه يدمرها ويقضي عليها، وعلى اي حي، وهناك ندوات دولية ومحاضرات تقام في العالم لمعالجة هذا الماء الفائض، وتحسين جودته وتقديم المساعدات الفنية المباشرة لاصحاب المعاصر حوله. وعن كمية الزيتون التي يعصرها يقول «معاصرنا الثلاث تعصر 200 طن من الزيتون في 24 ساعة، وكل 70 - 80 كيلوغراما من الزيتون تعطي صفيحة (تنكة) زيت التي تعادل 16 كلغ.


زيت رمضان


عن الزيت الذي يستخرج في شهر رمضان يقول «اذا صادف الشهر الفضيل ايام القطف والعصر فلا داعي لشراء كميات كبيرة وتخزينها، اما غير ذلك فيقوم الناس بشراء الكميات ويخزنونها، والان التوجه واضح ومتزايد لزيت الزيتون، وعن الانتاج فانه يبين مدى استعمالات الزيت والاسواق الاسلامية تشهد في السنوات الاخيرة هذا الاهتمام، والاطباء نصحوا وما زالوا ينصحون بالابتعاد عن الزيوت الحيوانية، وهناك تجارب في اوروبا لانتاج خراف بلا دهن ولا شحم، وهناك سباق بينها لانتاج اغذية خالية من الدهون، فالرجوع الى الزيوت النباتية دعوة لرجوع الانسان الى طبيعته الاولى».

ويتابع: «آباؤنا واجدادنا كانوا يكثرون من الزيت والزيتون، وكما قالوا: يجودان الشهوة للطعام في الليل ولا تشعر بالجوع والعطش خلال النهار، ويعتبرون الزيت محاربا للامساك».

ويضيف: «الى وقتنا الحاضر يتناولونه مع عصير الليمون الحامض، فانه يعالج التهاب الرئة والمعدة، ومضاد للديدان، ويغذي جميع اجزاء الجسم، يضاف الى السلطة، وايضا يهزل البدن، واذا استعمل طوال الشهر بالفطور والسحور فلا زيادة في الوزن، وهذا الزيت توارثناه نحن الابناء عن الآباء جيلا بعد جيل».

واخيرا قال ابو شادي: «ليس الزيت للأكل فقط انما هو للعناية بجلد الوجه والجسم بعد فركه به، وايضا لوقف سقوط الشعر، وعلاج لتشقق الايدي والارجل، وايضا في تعليب الاسماك، ويقاوم الشيخوخة، ومرضى السكري عليهم بملعقتين بعد سماع اذان المغرب في رمضان، وقبل الامساك، وطهي طعام رمضان المبارك بزيت الزيتون يطرد الامراض ويمنع التشيب.

وانتقلنا بعد ذلك الى مصنعه الخاص لصنع العلب الخاصة لزيت والزيتون، فهذه التنكات مصنوعة من مادة INOX ستانلس استيل.

قال ابو شادي: نستورد هذا المعدن من تركيا واوكرانيا، بالاطنان كصفائح مقطوعة جاهزة، وآلات المصنع تقوم بالتفصيل والقص والتلحيم، وهذا المصنع مخصص لصنع تنكة الزيت، كل كيلوغرام من الستيل نصنع منه تنكة (علبة) واحدة، وطاقة المصنع كبيرة ولكن حسب الحاجة، وفي الموسم نصنع كل يوم 13 الف عبوة زيت (تنكة) لمدة 5 اشهر في السنة وموسم الزيت والزيتون يحتاج بحدود مائة عامل، وفي غير الموسم نصنع علبا صغيرة لأغراض متعددة ونحتاج حوالي 40 عاملا فقط.