هايل
11-07-2024, 04:38 PM
الاستقواء وقلة الحياء!
https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/storage/attachments/5938/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D9%88%D8%A7%D 8%A1-%D9%88%D9%82%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A1-1730914621443.jpeg
6 نوفمبر 2024
كنا في جلسة مع مجموعة أصدقاء، زوجات وأزواج، وضمن نقاشات كثيرة، انفتحت سيرة الأبناء، ولحظتها انتبهت لاهتمام الجميع، ومشاركة الجميع، وشكوى الجميع: «جيل عجيب!» قال أحد الآباء:
«بالأمس نظر ولدي الأصغر في وجهي وقال لي: بابا أنتَ كذّاب!».
ظل الأصدقاء ينصتون لحكاية الرجل فأوضح:
«لم يتجاوز السادسة. بلعت جملته، ورحت أنظر إليه مستغرباً لأعرف ما سيقول، فأضاف من دون أن تنزل نظرة عينيه عن عينيّ: بابا حينما كنا في السيارة قلت لي: «أنت حبيب قلبي! وقبل قليل قلت لأختي دانة: أنتِ حبيبة قلبي».
شرح صديقنا بأن ضحكة ما داهمته، لكنه بقي محتفظاً بجدّيته، وقال لولده: «عيب.
لا يصحّ أن يقول ولدٌ لأبيه أنتَ كذّاب». شرح له أن قلبيَّ الأم والأب يتسعان لمحبة جميع أبنائهما، وأنه يحبه كثيراً مثلما يحب أخته. لكن الولد ظل مصرّاً على رأيه وأن أباه كذّاب!
امرأة قالت ان ابنتها المراهقة، صارت تستخدم مزيل الماكياج خاصتها، وأنها لا تعيده لمكانه، وحين تسألها عنه، تجيبها بانزعاج واضح: «لو كان لدي قنينة لما أخذت قنينتك!» وحين استعملت حقيبتها ذات الماركة الغالية في إحدى دعواتها مع صديقاتها، ولم تعدها إليها، وسألتها الأم عنها أجابت أن الحقيبة شبابية وتليق بها أكثر، وأنها ماركة معروفة، وهي أحق بأن تحمل حقيبة ماركة، فهي شابة وتحب الظهور!
أجمع الحضور على أن أكثر لحظات اليوم ازعاجاً هي لحظات الاستيقاظ في الصباح لذهاب الأبناء إلى المدرسة، وأن مشتركاً واضحاً بين الأبناء بسؤالهم: لماذا كل يوم مدرسة؟! ولماذا كل يوم واجبات؟
وتداخلت الآراء حينما انفتح موضوع استخدام التلفون الذكي، وأن حرمان أي ولد أو بنت منه يُعتبر قمة العقاب، وضحكت امرأة وهي تقول: «ابنتي بعمر العاشرة، قالت لي: ماما حين تأخذين التلفون مني فأنت تأخذين حياتي! كيف أعيش من دون تلفون؟ وكيف أتواصل مع صديقاتي؟!»
وعلّقت امرأة ثانية بأنها بذلت جهوداً وعراكاً مستمرّين كي تقنع أبناءها بأنه لا يصح إدخال التلفون إلى الحمام!
هدأت الأصوات، وانفضّ الجمع وبقي معي صديق ذهبت زوجته لتتمشّى مع زوجتي. شعرتُ به مهموماً، وحين سألته رفع وجهاً حزيناً وقال لي: «كلُ ما قيل يهون عما تفعل ابنتي!». أعرفه وأعرف عياله الأولاد والبنات: «ابنتي..»، تردد ينطق اسمها: «هي ما عادت تحترم أحداً في البيت». بدا متأثّراً: «لحظة تدخل البيت لا تتردد بالصراخ على أي شخص يعارضها بأي كلمة، وهي لا تميّز في صراخها على الخادمة أو السائق أو..». رفع وجهه متألماً وقال: «والله أخجل من القول: هي تصرخ علينا أنا وأمها من دون أي خوف من الله، ومن دون مراعاة لأي احترام!».
آلمني منظره بحزنه وتأثّره، ودار ببالي كيف يتجرأ ولدٌ أو بنت بالصراخ على أبيه أو أمه. راح ينظر إليَّ قبل أن يقول بتأثّر: «أمرٌ مخجل، وأمرٌ خارج المسلك الإنساني السوي! أن يطلب أب من ابنته أن تعامله باحترام وأدب، فذلك مؤشر الى أي حضيض انحط تنمّر البنت!». استغربت كلامه، فأضاف: «لو أخبرت أخاها الضابط فالله وحده يعلم ما الذي سيفعله بها! الكثير الكثير من النقاش والعراك نشب بيننا. أفهمناها أنا وأمها، بأن أقل القليل المطلوب من الأبناء هو المعاملة الحسنة للوالدين، ورددنا الآية مراراً أمامها: «فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً».
آلمتني نبرة صوته، وبضيق قلت له: «ولماذا لا توقفها عند حدّها؟».
شكا لي بأنه تصارخ معها عشرات المرات، ووصل الأمر به حد الضرب، لكن لا فائدة، فسرعان ما تعود لمسلكها المشين، مسلك الاستقواء وقلة الحياء، حتى تحوّل البيت لجحيم، وصار هو وزوجته يتحاشيان الاحتكاك بها، أو ابداء أي ملاحظة تخصّها!
لمحنا زوجتي وزوجته قادمتين، فسكت هو، وما ان جلست زوجته ونظرت إليه، حتى رفعت نظرها إليَّ، وقد خمّنت ضيقه: «أكيد كلّمك عنها، عجزنا معها، وليس لي إلا أن أقول: الله يصلحها!».
خيم الصمت على جلستنا، ودار ببالي بعد أن ودّعناهما، أي جحيم يعيشه الوالدان حين يواجهان ابناً مارقاً لا يعرف حدوداً لتعامله معهما، ولا يُراعي ديناً أو أدباً أو حتى مسلكاً إنسانياً سوياً في علاقته بوالديه؟!
طالب الرفاعي
https://alqabas.com/article/5937486 :إقرأ المزيد
https://dqnxlhsgmg1ih.cloudfront.net/storage/attachments/5938/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D9%88%D8%A7%D 8%A1-%D9%88%D9%82%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A1-1730914621443.jpeg
6 نوفمبر 2024
كنا في جلسة مع مجموعة أصدقاء، زوجات وأزواج، وضمن نقاشات كثيرة، انفتحت سيرة الأبناء، ولحظتها انتبهت لاهتمام الجميع، ومشاركة الجميع، وشكوى الجميع: «جيل عجيب!» قال أحد الآباء:
«بالأمس نظر ولدي الأصغر في وجهي وقال لي: بابا أنتَ كذّاب!».
ظل الأصدقاء ينصتون لحكاية الرجل فأوضح:
«لم يتجاوز السادسة. بلعت جملته، ورحت أنظر إليه مستغرباً لأعرف ما سيقول، فأضاف من دون أن تنزل نظرة عينيه عن عينيّ: بابا حينما كنا في السيارة قلت لي: «أنت حبيب قلبي! وقبل قليل قلت لأختي دانة: أنتِ حبيبة قلبي».
شرح صديقنا بأن ضحكة ما داهمته، لكنه بقي محتفظاً بجدّيته، وقال لولده: «عيب.
لا يصحّ أن يقول ولدٌ لأبيه أنتَ كذّاب». شرح له أن قلبيَّ الأم والأب يتسعان لمحبة جميع أبنائهما، وأنه يحبه كثيراً مثلما يحب أخته. لكن الولد ظل مصرّاً على رأيه وأن أباه كذّاب!
امرأة قالت ان ابنتها المراهقة، صارت تستخدم مزيل الماكياج خاصتها، وأنها لا تعيده لمكانه، وحين تسألها عنه، تجيبها بانزعاج واضح: «لو كان لدي قنينة لما أخذت قنينتك!» وحين استعملت حقيبتها ذات الماركة الغالية في إحدى دعواتها مع صديقاتها، ولم تعدها إليها، وسألتها الأم عنها أجابت أن الحقيبة شبابية وتليق بها أكثر، وأنها ماركة معروفة، وهي أحق بأن تحمل حقيبة ماركة، فهي شابة وتحب الظهور!
أجمع الحضور على أن أكثر لحظات اليوم ازعاجاً هي لحظات الاستيقاظ في الصباح لذهاب الأبناء إلى المدرسة، وأن مشتركاً واضحاً بين الأبناء بسؤالهم: لماذا كل يوم مدرسة؟! ولماذا كل يوم واجبات؟
وتداخلت الآراء حينما انفتح موضوع استخدام التلفون الذكي، وأن حرمان أي ولد أو بنت منه يُعتبر قمة العقاب، وضحكت امرأة وهي تقول: «ابنتي بعمر العاشرة، قالت لي: ماما حين تأخذين التلفون مني فأنت تأخذين حياتي! كيف أعيش من دون تلفون؟ وكيف أتواصل مع صديقاتي؟!»
وعلّقت امرأة ثانية بأنها بذلت جهوداً وعراكاً مستمرّين كي تقنع أبناءها بأنه لا يصح إدخال التلفون إلى الحمام!
هدأت الأصوات، وانفضّ الجمع وبقي معي صديق ذهبت زوجته لتتمشّى مع زوجتي. شعرتُ به مهموماً، وحين سألته رفع وجهاً حزيناً وقال لي: «كلُ ما قيل يهون عما تفعل ابنتي!». أعرفه وأعرف عياله الأولاد والبنات: «ابنتي..»، تردد ينطق اسمها: «هي ما عادت تحترم أحداً في البيت». بدا متأثّراً: «لحظة تدخل البيت لا تتردد بالصراخ على أي شخص يعارضها بأي كلمة، وهي لا تميّز في صراخها على الخادمة أو السائق أو..». رفع وجهه متألماً وقال: «والله أخجل من القول: هي تصرخ علينا أنا وأمها من دون أي خوف من الله، ومن دون مراعاة لأي احترام!».
آلمني منظره بحزنه وتأثّره، ودار ببالي كيف يتجرأ ولدٌ أو بنت بالصراخ على أبيه أو أمه. راح ينظر إليَّ قبل أن يقول بتأثّر: «أمرٌ مخجل، وأمرٌ خارج المسلك الإنساني السوي! أن يطلب أب من ابنته أن تعامله باحترام وأدب، فذلك مؤشر الى أي حضيض انحط تنمّر البنت!». استغربت كلامه، فأضاف: «لو أخبرت أخاها الضابط فالله وحده يعلم ما الذي سيفعله بها! الكثير الكثير من النقاش والعراك نشب بيننا. أفهمناها أنا وأمها، بأن أقل القليل المطلوب من الأبناء هو المعاملة الحسنة للوالدين، ورددنا الآية مراراً أمامها: «فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً».
آلمتني نبرة صوته، وبضيق قلت له: «ولماذا لا توقفها عند حدّها؟».
شكا لي بأنه تصارخ معها عشرات المرات، ووصل الأمر به حد الضرب، لكن لا فائدة، فسرعان ما تعود لمسلكها المشين، مسلك الاستقواء وقلة الحياء، حتى تحوّل البيت لجحيم، وصار هو وزوجته يتحاشيان الاحتكاك بها، أو ابداء أي ملاحظة تخصّها!
لمحنا زوجتي وزوجته قادمتين، فسكت هو، وما ان جلست زوجته ونظرت إليه، حتى رفعت نظرها إليَّ، وقد خمّنت ضيقه: «أكيد كلّمك عنها، عجزنا معها، وليس لي إلا أن أقول: الله يصلحها!».
خيم الصمت على جلستنا، ودار ببالي بعد أن ودّعناهما، أي جحيم يعيشه الوالدان حين يواجهان ابناً مارقاً لا يعرف حدوداً لتعامله معهما، ولا يُراعي ديناً أو أدباً أو حتى مسلكاً إنسانياً سوياً في علاقته بوالديه؟!
طالب الرفاعي
https://alqabas.com/article/5937486 :إقرأ المزيد